دولة إفريقية تصدر "أحدث عملة في العالم"    والي الخرطوم يدشن استئناف البنك الزراعي    الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة السودانية: نحن في الشدة بأس يتجلى!    السودان: بريطانيا شريكةٌ في المسؤولية عن الفظائع التي ترتكبها المليشيا الإرهابية وراعيتها    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    البطولة المختلطة للفئات السنية إعادة الحياة للملاعب الخضراء..الاتحاد أقدم على خطوة جريئة لإعادة النشاط للمواهب الواعدة    شاهد بالفيديو.. "معتوه" سوداني يتسبب في انقلاب ركشة (توك توك) في الشارع العام بطريقة غريبة    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تقدم فواصل من الرقص المثير مع الفنان عثمان بشة خلال حفل بالقاهرة    شاهد بالفيديو.. وسط رقصات الحاضرين وسخرية وغضب المتابعين.. نجم السوشيال ميديا رشدي الجلابي يغني داخل "كافيه" بالقاهرة وفتيات سودانيات يشعلن السجائر أثناء الحفل    شاهد بالصورة.. الفنانة مروة الدولية تعود لخطف الأضواء على السوشيال ميديا بلقطة رومانسية جديدة مع عريسها الضابط الشاب    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    موظفة في "أمازون" تعثر على قطة في أحد الطرود    "غريم حميدتي".. هل يؤثر انحياز زعيم المحاميد للجيش على مسار حرب السودان؟    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    معمل (استاك) يبدأ عمله بولاية الخرطوم بمستشفيات ام درمان    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    انتدابات الهلال لون رمادي    المريخ يواصل تدريباته وتجدد إصابة كردمان    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    القلق سيد الموقف..قطر تكشف موقفها تجاه السودان    السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موازنة 2012:نظرة من خارج التخصص
نشر في الراكوبة يوم 22 - 12 - 2011


غرس الوطن
موازنة 2012:نظرة من خارج التخصص
أم سلمة الصادق المهدي
بينما كنت أبحث عن معلومات ضرورية بخصوص موازنة السودان للعام 2012 واجهتني معضلة غموض مصطلح «البرنامج الثلاثي» الذي تحدث عنه وزير المالية القديم الجديد، السيد علي محمود في سياق حديثه للصحف عن الميزانية المشار اليها .وهو البرنامج الذي طالب الدكتور بابكر محمد توم رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بالمجلس الوطني بضرورة طرحه للدولة للنقاش-أي للشعب والحكومة فيما أكد أن البرنامج لم يراع الآثار والانتقال التدريجي والجوانب الاجتماعية والواقع الحالي للبلد.
وشدد د. بابكر في تصريح ل«smc» على طرح هذا البرنامج للنقاش والمشاركة للاحساس بمتطلبات المواطن فلم تزدنا تلك الاشارات من رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية الا توجسا من البرنامج المذكور والحاحا لمعرفة تفصيلية عنه .فطفقنا نفعل لكننا لم نجد ما يروي الغليل حتى بعد اطلاعنا على التحليل الذي أفادتنا به أ.سمية سيد في السوداني 13 ديسمبر 2011 التي أوضحت أنه برنامج اسعافي و يعنى بالتركيز على ثمان سلع خلال 3 سنوات «هي مدة البرنامج الثلاثي للاصلاح الاقتصادي» من حيث انتاجها وتصنيعها ، والبرنامج يشير حسب وثيقته«ا?تي بين يدي سمية » الى أهمية استعجال حزمة السياسات الاقتصادية لمعالجة الاختلالات الحالية والمتوقعة لاعادة الاستقرار الاقتصادي والنمو بصورة متناسقة ومتدرجة وبتتابع زمني، وجاء فيه أيضا الغاء الدعم للسلع والخدمات تدريجيا وذلك بعد بند تخفيض للانفاق الحكومي بنحو 25%لعام 2012مع اعادة هيكلة شاملة وجذرية في كافة مستويات الحكم واعادة النظر في أولويات الصرف على التنمية، واعتمد فيه أيضا الغاء الضرائب الزراعية ضمن سلسلة الاجراءات الاصلاحية الأخرى مع التوسع في برنامج تخفيف حدة الفقر توسيع نطاق الصناديق والمؤسسات الاجتما?ية مع اعداد برنامج التبصير بالتحديات جراء الانفصال وحث المواطنين على الانتاج.
