صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    جبريل ومناوي واردول في القاهرة    وزيرالخارجية يقدم خطاب السودان امام مؤتمر القمة الإسلامية ببانجول    مشار وكباشي يبحثان قضايا الاستقرار والسلام    وزير الخارجية يبحث مع نظيره المصري سبل تمتين علاقات البلدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    (تاركو) تعلن استعدادها لخدمات المناولة الأرضية بمطار دنقلا والمشاركة في برنامج الإغاثة الإنسانية للبلاد    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    انتفاضة الجامعات الأمريكية .. انتصار للإنسان أم معاداة للسامية؟    بوتين يحضر قداس عيد القيامة بموسكو    أول اعتراف إسرائيلي بشن "هجوم أصفهان"    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    وفاة بايدن وحرب نووية.. ما صحة تنبؤات منسوبة لمسلسل سيمبسون؟    الأمم المتحدة: آلاف اللاجئين السودانيين مازالو يعبرون الحدود يومياً    وداعاً «مهندس الكلمة»    النائب الأول لرئيس الاتحاد ورئيس لجنة المنتخبات يدلي بالمثيرأسامة عطا المنان: سنكون على قدر التحديات التي تنتظر جميع المنتخبات    الجنرال كباشي فرس رهان أم فريسة للكيزان؟    ريال مدريد يسحق قادش.. وينتظر تعثر برشلونة    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    ريال مدريد ثالثا في تصنيف يويفا.. وبرشلونة خارج ال10 الأوائل    تمندل المليشيا بطلبة العلم    الربيع الامريكى .. الشعب العربى وين؟    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    ((كل تأخيرة فيها خير))    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتورة فيفيان أمينة ياجي: لمحة عن حياتها وأعمالها .. بقلم: د. مكي بشير مصطفى البدري
نشر في سودانيل يوم 11 - 12 - 2011

الدكتورة فيفيان أمينة ياجي ( لاروشيل- فرنسا 1930 ، الخرطومالطائف 2011 ) :لمحة عن حياتها وأعمالها
بقلم د. مكي بشير مصطفى البدري:
[email protected]
الدكتورة فيفيان أمينة ياجي، عرفها طلاب اللغة الفرنسية في جامعات السودان المختلفة، فقد درس على يديها الكثيرون في جامعة الخرطوم وجامعة أمدرمان الإسلامية وجامعة النيلين، وغيرها، كما عرفها الناطقون بالفرنسية في السودان وخارجه بكتاباتها وترجماتها في مجالات الإسلام والتاريخ والسودان والمسرح، وبمشاركاتها في المؤتمرات وبرامجها في القسم الفرنسي بالإذاعة السودانية في هذه المجالات. ويتجاوز نشاطها الجم وحبها للسودان وأهله جميع هذه المجالات ليشمل كل من عرفتهم أو درّستهم أو زاملتهم لتغدق عليهم مودّتها وعلمها وعطائها بلا من ولا حدود ومن خلال مشاركتها في الحياة الاجتماعية، هذا فضلا عن فيضها العلمي والأكاديمي. وفي هذه الأسطر القليلة سنتناول طرفا من مسيرة حياتها ونبذة مختصرة عن بعض أعمالها.
ويستند هذا المقال إلى حوار مسجّل كنت قد أجريته معها في مكتبها في كلية الآداب بجامعة الخرطوم في منتصف التسعينات وإلى حوارات أجريت معها في الصحف السيارة وإلى ما كتبته عن نفسها وعن تجربتها في كتاب عنوانه «الدّيْن المقدّس» أعمل حاليا على ترجمة مضمونه ليكون جزءا من كتاب كامل عن سيرتها أتمنى أن يرى النور قريبا.
الطفولة والنشأة
مدينة لاروشيل البحرية العريقة، على ساحل المحيط الأطلنطي، في مقاطعة بريطانيا الفرنسية، شهدت مولد الطفلة فيفيان في عام 1930. ونشأت وترعرعت في كنف أسرة كاثوليكية محافظة تضرب بجذورها في تلك المدينة وتختلط في عروقها دماء تنحدر من أصول مختلفة، كسكان الكثير من المدن الساحلية، منهم من خدم بلده بإخلاص وحُظي بالتكريم والمكانة الرفيعة ومنهم من اتخذ درب الثورة وقضى نحبه في سبيلها ومنهم من ينحدر نسبه من قبائل الفايكنغ الشهيرة في شمال أوروبا.
