مجلس الأمن يعبر عن قلقله إزاء هجوم وشيك في شمال دارفور    أهلي القرون مالوش حل    مالك عقار – نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي يلتقي السيدة هزار عبدالرسول وزير الشباب والرياض المكلف    وفاة وزير الدفاع السوداني الأسبق    بعد رسالة أبوظبي.. السودان يتوجه إلى مجلس الأمن بسبب "عدوان الإمارات"    السودان..البرهان يصدر قراراً    محمد صلاح تشاجر مع كلوب .. ليفربول يتعادل مع وست هام    أزمة لبنان.. و«فائض» ميزان المدفوعات    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا "أدروب" يوجه رسالة للسودانيين "الجنقو" الذين دخلوا مصر عن طريق التهريب (يا جماعة ما تعملوا العمائل البطالة دي وان شاء الله ترجعوا السودان)    شاهد بالفيديو.. خلال إحتفالية بمناسبة زواجها.. الفنانة مروة الدولية تغني وسط صديقاتها وتتفاعل بشكل هستيري رداً على تعليقات الجمهور بأن زوجها يصغرها سناً (ناس الفيس مالهم ديل حرقهم)    اجتماع بين وزير الصحة الاتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    شاهد بالفيديو.. قائد الدعم السريع بولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل يكشف تفاصيل مقتل شقيقه على يد صديقه المقرب ويؤكد: (نعلن عفونا عن القاتل لوجه الله تعالى)    محمد الطيب كبور يكتب: السيد المريخ سلام !!    حملات شعبية لمقاطعة السلع الغذائية في مصر.. هل تنجح في خفض الأسعار؟    استهداف مطار مروي والفرقة19 توضح    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تساقط الانتهازيين .. هل انكشف المستور؟ ... بقلم: أقيوم أكمجو مسلم
نشر في سودانيل يوم 11 - 06 - 2009

طالعتنا الأخبار مؤخراً بانسلاخ مجموعة يقودها الدكتور لام أكول عن تنظيمنا العملاق: الحركة الشعبية لتحرير السودان مسمية نفسها زوراً وبهتاناً (الحركة الشعبية لتحرير السودان - التغيير الديمقراطي). وقد وجدت هذه الخطوة البائسة اهتمام جميع وسائل الاعلام الداخلية والخارجية لما يتصف به الدكتور لام أكول من خصائص مثيرة للجدل بحكم تكوينه الانتهازي الوصولي الصارخ الذي يؤشر لأسوأ مخرجات السياسة السودانية منذ استقلال البلاد قبل نحو أكثر من خمسين عاماً مضت حيث لم نر سوى هذا الصنف من السياسيين الذي لا ينفك يتبضع في سوق السياسة على حساب جماهير الشعب السوداني دون وازع من ضمير او رادع أخلاقي . ورغم الاهتمام الإعلامي الواضح بالحدث إلا أن الأمر كان متوقعاً ولم يكن مفاجئاً بحال ، خاصة في ظل اصطفاف الزمرة إياها في طوابير النفاق والمداهنة للبشير وعصابته خلال محنته مع محكمة الجنايات الدولية ومشاركتهم الفاعلة في مظاهرات ما سمى بمساندة (رمز الدولة) التي شكلت غطاءً غير مشروع وغير مبرر لرئيس تخضبت اياديه بدماء شعبه في الجنوب والشرق والغرب والشمال والوسط ، وفي كل مكان من أرضنا الحبيب.
ويدرك الكل التاريخ المتذبذب للدكتور لام أكول ومسرحية انتقالاته المتشنجة من حزب أو موقع إلى آخر وما أحدثه ذلك من أضرار وخيمة في جسد السياسة الجنوبية ، ابتداءً من انسلاخه عن الحركة الشعبية بقيادة القائد الشهيد الدكتور جون قرنق دي مبيور في أغسطس 1991م وتكوينه ما سمي بالحركة الشعبية لتحرير السودان (الجناح المتحد) ودخوله بعد ذلك طرفاً في حكومة الانقاذ الاسلامية المتشددة بموجب ما عرف باتفاقية فشودة، ثم تخليه عن تنظيمه ذلك أثناء تواجده بالخرطوم وانضمامه للمؤتمر الوطني رغم مصادمة ذلك لمنطلقاته الفكرية والأيديولوجية ، وصولاً بعد ذلك إلى هجرته العكسية نحو الحركة الشعبية لتحرير السودان في أواخر عام 2003م حين لاحت بشريات سلام مرتقب بين الحركة الشعبية وحكومة الانقاذ على أثر توقيع بروتوكول ماشاكوس في خريف عام 2002م ، الأمر الذي أفسح المجال أمام الرجل لتسنم وزارة الخارجية التي لم يكن متاحاً لغير أبناء الأشراف أن يتربع عليها قبلاً ، وهو ما يفسر عدم تمكن أحد من أبناء أطراف الهامش من الوصول إلى هذا المنصب منذ ما يسمى مجازاً بالاستقلال .
