الفول المعروف لدينا هو نوعان (فول) سوداني وآخر مصري وكلاهما ارسى له قواعد (جماهيرية) عريضة في بلادنا وأراهن أنه لو كان (رجلا) وترشح لفاز في الانتخابات (السابقة) والقادمة، نظرا لشعبيته، والفول السوداني بشكله السوداني الشعبي (الدكوة) قد خضع لعمليات (تطويرية) و (تجميلية) عالمية، وأصبح يعبأ في قوارير وبرطمانيات ولكن قد تغير اسمه من (دكوة) الى (زبدة) الفول السوداني وتعددت اسماؤه التجارية شأنه شأن الأدوية التي تباع في الصيدليات، كما تعددت استعمالاته، ولكنه للأسف داخل السودان لازال يشكو من (الاهمال) الذي لازم الكثير من منتجاتنا التي سرق معظمها وأخضع الى عملية (تدويل) مثل (الكركدي) السوداني الذي تمت تعبئته في عبوات أنيقة وجميلة وأصبح يباع في الأسواق العالمية بالشئ (الفلاني)، ونحن لازلنا في مكاننا (محلك سر)، بالرغم من أن السوق فاتح ذراعيه (للاستثمار) الا أن (اصحاب) الأموال في (غفلة) ليس لديهم مشاريع (تطويرية) للمنتجات السودانية، وبالمناسبة حتى (الدوم) اخضع لمشروعات التطوير، فأصبح من الممكن ان تشرب (عصير) الدوم في الشقيقة مصر منذ أعوام وهو من الدوم السوداني بلحمه وعظمه، ونحن نسأل أين عصير (اللالوب) و (العرديب) ؟؟؟؟ وغيره من (العصائر) الأخرى ذات المنشأ السوداني. والغريب أن جميع دول العالم العربي والاسلامي والعالم تطلق على فولنا اسم الفول السوداني الا دولة عربية (شقيقة) يطلق شعبها على فولنا اسم (فستق العبيد)، ولا أدري لماذا يصرون على هذا الاسم (العنصري) البغيض؟؟؟؟؟؟؟؟ ولنأخذ جولة قصيرة مع الفول المصري لنرى واحدة من المواقف معه. بداية نقول أينما تحل تجد الفول، معشوق الجماهير من المحيط إلى الخليج، عفوا أعني الفول وليس برنامج في احدى الفضائيات (المفلسة). وأصبح الفول ليس حكرا على الغلابة فقد اخترق السلطات الأمنية في الفنادق العربية الفاخرة وتربع على مائدة الافطار والعشاء في قوائم الطعام المعترف بها لدى المنظمة الدولية وأصبح سفيرا مقيما في تلك الفنادق. وخلال فترة التدريب الصحفي، في بواكير أيامنا في مهنة النكد، التي قضيتها في مصر بداري أخبار اليوم والاهرام، أصر أحد الاخوان الصحفييين المصريين أن يكرمنا وكان كل يوم يقول أنا لازم أعزمكم على فول بالأووطه، وكانت الاووطة بذلك النطق المصري الدارجي مبهمة لدينا، وشغلنا الأمر وأردنا أن نعرف ما هي الأووطة التي تخلط مع الفول واستبعدنا أن تكون الجبنة لأن الفول (السوداني) المصلح تكون ضمن مكوناته الجبنة البيضاء والطعمية (الفلافل) وزيت السمسم وأشياء أخرى. وفي ذات يوم تمخض الجبل، حين حانت الفرصة وكتب الله أن يفي أخونا الصحفي بوعده، فجاءنا مبتسما مستبشرا وقال اليوم ميعادكم مع الفول بالأووطة. وأخذنا إحدى سيارات الأجرة ونزلنا في المطعم الشعبي المشهور بأحسن فول في مصر. وجاء الجرسون وصاح صاحبنا فول بالأووطه لأبناء النيل. وهنا تاه كل منا في متاهة الفول وأخذ يخمن ترى ما هي الأووطه. وما هي إلا لحظات حتي جاء الجرسون بصحن كبير غص بالفول إلى حافتيه حتى كاد أن يفيض ويغمر الثياب. وتحفزت العيون واستعدت لتري الأووطه، ولكن لم نر شيئا جديدا ولا غريبا على صحن الفول السوداني المصلح. وكان صاحبنا يسألنا ونحن نأكل، ما رأيكم؟ تمام؟ وكنا نجيب بالإيجاب، وقد ردنا الحياء عن طرح السؤال إلى أن فرغنا من التهام الطعام. وكانت المفاجأة الأووطه هي (القوطة) إذ أن المصريين يقلبون القاف ألفا كما في الألب للقلب. وهي الطماطم والبندورة (البنضورة) والطماط كما يحلو للأخوة السعوديين أن ينطقونها. وحسب علمي فإن الفول المصري (حبيب الجماهير) لا يزرع في السودان على نطاق واسع رغم الأراضي الشاسعة الممتدة التي (تمد) لسانها لنا تهكما وسخرية قائلة (الا أبقاكم الله أيها السودانيون بعيدين عني لكي ارتاح وآخذ نفس، ولكن ولله الحمد لم أتعب في تحقيق هذه الأمنية فقد جاء جيل يحب الكسل وأكل (العسل)، ليس مثل جدودكم (الأشاوس) الذين كانوا يحرثون الأرض ويحصدون الزرع ويحلبون الضرع، وحمدت الله أن كان مسقط رأسي في السودان وليس في شمال الوادي (مصر) فقد اشتكت لي اختي هناك، أنها قد كلت وملت من (طورياتهم) و (جواميسهم) و (محراثهم)، وهم لا يفترون ولا يكلون ولا يملون، ورغم أن رقعتي بسيطة وحجمي صغير، الا أنهم يأخذوا مني الكثير والكثير، الذي يكفيهم ويفيض ويصدروا الكثير ايضا، فهم فلاحين لا يعرفون الكسل، وقد مليت من تلك العيشة، وتمنيت أن لو كنت مع أختي في جنوبالوادي، التي ظلت تنادي وتنادي، ولكن لا مجيب ولا مغيث. انتهى كلام اختي في شمال الوادي.). لقد هاجر الشباب والشيوخ الى حيث أرض الدهب والى أرض (الذل والهوان)، يتكففون الناس وفي أيديهم (الذهب) المتمثل في خيرات هذه الأرض التي لم تبخل يوما لأولادها الذين يفلحوها. الزراعة كما قلنا ونقول ونكرر هي المخرج والدليل على ذلك غلاء المنتجات الزراعية من محاصيل (نقدية) وحبوب وحتى الخضروات ارتفع سعرها، فالبامية الكيلو منها يعادل حوالى 5 دولارات والقمح قفز الطن من حدود 200/300 دولار الى 600/800 دولار والموز والملوخية والقرع والطماطم وغيرها من السلع الزراعية التي يمكن الاستثمار فيها بكل سهولة ويسر وتدر من الدخل والعملات الصعبة ما لايخطر على قلب بشر. والفول ايضا بشقيه المصري والسوداني قد قفز الى سعر خيالي، فلماذا لانستفيد و (نطور) زراعته ونعمل على تعميم زراعته في جميع مشاريعنا الزراعية، وحسب علمي فالاهتمام بالفول السوداني كان كبيرا في هيئة البحوث الزراعية، حيث انشأت هيئة علمية تعنى بأبحاثه وتطويره واستنباط عينات كما هو الحال مع القطن والقمح وغيرها من المحاصيل الزراعية التي تناسب مناخ السودان، ولكن للأسف لقد اعتور عجلة التطوير الزراعي والتنمية في هذا المجال خلل جد خطير، قلص من الاهتمام البحثي والعلمي وقد كنا روادا وأوائل في هذا المضمار الحيوي الهام (لا حرية لشعب يأكل من وراء البحار) أين تحقيق مقولة نأكل مما نزرع، هل الفول المصري الذي في (قدور) معظم مطاعم الفول الشهيرة بالسودان، هل هو (سوداني) الجنسية، أم (مصري) أم (انكليزي) الهوية؟؟؟؟؟؟ قبل اسبوع اشتريت من (الطاحونة) فول مصري وبعد أن تم طبخه واستوى على (المائدة) استحسنته واستحسنه الجميع، فرجعت مرة اخرى لنفس الطاحونة لشراء المزيد منه وتبين لى انه فول مصري حسب نوعه لكنه (انكليزي) المنشأ والأصل، وهو وارد من هناك ومزروع في أراضي (الخواجات)، يعني تربية خواجات كما كان ذلك في مشروع الجزيرة من قبل. ونحن نملك الأرض التي تنبت لنا (فولا) أفضل من تلك الانواع ، وأسألوا أهل الشمالية لكي تطمئن قلوبكم. وبالمناسبة لقد دخل (الامريكان) اللعبة منذ زمان بعيد، فمذ وصولنا الى السعودية قبل اكثر من ربع قرن من الزمان وجدنا الفول المصري يباع في علب في البقالات، يعني (معلب) ومكتوب عليها (فول حدائق كاليفورنيا)، ولكن في السودان أفلحوا في استحداث عينة من الفول اطلقوا عليها اسم الرئيس الأمريكي الأسبق (بوش) وهي اصبحت (الأكلة المفضلة) لقطاع كبير من الشعب السوداني ولا تزال، ويدعي من ابتدعوها أن لها خلطة (سرية) فريدة لا يعرفها الا القليل من اصحاب المطاعم الذين برعوا في تقديمها و (تصليحها) مما أدى الى اكتساحها سوق الفول (المصلح). alrasheed ali [[email protected]]