رئيس مجلس السيادة يتسلم رسالة خطية من شقيقه رئيس جمهورية جنوب السودان    الأهلي شندي يسحق النيل سنجة بثلاثية سواريز    بالصورة.. الممثل الإنجليزي الشهير إدريس إلبا: أجريت اختبار الحمض النووي (DNA) وأكتشفت أنني أحمل أصول سودانية    الصحفي محمد حامد جمعة نوار يفاجئ الجميع ويغلق حسابه على فيسبوك وأصدقائه: (نتمنى أن تكون استراحة محارب وشلت نص الفيس معاك و قفلته)    شاهد.. مواقع التواصل السودانية تشتعل بفيديو جديد تم تصويره من زاوية مختلفة لخلاف المطربتين هدى عربي وأفراح عصام في حفل زفاف "ريماز"    الصحفي محمد حامد جمعة نوار يفاجئ الجميع ويغلق حسابه على فيسبوك وأصدقائه: (نتمنى أن تكون استراحة محارب وشلت نص الفيس معاك و قفلته)    مصر تلوح بعمل عسكري ضد سد النهضة: "المفاوضات انتهت"    1150 مواطن سوداني ضمن الرحلة 39 لقطار العودة الطوعية للسودانيين من مصر    الحكم بالإعدام على مشارك مع قوات التمرد بالكاملين    بعد غياب طويل.. أول ظهور للفنانة المصرية عبلة كامل بعد قرار السيسي    محمد صلاح يستعد لرحلة غامضة إلى السعودية    التعليم العالي : إيقاف توثيق الشهادات الإلكترونية المطبوعة بصيغة "PDF"    قرارات لجنة الاستئنافات برئاسة عبد الرحمن صالح في استئنافات ناديي الأمير دنقلا والهلال الدامر    حكام مجموعة ابوحمد في الدوري التأهيلي يقومون بنظافة استاد ابوحمد    القوز والأمير دنقلا يقصّان شريط الأسبوع الرابع بمجموعة ابوحمد    ياسر محجوب الحسيني يكتب: البرهان يناور بذكاء ويتوعد الدعم السريع    منع نقل البضائع يرفع أسعار السلع في دارفور    المريخ السوداني يصدر قرارًا تّجاه اثنين من لاعبيه    بسبب ليونيل ميسي.. أعمال شغب وغضب من المشجعين في الهند    فريق عسكري سعودي إماراتي يصل عدن    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    ترامب يلغي وضع الحماية المؤقتة للإثيوبيين    كارثة إنسانية قبالة اليونان وغالبية الضحايا من مصر والسودان    الإعلامية والشاعرة داليا الياس ترد على إتهام الجمهور لها بالتسبب في فصل المذيع الراحل محمد محمود حسكا من قناة النيل الأزرق    لجنة التحصيل غير القانوني تعقد أول اجتماعاتها    رئيس الوزراء يشهد تدشين الربط الشبكي بين الجمارك والمواصفات والمقاييس    أطعمة ومشروبات غير متوقعة تسبب تسوس الأسنان    جود بيلينغهام : علاقتي ممتازة بتشابي ألونسو وريال مدريد لا يستسلم    إليك 7 أطعمة تساعدك في تقليل دهون الكرش طبيعياً    شاهد بالفيديو.. بطولة كأس العرب تشهد أغرب لقطة في تاريخ كرة القدم    الدونات واللقيمات ترفع خطر السكري بنسبة 400%    الإعلامية سماح الصادق زوجة المذيع الراحل محمد حسكا: (حسبي الله ونعم الوكيل في كل زول بتاجر بي موت زوجي.. دا حبيبي حتة من قلبي وروحي انا الفقدته وفقدت حسه وصوته وحبه)    حَسْكَا.. نجمٌ عَلى طَريقته    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    وفاة إعلامي سوداني    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    هيئة مياه الخرطوم تعلن عودة محطة كبيرة للعمل    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    تنويه عاجل لهيئة مياه الخرطوم    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ربيع ثورة أكتوبر 1964: عن تطهير سر الختم الخليفة: (13 من 30). بقلم: د. عبد الله علي ابراهيم
نشر في سودانيل يوم 20 - 10 - 2011

عن تطهير سر الختم الخليفة: البربري دا طبعاً ما ممكن يديك الحقيقة (13 من 30)
