السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللهم انصر المناصير!! .. بقلم: أم سلمة الصادق
نشر في سودانيل يوم 05 - 01 - 2012


بسم الله الرحمن الرحيم
عام 2012 الذي هلّ علينا منذ خمسة أيام من أعوام الألفية الثالثة التي ابتدرتها أمم العالم كافة بالتواثق على تحقيق أهداف الألفية الثمانية (القضاء على الفقر المدقع،تعميم التعليم الابتدائي،تعزيز المساواة بين الجنسين،تخفيض معدل وفاة الأطفال،تحسين الصحة النفاسية،مكافحة مرض الايدز،كفالة استدامة البيئة،إقامة شراكة عالمية) وبمناسبة حلوله ندعوه سبحانه وتعالى أن يصرف عنا كيد الكائدين لكي نكون أمة رائدة تتصدر قوائم الدول الأفضل إنجازا في مجال تحقيق تلك الأهداف. كما ندعو للسودان وللسودانيين بالخير الوفير والأمن من جوع ومن خوف وأن يهل علينا بحلول العام الجديد فجر نملك فيه زمام أمرنا، فنزيح عن كواهلنا الخبث والخبائث والنهج القاصر الخاسر الذي تحّكم في مُقدراتنا قسرا نحوا من 23 عاما حسوما حتى غاب عنا حسنا فصرنا لا ندري :هل نحن أحياء أم أموات؟ أثوب ما نلبس أم كفن ؟ وصرنا مثل الوعول تحت البيرق الأبيض ينتظر كثير منا رصاصة الرحمة أو كما قال محمد المكي ابراهيم، وأفضلنا مصيرا من استطاع أن ينفد بجلده محتميا من ظلم الأقارب ووحشة الوطن بالأغراب: فحموه حينا واضطهدوه أحيانا.
وبمناسبة العام الجديد ندعو ربنا ونلح في الدعاء المستغيث لكي يرد الله غربة من اغتربوا وتشتتوا و نعود سيرتنا الأولى : أمة يقودها العظام :حينما كنا رماة للحدق نحمي ديارنا ونذود عنها -مسيحيين.. ونكسو الكعبة أونقتل غردون وننتصر على الدول العظمى - مسلمين، ونعقد في ساحتنا مثل مؤتمر اللاءات الثلاث أونصلح بين الأمم- ديمقراطيين.
و مع تلك الأمنيات والدعوات والتهاني بعام جديد يحزننا فقد أليم: فقد غيب الموت رائدة من رائدات الحركة النسوية السيدة عزيزة مكي في يوم 2يناير 2012 ونعزي على فقدها ابنيها منذر ومنتصر ،أهلها وصديقاتها زميلات الكفاح كما ننعيها للسودان الذي فقد بفقدها ابنة بارة بالوطن رحمها الله وأسكنها فسيح جناته مع الصديقين والأنبياء وحسن أولئك رفيقا ..
ومثلما ننعي عزيزة لوطنها كذلك ننعي للوطن ما نفتقد من نهج سوي لإدارة الأزمات مما يمارسه القائمون على أمر الوطن اليوم في حزب سمى نفسه المؤتمر الوطني .
والأمثلة على غياب النهج السوي في إدارة الأزمات كثيرة لكننا سندلل عليها في مساحة اليوم بقضية المناصير...
نقدم لهذا التناول بالإعتراف بأن بناء السدود في حد ذاته من ضروب التنمية التي ثار حولها جدل وتعالت ضدها مؤخرا الأصوات المعارضة من حماة البيئة بحجة أن السدود تغمر مناطق سكنية فتشرد سكانها وتسيء للبيئة وتتسبب في تعرية التربة كما تتسبب في كثير من الآثار السلبية مما يجب أن يفصل في أمره علماء في المجال، للموازنة بين حاجتنا للتنمية التي تساعد في توفيرها هذه السدود للزراعة وتوليد الكهرباء وبين أثرها السالب على البيئة، لترجيح الرأي الصائب الراجح. لكن حتى عندما يكون قرار الخبراء المعنيين لصالح إنشاء السد بغرض التنمية فيجب أن يتم ذلك بأفضل المقدرات الفنية واتباع المعايير العالمية المضبوطة للتقليل من أضرارها البيئية كما على القائمين على أمرها الحرص التام على إيجاد معادلة كسبية يتم بها إيفاء الغرض من السد وتعويض المتأثرين من قيامه في ذات الآن ،ببدائل مرضية تعدل أو تفوق ما توفر في أوطانهم التي غمرتها المياه. لأن التنمية وجدت لتخدم الانسان ومن أجله وليس العكس .فلا يعقل أن يصبح مشروعا تنمويا هو الأداة التي تظلم أو تغمط حق من أقيم المشروع التنموي بداية لخدمتهم!