أسئلة حائرة
في أحضان تلك الأسرة العريقة نشأت الطفلة فيفيان وترعرعت، في بيت اتسم بالترابط الأسرى وبالثقافة والانفتاح، فعلى مائدة الطعام كان يلتقي أفراد الأسرة ويتحدثون في مختلف المواضيع بحرية ونظرة واسعة الأفق. فكانت تلك الحوارات تتناول مسائل الاجتماع والأدب والسياسة والديانات وغيرها من القضايا الثقافية التي كانت تشغل الناس في ذلك العهد قبيل نشوب الحرب العالمية الثانية.
وفي تلك الأثناء، عُمِّدت الطفلة فيفيان، وبحسب تربيتها الكاثوليكية ووعود أفراد الأسرة والقساوسة، كانت تتطلع للتعميد بشوق، لترى التغيُّر الكبير الذي سيحدث في حياتها لدى التعميد والرحمة التي ستنزل على قلبها والسكينة التي ستعم روحها، ولكن أيا من ذلك لم يحدث لها، فكانت تلك صدمة روحية ولّدت شعورا ب»فقدان الإيمان»، وتقول رغم أن هذه كلمة كبيرة لطفلة في تلك السن، فقد كان ذلك ما أحسّت به.
ولعل خيبة الأمل تلك كانت هي الأساس الذي وسم حياتها ووجّه دربها في الطريق الذي اختطته لها العناية الإلهية. وتفاقمت خيبة الأمل تلك بنشوب الحرب العالمية، وسفر الوالد ضمن سلاح البحرية، وشظف العيش الذي عانت منه الأسرة، التي اضطرت للانتقال من لاروشيل إلى باريس، حيث كانت الأخت الكبرى تدرس الموسيقى، واضطرت الوالدة للعمل.
وبعد انجلاء الحرب، كانت الحياة غير الحياة، فقد انهارت كثير من القيم التي تربّت تلك الطفلة عليها، وفقدت كثيرا من المبادئ التي كانت مُسلِّمات وحقائق بديهية، ومضت في رحلة من البحث، لم تكن في حداثة سنّها تدرك كنهها، ولكنها كانت تحس أنها تفتقد شيئا ما ولا بد من أن تجده. وواصلت في باريس دراستها التي بدأتها في لاروشيل، وكان شغفها بالقراءة والاطلاع هو زادها في تلك الرحلة.
رحلة البحث عن الحقيقة
وفي ظل ذلك الشغف بالقراءة والنهم إلى المعرفة والشك والتساؤل الدائمين، اندفعت للقراءة عن مختلف الأديان، وخاصة ديانات الشرق الأقصى كالبوذية، محاولة لفهم الحياة وبحثا عن إجابة تشفي الغليل للأسئلة الحائرة التي تعتمل داخلها ولا تجد لها إجابة في واقع حياتها ولا في إرثها الثقافي والديني الذي نهلت منه في طفولتها. وفي المرحلة الثانوية كانت مادة الفلسفة تتحدث عن العلماء المسلمين ودورهم في نقل الحضارة الإغريقية إلى أوروبا الحديثة، وكان الكتاب المدرسي ينسب إلى أولئك العلماء دورا هامّا ولكنّه لا يمنحهم سوى صفيحات قلائل، وتساءلت الطالبة الحائرة عن سر هذا التجاهل لعلماء أدوا دورا يوصف بتلك الضخامة، ولا يذكر سوى أنهم كانوا يؤمنون بدين جاء به رجل يُدعى محمّد في الجزيرة العربية.
وقادها التساؤل إلى محاولة معرفة المزيد عن أولئك العلماء وما قاموا به، وعن الثقافة التي ينتمون إليها والدين الذي يؤمنون به، ولم يكن في فرنسا اهتمام في ذلك الوقت بالإسلام، ولم تجد سوى كتب قليلة ومختصرة باللغة الفرنسية عن بعض الفلاسفة المسلمين. وفي ثنايا قراءاتها وقعت بين يديها سيرة الرسول (ص)، وكان عنوانها «محمّد: نابليون السماء»، فكانت تلك السيرة فتحا هزّ كيانها، فقد أحسّت أن هذا ما كانت تبحث عنه، والعبارة التي تردِّدها دوما عند الحديث عن ذلك الأثر أنها كأنما خرجت من «الظلام إلى النور».