قرأت بكثير من الأسف كلمة للدكتور حسن أحمد إبراهيم، أستاذ التاريخ بجامعة الخرطوم سابقاً وبالجامعة الإسلامية بماليزيا حالياً، ينعى فيها خاله المرحوم سرالختم الخليفة التربوي ورئيس ورزاء دولة ثورة أكتوبر (سودانايل 17 مارس 2006). ما تأسفت له أن كلمة حسن اقتصرت على ما لقيه المرحوم من عنت على بداية عهد انقلاب مايو. وحياة الرجل أعرض وأذكى وثمرها مما يدنو قطافه لمؤرخ في تمام تأهيل مثل حسن. وأسفت أيضاً لتلميح حسن أن خاله لقي الأمرين من الشيوعيين. فهو يذكر أولئك الذين خرجوا في مظاهرات عام 1965 يهتفون: "يا خرطوم ثوري ثوري خلي خليفة يلحق نوري." وسماهم أهل "الأجندة الحزبية الضيقة" و"بعض الحزبيين قصيري النظر". وياهم الشيوعيين ذاتم. لست أخفي أننا استنكرنا حل المرحوم لمجلس وزراء ثورة اكتوبر الأول تحت ضغط الأحزاب وإلحاحها قبل أن يكمل دورته. وهذه هي الملابسة التي نحتنا فيها مصطلح "نكسة أكتوبر." وددت شخصياً لو أن المرحوم لم يبق على رأس مجلس وزراء أكتوبر الثاني الذي تغير تكوينه ومحتواه كثيراً إبراء للذمة. ولا أعتقد أن المرحوم ممن يستحق أن يمثل ب "نوري السعيد"، طاغية العراق. ولكنها شعارات مغلوبين على أمرهم. وكنا نعلم أن كفة توازن القوى مالت لغير صالحنا: أحياناً لأخطاء منا ربما. وبلا جريرة في أغلب الأحيان لأن هناك من كرهوا أن يستمر فينا مجلس للوزراء في وسامة مجلس ثورة اكتوبر الأول. وهو ظل آخر وقف ما زاد. وتاريخ هذه الفترة غامض لم يتناوله حسب معرفتي مؤرخ شاطر بعد على أنها الفترة القصيرة العذبة التي تسنم فيها حلف القوى الاجتماعية الجديدة الحية دست الحكم لأول مرة وآخر مرة.
هذا ما أسفت له. ولكن ما أزعجني تلميح حسن إلى أننا في الحزب الشيوعي قد انتهزنا فرصة انقلاب مايو وطهرنا المرحوم الذي شغل منصب سفير السودان بالممكة المتحدة. ومع أنه خص رئيس الوزراء ووزير الخارجية السيد بابكر عوض الله بواقعة الفصل إلا أنه جعله أداة لجماعة كانت لها غصة من مواقف المرحوم المشرفة فتربصت به فطهرته. وهي لابد تلك الجماعة من قصيري النظر ونحوه التي ذكرها.
واتيح لي من بعد أن أقف على بعض تفاصيل واقعة تطهير سر الختم من الجزء الأول من كتاب الأستاذ علي ابو سن " المجذوب والذكريات" (القاهرة 1997). ولو صدقت هذه الوقائع لجلل العار وجوه جميع من اتصل بمايو الأولى بسبب حتى نحن الشيوعيين الذين لم نألوا جهداً في تمييز أنفسنا عنها في شغل لم يسفر تاريخه بعد. وليس مصدر استنكاري الأكبر هو التطهير. فقد كان هذا وما يزال كيد أفندية. ولم يكن تطهير ثورة أكتوبر كيدي مع ذلك. ولم يقع ذلك لأن ثوار أكتوبر فوق الضغائن بل لأنهم لجموه بالقانون. وقد توسع السيد شوقي ملاسي، عضو لجنة من لجان التطهير في أكتوبر، في وصف ضبط القانون لذلك التطهير في كتاب ذكرياته المسمى "أوراق سودانية" (2004). تلقت هذه اللجان بلاغات عن الفساد في عهد الفريق عبود فحققت فيها وبرأت ساحة من لم تثبت عليه تهمة بما فيهم اللواء المقبول الأمين الحاج عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة. بل قال ملاسي إنه خلافاً لما اتفق للناس فالذي تشدد في التطهير هو المرحوم محمد صالح عمر ممثل الأخوان المسلمين في اللجنة. وكان السيد احمد سليمان (المظنون فيه تشدد الشيوعيين)، لين الجانب.
المعيب في تطهير سر الختم الخليفة هو ما خالطه من روح ثأرية جزافية لا ضابط لها ولا رابط. فقد قال أبو سن، الذي ربطته علائق سياسية مع بابكر عوض الله في الحزب الوطني الاتحادي ثم في حركة القوميين العرب، إن بابكر استدعاه من موقعه الدبلوماسي في لندن ليعينه وكيلاً لوزارة الشباب المستحدثة. وكان هذا منه غطاء. فما كان يريد منه حقاً فهو أن يتخذ من المنصب قاعدة لبناء التنظيم السياسي لانقلاب مايو (ما حأقول ثورة لو شنقتوني. نحن كده). واتضح لأبي سن أن كل ذلك لم يكن غرض الاستدعاء. كان مولانا يريد أن يستخدمه ضد سر الختم سفيرنا بلندن. وجاء أبو سن والتقى بمولانا. وانقل من كتاب أبي سن نص ما جرى بينهما:
بادرني بابكر: ماذا يفعل سر الختم الخليفة؟ هل ما زال يمارس مهام السفير. كيف؟ لماذا؟ لقد رفتناه. هل ما زال يسكن في مقر السفير؟ ماذا تفعل وزارة الخارجية؟ تلفون . . هالو يا جمال (محمد أحمد)، وكان ووكيل الخارجية، معاي علي أبوسن قال لي إنو سر الختم الخليفة لسه ماسك السفارة إنت تقول لي ما ماسكها؟ اهو علي معاي . . تعال اسمع كلامه). يقفل الخط.