ويبدو أننا لسنا وحدنا الذين عٌمي عليهم البرنامج المذكور فلم ننجح في فك طلاسمه فقد وصفه الدكتور غازي صلاح الدين العتباني مستشار رئيس الجمهورية رئيس الكتلة البرلمانية لنواب المؤتمر الوطني بالمجلس الوطني برغم تملكه للمعلومات بعدم الوضوح أو الألغاز..
وبسبب الرهق الذي سببه لي هذا البحث «وقد اتضح أنه تعب بلا طائل فقد جزم د.التيجاني الطيب بأن موازنة 2012 تجاهلت البرنامج الثلاثي تجاهلا تاما -21-ديسمبر،الصحافة» ثم العودة بخفي حنين في مجال الحصول على معلومة مكتملة الأركان ومفيدة عن هذا البرنامج تحسرت على حالنا وترحمت على أخواننا في الانسانية «الخواجات» الذين يعمدون الى تعريف كل مصطلح يَعرض لك ويعطونك فكرة عن أصله وفصله بصورة تامة وشاملة حتى تقول كفى - ليتهم سكتوا ،مثلما نجد في المواقع ذات الصلة كالويكيبيديا وغيرها.
ولمزيد من الحسرات على حالنا ومزيد من الترحم على الخواجات صدف أن قابلت في نفس ذلك اليوم سيدة سودانية تقيم في أمريكا فحدثتني عن نظام الرعاية الاجتماعية هناك ،النظام الذي يكفل لسيدة أجنبية مثلها في عمر الستين و لا تعمل لكنها تحمل «القرين كارت» العلاج المجاني وقد أجريت لها عملية تكلف مائة ألف دولار دون أن تدفع شيئا بل أن مال الرعاية الاجتماعية الذي يصرف لها شهريا يستمر حتى أثناء وجودها وهي في اجازة في السودان! فعجبت من ذلك حتى خفت على نفسي من فتنة سلامة موسى «أني مؤمن بالغرب وكافر بالشرق » .
ثم واجهت حقيقة مؤلمة في ظل تلك المعطيات على خلفية قراءة موازنة 2012: من تراه يحفظ الولاء لوطن «يقلع اللقمة من فمك» بحسب ما يرد في سطور تلك الموازنة وما بين سطورها ، في مقابل دولة وان كانت أجنبية تبذل جهدها لتخبرك أنك انسان! اذن أنت محترم ؟
نحن لا نبريء الدولة الامبريالية هنا من موبقات نعرفها لكن لا بد من الاعتراف بالايجابيات بل السعي لتقليدها فهي نابعة أصلا من تعاليم ديننا وشريعتنا السمحاء لكننا تخلينا عنها لأغراض الدنيا وشهوات السلطة حتى وجد الامام محمد عبده : «ان في الغرب مسلمين بلا اسلام وفي بلادنا اسلام بلا مسلمين».
في مقال اليوم سأتطرق لمناقشة بنود ميزانية 2012 بعمومية لا تغرقنا فيما لا نملك ناصيته من تخصصية وبالاستعانة بخبراء المجال وعلمائه بما يعيد السؤال المتوجس السابق الى دائرة الضوء:
من تراه يحفظ الولاء لوطن «يقلع اللقمة من فمك» في مقابل دولة وان كانت أجنبية تبذل جهدها لتخبرك أنك انسان! فأنت محترم ؟
كان د.ابراهيم البدوي الاقتصادي المعروف قد أوصانا في المؤتمر الاقتصادي الذي نظمه حزب الأمة في الشهر الماضي بالنظر الى بنود الميزانية واستعراضها برويّة :فتعرفون هل هي ميزانية لرفاه الشعب وصلاح حاله ورفع معاناته أم هي ميزانية لرفع «المعانا» كما فهم الشعب السوداني بعد اعلان الانقاذ في بيانها الأول أنها أتت لرفع المعاناة عن الشعب السوداني فما مر عام الا وانكشف الغطاء وعرف أن المقصود رفع «المعانا» فتمكن المغتصبون من مفاصل الدولة: بنوا بحورها و سكنوا قصورها !
وعملا بنصيحة الاقتصادي الضليع استعرضنا بنود موازنة 2012 أو منصرفاتها التي تبلغ 25.2 مليون جنيه فوجدناها تقرأ كالآتي:
دعم السلع الاستراتيجية 2.200.00 مليون جنيه .
القطاع السيادي 1.151.97 مليون جنيه.«130 مرة ضعف ما يصرف على الصحة والتعليم»!