وأرادت أن تواصل القراءة لمعرفة المزيد عن هذا النبي وعن الدين الذي جاء به، فقرّرت أن تتعلّم اللغة العربية لتنهل من المصادر الأصلية وتتخلّص مما يمكن أن يكون قد شاب الترجمة من تشويه وتحوير وأن تقرأ القرآن الذي جاء به محمّد باللغة التي نزل بها عليه. وتقول أنّها اكتشفت عقب سنوات طويلة، بعد أن درست اللغة العربية وقرأت السيرة النبوية من مصادرها الأصلية أن ذلك الكتاب كان يقدّم صورة مشوّهة لحياة الرسول، ولكنّه رغم ذلك شعّ ببصيص النور الذي أنار طريق بحثها وغيّر مجرى حياتها.
في مدرسة الدراسات الشرقية
بعد أن أكملت الطالبة فيفيان دراستها الثانوية والتحقت بالدراسة الجامعية، قرّرت أن تدرس اللغة العربية والحضارة العربية والإسلامية في مدرسة الدراسات الشرقية، ولكنّ تسجيلها في المدرسة كان في منتصف العام الدراسي، فرأت أن تحضر الدروس كمستمعة حتى تبدأ السنة الجديدة لمتابعة المحاضرات بصورة رسمية، وبسبب رغبتها العارمة في تعلّم اللغة العربية، التحقت أيضا بدروس مسائية كان يقدمها إمام مسجد باريس، وكان هو المسجد الوحيد في باريس في ذلك العهد. وشرعت في دراسة الأبجدية ومبادئ اللغة العربية، وقواعدها (الاسم والفعل والصفة، وما إلى ذلك) مثلما يحدث في المدارس العربية، فأعانها ذلك كثيرا عندما بدأت المحاضرات بصورة رسمية. وتلقت دراساتها في مدرسة الدرسات الشرقية على أيدي بعض مشاهير المستشرقين، كان منهم لويس ماسينيون، استاذ الاجتماع والحضارة الإسلامية في السوربون، وريجيس بلاشير الذي اشتهر بترجمته للقرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية.
السودان بدلا من سوريا أو المغرب
بعد أن اقتنعت فيفيان تماما باعتناق الإسلام، أخذت تفكر في مسار حياتها بعد ذلك، لم يكن يخطر ببالها أن تعتنق الإسلام وتعيش في فرنسا في ذلك الحين، ففكرت في إكمال دراستها ومغادرة فرنسا إلى سوريا أو المغرب، لأنهما هما البلدان المسلمان المعروفان للفرنسيين في ذلك الوقت، لكي تعمل هناك في مجال تدريس اللغة الفرنسية، ومواصلة دراستها للغة العربية والإسلام والعيش هنالك بقية حياتها.
ولكن إرادة الله هيأت لها مرة أخرى طريقا مختلفا، ففي دروس اللغة العربية لدى ريجيس بلاشير تعرّفت شابا أفريقيا جاء لإكمال دراساته العليا في فرنسا، وقد علمت أن اللغة العربية هي لغته ولكنه كان يدرس اللغة الفرنسية، وعرض عليها أن يساعدها في تعلّم العربية، وأن تساعده في تعلّم الفرنسية، وعرفت أنه من السودان، ولم تكن تدري أين يقع السودان، وحاول أن يشرح لها، ولم تتمكن من تحديد موقعه تماما إلا عندما ذكر لها فشودة. وفشودة معروفة للفرنسيين لأنها الموقع الذي توقف فيه الجيش الفرنسي القادم من غرب أفريقيا عندما قابل الجيش الفرنسي القادم من الشمال. وكانت معرفة أدت لزواجها بذلك الشاب السوداني، الدكتور محمّد أحمد ياجي، ولم تتردّد بعد ذلك في إعلان إسلامها، وجاءت معه إلى السودان، حيث وصلت إلى أمدرمان في شهر رمضان قبيل استقلال السودان في عام 1955.