ولولا حكمة قائدنا الكبير الشهيد الدكتور جون قرنق وتساميه فوق الصغائر لما أمكن للدكتور لام أكول العودة مجدداً إلى صفوف الحركة الشعبية بعد تلك الانتكاسة الكبيرة التي تسبب بها لهذا التنظيم الشعبي المناضل الذي علق الملايين من أبناء الشعب السوداني آمالها العريضة عليه حين انقلب عليه وعلى قيادته وتسبب بإلحاق افدح الأضرار بمصير هذه الملايين التي دفعت غالياً من دمائها في سبيل الانعتاق من ربقة الاستعمار الداخلي الجاثم على صدرها عقوداً متطاولة من الزمن ، ومن ذلك ما جرى بعد الانسلاخ المذكور من تسليم ترسانة ضخمة تخص الحركة الشعبية لتحرير السودان المتواجدة آنذاك في الناصر للعدو ، فضلاً عن انتقال أخطر الأسرار العسكرية إلى الجيش الحكومي الغازي مما سهل من حملات ما عرف وقتها بصيف العبور التي وصلت إلى أقاصي ولاية الاستوائية وما ترتب على ذلك من خسائر بشرية بين منسوبي الحركة الشعبية وسكان جنوب السودان لا يمكن تعويضها أو نسيانها أبداً . فقد كان الاعتراض على عودته شديداً ، خاصة وأنه لم يكن ليضيف شيئاً ذا بال إلى رصيد الحركة الشعبية بمثل هذا الانضمام فوق ما استفاد به لنفسه هو شخصياً حين نال ما لا يستحق على حساب المناضلين الشرفاء الذين لم يغادروا منصة النضال حتى آخر يوم .
لقد راجت أخبار شبه مؤكدة منذ بواكير عام 2007م مفادها أن الدكتور لام أكول يخطط ، بالتعاون مع المؤتمر الوطني ، لإنشاء تنظيم جديد يفُتّ به من عضد الحركة الشعبية لتحرير السودان انتقاماً منه على الانتقادات المتكررة داخل الحزب لأدائه في وزارة الخارجية والاتهامات التي سيقت ضده بالعمل كغواصة للمؤتمر الوطني داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان ، وأن يعمل بيدقاً يحركه أهل المؤتمر الوطني لتنفيذ سياساتهم ورؤاهم الخاصة حول السياسة الخارجية للبلاد ، ما اعتبر تشكيكاً مذلاً له كسياسي له اعتداد واضح بنفسه . ولما كان تاريخه لا يسعف في احسان الظن به فقد صدق الكثيرون تلك القصص ومن بينهم شخصي الضعيف ، غير أني ومن منطلق تدريبي القانوني الذي يوجب عليّ عدم الركون إلى أمر بناءً على أقوال متواترة قبل التثبت من رواية الطرف الآخر ، رأيت أن أستوثق من الأمر بنفسي فقررت مقابلته والتحدث إليه بهذا الشأن في الخرطوم أثناء زيارتي للبلاد في صيف عام 2007م .
جلست إليه بالرغم مما كان بيني وبينه حينذاك مما صنع الحداد بسبب ما أقدم عليه في عام 2005م من قضم غير مشروع لحقوق أهل منطقة شمال أعالي النيل التي أنتمي إليها خلال تشكيل المجلس الوطني ، ومنها مقعد ممثل أعالي النيل في مجلس الولايات ونجح حينها في تمرير مؤامرته تلك بحكم قربه آنذاك من رئيس الحزب الفريق سلفا كير وتجرعت المنطقة بسبب ذلك بأكملها مرارة الهزيمة غصة في الحلق ما زلنا نتجرع آثارها المُرّة إلى الآن ، وكان ذلك أُولى أقبح الممارسات التي دشن بها الرجل العهد الجديد للحركة الشعبية لتحرير السودان التي يشتكي منها اليوم مر الشكوى ، وهذه قصة أخرى لا نريد الخوض في تفاصيلها .