الدفاع والأمن والشرطة 7.518.63 مليون جنيه.
قطاع الصحة 503.78 مليون جنيه.
قطاع التعليم 492.01 مليون جنيه.
القطاع الزراعي 622.24 مليون جنيه.
القطاع الصناعي 154.27 مليون جنيه. «10% من القطاع السيادي»
وفي هذا المنحنى نكتفي فقط بنطق الأرقام وحديثها عن نفسها لنعرف أن الأمن والدفاع يستنزفان معا أكثر من 60% من الميزانية والقطاع السيادي ومخصصاته تفوق ما يصرف على القطاع الانتاجي وقطاع الخدمات مجتمعة كما نستدل هنا بشهادة السيدة سامية هباني التي اعترضت على اقدام وزارة المالية على تخصيص نحو ثلاثة أضعاف على الخدمات الصحية للشرطة والجيش «92 مليون جنيه» في الوقت الذي رصدت فيه لقطاع الصحة بالبلاد فقط «32 مليون جنيه» كما ورد في صحيفة السوداني 20 ديسمبر 2011م.
فاذا كان ذلك كذلك فكيف نتوقع أن يسهم القطاع الانتاجي في رفد الميزانية بما توقعه وزير المالية ؟
وكيف لنا أن نتوقع من مواطن لم يصرف على تعليمه ولا على صحته أن يستطيع الانتاج والعمل ليرفد الدولة بما توقعه وزير المالية؟
صدق سمي الخليل هذه ميزانية لرفع المعانا بمعنى الكلمة!
فاذا تحولنا بالنظر الى شق الميزانية الآخر أي الايرادات والتي تبلغ 23.5 مليون جنيه لأدركنا، لما يجمع المراقبون على أن هذه الميزانية ما هي الا بيع للوهم والاعتماد على الفرضيات التي في رحم الغيب :
وحتى نسلم القفاز لأهل التخصص نستعرض موارد الايرادات المرجوة وهي :الضرائب المنح والقروض الخارجية والداخلية ،رسوم عبور وخدمات البترول وصادرات الدولة الزراعية والحيوانية والمعدنية الأخرى.
في مقال منشور على سودانيل : يقول أ.الحسن سيد في قراءته لما بين سطور موازنة 2012 ومناقشة البرلمان لها 9 ديسمبر2011 ما ملخصه فيما يلينا بالخصوص:
بالنسبة للضرائب:
المتوقع من عائدات الضرائب فى 2012 سوف يقل عن المحقق فعليا فى 2011 حيث أن الوضع المالى لدافعي الضرائب نتيجة للخسائر المتلاحقة الناجمة عن ارتفاع أسعار العملة الصعبة على دافعى الضرائب وشح السيولة فى يد دافعى الضرائب نتيجة لانخفاض القوة الشرائية سوف تمثل أكبر عائق فى تحقيق حتى الرقم المتحصل فى ميزانية 2011 ناهيك عن تحقيق رقم أعلى . «التضخم في الموازنة 17% وهو أكثر من السابقة مما يعني انخفاض العملة وارتفاع الأسعار خاصة عند رفع الدعم عن السلع».
بالنسبة للقروض:
اعتماد الموازنة على سد 60%من العجز من القروض الخارجية والتي يعلم الكل ضيق فرصها «الرئيس السوداني مطلوب من المحكمة الجنائية ،المستثمرون يعلمون مقدار الفساد الذي ضرب بأطنابه على دولة المؤتمر الوطني فلا يأمنون على أموالهم «أنظر تقرير منظمة الشفافية الأخير».
رسوم العبور وخدمات البترول:
رصد مشروع قانون الموازنة العامة مبلغ 6.559.92 مليون جنيه كرسوم عبور وخدمات البترول . هذا الرقم وهو المطلوب تحقيقه من رسوم العبور والخدمات دون موافقة أو حتى وعد من حكومة دولة الجنوب بالموافقة على رسوم العبور.«العلاقة العدائية مع الجنوب».
تحدث شيخ المك وكيل المالية الأسبق الى صحيفة السوداني و عدد من البرلمانيين بعد انفضاض جلسة اجازة الميزانية يوم 20 ديسمبر عن أن أخطر ما في الموازنة اعتمادها على عائدات كبيرة من ايجار الأنابيب والمنشآت النفطية.