أمدرمان: حب من أول وهلة
منذ أن وطئت قدما السيدة فيفيان أمينة، وقد اتخذت اسم أمينة اسما ثانيا لها بعد اعتناقها الإسلام، أرض السودان ودخلت في بيت أسرة زوجها بأمدرمان، وقعت في حب هذا البلد وتلك المدينة. وتقول عن تجربتها أنها خائفة من استقبال أهل زوجها لها لكونها غريبة أجنبية من بلد بعيد وثقافة مختلفة، ولكنها فوجئت، على العكس تماما، باستقبال فائق وحفاوة بالغة، ولم تبذل مجهودا في أن تصبح جزءا من الأسرة، بل الأسرة هي التي احتضتنها وجعلتها تحس أنها جزء لا يتجزأ منها.
واندمجت في الحياة السودانية وأصبح جزءا من المجتمع السودان، الذي أحسّت أنه يُجسّد القيم التي تؤمن بها وأنه مآل رحلة البحث التي قادتها من لاروشيل إلى أمدرمان مرورا بباريس. وقطعت على نفسها عهدا أن يظل السودان وطنا لها، فتخلّت عن جنسيتها الفرنسية، وآلت على نفسها أن تقدّم كل ما لديه لخدمة هذا البلد وأهله وأن تكتب عنه وتعرّف العالم بثقافته وتاريخه وحضارته.
عبر العالم
من خلال عمل زوجها في وزراة الخارجية، تنقّلت السيدة فيفيان أمينة ياجي في مختلف أرجاء العالم التي عمل فيها زوجها سفيرا للسودان، في جدة وبغداد وفي الكونغو ونيويورك وواشنطن، ولكنها كان دوما تحن للعودة إلى السودان، ولا تحس بأن في وطنها إلا عندما ترجع إلى ترابه وتعيش في وسط أهله. وقد كتبت مقالات عن بعض رحلاتها، ووصفت تجربة الحج وزياراتها للأماكن المقدّسة في الجزيرة العربية التي تركت فيها نفسها أثرا عميقا مس شغاف روحها وكتبت عنها كتابا وثّقت فيه تجربتها.
الكتابة والتأليف
قضت الحاجة أمينة قسطا كبيرا من حياتها ربة منزل تعين زوجها في عمله الدبلوماسي، وتربي بنتيها، سكينة وسلمى، وتعيش حياة اجتماعية ثرّة في المجتمع السوداني تشارك في أفراحه وأتراحه. ولكن شغفها بالقراءة والاطلاع لم ينطفئ، فقد ظلت تقرأ بنهم وتكتب أحيانا مذكرات ومقالات في مجالات مختلفة، وخصوصا في مجالي اهتمامها الرئيسيين: الإسلام والسودان.
الأحاجي السودانية
اهتمّت بالأحجية السودانية، وكانت ترى في الأحاجي مدخلا لمعرفة المجتمع وإرثه الثقافي، ووسيلة لتربية ابنتيها وغرس العادات والتقاليد السودانية في نفسيهما، فكانت تجلس إلى السيدات، خصوصا في المآتم التي كانت تمتد لعدة أيام، وتلتقي فيها النساء ويجلسن معا لساعات طويلة، فكانت تطلب منهن أن يروين لها ما يحفظنه من أحاج، وكانت تكتب تلك الأحاجي، وقد ترجمت بعضها إلى اللغة الفرنسية ونشرته في مجلات مختلفة تنشر باللغة الفرنسية، ونشرتها في كتابين أحدهما بعنوان «أحاجي أمدرمان»، نشر بالفرنسية والعربية معا، و»الفارس الأسود»، نشر بالفرنسية وترجم إلى العربية، إلا أن ترجمته لم تر النور بعد.
الترجمة
لم يقتصر نشاطها في الترجمة على ترجمة الأحاجي فحسب، بل ترجمت أعمالا أخرى قيمة من اللغة العربية إلى الفرنسية، منها كتاب نعوم شقير عن جغرافية وتاريخ السودان وبعض مؤلفات توفيق الحكيم. كما ترجمت مجموعة من المسرحيات السودانية مثل الملك نمر ونبتا حبيتي وخطوبة سهير وتاجوج والمحلق وريش النعام وعروس في المطار. وترجمت أيضا كتاب التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب وكتاب الطراز المنقوش ببشرى قتل يوحناّ ملك الحبوش لعبد القادر الكردفاني والمقاومة الداخلية للحركة المهدية لمحمد محجوب مالك والشلوخ ليوسف فضل.
