المطلع علي الوضع السياسي الراهن يدرك تماماً أن هذا النظام قد دخل في متاهات لن يخرج منها وأوضاع ميئوسة لن ينصلح حالها... وبذلك أدخلوا البلاد والعباد في حالة من الإنهيار والتيبس الإقتصادي والسياسي وحالة نسميها ( وقف الحال) .. و يبدوا أن ماحدث لهذه العصبة الحاكمة أصبح يفوق قدراتهم علي المراوغة وأصبحت تصريحاتهم لوصف الأوضاع الإقتصادية المأسوية التي تقبض بتلابيب النظام والبلاد تفضح قلة حيلتهم وهروبهم أو تنصلهم من مسئولياتهم بعد أن نصبوا من أنفسهم أولياء لأمور المسلمين في دور عجزوا عن بلوغ شأوه وتقاصرت همتهم السقيمة عن الإرتقاء بهذه المسئولية الجسيمة ووضح للجميع أن ما نجحت فيه الإنقاذ طيلة فترة حكمها وسنينها العجاف هو إعمال معاولها في الإقتصاد السوداني والإفساد في المال العام والإبادة لشعبها وإشعال الحروب وجلد النساء بحجة تطبيق الشريعة والشريعة منهم بريئة .. وبهذا دخلت العصبة الحاكمة في حالة من ( الهترشة) و(الهضربة ) التي لن تغني عن الناس شيئاً .ومفهوم ( الهترشة ) في لغتنا العامية هي الحديث الذي لا يفيد به صاحبه الآخرين ..ولا يقدم صاحبه ( المهترش ) جملة قد يستفيد منها الناس أو تسعف الموقف . التاريخ لايكذب ولا يتجمل والتاريخ يثبت أن هذا النظام دخل في حالة (الهترشة) هذه في تاريخ إنفصال الدولة وبدأه رئيس النظام في حاضرة دولة جنوب السودان عندما عجز عن إخفاء رجاءه للرئيس الأمريكي الوفاء بإلتزامه ويبدوا أن ( أوباما ) لم يملك سوي أن يغلق اذنيه ( بطينة وعجينة ) حتي لا يسمع صرخات الياس التي كانت تنطلق كل حين وحين من رموز النظام كلما ( وقعت) عيناهم علي من يحمل جواز سفر أمريكي وأصبحت رغبة النظام ورموزه في نيل الرضا من الإدارة الأمريكية ( هوساً ) وعلة لا شفاء منها حينها أدرك الجميع حجم مسلسل الإخفاق الذي سقطت فيه الحكومة وفشلها في إدارة الدولة . علي أن ما يؤكد أن هذا النظام قد دخل في مرحلة اليقين في عجزه عن إصلاح ما أفسده لأكثر من عشرين عاماً يبدوا واضحاً في تصريحات المسئولين في الدولة لتبرير أو إيجاد تفسير أو ما أتخذ من حزم لمعالجة الوضع الإقتصادي الذي تخطي مرحلة العلة والأسقام إلي حالة الموت السريري والغيببوبة المزمنة . وواقع الأمر أن النظام بدأ أحياناً في محاولات يائسة للتذاكي علي الشعب أو استغفاله وإطلاق التصريحات الهلامية التي لا فائدة فيها أو أن تكون مثلاً علي سبيل (طق الحنك)..ومن بعد ذلك بدأت (الهترشة) و(الهضربة) فمثلاً رئيس الجمهورية في لقاء صحفي مع جريدة الشرق الأوسط في الأيام الماضية سئل عن الأوضاع الاقتصادية للبلاد وإجراءات الحكومة فيما يتعلق بدعم السلع الضرورية لتخفيف المعاناة عن المواطنين فكانت إجابته لا فض فوه : ( أن الدولة لن تدعم السلع الضرورية مباشرة لأن ذلك الدعم سيستفيد منه الأغنياء وهم أكثر استهلاكا للسكر والعصائر والحلويات !! وأن الدولة ستلجأ للدعم غير المباشر للشرائح الضعيفة ) وطبعاً لم يتطوع لشرح معني الدعم غير المباشر أو فوائده والسلع التي يشملها ذلك الدعم وفي تقديري أن الدعم غير المباشر المشار إليه غير مبرراً وليس سبباً لحرمان الشرائح الضعيفة من الدعم الحكومي كما أن حرمان فئة الفقراء من الدعم الحكومي مكايدة للأغنياء مبرر لا يستقيم ..وليس من المعقول حرمان (95%) من أفراد الشعب السوداني من الدعم الحكومي مكايدة لنسبة (5%) والواضح أن رئيس الجمهورية كان أصلاً لا يملك حلولاً ظاهرة لإمكانية الدعم وكان التبرير هروباً من السؤال . وفي نفس اللقاء الصحفي وفي سؤال لرئيس الجمهورية عن الإجراءات الواجب اتخاذها لكبح جماح السوق وانفلاته وارتفاع أسعار السلع لم يفتح الله علي السيد رئيس الجمهورية بأي مقترح أو حزمة قرارات إقتصادية ستتخذها الحكومة لمجابهة الموقف وكان في رأيه أن الوسيلة الوحيدة لخفض الأسعار هي ( محاربة السلع أو تقليل إستهلاكها !!). الدكتور نافع علي نافع سار علي درب رئيسه في ندوة عامة أيضاً في محاولة أخري لتخدير الشعب مؤكداً أن الدولة تلقت مساعدات من بعض ( الأصدقاء )!! .. هكذا ؟؟ تصريح في غاية الفجاجة والغموض والتنصل من المسئولية و( الهترشة ) معاً .. كم هو مبلغ هذه المساعدات ؟؟ ومن هم هؤلاء ( الأصدقاء ) ؟؟ وكيف ستسهم هذه المساعدات في رفع المعاناة عن الشعب ؟؟ وفي الوقت الذي يبين أن مسلسل ( الهترشة ) كانت سياسة إختطها النظام فإن الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية لم يجد غضاضة في إستقبال لجنة مقاطعة السلع وأبدي تأييده لمبدأ المقاطعة .. فقط !! هكذا وفي بساطة شديدة لم يجد من يسمون أنفسهم ولاة الأمور غضاضة في التنصل من مسئولية الدولة التاريخية عن الشعب والرعية والإجتهاد في رفع الظلم الإجتماعي الذي تسببوا فيه ولم يستحي أحدهم من حديث ( الهترشة ) الذي لن يفيد الشعب أو يغني عنه شيئاً أو يخدم واقع الحال . الآن وبعد أن صرح رئيس الجمهورية بالوضع الإقتصادي الراهن وتوجيهاته بتنمية القطاع الصناعي والزراعي للمعالجة الأزمة لم يجد رموز النظام في أنفسهم حرجاً من التسول وبطريق مسعورة في محاولة يائسة للمعالجة الآنية للموقف فبدأت رحلة البحث عن المساعدات بالسعودية ( علي كرتي ) وسافر النائب الأول لرئيس الجمهورية وفي صحبته عوض الجاز وأمين حسن عمر إلي مصر ليلحق بهم ( كرتي) وسافر دكتور مصطفي عثمان إلي قطر ولحق به رئيس الجمهورية .. تقدير المراقبين أن هذه التحركات لا تخرج من حالة ( الهترشة ) و( الهضربة ) التي يغوص فيها النظام من رأسه وحتي أخمص قدميه فالنظام لم يتردد من التقرب إلي النظام الإيراني ودعم حقه المشروع في البرنامج النووي السلمي كما قال رئيس الجمهورية في الإجتماع المشترك مع الرئيس الإيراني ..ولم يجد غضاضة في السفر إلي دول الخليج كأنه بريء من تهمة التقارب مع الدولة الإيرانية ( الشيعية ) ..سبحان الله !!. النظام يعلم العداء بين دول المجلس وإيران ولن تتردد دول مجلس التعاون من أن ( تحدر ) لإيران في الظلام ..والسؤال هو ماذا يرمي هذا النظام من تلك الزيارات لدول المجلس بعد أن أعلن صراحة التقارب مع إيران أكبر مهدد لدول المجلس ؟؟ وما فائدة هذه الزيارات إن لم تكن للإعتذار ؟؟ نتائج هذه الرحلات (التسولية ) المكوكية كانت صفراً وعادت تلك الوفود كما يتحدث المراقبين إلي البلاد خالية الوفاض ورضيت من الغنيمة بالإياب لتمضي في (الهترشة ) للبحث عن مخرج آخر وسيكون برنامج العصبة الحاكمة في الأيام المقبلة الحرص علي إمتصاص غضب الجماهير وتخدير الشعب وبيعهم الأماني والأحلام حتي تمضي الثلاثة أشهر القادمة قبل مؤتمر المانحين المزمع عقده في يناير 2012م بتركيا لدعم دولة الشمال لإعانتها علي تحسين أوضاعها الإقتصادية ومعالجة الآثار السالبة التي خلفها إنفصال الجنوب !! ويبقي السؤال هل يستطيع النظام الصمود كل هذه الشهور حتي حلول موعد المؤتمر ؟؟ وهل ستصبر الجماهير علي النظام وتقلل إستهلاك السلع كما قال بذلك رئيس الجمهورية ؟؟ والسؤال الأهم هل سينجح ذلك المؤتمر خاصة وأن النظام يعاني من عزلة إقليمية ودولية وأصبح فساد النظام مفضوحاً ولن تقدم دولة مانجة علي تقديم مليماً واحداً لنظامٍ يجتاح الفساد كل مفاصل دولته وله سجل أسود في مجال حقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية ويرفع يديه للسماء فأني يستجاب له و يعول علي الإدارة الأمريكية لإنجاح المؤتمر؟؟ صدقوني لن ينجح المؤتمر وسيغدو حصاده ثمراً مراً بطعم العلقم ولن يستسيقه النظام وسيعمل المعارضين الشرفاء علي الطعن في مصداقية النظام وائتمانه علي تلك الأموال التي ستذهب إلي جيوبهم وإن غداً لناظره قريب . Omar musa [[email protected]]