رسميا.. حماس توافق على مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار    العطا في استقبال كباشي .. بعد زيارة لدولة جنوب السودان    الرئيس التركي "اردوغان" يستقبل رئيس مجلس السيادة "البرهان" بأنقرة    الخارجية السودانية ترفض ما ورد في الوسائط الاجتماعية من إساءات بالغة للقيادة السعودية    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    الدعم السريع يقتل 4 مواطنين في حوادث متفرقة بالحصاحيصا    قرار من "فيفا" يُشعل نهائي الأهلي والترجي| مفاجأة تحدث لأول مرة.. تفاصيل    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    الأحمر يتدرب بجدية وابراهومة يركز على التهديف    عملية منظار لكردمان وإصابة لجبريل    بيانٌ من الاتحاد السودانى لكرة القدم    كاميرا على رأس حكم إنكليزي بالبريميرليغ    الكتلة الديمقراطية تقبل عضوية تنظيمات جديدة    ردًا على "تهديدات" غربية لموسكو.. بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية    لحظة فارقة    «غوغل» توقف تطبيق بودكاستس 23 يونيو    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة.. هل يقتل أنشيلوتي بايرن بسلاحه المعتاد؟    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    تشاد : مخاوف من احتمال اندلاع أعمال عنف خلال العملية الانتخابية"    دول عربية تؤيد قوة حفظ سلام دولية بغزة والضفة    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    وزيرالخارجية يقدم خطاب السودان امام مؤتمر القمة الإسلامية ببانجول    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    وداعاً «مهندس الكلمة»    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    الجنرال كباشي فرس رهان أم فريسة للكيزان؟    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موازنة 2012: نظرة من خارج التخصص .. بقلم: أم سلمة الصادق
نشر في سودانيل يوم 22 - 12 - 2011


بسم الله الرحمن الرحيم
بينما كنت أبحث عن معلومات ضرورية بخصوص موازنة السودان للعام 2012 واجهتني معضلة غموض مصطلح (البرنامج الثلاثي) الذي تحدث عنه وزير المالية القديم الجديد، السيد علي محمود في سياق حديثه للصحف عن الميزانية المشار إليها .وهو البرنامج الذي طالب الدكتور بابكر محمد توم رئيس لجنة الشؤون المالية والإقتصادية بالمجلس الوطني بضرورة طرحه للدولة للنقاش-أي للشعب والحكومة فيما أكد أن البرنامج لم يراع الآثار والإنتقال التدريجي والجوانب الاجتماعية والواقع الحالي للبلد.
وشدد د. بابكر في تصريح ل(smc) على طرح هذا البرنامج للنقاش والمشاركة للإحساس بمتطلبات المواطن فلم تزدنا تلك الإشارات من رئيس لجنة الشؤون المالية والإقتصادية إلا توجسا من البرنامج المذكور وإلحاحا لمعرفة تفصيلية عنه .فطفقنا نفعل لكننا لم نجد ما يروي الغليل حتى بعد اطلاعنا على التحليل الذي أفادتنا به أ.سمية سيد في السوداني 13 ديسمبر 2011 التي أوضحت أنه برنامج إسعافي و يعنى بالتركيز على ثمان سلع خلال 3 سنوات (هي مدة البرنامج الثلاثي للاصلاح الاقتصادي) من حيث إنتاجها وتصنيعها والبرنامج يشير حسب وثيقته(التي بين يدي سمية ) إلى أهمية استعجال حزمة السياسات الإقتصادية لمعالجة الإختلالات الحالية والمتوقعة لإعادة الإستقرار الإقتصادي والنمو بصورة متناسقة ومتدرجة وبتتابع زمني وجاء فيه أيضا إلغاء الدعم للسلع والخدمات تدريجيا وذلك بعد بند تخفيض للإنفاق الحكومي بنحو 25%لعام 2012مع إعادة هيكلة شاملة وجذرية في كافة مستويات الحكم وإعادة النظر في أولويات الصرف على التنمية واعتمد فيه أيضا إلغاء الضرائب الزراعية ضمن سلسلة الإجراءات الإصلاحية الأخرى مع التوسع في برنامج تخفيف حدة الفقر- توسيع نطاق الصناديق والمؤسسات الاجتماعية مع إعداد برنامج التبصير بالتحديات جراء الإنفصال وحث المواطنين على الإنتاج.