رسالة الدكتوراه: الخليفة عبد الله
عند قيام الحاجة أمينة بترجمة كتاب نعوم شقير، اطلعت على الكثير من الدراسات عن تاريخ السودان في فترة المهدية، وهالها ما تعرضت له بعض الشخصيات، وخاصة شخصية الخليفة عبد الله، من ظلم وإجحاف من قبل المؤرخين الأوروبيين، وتبعهم فيه من سار على دربهم من مؤرخين سودانيين وغير سودانيين. فآلت على نفسها أن تبحث بعمق في تاريخ الخليفة عبد الله وتقارن ما ورد في تلك الكتب بالوثائق الأصلية وتتحدّث إلى الأحياء ممن عاصروا تلك الفترة أو سمعوا مباشرة من آبائهم الذين عاصروها، وتدرس كل ذلك استنادا إلى الواقع التاريخي والظروف التي كانت تحيط به، وكان نتاج كل ذلك سفرا من جزأين نالت به درجة الدكتوراه من جامعة مونبلييه بفرنسا، وسترى النور ترجمته إلى العربية قريبا بإذن الله.
وقادتها بحوثها عن الخليفة عبد الله إلى التعرّف على كثير من أبطال المهدية والكتابة عنهم، فكتبت عن على ود حلو والأمير يعقوب وعثمان شيخ الدين وعثمان آدم وحمدان أبو عنجة وعبد الرحمن النجومي والزاكي طمل ومحمّد ود بشارة وعثمان أزرق وعمر صالح وعربي دفع الله وأحمد فضيل وكرم الله كركساوي، ونشرت الصور التي رسمتها لأولئك الأبطال من خلال معايشتهم عبر الوثائق والوقائع في أوراق ومقالات بالفرنسية، ثم جمعت في كتاب ترجم ونشر بالعربية بعنوان «رجال حول المهدي».
الدراسات الإسلامية
في إطار دراساتها الشخصية عن الإسلام وضمن المواد التي جمعتها لتدريس مادة الدراسات الإسلامية باللغة الفرنسية لطلابها بجامعة أمدرمان الإسلامية، جمعت الدكتورة فيفيان أمينة ياجي وترجمت ونشرت عددا من المقالات والكتب عن التاريخ الإسلامي. وكانت تحرص في كتاباتها عن السيرة وتاريخ الصحابة على الاعتماد في المقام الأوّل على المصادر العربية الموثوقة، وألا تستند إلى ما كتبه المستشرقون. ومن أعمالها في هذا المجال: الرسول: حياته ورسالته، ووجوه من الإسلام، وأصحاب الرسول، ونساء مسلمات، والأربعون النووية، والفقه الإسلامي، والأئمة ورجال الصوفية في الإسلام، وأركان الإسلام. وقد نشرت معظم هذه الأعمال في مقالات باللغة الفرنسية وفي كتاب بعنوان «أصحاب الرسول» وفي برامج إذاعية بالإذاعة السودانية.
خاتمة
هذا المقال لمحة موجزة حياة الدكتوره فيفيان أمينة ياجي وأعمالها، نقدّمها وفاء لها لما قامت به من إنجازات وأعمال جليلة طوال حياتها، ولما تركته من علم نهل منه طلابها في جامعة الخرطوم خاصة، والجامعات السوادنية الأخرى عموما، وأودعته بطون الكتب والمجلات العلمية ليكون زادا للباحثين في كل مكان، ومنارة يهتدي بها كل ما سار دربها وتاقت روحه إلى الآفاق التي طرقتها، وقدوة في المثابرة والبحث والعطاء الفيّاض. وآمل أن أتعرض لهذه الأعمال بمزيد من الدراسة والتفصيل في الكتاب الذي أعدّه عن حياتها وأعمالها، وأدعو كل من لديه معلومات قد تفيد في هذا المجال من أفراد أسرتها وزملائها وطلابها أن يمدّني به للتوثيق لهذه الشخصية الفذّة وحفظ ما قامت به للأجيال المقبلة.