سنرى عند تقليبنا لتجربة إنشاء سد مروي أو الحامداب وما ترتب عليها من تظلمات أهالي المنطقة أن تلك التجربة كانت بعيدة كل البعد عن كل معيار تحدثنا عنه في هذه العجالة وأنها تنطق بشكل صارخ بسوء الإدارة منذ بداية إنشاء السد حتى المشهد الذي نراه ماثلا أمامنا من تصاعد للأزمة وما ظل يلازمه كالظل من تخبط تام في إدارتها.
يمثل سد مروي أضخم مشروع للاستفادة من الطاقة الكهرومائية في افريقيا على الإطلاق وينتظر حين اكتماله أن يبلغ طوله 7 كيلومترات وارتفاعه 67 متر بسعة تخزينية قدرها 10 مليون متر مكعب من المياه تمتد كبحيرة صناعية على طول 200 كيلومتر ومساحة سطح قدرها 800 كيلومتر مربع. الأغراض الأساسية لبناء السد هي توليد الطاقة الكهربائية حيث يولد السد طاقة بقوة 1,250 ميغاواط كما سيسهم السد في عملية ري حوالي 300,000 هكتار من المشاريع الزراعية في الولاية الشمالية ويحميمها من خطر فيضان النيل، كما سيوفر بحيرة تخزين للمياه بطول 176 كلم.
وبحسب حجمه الكبير تترتب عليه آثار سلبية ضارة بالبيئة ومؤثرة على حياة السكان مما يتطلب حرصا أكبر على تنفيذه بالدقة الواجبة واتباع النصح الفني الأكثر كفاءة للسيطرة ما أمكن على تلك الأضرار ولتحقيق الأهداف المرجوة .
سنرى حين استعراضنا أدناه لما تم فعلا بهذا الخصوص من تقصير وتجاوزات تضع الأمر برمته محاطا بالغموض والإبهام ومدمغا بديباجة الفشل وسوء الإدارة ..
وفي النقاط التالية نحاول رصد ما حدث بإيجاز:
أولا : لا بد من ذكر أن هذا السد قد تم تنفيذه دون التقيد بدراسات سابقة زخرت بها أدبيات التنمية في الديمقراطية الثالثة وقد ذكر الإمام الصادق المهدي في ندوة مشتركة مع وزير الري في نادي الشرطة أنه خاطب السيد كمال علي في تلك الندوة سائلا:(بأي منطق قررتم تقديم تشييد خزان مروي على تعلية الرصيرص وخزان ستيت وقد كانت الأولوية في التنفيذ للرصيرص ثم ستيت ثم مروي في تخطيط الديمقراطية الثالثة اعتمادا على المساهمات الفنية الزراعية الهندسية؟ فتعلية الرصيرص تتطلب ثلث ما يتطلبه مروي ويفك اختناقات الري في الجزيرة والمناقل ويضيف 280 ميقاواط في الساعة. وتزيد تعلية الرصيرص إنتاج الكهرباء في مروي وسنار وتعلية الرصيرص يجب أن تسبق مروي لأن التعلية سوف تزيد من الطاقة التخزينية لمروي. وقد التزم بنك التنمية الإسلامي بتمويل تعلية الرصيرص جزئيا وهو مشروع مجد سيجد التمويل المكمل فلماذا أخرتموه؟ قال: لم نستشر في هذا القرار!).
تلك الإجابة تعني بوضوح : عدم التقيد التام بالنصح الفني الهندسي والعجلة الشيطانية للشروع في تنفيذ السد.فما هي أولويات السياسة التي جعلت أصحاب القرار يهرولون نحو تنفيذ سد مروي بأولوية خاطئة؟ قد تأتي في السياق عدة تخمينات مفسرة منها:أنهم أرادوا المشروع لاكتساب شرعية تظل الشموليات تبحث عنها دون جدوى،أو ربما كان تنفيذ مروي استباقا لانتخابات أسست على نصح استراتيجية د.عبدالرحيم حمدي ومثلثه الشهير ،وربما كان الأمر من أجل عيون المحروسة فقد ذكر أن طمي النيل الذي سيحتجز خلف سد مروي لن يصل إلى مصر وهو ما يساهم في إطالة عمر سد أسوان تزلفا لرئيس مصر آنذاك الرئيس حسني مبارك الذي كان يستخدم كرت محاولة اغتياله في عام 1995 في ابتزاز زبانية المؤتمر الوطني فينقادوا لرغباته طائعين.