وقد أثار الرجل جملة من الأمور من بينها ما رآه انحرافاً من قيادة الحركة الشعبية عن المسار المحدد لها والمتفق عليها وخروجها على رؤية القائد الشهيد الدكتور جون قرنق دي مبيور ، وما ترتب على ذلك من ضعف واضح في الأداء السياسي للحركة الشعبية تسبب بالضرورة في ضعف اداء حكومة الجنوب التي فشلت ، بحسب رأي الكثيرين ، في تنفيذ الحد الأدنى من مشروعات التنمية في الجنوب ، فضلاً عن تقاصر قامة الحركة الشعبية عن التصدي بجدارة لرسالتها الوطنية المتمثلة بالمشاركة في إيجاد الحلول المبتغاة لقضايا من قبيل مشكلة دارفور ، والتحول الديمقراطي ، ومحاربة الفساد والتسيب الإداري على المستوى القومي وفي الجنوب ، وبسط الحريات وتسريع وتيرة التنمية الشاملة ، وهي أمور اتفقنا عليها مع الرجل باعتبارها حقائق لا يمكن إنكارها والمزايدة حولها ، خاصة وأن كل من بالجنوب يدرك هذه الحقائق المرة التي لا بد لنا في الحركة الشعبية من تجرعها والتكيف معها من أجل تداركها ومحاولة التغلب عليها .
ونعلم أن رئيس حكومة الجنوب الفريق أول سلفا كير ميارديت وغيره من اقطاب حكمه هناك اعترفوا هم أنفسهم بوجود فساد في الجنوب وبغياب الكفاءة الإدارية في منظومة الخدمة المدنية هناك ، حيث يتم تعيين عناصرها بناءً على اعتبارات قبلية وعشائرية في بعض الأحيان ، مما أفرز عناصر تفتقد الكفاءة والقدرة على الانجاز (ونضيف أن الوزراء أنفسهم غالباً ما يتم تعيينهم خارج هياكل الحزب ، الأمر الذي ظل يفرز توازنات غير دقيقة والتي تفسر بدورها التعديلات الوزارية المتكررة في الجنوب) . وهذه مشكلات لا تخص الجنوب وحده ، كما أن معظمها موروث من العهود السابقة .. ذلك أن النظام المهيمن في الخرطوم إلى الآن يعاني هو الآخر من نفس هذه الأزمات بسبب ما اقدم عليه من طرد جماعي لأفضل الكفاءات السودانية وإحلال أهل الولاء الأعمي مكانهم ممن لا يتمتعون بأي ميزة في هذا المجال ، فضلاً عن السياسات التي تجذرت خلال عهد التمكين سيء الذكر ، الأمر الذي شرعن لممارسات مالية فاسدة أفرزت حالات فساد واضحة ما يزال ديوان المراجع العام يكافح ضدها دون جدوى .