مؤلفات الدكتورة فيفيان أمينة ياجي
(ترجمات وكتب ومقالات ومحاضرات وبرامج إذاعية، نشر الكثير منها وبعضها لم ير النور بعد، وتُرجم القليل منها إلى اللغة العربية)
1962 -1963 الأحاجي السودانية، مجلة دراسات ورسائل من الشرق، بروكسل
1962-1964 الأحاجي السودانية، مجلة الموزيون، لوفان، بلجيكا
1973 قصتان لتوفيق الحكيم، مجلة سود، العدد 10
1978 وجوه من الإسلام، مجلة سود، العدد 28/29
1979 رجال من المهدية، مجلة سود، العدد 32/33
1979 يا طالع الشجرة لتوفيق الحكيم، فرنسا، بلجيكا
1979 الأربعون النووية، قطر (طبعة ثانية، جامعة أمدرمان الإسلامية، 1995)
1981 أحاجي أمدرمان، أنتيب، فرنسا
1983 الحلنقا: قبيلة عربية وسط البجا، باريس
1984 الخليفة عبدالله، حوار، الخرطوم
1985 الخليفة عبدالله والأنصار الأوائل، مجلة الشهر في أفريقيا
1989 صورة الخليفة عبدالله، مجلة الدراسات السودانية
1988 الحنة، مجلة أخبار الوحدة العلمية الفرنسية، الخرطوم
1989 الفارس الأسود وقصص سودانيةأخرى، بيبليسود، باريس
1997 وجوه من الإسلام بالاشتراك مع الدكتور عبد الرحمن معلا، بيبليسود، باريس
2000 رجال حول المهدي، الخرطوم
2004 الفقه الإسلامي، بيبليسود، باريس
أمراء المهدية: صور لثلاث عشرة من أمراء المهدية
الدَّيْن المقدس، ذكريات من الحج 1963-1967
مقالات في الفلسفة
الخليفة عبدالله حياته وسياسته، رسالة دكتوراه، مونتبلييه، فرنسا
سلاطين الظل
أصحاب الرسول
ترجمات من العربية إلى الفرنسية
كتاب التوحيد لمحمد عبد بن الوهاب
كتاب الطراز المنقوش ببشري قتل يوحنا ملك الحبوش لإسماعيل عبدالقادر الكردفاني
تاريخ السودان القديم والحديث وجغرافيته لنعوم شقير
12 قصة لتوفيق الحكيم
إيزيس لتوفيق الحكيم
الشلوخ للدكتور يوسف فضل
المقاومة الداخلية للحركة المهدية للدكتور محمد محجوب مالك
مجموعة مسرحيات ترجمت بالاشتراك مع الدكتور جان كلود غي:
نبتا حبيبتي لهاشم الصديق
ريش النعام لخالد المبارك
المك نمر لإبراهيم العبادي
تاجوج لخالد عبدالرحمن أبوالروس
مسرحية بدون عنوان للطيب المهدي
خطوبة سهير لحمدنا الله عبدالقادر
عروس في المطار لمحمود سراج
أوراق قدّمتها في مؤتمرات
1979 الخليفة عبدالله، صوفيا أنتيبوليس، أنتيب
1980 نعوم شقير وتاريخه عن السودان، ، صوفيا أنتيبوليس، أنتيب
1981 إسماعيل عبدالقادر الكردفاني والطراز، صوفيا أنتيبوليس، أنتيب
1986 الخليفة عبدالله، الخرطوم
1986 صورة مشوهة للخليفة عبدالله، إيكس آن بروفانس
1989 صورة من في تاريخ السودان في القرن التاسع عشر: الخليفة عبدالله، المؤتمر العالمي للتاريخ، جامعة أنتاناريفو
برامج إذاعية في البرنامج الفرنسي بالإذاعة السودانية بأمدرمان
أصحاب الرسول
نساء مسلمات
الأئمة ورجال الصوفية في الإسلام
الرسول، حياته ورسالته
أركان الإسلام
وجوه سودانية
الأحاجي السودانية
رؤساء الدولة الإسلامية
الحجوة السودانية في الفلكلور العالمي
صور من بعض مؤلفات الدكتورة فيفيان أمينة ياجي
الفارس الأسود بالفرنسية
رسالة الدكتوراه، الخليفة عبد الله: حياته وسياسته
أصحاب الرسول بالفرنسية
رجال حول المهدي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.