بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى:(هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية هذا بلاغ للناس توطئة: رغم شهادتي المجروحة عن رابطة الإعلاميين بالرياض إلا أنني أقول وبتجرد أنها تقوم بعمل وطني مهني وأخلاقي في عالم الثقافة والمثاقفة وأنها تقف من الجميع على ذات المسافة ؛ ولا بد لكل ذي ذائقة ثقافية وروحية من أن ينصفها لأنها نأت بنفسها عن تيارات تعودت على أن تفرق ولا تجمع ؛ رابطة همها الأول خير الوطن وعزته وكرامة إنسانه لا أكثر ولا أقل. ولقد أتحفتنا هذه الرابطة بدعوة الشاعر المهندس الصافي جعفر ليتحدث عن مقومات الحضارة الإسلامية وهي ندوات تدعو لها الرابطة كواحد من مناشطها المتعددة إذ يغلب دائماً على ندواتها حسن التنظيم وإدارة وضبط الحوار إذ يقوم عليها شبابٌ متحمس نشهد لهم بالتجرد و نكران الذات ولن أتطرق لأسمائهم لأنهم ثلة أخيار لا يتخير بعضها عن بعض؛ فأمتعنا الصافي جعفر بأن طاف بنا في رحلة هي مزيج من حديث الروح ومخاطبة الأنفس اللوامة والمطمئنة والملهمة والمرضية والراضية والأمارة بالسوء وما كنا نعرف منها غير ثلاث.!! المتن: أعود للصافي جعفر؛ ذالكم هو الشيخ المرهف المتأمل الذي استقام على هدي القرآن والسنة فتفكر وتدبر وتعقل فاستنار وحمل شمعة التنوير لأمثالنا من ذوي النفوس الظمأى؛ فاصطحبنا محلقاً بنا في عوالم الاستنباط من وحي آيات القرآن الحكيم ليسلُك بنا دروب الإيمان ؛ جاء شيخنا يحمل قربة ماء ليسقينا علنا نرتوي فما ازددنا إلا ظمأ لزلال ساقينا. أمّ الندوة رهطٌ غفيرٌ من أهل الفكر والعلم من الأكاديميين والأكاديميات المثقفين والمثقفات في شتى ضروب العلم والمعارف؛ وهم وهنّ من الساعين والساعيات للمعارف والمعرفة والتعرف والاستزادة ؛ وكذلك كان لحضور ومشاركة أركان السفارة السودانية جرسٌ ووقع جميل إذ كانت لفتة تدل على التلاحم والتقارب في المغتربات والمهاجر؛ إذ شرفّ الندوة السفير قريب الله نائب رئيس البعثة والمستشار العام عبد العزيز بخيت والملحق الثقافي النشط عبد الخالق ؛ وكانت مشاركة المرأة أمراً لافتا إن دلّ على شيء فإنما يدل على أن السودان بألف؛ ألف خير؛ وذلك بالرغم من بعض قيودٍ تفرضها الغربة وظروف الاغتراب والالتزامات الأسرية فقد جاءت ممثلة في حرائر الكلمة والآداب والعلوم والشعر فأثرين الحوار بمداخلاتهن. بتواضع الشيوخ و حكمتهم؛ وبرقة الشعراء والنساك العباد الزهاد في تأملاتهم فساح بنا الشاعر المهندس الصافي جعفر إلى عمق الآيات الدالة علة مقومات الحضارة الإسلامية وإسهاماتها وبتواضع جم كأنه أراد لنا أن ما تلقينا دون أن يمنن ودون أن يشعرنا بأن في استنباطه ما هو جديد علينا . لم يسرف الصافي جعفر فيما تناول لأنه قيّم لا يُرتخص؛ لأن له من سعة الأفق ما يدرك به أن من يعرف القيم يقتصد،وأن في الإيجاز معجزة الوصف، وتقصيرٌ عن ليّهِ ؛ وقد ألهب بحماسه الوقور حماسنا وتجنب التيه معنا بتواضع المعرفي المدرك، وعمل بأصول الإلقاء والجذب فما أملّ كمن أطال ، ولا أفاد مثرثر. ومن عادتي السيئة إنني لا أكتب عما أتلقى وأسمع إلا حينما أعمل حاسة التأمل للتدبر والتعقل ؛ فأتمل ولكن عندما غصت فيما أفاض به الصافي جعفر برقته المعهودة وتواضعه الجم طفوتُ ومعي لآليء نادرة. إنها تجارب أعمارٍ وأعمار؛ فكثرٌ منا مرت به دهورٌ لا تحصى فما أفاد وما استفاد إلا أولي الألباب ؛ أما عندما تبلورت بوتقة القدم في الصافي جعفر أصبح كالسجاجيد الشيرازية الحريرية تزداد ألقاً وقيمة بمرور الأيام. ولعقيدته الراسخة في الموت والبحث زادت قناعته مع كرِّ الزمان بقناعة إعمال العقل فكم من عقلٍ ميتٍ وهو حي وكم من عقلٍ حيٍ متأمل يحيى موات الأرواح ويوقظها من وهدتها ؛ كانت الندوة ليلة الليلاء أسبغ علينا فيها الشاعر الرقيق من فيض .