غير اننا نصحنا الدكتور لام بعدم العمل على تفتيت وحدة الحزب بالخروج عليه لهذه الاعتبارات ، باعتبار أن هذه الأمور يتم تعديلها بالعمل داخل أجهزة الحزب وتحريك إرادة الجماهير نحو هدف التغيير وتجويد طرق وأساليب العمل على المستويين السياسي والإداري دون استهداف لأشخاص بعينهم ، بل توخياً للمصلحة العامة لا أكثر ، وهذا هدف مشروع لكل شخص أن يعمل من أجله في إطار حزبه متى ما رأى أن الأمور لا تسير وفقاً لما يحقق مصلحة الحزب وجماهيره . بل وأمنا على أن شعب السودان كله ، وليس شعب الجنوب فحسب ، يتمنى للحركة الشعبية دوراً أكبر وأكثر فعالية مما يضطلع به الآن ، ولكنهم مع ذلك ليسوا على أتم الاستعداد لتمكين الأعداء المتربصين بها من رقبتهم بابتدار موجة جديدة من الصراعات داخل الحزب لأي سبب كان . وقد اكد لنا الدكتور لام بأنه لا يفكر في الانسلاخ من حزبه على نحو ما أُشيع ، وانه يعوّل على العمل في أوساط الجماهير من اجل إحداث نقلة تؤمّن للحزب السير باستقامة على درب الراحل قرنق وتحقيق تطلعات جماهيره الوفية . ونرى أن ذلك موقف نبيل يشكر عليه الرجل ، خاصة في ظل داب أهل المؤتمر الوطني المتواصل على التآمر على الحركة من وراء الأستار والحجب بغرض تفكيكها وحرمان الشعب السوداني من قطف ثمار مجاهداتها ونضالاتها المريرة على مر العقود وذلك من أجل المحافظة على سيادة دولتهم العرقية المهيمنة التي توفر لهم امتيازات غير عادية على حساب الآخرين .
ولعل مما حملني على الاطمئنان لعدم صحة التقارير المتواترة أن الدكتور لام أبلغنا مؤكداً بأنه يدرك تماماً عدم إمكانية نجاح أية محاولة للخروج عن الحزب باعتبار أن تأسيس كيان جديد وبناء قاعدة جماهيرية له أمر غير متيسر في الجنوب في مواجهة الحركة الشعبية بالذات التي ما تزال المجاهير هناك تدرك جيداً دورها في ما تحقق من استقلال وانعتاق نسبي من قيود الهيمنة التي تفرضها سلطة المركز على الجميع دون استثناء . ذلك ما كان من أمر الحوار مع الدكتور لام أكول بشأن سياسات الحزب وضرورة التحلي بالحكمة في شأن أي تحرك داخلي مطلوب للتصحيح .
وقد جاء المؤتمر العام للحركة الشعبية لتحرير السودان بعد ذلك بنحو سنة من لقائنا به ذاك ، وشهد العالم كيف حضر جميع الوفود من داخل وخارج البلاد وحداناً وزرافات إلى جوبا عاصمة الجنوب العامرة ، وتمت إعادة تشكيل هياكل الحزب وأجهزته علي نحو صحيح كما لم تفعل أحزاب سودانية أخرى تتشدق بالديمقراطية صباح مساء ، وفي جو تسوده الحرية الكاملة (من ذا الذي لا يعلم كيف اضطر الفريق أول سلفا كير ميارديت ، رئيس الحركة الشعبية للمرور يومياً على أعضاء المؤتمر العام للحركة الشعبية في فنادقهم للتشاور معهم بشأن بعض التعديلات المثيرة للجدل للهيكل الدستوري المقترح لأجهزة الحزب) . وجرى أيضاً تعديل الكثير من التوجهات الخاطئة التي طبعت سياسات الحركة الشعبية قبل ذلك ، ومنها بالطبع الانكفاء على الجنوب والاستقالة عن لعب الأدوار الوطنية المنوطة بالحزب ، مما أحبط بشكل مأساوي مؤيدي الحزب المنتشرين في جميع أرجاء البلاد . وبدأ الحزب يتحرك في مواجهة الملفات الساخنة بشكل أفضل مما سبق ، بعد أن جرى حقن دماء جديدة في شرايين الحزب وأمكن تشجيع الرئيس ومن حوله من المتنفذين على الخروج من قمقمهم والتصدي للقضايا القومية والتصدي لهموم الجماهير السودانية ، وبالتحديد فيما يتعلق بلجم صقور المؤتمر الوطني وإجبارهم على التحرك بجدية في مسار التحول الديمقراطي ، واحترام الدستور والاهتمام بقضية دارفور ، والعلاقات مع الأحزاب الأخرى ، بالرغم من حجم التحديات والمعوقات التي ما تزال كبيرة . وهو ما شهدناه في العودة القوية لأفضل كوادر الحركة الشعبية التي كانت قاطعت الحزب واستقرت خارج البلاد ، مثل الكوماندور عبد العزيز الحلو ، والكوماندور نيال دينق نيال ، والكومانور ياسر عرمان ، وما تحقق من احتلالهم لمواقعهم المستحقة في العمل العام داخل البلاد .