بالنسبة للايرادات الأخرى:
-تحقيق الاكتفاء الذاتي من الذرة والدخن والزيوت النباتية بهدف الارتفاع بنسبة الاكتفاء الذاتي الى 50 % من القمح و30 % من الأرز وزيادة حصيلة صادرات القطن بما يفوق ال 300 مليون دولار سنويا: هذه التوقعات لا تدعمها تصريحات القائمين على الزراعة - مثالا تصريح السيد كرم الله والى القضارف من أكبر المنتجين للذرة صرح قبل أقل من أسبوعين أن الجفاف أفشل الموسم الزراعى فى ولايته وطالب بعدم ملاحقة البنوك للمعسرين من المزارعين .
- حسب تصريح السيد والى الجزيرة فى 17 أكتوبر 2011 أن عائدات القطن هذا الموسم والذى سوف ينتهى فى مارس القادم أن المساحة المزروعة قطنا في حدود 165 ألف فدان ضرب العطش منها وأفسد موسمها فى مساحة 70 - 100 ألف فدان « أى 50% من المساحة المزروعة قطنا». أى أن شركة الأقطان سوف لن تحقق حتى رقم تقديرات مدير الأقطان في حدود 700 مليون دولار ناهيك عن زيادة 300 مليون دولار فى موازنه السيد الوزير..
-وتصدير حوالي 3.32 مليون رأس حي من الماشية وحوالي 50 ألف طن لحوم اضافة الى 20 ألفا من الأحياء المائية الأخرى : فيما يختص بما ورد عن عائدات الثروة الحيوانية المذكورة فى الموازنة والتى عول عليها وزير المالية بأرقام مليونية العدد فى الموازنة - أعلن د. فيصل حسن ابراهيم وزير الثروة الحيوانية، استعداده لتلبية احتياجات الموازنة حال التزمت الحكومة بدفع التزامات قطاع الثروة الحيوانية، وقال: «الحكومة لا تملك أغناماً ولابد أن تدفع التزاماتها تجاه المنتجين».
واشترط أن تلبى الحكومة ممثلة فى وزارة المالية احتياجات القطاع وان لم تف باحتياجات القطاع فان ما ورد فى موازنة وزير المالية « دفيق موية على الرهاب» وحصيلة عائدات الثروة الحيوانية سوف تكون صفرا عند تنفيذ الميزانية فى 2012 وأبعد السيد وزير الثروة الحيوانية نفسه من المسؤولية مقدما لمعرفته التامة بتعامل وزارة المالية مع احتياجات الوزارات.«أضيف هنا تعليق د.التجاني بدر الخبير الاقتصادي في المؤتمر الاقتصادي الذي نظمه حزب الأمة الشهر الماضي أن الضأن الحمري مع أنه مرغوب في دولة الامارات -حيث يعمل مستشارا اقتصاديا لح?ومة الامارات- الا أن سعره يبلغ 1200 دينار مقابل 800 دينار للضأن الاسترالي بسبب الرسوم والجبايات لذلك يذهب الناس للسعر الأفضل».
-حددت الميزانية ايرادات أخرى :انتاج 5.5 مليون طن من الاسمنت وانتاج 890 ألف طن من السكر و1400 ألف طن من الدقيق و175 ألف طن من الزيوت .لكننا نشكك في تحقيق هذه الأرقام مع عدم رصد مبالغ كافية لدعم الصناعة مثلما ورد في بنود المنصرفات أعلاه.
-التركيز على الثروة المعدنية مثل الذهب لسد عجز البترول الذي خلفه الانفصال يعيدنا الى أن الفهم لم يتغير بهذا الخصوص :مفهوم الدولة الريعية وليس المنتجة ، وقد رأينا كيف أسييء استخدام البترول بعدم انفاقه على الموارد المتجددة مثل الزراعة حتى انقلبت نعمته نقمة فلا مجال لأن يختلف التصرف مع الذهب.