ويبدو أننا لسنا وحدنا الذين عٌمي عليهم البرنامج المذكور فلم ننجح في فك طلاسمه فقد وصفه الدكتور غازي صلاح الدين العتباني مستشار رئيس الجمهورية رئيس الكتلة البرلمانية لنواب المؤتمر الوطني بالمجلس الوطني برغم تملكه للمعلومات بعدم الوضوح أو الألغاز..
وبسبب الرهق الذي سببه لي هذا البحث (وقد اتضح أنه تعب بلا طائل فقد جزم د.التيجاني الطيب بأن موازنة 2012 تجاهلت البرنامج الثلاثي تجاهلا تاما -21-ديسمبر،الصحافة) ثم العودة بخفي حنين في مجال الحصول على معلومة مكتملة الأركان ومفيدة عن هذا البرنامج تحسرت على حالنا وترحمت على أخواننا في الإنسانية (الخواجات) الذين يعمدون إلى تعريف كل مصطلح يَعرض لك ويعطونك فكرة عن أصله وفصله بصورة تامة وشاملة حتى تقول كفى - ليتهم سكتوا ،مثلما نجد في المواقع ذات الصلة كالويكيبيديا وغيرها.
ولمزيد من الحسرات على حالنا ومزيد من الترحم على الخواجات صدف أن قابلت في نفس ذلك اليوم سيدة سودانية تقيم في أمريكا فحدثتني عن نظام الرعاية الإجتماعية هناك ،النظام الذي يكفل لسيدة أجنبية مثلها في عمر الستين و لا تعمل لكنها تحمل (القرين كارت) العلاج المجاني وقد أجريت لها عملية تكلف مائة ألف دولار دون أن تدفع شيئا بل أن مال الرعاية الاجتماعية الذي يصرف لها شهريا يستمر حتى أثناء وجودها وهي في إجازة في السودان! فعجبت من ذلك حتى خفت على نفسي من فتنة سلامة موسى (أني مؤمن بالغرب وكافر بالشرق ) .
ثم واجهت حقيقة مؤلمة في ظل تلك المعطيات على خلفية قراءة موازنة 2012: من تراه يحفظ الولاء لوطن (يقلع اللقمة من فمك) بحسب ما يرد في سطور تلك الموازنة وما بين سطورها ، في مقابل دولة وإن كانت أجنبية تبذل جهدها لتخبرك أنك إنسان! إذن أنت محترم ؟
نحن لا نبريء الدولة الإمبريالية هنا من موبقات نعرفها لكن لا بد من الإعتراف بالإيجابيات بل السعي لتقليدها فهي نابعة أصلا من تعاليم ديننا وشريعتنا السمحاء لكننا تخلينا عنها لأغراض الدنيا وشهوات السلطة حتى وجد الإمام محمد عبده : (أن في الغرب مسلمين بلا إسلام وفي بلادنا إسلام بلا مسلمين).
في مقال اليوم سأتطرق لمناقشة بنود ميزانية 2012 بعمومية لا تغرقنا فيما لا نملك ناصيته من تخصصية وبالإستعانة بخبراء المجال وعلمائه بما يعيد السؤال المتوجس السابق الى دائرة الضوء:
من تراه يحفظ الولاء لوطن (يقلع اللقمة من فمك) في مقابل دولة وإن كانت أجنبية تبذل جهدها لتخبرك أنك إنسان! فأنت محترم ؟
كان د.ابراهيم البدوي الإقتصادي المعروف قد أوصانا في المؤتمر الإقتصادي الذي نظمه حزب الأمة في الشهر الماضي بالنظر إلى بنود الميزانية واستعراضها برويّة :فتعرفون هل هي ميزانية لرفاه الشعب وصلاح حاله ورفع معاناته أم هي ميزانية لرفع (المعانا) كما فهم الشعب السوداني بعد إعلان الإنقاذ في بيانها الأول أنها أتت لرفع المعاناة عن الشعب السوداني فما مر عام إلا وانكشف الغطاء وعرف أن المقصود رفع (المعانا) فتمكن المغتصبون من مفاصل الدولة: بنوا بحورها و سكنوا قصورها !
وعملا بنصيحة الإقتصادي الضليع استعرضنا بنود موازنة 2012 أو منصرفاتها التي تبلغ 25.2 مليون جنيه فوجدناها تقرأ كالآتي:
دعم السلع الإستراتيجية 2.200.00 مليون جنيه .
القطاع السيادي 1.151.97 مليون جنيه.(130 مرة ضعف ما يصرف على الصحة والتعليم)!
الدفاع والأمن والشرطة 7.518.63 مليون جنيه.
