حكي أن ابنة عمر بن عبدالعزيز دخلت عليه تبكي ، وكانت طفلة صغيرة آنذاك، وكان يوم عيد للمسلمين ، فسألها : ماذا يبكيك؟ قالت: كل الأطفال يرتدون ثيابا جديدة وأنا ابنة أمير المؤمنين أرتدي ثوبا قديما.. فتاثر عمر لبكائها وذهب إلى خازن بيت المال وقال له: أتأذن لي أن أصرف راتبي عن الشهر القادم؟ فقال له الخازن: ولم يا أمير المؤمنين؟ فحكى له عمر. فقال الخازن: لا مانع ولكن بشرط. فقال عمر: وما هو هذا الشرط؟ فقال الخازن: أن تضمن لي أن تبقى حيا حتى الشهر القادم لتعمل بالأجر الذي تريد صرفه مسبقا. فتركه عمر وعاد ، فسأله أبناؤه: ما ذا فعلت يا أبانا؟ قال: أتصبرون و وندخل الجنة جميعا،أم لا تصبرون ويدخل أبوكم النار ؟ قالوا : نصبر يا أبانا ! فعل عمر الصالح وسيرته التقية عتقا عنق ابنه من سيف السفاح ،فعندما ذبح أبو العباس السفاح أول خلفاء العباسيين جلساءه من بني أمية ، لم يبق فيهم حيا إلا ابن عمر بن عبدالعزيز إكراما لوالده. قال مرسل الرسالة إلى بريدي الالكتروني :" ياليتنا امتلكنا الثلاثة: الخازن وعمر وأبناء عمر." وهذه أمنية مستحيلة فتلك أمة قد خلت لهم ما كسبوا ولنا ما نكسب من سيئات أعمالنا ، ولكن ليت لنا مثل خازن عمر يجمع المال العام ويخزنه ولا يصرفه إلا بالحق، شريطة ألا يتعدد الخزنة ، خازن واحد يكفي.إذا صلح الخازن، باعتبار أن كل رجل في حد ذاته بداية ونهاية لأنه مستودع الحكمة الأكبر ومصدر القرار الأوحد وفي يده المصير،أو هكذا كانت مباديء الحكماء، بقي المخزون في الحفظ والصون، ولكن المباديء تخاطب الضمائر، والحقائق تخاطب الحياة وتصنعها، والحقائق تقول بأنه حتى لو تواضعت الأمنيات عند حد خازن عمر فإن هذا الخازن لا وجود له هو الآخر إلا في أساطير الأولين. تعدد الخزنة وتاه المخزون. ليس الأطفال وحدهم الذين يبكون اليوم مثلما بكت بنت عمر، ولكن الكبار الذين قهرهم الفقر بيده القوية الباطشة وأذلتهم الحاجة، صاروا يبكون في كل أيام السنة وليس في يوم العيد وحده. قبل الختام: قال الدكتور عبدالواحد عبدالله يوسف في ذكرى الاستقلال السادسة والخمسين: في هذا البلد الشاسعْ الشّهِمْ الضَّخْمْ الممتدََّ كظلَّ الله على الأَرضْ أطفالٌ في عُمْرِ الوردِ يجوبونَ الطرقاتْ بحثاً عن بَعضِ قُتاتْ عن قطعةِ خبزْ عن قطرةِ ماءْ عن لمسةِ كفٍ حان ٍ تمسحُ عن أعينهم هذا الإِعياءْ لكنْ يا لَلهَوْلْ ... ما عادَ الناسُ كما كانوا رحماءْ ما عاد الحكمُ في بلدي بذْلاً ووفاءاً ونقاءْ ما عادت "تلك الأَشياءُ هيَ الأَشياءْ" (عبدالله علقم) [email protected] \\\\\\\\\\\\\\\\\\