لذلك عندما عندما يصدر الموقف الأخير من اخينا الدكتور لام أكول ، وبهذه الحدة غير المبررة فإن المرء لا يملك إلا أن يقرر بان التحرك جاء بدفع من أهل المؤتمر الوطني الذين أيقنوا أن الحركة الشعبية لن تسعى أبداً للتحالف معهم ضمن أحزاب (الفكة أو التوالي) في الانتخابات المقبلة ، خاصة وأن التجربة السابقة قد بينت تماماً عدم إمكانية التعامل مع حزب مخاتل لا يني يراوغ ويداور في كل قضية من أجل الحفاظ على موقعه المهيمن في البلاد ، ليس فقط مع ألد أعدائه التاريخيين ، وإنما أيضاً مع أهل القبلة الذين عمل على تشتيتهم شذر مذر خدمةً لأهداف أنانية بحتة بدلاً من توحيدهم وتجييشهم خلفه حتى باعتبارهم أدوات سهلة لدعم موقفه الذاتي الأناني!
ثم أن الوقت المتاح لحكومة الجنوب المتهمة بالفساد لتعديل الأوضاع قصير جداً بالنظر إلى التركة المثقلة التي ورثتها من العهود السابقة بالرغم من أننا لا نخلي ساحتها تماماً من ضرورة تحمل المسئولية الكاملة عن تقصيرها بحق المواطن هناك . ثم أن الدكتور لام نفسه قد مضي في درب التعيينات القبلية على نحو ما يفعل غيره في الجنوب .. ولعل نظرة عجلى إلى قائمة الكوادر التي تم تعيينها من أعضاء الحركة الشعبية بوزارة الخارجية تعطيك فكرة واضحة عن حجم المكاسب التي فاز بها أنصاره المقربين من قبيلته من أول كيكة أتيحت لهم في المؤسسات والوزارات المركزية تفوق بكثير ما حصل عليه النوبة وأهل الانقسنا مجتمعين رغم دورهم المشهود في حرب التحرر بما لا يقاس بما لعبه أنصار الدكتور لام الذين تم توطينهم بأعداد هائلة في هذه الوزارة ، طبعاً خلافاً لإرادة الحزب الذي لا نشك في انحيازه للعدالة بين جميع مكوناته ، ومع ذلك لم نعمل على إثارة الأمر لفرط حساسيته من الناحية السياسية .
عندما يفني الدكتور لام أكول زهرة شبابه وخريف عمره في التقلب بين احضان المنظمات السياسية كالنردة يدخل إحداها ويخرج منها بمثل ما دخل دون أدنى مواربة أو خجل ، مسبباً بذلك أضراراً لا يمكن تعويضها ، ثم يعود القهقري على نحو فعل مع الحركة الشعبية لتحرير السودان دون أن ترٍف له جفن ، فإن المرء ليقرر بثقة أن السياسة لديه لم تعد وسيلة لتحقيق الأهداف الكلية للمجتمع السوداني بقدر ما هي أداة ، في نظره ، لخدمة الأسياد في الخرطوم توسلاً لمصالح خاصة لا علاقة لها بشعب جنوب السودان الذي يذرف من أجله دموع التماسيح الآن ، وإلا فلا يعقل أن يخرج الرجل على العالم بهجوم شرس ضد حزب أعزه وأكرمه بتسنم وزارة لم يكن أمثاله من العبيد يحلم بها في سودان تقبض عليه عصبة عرقية صغيرة متعالية بأيدي من حديد في تهميش قاسٍ لا رحمة فيه للأخرين ، بينما يكيل السباب والتهم جزافاً على إخوته ومن يفترض أنهم رفقاء نضال له دون أن يشير ولو من بعيد إلى دور المستعمر الداخلي المتمثل في حلفائه الجدد في كل ما آلت إليه البلاد من بؤس ودمار وسوء عاقبة طالت جميع فئات الشعب السوداني في كل صقع من ديارنا الحبيبة! ولماذا يركز خطاب الدكتور لام أكول دائماً على قضايا الجنوبيين بشكل حصري ، ويهمل الكلام المباح في الشأن القومي العام .. أليست حكومة الخرطوم باكثر فساداً من حكومة الجنوب ، خاصة وأنها ظلت تمارس هذه اللعبة القذرة في حقوق السودانيين منذ عشرين عاماً ، خلافاً للحركة الشعبية التي لم تمضٍ في السلطة أكثر من أربع سنوات حتى الآن .