قطاع الصحة 503.78 مليون جنيه.
قطاع التعليم 492.01 ممليون جنيه.
القطاع الزراعي 622.24 مليون جنيه.
القطاع الصناعي 154.27 مليون جنيه. (10% من القطاع السيادي)
وفي هذا المنحنى نكتفي فقط بنطق الأرقام وحديثها عن نفسها لنعرف أن الأمن والدفاع يستنزفان معا أكثر من 60% من الميزانية والقطاع السيادي ومخصصاته تفوق ما يصرف على القطاع الإنتاجي وقطاع الخدمات مجتمعة كما نستدل هنا بشهادة السيدة سامية هباني التي اعترضت على إقدام وزارة المالية على تخصيص نحو ثلاثة أضعاف على الخدمات الصحية للشرطة والجيش والأمن (92 مليون جنيه) في الوقت الذي رصدت فيه لقطاع الصحة بالبلاد فقط (32 مليون جنيه) كما ورد في صحيفة السوداني 20 ديسمبر 2011!
فإذا كان ذلك كذلك فكيف نتوقع أن يسهم القطاع الإنتاجي في رفد الميزانية بما توقعه وزير المالية ؟
وكيف لنا أن نتوقع من مواطن لم يصرف على تعليمه ولا على صحته أن يستطيع الإنتاج والعمل ليرفد الدولة بما توقعه وزير المالية؟
صدق سمي الخليل هذه ميزانية لرفع المعانا بمعنى الكلمة!
فإذا تحولنا بالنظر إلى شق الميزانية الآخر أي الإيرادات والذي يبلغ 23.5 مليون جنيه لأدركنا، لما يجمع المراقبون على أن هذه الميزانية ما هي إلا بيع للوهم والاعتماد على الفرضيات التي في رحم الغيب :
وحتى نسلم القفاز لأهل التخصص نستعرض موارد الإيرادات المرجوة وهي :الضرائب المنح والقروض الخارجية والداخلية ،رسوم عبور وخدمات البترول وصادرات الدولة الزراعية والحيوانية والمعدنية الأخرى.
في مقال منشور على سودانيل : يقول أ.الحسن سيد في قراءته لما بين سطور موازنة 2012 ومناقشة البرلمان لها 9 ديسمبر2011 ما ملخصه فيما يلينا بالخصوص:
بالنسبة للضرائب:
المتوقع من عائدات الضرائب فى 2012 سوف يقل عن المحقق فعليا فى 2011 حيث أن الوضع المالى لدافعي الضرائب نتيجة للخسائر المتلاحقة الناجمة عن أرتفاع أسعار العملة الصعبة على دافعى الضرائب وشح السيولة فى يد دافعى الضرائب نتيجة لانخفاض القوة الشرائية سوف تمثل أكبر عائق فى تحقيق حتى الرقم المتحصل فى ميزانية 2011 ناهيك عن تحقيق رقم أعلى . (التضخم في الموازنة 17% وهو أكثر من السابقة مما يعني انخفاض العملة وارتفاع الأسعار خاصة عند رفع الدعم عن السلع)
بالنسبة للقروض:
اعتماد الموازنة على سد 60%من العجز من القروض الخارجية والتي يعلم الكل ضيق فرصها (الرئيس السوداني مطلوب من المحكمة الجنائية ،المستثمرون يعلمون مقدار الفساد الذي ضرب بأطنابه على دولة المؤتمر الوطني فلا يأمنون على أموالهم (أنظر تقرير منظمة الشفافية الأخير وتقارير المراجع العام السنوية).
رسوم العبور وخدمات البترول:
رصد مشروع قانون الموازنة العامة مبلغ 6.559.92 مليون جنيه كرسوم عبور وخدمات البترول . هذا الرقم وهو المطلوب تحقيقه من رسوم العبور والخدمات دون موافقة أو حتى وعد من حكومة دولة الجنوب بالموافقة على رسوم العبور.(العلاقة العدائية مع الجنوب).
تحدث شيخ المك وكيل المالية الأسبق الى صحيفة السوداني و عدد من البرلمانيين بعد انفضاض جلسة إجازة الميزانية يوم 20 ديسمبر عن أن أخطر ما في الموازنة اعتمادها على عائدات كبيرة من إيجار الأنابيب والمنشآت النفطية.