هذه الشهادات تجعلنا نبصم بالعشرة على حديث الامام الصادق لبرنامج حوار خاص مع د.ربيع عبد العاطي الذي عرضته قناة الخرطوم الاسبوع الماضي :بأن ميزانية 2012 انما تعبر عن أماني وزير المالية وأحلامه الوردية وهو ما أكدته أيضا شهادات خبراء نورد بعض أمثلتها التي نشرت في الصحافة يوم 8 ديسمبر 2011، في تقرير محمد صديق أحمد تحت عنوان:« موازنة 2012 تحت طاولة تشريح الخبراء:الضبابية وسد العجز والتمويل بالاستدانة أبرز الملامح »حيث يرى الخبير الدولي د.التجاني الطيب بناء على الأرقام والبيانات المتوفرة فان تلك الميزاني? في وضع في غاية الصعوبة ناتج عن سوء تقدير في اعدادها وترتيب أولوياتها وضعف ادراك حقيقة الوضع الاقتصادي والمالي المتردي،وكل الدلائل تشير الى أن موازنة 2012 ليست موازنة لاستعادة الموارد العامة الى مسار قابل للاستمرار مع ضمان البدء في اعادة توازن الطلب المحلي بقدر ما يمكن اعتبارها مرثية وداع لأمل العودة الى الاستقرار الاقتصادي بامتياز! ويقول بروفيسور عصام بوب ان وزير المالية لم يخيب الظن في ايراد بيانات وأرقام واجراءات ووعود يصعب تنفيذها على أرض الواقع لأجل هذا طرح موازنة كلها ثقوب أما د.السماني هنون المحاضر ?جامعة الأحفاد فقد قال ان أقل ما توصف به هذه الميزانية هي : «ميزانية أضحك مما تقرأ»!
ومن المشاكل :ان ما ذكر من مبالغ المنصرفات يتم من المال العام الذى من المفترض أن يكون خاضعا لرقابة وزارة المالية، علما بأن الدكتور بابكر محمد توم رئيس اللجنة الأقتصادية بالبرلمان ذكر فى حلقة تلفزيونية فى 10 نوفمبر الماضى أن نسبة 17% فقط من المال العام هى الخاضعة لرقابة وزارة المالية . وحسبما ذكر د. بابكر محمد توم سوف لن تتمكن وزارة المالية من وضع سياسة اقتصادية علمية سليمة للخروج من هذا النفق الا بخضوع المال العام بنسبة 100% لوزارة المالية.«المصدر السابق»
بالاضافة الى ما يذكره الخبراء من أن الايرادات المرصودة في الموازنة تعتمد على فرضيات وليس حقائق يوجد أيضا عجز يبلغ 3.4% . فمن أين يغطى هذا العجز ؟
يجيب وزير المالية على ذلك بأن 60% من القروض الخارجية و20 %من القروض الداخلية و20% من الاستدانة من النظام المصرفي.
وحسب تقديرات وزير المالية ان زيادة أسعار البنزين سوف تغطى عجزا قدره 400 مليون أو يكون البديل لسد العجز تخفيض الفرص الوظيفية للخريجين لتكون أقل من 25 ألف علما بأنه حسبما يتردد فى الصحف أن العاطلين من الخريجين تخطوا ال 700 ألف وال 25 ألف وظيفة تمثل قطرة فى بحر.«المصدر السابق».
ربما اذا سُئل أي انسان يريد الاصلاح فعلا ،حتى وان كان من خارج التخصص لأوصى بالفطرة السليمة فقط: بتقليل الصرف البذخي ،تقليل الصرف على الدستوريين ،تخسيس الحكومة والهياكل الادارية، تقليل الصرف الأمني ،سد الثغرات التي يدخل عبرها الفساد ،وزيادة الانفاق على بنود الانتاج والخدمات .
لعل الأرقام التي أوردناها عن المنصرفات تبين لنا كيف حادت حكومة المؤتمر الوطني عن استحقاقات الاصلاح التي عددنا بعضها أعلاه وأنها بالتزامن مع اعلان الميزانية التي صدرت في زمن التحديات الجسام ،في وقت فقدت فيه البلاد خُمس الأرض وثلث السكان و75% من النفط بالانفصال الذي كانت تعتمد عليه الميزانية بنسبة 90% : -تم الاعلان عن تشكيل حكومة مترهلة وعريضة بصورة تقعدها عن كل أمل في تحقيق ما يتطلع له الشعب من آمال أو يحقق اصلاح الاقتصاد.
-برز ترتيب خاطيء للأولويات وصرف مفتوح للجهاز التنفيذي المتمدد و الأمن والدفاع.
-ظهر ضمور الميزانية المرصودة لقطاعي الانتاج والخدمات .