ثم ألا يرى الرجل بأم عينيه كيف تتم مصادرة الحريات وتكبيل حق التعبير ومراقبة الصحف وسجن الصحفيين لدي أسياده في الخرطوم ، وكيف يجيز رئيس جهاز الأمن والاستخبارات العامة ، السيد صلاح قوش لنفسه الخروج علانية إلى الإعلام ليهدد جميع فئات الشعب السوداني بالويل والثبور وعظائم الأمور إذا ما حدثتهم أنفسهم (الأمارة بالسوء) بموالاة محكمة الجنايات الدولية بتأييد إتهام البشير ، وهو ما سار عليه البشير (مطلوب العدالة الدولية) بعد ذلك حين هدد بحظر أكبر شركائه في حكم البلاد ، الحركة الشعبية من العمل في الشمال بناءً على ادعاءات كاذبة بأنها تحظر عمل الأحزاب في الجنوب (رغم أن مسجل الأحزاب ، زميلنا مولانا محمد بشارة دوسة قطع مؤخراً بأنه لم يتقدم حزب واحد من الجنوب لإدارته بشكوى من هذا القبيل ، مما يقطع بأن الاتهام كذب محض أريد به إرضاء شهوة الانتقام لا أكثر) ، بل ألا يجد الرجل الشجاعة الكافية للحديث ، في ما يلي أمر الفساد تحديداً ، أن هناك وزارات وأجهزة حكومية في المركز ترفض علانية تقديم بياناتها لديوان المراجع العام للتدقيق ، ناهيك عن تقارير المراجع العام التي تراكمت عبر السنوات بمليارات الدولار دون أن يوجه قداسة (أمير المؤمنين) السيد عمر البشير الذي أصبح الدكتور لام أكول مولعاً بحبه والولاء له بمراجعة هذه الجهات ومحاسبتها؟ كيف يجوز للرجل أن يتحدث عن انعدام الديمقراطية داخل الحركة الشعبية وهو يتعامل مع أعداء الديمقراطية في الشمال ممن جرب التعامل معهم من خلال ما سمى باتفاقية فشودة فما قدموا له غير مسرحية هزلية لديمقراطية موجهة لاختيار حاكم لولاية أعالي النيل جرى خلالها تمريغ هيبة الدكتور لام أكول على يد إبن الحركة الاسلامية البار المرحوم مونقو أجاك فكان أمثولة لمن يعتبر إن كانوا حقاً يعقلون ، إذ لم يجد الدكتور غير صوتين أو ثلاثة من بين خمسة وعشرين صوتاً ذهبت كلها سنداً لرجل لم يكن غير سائق جرار زراعي قبل ولوجه ميدان السياسة . فهل من مذلة أكثر من هذا؟!
لماذا يبدو الدكتور لام أكول بوقاً عالياً يردد إدعاءات المؤتمر الوطني باستمرار ، بل وكيف يجيز الدكتور لنفسه التآمر في الخفاء مع الأعداء ضد إخوته وبني جلدته لسبب بسيط هو أنه قد أقيل من منصبه في الخارجية على غير ما يشتهي . لقد ذكرني ذلك بقول الدكتور منصور خالد بأنه لا يعتبر الأمر جنون حين يرى بعض قادة الجنوب من غلاة المسيحيين وهم يتحالفون ضد أهلهم مع نظام إسلاموي متشدد لا يجد حتى أكثر المسلمين اعتدالاً في أنفسهم القدرة على مجاراتهم أو المضي معهم نصف المسافة . إنه لأمر جد محير حقاً لا يكاد المرء يدري كنهه .