بالنسبة للإيرادات الأخرى:
-تحقيق الإكتفاء الذاتي من الذرة والدخن والزيوت النباتية بهدف الإرتفاع بنسبة الإكتفاء الذاتي إلى 50 % من القمح و30 % من الأرز وزيادة حصيلة صادرات القطن بما يفوق ال 300 مليون دولار سنويا: هذه التوقعات لا تدعمها تصريحات القائمين على الزراعة – مثالا تصريح السيد كرم الله والى القضارف من أكبر المنتجين للذرة صرح قبل أقل من أسبوعين أن الجفاف أفشل الموسم الزراعى فى ولايته وطالب بعدم ملاحقة البنوك للمعسرين من المزراعين .
- حسب تصريح السيد والى الجزيرة فى 17 أكتوبر 2011 أن عائدات القطن هذا الموسم والذى سوف ينتهى فى مارس القادم لن تكون بحسب التوقع لأن المساحة المزروعة قطنا وهي في حدود 165 ألف فدان ضرب العطش منها وأفسد موسمها فى مساحة 70 – 100 ألف فدان ( أى 50% من المساحة المزروعة قطنا). أى أن شركة الأقطان سوف لن تحقق حتى رقم تقديرات مدير الأقطان في حدود 700 مليون دولار ناهيك عن زيادة 300 مليون دولار فى موازنه السيد الوزير..
-وتصدير حوالي 3.32 مليون رأس حي من الماشية وحوالي 50 ألف طن لحوم إضافة إلى 20 ألف من الأحياء المائية الأخرى : فيما يختص بما ورد عن عائدات الثروة الحيوانية المذكورة فى الموازنة والتى عول عليها وزير المالية بأرقام مليونية العدد فى الموازنة - أعلن د. فيصل حسن إبراهيم وزير الثروة الحيوانية، استعداده لتلبية احتياجات الموازنة حال التزمت الحكومة بدفع التزامات قطاع الثروة الحيوانية، وقال: (الحكومة لا تملك أغناماً ولابد أن تدفع التزاماتها تجاه المنتجين).
واشترط أن تلبى الحكومة ممثلة فى وزارة المالية إحتياجات القطاع وإن لم تف بأحتياجات القطاع فإن ما ورد فى موازنة وزير المالية ( دفيق موية على الرهاب) وحصيلة عائدات الثروة الحيوانية سوف تكون صفرا عند تنفيذ الميزانية فى 2012 وأبعد السيد وزير الثروة الحيوانية نفسه من المسؤولية مقدما لمعرفته التامة بتعامل وزارة المالية مع أحتياجات الوزارات.(أضيف هنا تعليق د.التجاني بدر الخبير الإقتصادي في المؤتمر الإقتصادي الذي نظمه حزب الأمة الشهر الماضي أن الضان الحمري مع أنه مرغوب في دولة الإمارات -حيث يعمل مستشارا اقتصاديا لحكومة الإمارات- إلا أن سعره يبلغ 1200 دينار مقابل 800 دينار للضان الاسترالي بسبب الرسوم والجبايات لذلك يذهب الناس للسعر الأفضل).
-حددت الميزانية إيرادات أخرى :إنتاج 5.5 مليون طن من الاسمنت وإنتاج 890 ألف طن من السكر و1400 ألف طن من الدقيق و175 ألف طن من الزيوت .لكننا نشكك في تحقيق هذه الأرقام مع عدم رصد مبالغ كافية لدعم الصناعة مثلما ورد في بنود المنصرفات أعلاه.
-التركيز على الثروة المعدنية مثل الذهب لسد عجز البترول الذي خلفه الإنفصال يعيدنا الى أن الفهم لم يتغير بهذا الخصوص :مفهوم الدولة الريعية وليس المنتجة وقد رأينا كيف أسيء استخدام البترول بعدم إنفاقه على الموارد المتجددة مثل الزراعة حتى انقلبت نعمته نقمة فلا مجال لأن يختلف التصرف مع الذهب.