تجلياته . أفادنا وعلمنا أننا نتطور بقيم حضارتنا الإسلامية التي طوّرت إنسان العالمين من بدائيته وسمت به وجعلت له رصيداً من الأثر جعله يعتز ويشكر الله على نعمة الإسلام. الحاشية: لقد حشد الصافي جعفر من رصيده ما سمح به الوقت الذي تعدى ما كان مرسوم له دون أن نشعر؛ لقد أحال الشاعر بتجلياته التي حملتنا من ظلمة ومحدودية تأملاتنا التي غلب عليها لون الفحم ليحيلها كالجواهر التي تتألق في صدور الغيد ؛ إنه كان كمن يؤصل الجذور لترشف الأعماق ، واستخلص لنا من ظلال تأملاته وتفكره رموزاً لا تبلى؛ ولولا ما آتانا لصرنا حبب طاهرٍ طفا على كأس فأعادنا للجادة قائلاً أنكم أصحاب ومُلاّك تاريخ وعراقةٍ ونسبٍ وحضارة ؛ لقد أفاء علينا من فيض ربه ربنا عليه؛ فسلّط الضوء فأعطى حين عفّ غيره وقبع في الظل. نعلم أن من الناس من يستجدي المجد إلا الشعراء فالمجد يأتيهم ؛ ولعل الصافي جعفر كونه شاعر متأمل وعاشق لجمال كل خليقة الله ؛ ويقال أن الصمت سمة المتأمل والتأمل شرود في لا سيء في نظر من لا يتأمل؛ ولكن الصافي يرحل بروحي متأملاً في بصيرةٍ وبصر ؛ فقد أوعز لنا بأن التأريخ والحضارة صنوان فقد يستنيم أحدهما ثم يهب ليعلن عن كلمة الحق وينفض عنها ران التعتيم ؛ وعلى صيته كشاعر نحا بنا منحىً روحياً فألهمنا أن نطوي الغث وهو ينثر علينا النفيس لقد طاف بنا الشاعر والمتأمل الصافي جعفر وكأنه أراد أن يسقينا من كأسٍ سحرية أججت في شراييننا ماني الحياة الروحية الثرية والخبيئة بالكنوز المعرفية الحضارية ؛ فالحضارة التي تنبني على القيم الرفيعة هي حياة. لقد أفاض علينا ولا أدري من أي فردوسٍ جاء بالكرمة التي عصر لنا من دنانها كل ما يسمو بالروح ويرتقي بالنفس؟! حاولت عبثاً أن أرتقي لأفقه معاني كثيرة أفاضها علينا لا تأتي إلا بفتحٍ وعطاءٍ رباني ؛ فرأيت أن أسلك دروب السالكين من أمثاله عسى أن تتقد جذوة تشعل ضوءً وهذا من باب التشبه ولكن من لذلك من أمثالنا الفقراء فقد أعطانا الصافي عطاء من لا يخشى الفقر ؛ كان عطاؤه عطاء من يملك للفقير الذي لا يملك حتى القدر اليسير. لقد أدركنا أن مقومات حضارة المسلمين راسخة ومن ينكرها فكأنما يحاول تبديل سنن الكون فيتعقبه ليستعيد سننه وهكذا دأب بعض المستشرقين؛ فقيم حضارتنا تدعو للإبداع فكلما طوعت أمراً عقدت النية على ما يليه ؛ ومع ذلك فعلينا أن نجتهد بإعمال العقل والبصر والبصيرة بالتأمل والتفكر والتدبر ولا نكون كمن يقول: شقيتَ مرضاً فيمهد للأمراض. هامش: إن النضج الروحي يوجه الذكاء للقيم النابعة من صميم الوجدان ‘ فأمتنا تملك وجداناً عقدياً راسخاً ؛ إن الأغيار يخافوننا ويحاولون الحد من نسلنا فنقول أننا سننجب منه فائضاً حتى ولو كانت أقداره الموت. وبالتالي إن كان فيما يدعوننا إليه خير لنا فهم أولى به؛ لذا ندعوهم ليعقموا أنفسهم فولادتهم منذرة بفناءٍ لا يبقي ولا يذر هو من صنع أياديهم ونفوسهم الشريرة. والله غالبٌ على أمره. abubakr ibrahim [[email protected]]