لقد جادل المذكور في مؤتمره الصحفي ، محاولاً تبرير مشاركته في تلك المسرحية الهزيلة التي استهدفت فرض البشير على الشعب السوداني باعتباره رمزاً لسيادته وعزته ، بأن الحركة الشعبية وافقت على رفض والتنديد بقرار محكمة الجنايات الدولية بشأن اتهام البشير ، دون أن تحمله الأمانة الأخلاقية على أن يعترف بأن الحركة الشعبية أعلنت على الملأ بأنها ، إذا تتوجس من أن يؤدي اتهام البشير إلى التأثير سلباً على أوضاع البلاد الأمنية ، فإنها ترى ضرورة التعاون مع محكمة الجنايات الدولية وترفض منطق أهل المؤتمر الوطني في عدم الاعتراف بهذه المحكمة وتسيير المظاهرات المصطنعة في مواجهتها مما قد يؤدي إلى مواجهة غير متكافئة مع المجتمع الدولي لا مصلحة للشعب السوداني فيها . ومن ثم كيف يعقل أن يذهب شخص قيادي في الحركة الشعبية للاشتراك في مثل هذه المظاهرات العبثية والتنديد ، جنباً إلى جنب مع جمهور من الرعاع والرجرجة والدهماء ، بقرار دولي صدر لأسباب موضوعية مهما كان رأي المجرمين المستهدفين في مثل هذا القرار والتماهي مع توجهات الطرف الآخر المناهضة لتوجه حزبه بهذه الطريقة الحقيرة التي لا تنم إلا عن عمالة وارتزاق يندى لها جبين كل من يسعى من الجنوبيين والأحرار الشرفاء وراء هذا القائد الدّعي . ثم أن الأمر بات واضحاً منذ مشاركة الدكتور لام أكول في اجتماع كنانة الذي نظمه المؤتمر الوطني منذ شهرين مضت ، في تأليب واضح للموتورين من قادة بعض أحزاب الجنوب فاقدة الرؤية والهدف والبوصلة ضد الحركة الشعبية بما بعث رسالة واضحة للحركة الشعبية أنه لا فرص البتة أمام تعاونها مع المؤتمر اللاوطني فيما يتعلق بقضية الشراكة النيفاشية حيال الانتخابات المقبلة ، وهو ما أفرز بالضرورة تحرك الأحزاب الوطنية السبعة عشر التي دعيت لللقاء في جوبا في وقت قريب إن شاء الله . ثم كيف يمكن للمذكور أن يتحدث عن فشل الحركة الشعبية في منع الاقتتال القبلي في الجنوب ، وهو الذي يشارك بطريقة أو أخرى ، مع نصرائه الجدد في المؤتمر الوطني في تأجيج نيران هذه الفتنة من خلال استخدام المليشيات القبلية التي صنعها المؤتمر الوطني أصلاً خلال الحرب اللعينة التي شنت على أهل الجنوب من قبلهم وما يزال العمل جارياً بدأب شديد لاستخدامها كمخالب قط لتقويض أهداف الاستقرار والتنمية في الجنوب استهدافاً سعياً وراء الاستحقاقات الديمقراطية المنتظرة هناك في آخر المطاف .
لقد كان لانشقاق الدكتور لام أكول عن الحركة الشعبية في خريف عام 1991م أثره المدمر على شعب جنوب السودان بعامة ، وعلى المجتمعات المحلية بشكل خاص ، إذ ترتب على ذلك كما أسلفنا تسليم ترسانة ضخمة للحركة الشعبية في حامية الناصر للعدو ، بالإضافة إلى انتقال أسرار عسكرية على درجة من الخطورة لقيادة الجيش الحكومي الغازي (وفقدنا بسبب ذلك رجالاً أشاوس في خضم الفتنة الداخلية أشرف وأكثر وطنية بكثير وأوفر مساهمة في قضية التحرر الوطني من الدكتور لام أكول نفسه رغم ما يتمتع به الآن من صيت غير مستحق ، مثل إبننا الشهيد الخالد الإذاعي الكبير جوك يوسف نقور ، شبل ناظر منطقة شمال أعالي النيل (أو كما قالوا ذلك الشبل من ذلك الأسد) ، أول من صدع بصوته الجهوري بالعربية والذي لا يزال يذكره عامة الشعب السوداني ، في إذاعة الحركة الشعبية لتحري السودان) ، والمناضل الشهيد نيج كور شول ، فقيد شباب منطقة الرنك ، وغيرهما من زهرة شباب الجنوب ، فضلاً عما ترتب على ذلك من تعريض قبيلته (الشلك) في مناطقها بعد ذلك لحملات انتقامية من مليشيات قبيلة النوير المدعومة من جانب حكومة الخرطوم أدت لازهاق أرواح بريئة لا علاقة لها بالصراع من أساسه ، ومنها بالطبع تلك المجازر التي لحقت بأفراد القبيلة في كل من الجلبين وجزيرة مقاصر على أيدي أفراد القبائل العربية ساوم عليها بعض قادة القبيلة في الداخل بثمن التراب وربحوا بسببها وظائف دستورية غير مستحقة وكان من ثمارها تفكك كتيبة فشودة التي تتبع للحركة الشعبية بحيث أننا لم نسمع بأخبارها بعد ذلك إلى يومنا هذا .
