بروفسور الحاج الدوش المحامي - جامعة قطر- الدوحة اخي عمر فتحت ثغرة ذكراك الثالثة عشرة ومديت لسان قلمي عل جروح وقروح ، فحبر الكمبيوتر في الفيس بوك هو الذي جعل هذه الكليمات تخرج من حشرجة صدري المحزون وصار هذا الفيسبوك هو بوق الشباب في (الحلة) فهم ينفخون فيه وينفثون فيه آلامهم وتسمع زفرات همومهم التي ربطوها بقواديس ساقيتك التي اضناها الانين فدموع الناس وكل مساحيق همومهم وكل زيوت الغلابة في وطني الجريح التي طلعت من الجوع والفقر والمرض لم تعالج( سكسكة ) و صرير عيدان تلك الساقية الغريبة وكل شحوم البترول السوداني رحلت جنوبا وما تبقي دخل (القش ) الجيب وما قال كش ولم تجدي نفعا ، وفي ذكراك هذه فان النيل الصادق دوما في حركاته وسكونه ضرب هذا العام صيوان من الحداد وأبي ان يعانق الجروف ؟! وانكفي في حفرته ولم يفرح الا الصفصاف والحراز ولكني رايته يهمس محدثا نفسه : حأفتح في الارض تاني مكان علي قدر احزاني وبفتح في النفوس تاني مكان ما بشيلا احزاني وحينما تحدثت الي النيل سرا بساقية ود الدوش قصاد السدرة كأني به يقول مقولتك يفيض النيل نحيض نحنا يفيض النيل تقع محنة فنحن اخي عمر قد بلغنا سن الياس ، فالحيض هو مقدمة الابداع........ و يا دنيا اخ ..... وكيف لا يحزن النيل ويأبي ان يفيض هذا العام وانت سيد العارفين فحينما توفيت عمتك الحاجة بنونة بت الحاج الدوش التي كان جبينها الابنوسي يندي بزيت السمسم وكانت شلوخها الشامخة ندية دائمة لأنها تسقيها من دموع حنينة كانت تبللها بها كلما رات مسكينا او طفلة وسط اللمة منسية ....كانت عمتنا بنونة رطبة في فكرها وفهمهما مثل نخلات الوقف التي جاءت بها من المدينةالمنورة حينما رجعت من الحج في الاربعينات، كانت صادقة وواقعية لذا احضرت معها كفنها وحنوطها من مدينة الحبيب المصطفي ، ماتت عمتك في الثمانينات ولم يبكيها الناس فقط بل سبقهم في الحداد عليها ذلك النخيل الذي رفض بصدق ان يمدنا تلك السنه بتمر المدينة !!!!! .و ظل ذلك العام حزينا و سكت المغني في الفريق وعشعش العنكبوت في الراديو والتلفزيون ولا تكاد تسمع الا مقاطع من شعرها التي كانت ترددها لأي عريس في الحلة وهي تقول : العديل والزين انشاء الله العديلة تقدموا وتبرا عديلة المصطفي يا خيري ليك بيضاء وكانت حاجة بنونة في شعرها تنادي علي ولد الفريق تقول فيه : مو صاحب تجارة وعيشتو في التشتيش ومو صاحب حراتة بخدموهو العيش دا ود بحر العلوم ود المسيد اب ديش ابواتك بداووا الصرعة والهبيش لله درك ياعمتي من وين انت لاك من العرب ولاك من الزنوج !!!!!!عجيبة مثل الاهرامات في كبوشية وغريبة مثل زفة المولد فالولد المنشود عندك لا يحيض عندما يفيض النيل ،!!!لا يتجاري بين القاهرةوجدة لكنه يركز للهوي الدوار اين هو كنا ننتظره وما زلنا !!!!!! صادق مثل النخيل في حبه ، منضبط مثل النيل في عواطفه ، لا يبيع الطفلة والكراس ، لا يهندس للعمدة كلامو ويلوي له الالفاظ ، ثابت مثل جبل مرة والتاكا يموت علي دينو مثل المآذن في حلفا ، معطاء كالتبلدي ، عنيد مثل احصنة المهدية قناته صلبة لم يفتها الجوع ، (عضلاتو) مع الحجبات تتلألي من رقعة العراقي ( الوسط ) ، ذلك هو الصبي يقصع جرتو يلوكا كلما هدأت الحفلة ويركز شان البت سعاد ، ويفتش ليها في الاعياد وفي الضل الوقف مازاد وحينما يصبح الصبح قيامة (العمدة) تقوم مليون اتجاه . اخي عمر : مات الكثير بعدك مات السوق وشاي العصرية وشراب الجبنة في الضحوية وشراب ...... واما حلل العذابة وقعدات السمار فقد اخذها الزمن سمبهار ومازلنا نصارع دخلت زقاق بيوتنا في المتمة لقيت الشفع ما عرفوني ولا عرفوك وبكيت زين مسلوب جناك يا دانقة مهدمة ومنهارة وملعون من سكن وجواك ومو عارف هموم الحارة الكثير من ناس الحلة التحقوا بالدار الاخرة ومعهم الكثير من ونسة ضل الضحي ابي الزمان ان يجمعنا بهم مات الناظر حمزة بشير ويروي الراوي انه كان اخر ايامه يكلم اهل القبور ويقول لهم : السلام عليكم دار قوم مؤمنين (حرم جاينكم طب ) !!!!!؟؟؟؟ الناظر ود خديجة بت الدوش مات علي دينو تمام لم يترك قلبا فارغا من حزن !!! كيف لا فالناس في بلادي كلهم ماتوا وهم يعرفون يوم موتهم ؟؟ وكذا حمزة اصدق من امتهن التدريس ، فهو والمدرس شربوا من نفس الكاس( خمسطاشر ربيع اول منبع الحب لي سعاد ) . لم ينكا حمزة برحيله قروح الكبد علي فراقك وحسب وجددها ( النسي )صديق ود احمد عبد الرحمن الذي مات مخلوطا مع طين النيل فلم يجد كفنا لجسده المكدود من سياط دلوكة الحياة احسن من طين الدميرة في العام الماضي وكأنه يخشي ضياع الموسم كما حدث هذا العام مضي الي ربه سريعا هادئا كانه يؤانس ناس الحلة برحيله ، ففصاحة لسانه وظرف بيانه لا يختلط معه في انس الا ابن العم صلاح الدوش الذي زرع ابتسامة وسط تكشيرة الموت ،وبالجد ركز صلاح والنسي في احتفال الرحيل فهم مصدر من مصادر الهامك القصصي والشعري ولكنهم كالعادة ونزعوا من مجالسنا رونق الطرفة والبشاشة بعد ان سبقهم (محيو) الظريف الذي لا تستغني عنه اية قعدة او جلسة انس في امبدة او المتمة فهو مثل (موية جبنة) للبوش في دكاكين امدرمان ،اخي عمر نحن نعلم ان الموت (عزال في الخيار ) وكلهم ماتوا ولكن مازال النيل جاريا مع ذكراك ويهدم في كل رخوة علي الجروف شئ من صبرنا علي فراقهم وفراقك ، لك ولهم الرحمة والغفران . الدوش [[email protected]]