في سبعينات القرن الماضي كرست الدولة العراقية آلتها الإعلامية لإقناع العراقيين بان الأهواز ليست عربية وكان ذلك تمهيدا لاتفاقية الجزائر التي وقع عليها من الجانب العراقي النائب الأول صدام حسين واتضح بعد ذلك أن الاتفاقية كانت لشيء في نفس النظام . أيضا في سبعينات القرن الماضي كرست حكومة السادات أبواق إعلامها الضخم والمتنفذ لإقناع المصريين بالتطبيع مع إسرائيل إلا أن الحقائق على الأرض ظلت كما هي . الآن نرى أبواق النظام في الخرطوم توجه الآلة الإعلامية لإقناع الفرد السوداني أن الصراع الدائر بين الحكومة وتحالف كاودا هو صراع بين الحضارة العربية من ناحية والحضارات الأخرى من الناحية الثانية – فهل ستنجح حكومة المؤتمر الوطني في إقناعنا بمثل هذه الحجج ؟ لا اعتقد ذلك لان الفرد السوداني وبعد أكثر من عشرون عاما من تجربة الإنقاذ يرى المحصلة أمامه واضحا في ما آل إليه الوضع في السودان فالسودان خلال هذه الفترة فقد ثلث المساحة وثلث السكان وثلثي الموارد ولم ينعم بالاستقرار والأمن فالحرب لا زالت مشتعلة في معظم أرجائه والملايين من سكانه في مخيمات اللاجئين وأكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر وفى الجانب الأخر نرى كيف يعيش أهل الحظوة من المؤيدين للنظام . كثرة الحركات المسلحة أيضا سمة من سمات هذا العهد ولابد من وقفة هنا – النوبيون بعد توقيع الاتفاقية الظالمة بإغراق منطقتهم زارهم الرئيس عبود بصحبة اللواء طلعت فريد فكان احتجاجهم على الزيارة مقاطعة استقبال الريس وتعليق أعلام سوداء في مداخل بيوتهم والمكوث في البيوت والرسالة وصلت للفريق الآن نرى حركات نوبية مسلحة وعن قناعة تامة بان هذا ما يسمعه الحكام ينضم الشباب إلى هذه الحركات والأمر كذلك في الشرق والغرب والوسط والجنوب . استضافت قناة الجزيرة اليوم في برنامج ما وراء الخبر الأستاذ سيف الدين البشير رئيس تحرير (سودان فيجن ) والأستاذ الحاج وراق رئيس تحرير صحيفة حريات الالكترونية . الأستاذ وراق كان واضحا وأمينا في دفاعه عن هذا التحالف والذي ولد نتيجة لتعنت النظام ورفضه لمبدأ إشراك الآخرين في صناعة القرار. أما الأستاذ سيف الدين فهو مشكور أيضا فيما طرحه ولكل واحد منا عقل وبصيرة للتمييز وما دعاني لكتابة هذا المقال هو تكراره الكثير والمتعمد لمصطلح – الحضارة الغالبة – ومحاولته تصوير هذا التحالف على انه تحالف قبلي عنصري ضد العرب وهو طرح خطير وخبيث للغاية ومجافى للحقائق ورغم انه اعترف بأنه ليس ناطقا باسم المؤتمر الوطني إلا أن ما قاله يصب في اتجاه تحريف الصراع من صراع سياسي إلى صراع عنصري . نرجو أن يخاف أولو الأمر الله في هذا الشعب الطيب وان يحصروا الصراع في نطاقه الحقيقي بعيدا عن الفتن والعنصرية . Hamdi Mursi Taha [[email protected]]