بل أن الفتنة التي جرت في مدينة ملكال في بواكير هذا العام والتي يعتقد الكثيرون أن الدكتور لام أكول من صانعيها قد ألحقت أضراراً غير مستحقة على قرى الشلك وقاطنيها دون سبب جنوه . ولعل أقل القادة إدراكاً لحقائق الصراع القبلي في الجنوب يدرك تماماً ما يمكن أن يترتب عليه مثل ما أقدم عليه الدكتور لام من إلهاب للأوضاع الأمنية وتدمير للمجتمعات المحلية بشكل مأساوي . وإذا لم تكن تلك المآسي التي لحقت فيما سبق بأهل الجنوب بسبب عمالة بعض قادتهم ، ومنهم الدكتور ذي الطموح الجامح ، تشكل رادعاً قوياً ضد التعامل مع أعداء الوطن من أمثال المؤتمر الوطني فمن المؤكد أن أمثال الدكتور لام أكول يعانون من مرض عضال لا يُرجى برؤهم منه ، ويتعين بالتالي الحذر منهم وتوقي خطرهم . وقد جاءت المحاذير التي كنا نتوقعها من مثل هذا التحرك عبر ردود أفعال جماهير شعبنا في جنوب السودان وفي المهاجر تدين مثل هذا العمل وتبرهن للعملاء من أمثال الدكتور لام أن حساباتهم بشأن المزايدة على قضايا الجنوب استناداً إلى دعاوى الفساد وضعف أداء قيادة الحركة الشعبية كانت خاطئة بكل المقاييس . ذلك أنه لا يمكن لسياسي يتمتع بالحد الأدنى من الذكاء أن يتآمر مع العدو لنسف الاستقرار والأمن بين مواطنيه من أجل إيجاد الذرائع للالتفاف على القيادة السياسية في حزبه والتمكن من تنسم القيادة بدعم خارجي مكشوف لا يخفي على أحد .
لذلك ما علينا إلا أن نقرر بأن محاولة الدكتور لام أكول لايجاد قيادة بديلة للحركة الشعبية تحت سلطته الشخصية لن يكتب لها النجاح ، خاصة وأنه هو شخصياً من حدد عوامل الفشل لهذا التحرك حينما تحالف بطريقة مكشوفة مع أعداء الجنوب والشمال والغرب والشرق معاً ، وإن بدعوى إنعدام الديمقراطية في أروقة الحركة الشعبية على نحو ما سبق وأن إدعى في السابق عند تمرده غير الميمون على القائد التاريخي الملهم الشهيد الدكتور جون قرنق دي مبيور في عام 1991م ، ولكنه حينها ارتمى في أحضان أسوأ نظام حكم ديني متشدد لم يكن يمنح الحد الأدني من الحقوق الآدمية لأحد ، ناهيك عن الاعتراف بالحريات السياسية ، وانتهاج الديمقراطية نهجاً للحكم ، وهو ما لا يزال عليه الأمر في السودان إلى يومنا هذا . وإذا كان الجنوبيون ، بل وجميع أهل السودان ما يزالون يختزنون في ذاكرتهم الجمعية إلى الآن صوراً مأساوية لفظاعات أهل الانقاذ بحقهم على أيام الحرب الدينية اللعينة ، فسيتعين على الدكتور لام أكول أن يثبت لجماهير شعبنا السوداني الوفية ، فوق مرحلة الشك المعقول ، أن المرتمر اللاوطني الذي يستند إلى دعمه المالي والسياسي في تحركه الجديد أكثر ديمقراطية من الحركة الشعبية التي يشكو منها . وتلك وأيم الله مهمة دونها خرت القتاد . ولا نامت أعين الخونة والمرتزقة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.