-أبدى من يسيرون دفة الأمور في البلاد المنكوبة زهدا واضحا في محاربة الفساد وتخفيض مخصصات الدستوريين،وفي السياق يبدو مفيدا استعراض ما دار من جدال في البرلمان عشية اجازة الميزانية المعيبة بأغلبية كاسحة في يوم الثلاثاء 20 ديسمبر لندرك أن المأساة الكبرى انما تكمن في الذهنية التي تدير الأمر في السودان :
أراد عدد مقدر من نواب البرلمان بلغ 150 نائبا«حسب الامضاءات التي جمعت منهم قبل الجلسة» المطالبة بتعديل قانون مخصصات الدستوريين قبل اجازة الميزانية لكن رئيس البرلمان أحمد ابراهيم الطاهر ضغط على النواب في جلسة الاجازة بصورة مكشوفة وصار يردد تحذيرهم وانذارهم بأن ذلك الربط بين اجازة الميزانية والمخصصات يعني اسقاط الموازنة، ولكنهم لم ينثنوا فعمد رئيس البرلمان الى التصويت عن طريق الوقوف لاحراج النواب، وبالفعل أراد الطاهر باطلا فأدركه وأجيزت الموازنة دون تعديل لقانون المخصصات مما يعني بحسب البرلمانية عواطف الجعل?«تاني ما في طريقة للتعديل الا في موازنة 2013»، معتبرة أي حديث عن خفض الانفاق الحكومي دون تعديل القانون حديث للاستهلاك السياسي .
وأكد النائب مهدي عبدالرحمن أكرت أن النواب صوتوا بغير قناعاتهم وقال«هذا موقف مريع ومخزي ومهزلة ففي الخارج موقف وبالداخل موقف متبدل تماما والنواب بذلك خانوا القسم وحنثوا اليمين»!
لكنهم لم يخونوا القسم سيدي هذه المرة فقط فقد فعلوا ذلك مرارا منذ قبولهم بالانقاذ دينا وحتى رضاهم بتزوير الانتخابات وما خفي أعظم ولكننا نحن هنا طبعا نثني على هذا التحول في موقف البرلمان فعلى الأقل هم اليوم لم يبصموا على الميزانية المعيوبة بالعشرة مثلما فعلوا في السابق حينما صفقوا بالاجماع على زيادة المحروقات السابقة مما يجعلنا نقول هذه بداية ربما صحوة ضمير أو قد تكون ادراكا لعواقب اغضاب الشعوب، فالمهم وجد في العصبة من يتململ ويرى فداحة ما نساق اليه .
أما ما أعقب ذلك من نقاش بين د.الغبشاوي والسيد رئيس البرلمان فعجب ما بعده عجب وهو جدير بالمتابعة: اعترض السيد رئيس البرلمان على احتجاج زميلته البرلمانية عائشة الغبشاوي مغاضبة: «كيف نرفع شريعة الاسلام والعدل واعطاء الحقوق ولا نتفاعل مع القضية»؟بالاشارة الى قضية المناصير واعتصامهم لما يزيد عن الشهر، فكانت استجابة رئيس البرلمان من عجائب ما يمكن أن تسجله البرلمانات التي يفترض أن يكون نوابها ممثلين لشعوبهم ينطقون باسمهم ويدافعون عن حقوقهم فأدهشنا المذكور بزجره لزميلة الكفاح «نحن لا نخاف الا من الله واذا أص?ح بقاؤنا في السلطة خوفا من الشعب فلنذهب» «واذا قمنا بعمل أغضب الشعب وكان يرضي الله فسنعمل ما يرضي الله فقط وأضاف مخاطبا اياها« وهذا ما تعلمناه منك»!
لا شك أن قول الطاهر يذهلنا حتى عن متابعة ثقوب الميزانية المعيوبة ويصرفنا الى أمر جلل آخر- ظللنا نؤكده دوما أن المشكلة أكبر من تصحيح الأخطاء الفردية التي تتقافز من هنا وهناك! فالرجل الذي يرأس البرلمان يذكر تحت قبة البرلمان صراحة ودون مواربة أنه لا يخطب ود الشعب ولا يرى في رضاه محمدة وينسى أن ألسنة الخلق هي أقلام الحق وأن عمر الفاروق كان يخشى الله من بغلة عترت في أقصى العراق وهو في المدينة لما لم يعبد لها الطريق دعك عن النظر في أمر أناس يتظلمون بحق ! وينسى أن الناس مجمعين على أن دولة الظلم لا تبقى سا?ة وان كانت مسلمة . كنا نريد اضافة أن أهم مستنزفات الميزانية هي الفساد وأساليب ما سمي في دولة الأطهار بالتجنيب للصرف على التنمية ولكننا تركنا ذلك إذ لا نرى أن بعد الكفر ذنب!
وسلمتم
الصحافة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.