هذه الشهادات تجعلنا نبصم بالعشرة على حديث الإمام الصادق لبرنامج حوار خاص مع د.ربيع عبد العاطي الذي عرضته قناة الخرطوم الاسبوع الماضي :بأن ميزانية 2012 إنما تعبر عن أماني وزير المالية وأحلامه الوردية وهو ما أكدته أيضا شهادات خبراء نورد بعض أمثلتها التي نشرت في الصحافة يوم 8 ديسمبر 2011، في تقرير محمد صديق أحمد تحت عنوان:( موازنة 2012 تحت طاولة تشريح الخبراء:الضبابية وسد العجز والتمويل بالإستدانة أبرز الملامح )حيث يرى الخبير الدولي د.التجاني الطيب بناء على الأرقام والبيانات المتوفرة فإن تلك الميزانية في وضع في غاية الصعوبة ناتج عن سوء تقدير في إعدادها وترتيب أولوياتها وضعف إدراك حقيقة الوضع الإقتصادي والمالي المتردي،وكل الدلائل تشير إلى أن موازنة 2012 ليست موازنة لاستعادة الموارد العامة إلى مسار قابل للاستمرار مع ضمان البدء في إعادة توازن الطلب المحلي بقدر ما يمكن اعتبارها مرثية وداع لأمل العودة إلى الإستقرار الإقتصادي بامتياز! ويقول بروفيسور عصام بوب أن وزير المالية لم يخيب الظن في إيراد بيانات وأرقام وإجراءات ووعود يصعب تنفيذها على أرض الواقع لأجل هذا طرح موازنة كلها ثقوب أما د.السماني هنون المحاضر بجامعة الأحفاد فقد قال أن أقل ما توصف به هذه الميزانية هي : (ميزانية أضحك مما تقرأ)!
ومن المشاكل :أن ما ذكر من مبالغ المنصرفات يتم من المال العام الذى من المفترض أن يكون خاضعا لرقابة وزارة المالية علما بأن الدكتور بابكر محمد توم رئيس اللجنة الإقتصادية بالبرلمان ذكر فى حلقة تلفزيونية فى 10 نوفمبر الماضى أن نسبة 17% فقط من المال العام هى الخاضعة لرقابة وزارة المالية . وحسبما ذكر د. بابكر محمد توم سوف لن تتمكن وزارة المالية من وضع سياسة إقتصادية علمية سليمة للخروج من هذا النفق إلا بخضوع المال العام بنسبة 100% لوزارة المالية.(المصدر السابق)
بالإضافة إلى ما يذكره الخبراء من أن الإيرادات المرصودة في الموازنة تعتمد على فرضيات وليس حقائق يوجد أيضا عجز يبلغ 3.4% . فمن أين يغطى هذا العجز ؟
يجيب وزير المالية على ذلك بأن 60% من القروض الخارجية و20 %من القروض الداخلية و20% من الإستدانة من النظام المصرفي.
وحسب تقديرات وزير المالية أن زيادة أسعار البنزين سوف تغطى عجزا قدره 400 مليون أو يكون البديل لسد العجز تخفيض الفرص الوظيفية للخريجين لتكون أقل من 25 ألف علما بأنه حسبما يتردد فى الصحف أن العاطلين من الخريجين تخطوا ال 700 ألف وال 25 ألف وظيفة تمثل قطرة فى بحر.(المصدر السابق).
ربما إذا سُئل أي إنسان يريد الإصلاح فعلا ،حتى وإن كان من خارج التخصص لأوصى بالفطرة السليمة فقط: بتقليل الصرف البذخي ،تقليل الصرف على الدستوريين ،تخسيس الحكومة والهياكل الإدارية، تقليل الصرف الأمني ،سد الثغرات التي يدخل عبرها الفساد ،وزيادة الإنفاق على بنود الإنتاج والخدمات .
لعل الأرقام التي أوردناها عن المنصرفات تبين لنا كيف حادت حكومة المؤتمر الوطني عن استحقاقات الإصلاح التي عددنا بعضها أعلاه وأنها بالتزامن مع إعلان الميزانية التي صدرت في زمن التحديات الجسام ،في وقت فقدت فيه البلاد خمس الأرض وثلث السكان و75% من النفط بالإنفصال الذي كانت تعتمد عليه الميزانية بنسبة 90% : -تم الإعلان عن تشكيل حكومة مترهلة وعريضة بصورة تقعدها عن كل أمل في تحقيق ما يتطلع له الشعب من آمال أو يحقق إصلاح الإقتصاد.
-برزترتيب خاطيء للأولويات وصرف مفتوح للجهاز التنفيذي المتمدد و الأمن والدفاع.
-ظهر ضمور الميزانية المرصودة لقطاعي الإنتاج والخدمات .