وفي إنتظار جمال سأل أبو سن مولانا عن من هو الرأس المدبر للانقلاب. وتعذر مولانا بالعمر دون تصدره لمهام مثل الانقلاب تحتاج إلى طاقة شابة. ودخل جمال محمد أحمد. تغير وجه بابكر. جمال، كالعادة هادئ وكبير. بابكر لجمال: أهو قدامك أسأله. جمال لبابكر: بس ..يعني علي حيقوليك شنو. . يا مولانا؟؟ بابكر ينظر إليَّ ساخراً ويقول لي: البربري دا طبعاً ما ممكن يديك الحقيقة . . . . وأصدر وزير الخارجية تعليماته إلى وكيل وزارة الخارجية ليأمر سر الختم الخليفة بعدم دخول السفارة ومغادرة منزل السفير فوراً. قلت له يا مولانا! مغادرة السفراء لها نظام وبروتكول. لابد أن يقوم السفير بتوديع السلك الدبلوماسي. رد علي باقتضاب: كلام فارغ! وحينما علمت الخارجية البريطانية بتصرف حكومة الانقلاب عرضت على سر الختم الاستضافة أو اللجوء الساسي ولكنه لم يقبل. توقف عن الحضور إلى السفارة ولكنه بقي في منزل السفير حتى غادر لندن بطريقة طبيعية.
هذه قصة حزينة أخرى للتطهير في انقلاب مايو. وسيتعذر على أولئك الذين كرهوا من مايو التطهير والتدني بالروح في الخدمة المدنية نسبتها إلى الشيوعيين بحال من الأحوال. فقارئ كتاب أبي سن سيجد أن جذور واقعة تطهير سرالختم جاثية في سيرة مولانا بابكر من لدن ثورة أكتوبر 1964 حتى استقالته من رئاسة القضاء في 1965. وليطلبها من أراد ذلك في مظانها. بل أن واقعة تطهير أساتذة جامعة الخرطوم (البروف عبد الله الطيب وآخرين) ما تزال مجهولة المؤلف واكتفى الشيوعيون من جناح عبد الخالق باستنكار ارتكاب مايو لها من وراء ظهرهم أي من غير شورى الثوريين الآخرين في الحلف. وهذا قريب من قولهم عن 19 يوليو: تهمة لا ننكرها وشرف لا ندعيه.
لم أرد بهذه العودة إلى موضوع التطهير في عهد مايو تجريم أحد ولا تبرئة أحد. فقد كانت مايو التي عشت سنواتها حتى انقلاب 19 يوليو 1971 فترة عاصفة أخذتنا على حين غرة فاضطربنا فيها (بقدر ما كان بيد أي منا من سلطة ونفوذ) بين الباطل والحق. وكثيراً ما أويت إلى فراشي إلى يومنا هذا مثقلاً بذنب جنيته بحق أحدهم في تلك الأيام. أذكر أنه جاءني رفيق من طلاب جامعة الخرطوم منزعجاً بعد تطهير الأساتذة وقال لي لقد حصرنا الطلاب وأحرجونا حول هذه المسألة فماذا نفعل. فقلت له بما هو قريب من التأنيب: "أليس بوسعكم الدفاع عن هذه الخطوة؟ أيخذيكم الأخوان المسلمون؟" ولم يكن هذا راياً يشفي غليل السائل بل تهرباً من موقف صعب لا علم لي به. ولم نكن في أحسن احوالنا. فلم تكن مايو حقيقة سياسية مقطوعة عنا. فقد اقتحمت أسوار الحزب وقسمته فأختلط الحابل بالنابل. بل كنت تجدنا في غالب الأحيان مشغولين عن رداءات مايو العديدة بتأمين موقعنا في وجه رفاق ضالين هم أقرب إلينا من حبل الوريد. فمن المؤسف أن استقر دور الشيوعيين في مايو على دور "الخائن". وهو ليس كذلك. وهناك من يرغبون في تطويل هذه الصورة عن الشيوعيين دون غيرهم من صناع مايو لأنه الحزب (القديمة!) ذو الخيار التاريخي لأجل الكادحين والنهضة الوطنية الديمقراطية. وكلما جرجروه في طين رذائل الأفندية من البرجوازيين الصغار والكبار في "ثوراتهم" المزعومة كلما تناقصت فرص وعده الحق.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.