-أبدى من يسيرون دفة الأمور في البلاد المنكوبة زهدا واضحا في محاربة الفساد وتخفيض مخصصات الدستوريين.وفي السياق يبدو مفيدا استعراض ما دار من جدال في البرلمان عشية إجازة الميزانية المعيبة بأغلبية كاسحة في يوم الثلاثاء 20 ديسمبر لندرك أن المآساة الكبرى إنما تكمن في الذهنية التي تدير الأمر في السودان :
أراد عدد مقدر من نواب البرلمان بلغ 150 نائبا(حسب الإمضاءات التي جمعت منهم قبل الجلسة) المطالبة بتعديل قانون مخصصات الدستوريين قبل إجازة الميزانية لكن رئيس البرلمان أحمد ابراهيم الطاهر ضغط على النواب في جلسة الإجازة بصورة مكشوفة وصار يردد تحذيرهم وإنذارهم بأن ذلك الربط بين إجازة الميزانية والمخصصات يعني إسقاط الموازنة، ولكنهم لم ينثنوا فعمد رئيس البرلمان الى التصويت عن طريق الوقوف لإحراج النواب وبالفعل أراد الطاهر باطلا فأدركه وأجيزت الموازنة دون تعديل لقانون المخصصات مما يعني بحسب البرلمانية عواطف الجعلي(تاني ما في طريقة للتعديل إلا في موازنة 2013) معتبرة أي حديث عن خفض الإنفاق الحكومي دون تعديل القانون حديث للإستهلاك السياسي .
وأكد النائب مهدي عبدالرحمن أكرت أن النواب صوتوا بغير قناعاتهم وقال(هذا موقف مريع ومخزي ومهزلة ففي الخارج موقف وبالداخل موقف متبدل تماما والنواب بذلك خانوا القسم وحنثوا اليمين)!
لكنهم لم يخونوا القسم سيدي هذه المرة فقط فقد فعلوا ذلك مرارا منذ قبولهم بالانقاذ دينا وحتى رضاهم بتزوير الإنتخابات وما خفي أعظم ولكننا نحن هنا طبعا نثني على هذا التحول في موقف البرلمان فعلى الأقل هم اليوم لم يبصموا على الميزانية المعيوبة بالعشرة مثلما فعلوا في السابق حينما صفقوا بالإجماع على زيادة المحروقات السابقة مما يجعلنا نقول هذه بداية: ربما صحوة ضمير أو قد تكون إدراك لعواقب إغضاب الشعوب فالمهم وجد في العصبة من يتململ ويرى فداحة ما نساق إليه .
أما ما أعقب ذلك من نقاش بين د.الغبشاوي والسيد رئيس البرلمان فعجب ما بعده عجب وهو جدير بالمتابعة: اعترض السيد رئيس البرلمان على احتجاج زميلته البرلمانية عائشة الغبشاوي مغاضبة: (كيف نرفع شريعة الإسلام والعدل وإعطاء الحقوق ولا نتفاعل مع القضية)؟بالإشارة إلى قضية المناصير واعتصامهم لما يزيد عن الشهر فكانت استجابة رئيس البرلمان من عجائب ما يمكن أن تسجله البرلمانات التي يفترض أن يكون نوابها ممثلين لشعوبهم ينطقون باسمهم ويدافعون عن حقوقهم فأدهشنا المذكور بزجره لزميلة الكفاح (نحن لا نخاف إلا من الله وإذا أصبح بقاؤنا في السلطة خوفا من الشعب فلنذهب) (وإذا قمنا بعمل أغضب الشعب وكان يرضي الله فسنعمل ما يرضي الله فقط وأضاف مخاطبا إياها( وهذا ما تعلمناه منك)!
لا شك أن قول الطاهر يذهلنا حتى عن متابعة ثقوب الميزانية المعيوبة ويصرفنا إلى أمر جلل آخر- ظللنا نؤكده دوما أن المشكلة أكبر من تصحيح الأخطاء الفردية التي تتقافز من هنا وهناك! فالرجل الذي يرأس البرلمان يذكر تحت قبة البرلمان صراحة ودون مواربة أنه لا يخطب ود الشعب ولا يرى في رضاه محمدة وينسى أن ألسنة الخلق هي أقلام الحق وأن عمر الفاروق كان يخشى الله من بغلة عترت في أقصى العراق وهو في المدينة لما لم يعبد لها الطريق دعك عن النظر في أمر أناس يتظلمون بحق ! وينسى أن الناس مجمعين على أن دولة الظلم لا تبقى ساعة وإن كانت مسلمة . كنا نريد إضافة أن أهم مستنزفات الميزانية هي الفساد وأساليب ما سمي في دولة الأطهار بالتجنيب للصرف على التنمية ولكننا تركنا ذلك إذ لا نرى أن بعد الكفر ذنب!
وسلمتم
umsalama almahdi [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.