ثانيا:يقول الخبراء الدوليين لابد من دراسة متأنية لأثر السد على البيئة المحيطة بمنطقة الخزان على مدى زمني طويل نسبيا .وبالنسبة لسد مروي لم يتم مثل هذا التقييم إلا قبل عام واحد من الشروع الفعلي في بناء الخزان . ولم تقم به جهة مستقلة ومحايدة إنما اختصت به لاماير إنترناشيونال الألمانية وهي المستشار الهندسي والإداري لسد مروي (مجدي الجزولي الحوار المتمدن 9/5/2006).
ثالثا: وفقاً لنظر مختصين معتبرين في هذا المجال منهم الباحثون في المعهد السويسري الفدرالي لعلوم وتكنولوجيا المياه يعتبر تقييم لاماير "غير مطابق للمعايير الدولية" وبالتالي لا يعتد به حيث أهمل قضايا رئيسية منها حبس الطمي خلف السد والذي ينتج عنه بالضرورة حرمان الأراضي الزراعية في مجرى النهر من مصدر تسميدها الوحيد وبالتالي تهديد معيشة المزارعين الذين يعتمدون على الفيضان السنوي لتخصيب أراضيهم. بجانب أن كتلة المياه في واجهة السد تحوي لزاماً في العمق طبقات مائية عديمة الأكسجين، وهذه عند إطلاقها عبر توربينات عميقة لا بد مضرة بالحياة البيئية في مجرى النهر (المصدر السابق). يزيد من هذه الشكوك حقيقة أن التفاصيل النهائية لتصميم السد لم تجد سبيلها للنشر بالمرة، بالإضافة إلى ذلك تجبر لاماير الألمانية المختصين العاملين بها على توقيع عقود تلزمهم بالسرية وعدم التحدث مع أجهزة الإعلام (المصدر السابق). بحسب قانون حماية البيئة السوداني لعام 2000 يجب أن تُعرض دراسات الجدوى البيئية على المجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية بغرض مراجعتها ومن ثم إجازتها لكن طبعاً سد مروي استثناء حيث لم تمر الدراسة التي أعدتها لاماير الألمانية عبر هذه القناة كما أنها لم تُنشر قط للرأي المختص والرأي العام السوداني.
المعلومات المتوفرة عن شركة لاماير إنترناشيونال الألمانية تؤكد صدقية وصف "الرأسمالية المتوحشة".. سيرة لاماير في الأعمال تثبت أنها تنجذب بشدة إلى مشاريع السدود المثيرة للجدل في العالم الثالث وفقاً للتقرير الصادر في 23 مارس 2006 عن المعهد الفدرالي السويسري لعلوم وتكنولوجيا المياه بعنوان "مراجعة لدراسة تقييم الأثر البيئي لمشروع سد مروي" (من أراد الاستزادة عليه الرجوع للمصدر المذكور).
وبسبب تلك التجاوزات الفنية كتب علي الحدوري في مونت كارلو الدولية تحت عنوان (سد مروي في
السودان:تهجير السكان ثمنا للكهرباء): عن أن هناك مخاوف حقيقية من إنهيار وشيك لسد مروى مستشهدا
بمقال لبروفيسور جعفر احمد الزرقاني لصحيفة الأيام عددها بتاريخ 16 / 5 / 2007م ( صفحة 6 ) تحت عنوان : سد مروى .. لمن تقرع الأجراس ، أورد فيه أن دراسة أجريت عام 1984 م بواسطة فريق
سوفيتي يقوده الأكاديمي أ.س بتروفكسي وقد أشارت تلك الدراسة الى أن التفكير في اقامة سد في الشلال الرابع (موقع سد مروي الحالي) يجب أن تسبقه دراسات جيولوجية وهندسية مكثفة لطبقات الأرض لأنها تتميز بعدم التجانس الأمر الذي قد سيعرض بناء السد السفلي للهزات الارتجاجية وأشار الكاتب الةى أن هذه
الدراسة منشورة في مجلة الهندسة والجيلوجيا –المجلد 30-العدد (12)ديسمبر 1996
كما أورد الكاتب في نفس المقال أنه نشر تقريرا متزامنا مع المرحلة الأولى لبناء السد في نارس 2006 مفاده أن 80 شرخا قد ظهرت في الجسم الخرساني للسد بعد اسبوعين من افتتاح المرحلة الأولى.
وما أثار مخاوف المراقبين أن الجهات المختصة لم تعقب على تلك المعلومات الخطيرة أو تعمل على تكذيبها!
رابعا:ثم عندما قررت حكومة الإنقاذ المضي في تنفيذ السد برغم الاعتراضات الفنية ،أسندت أمر التنفيذ الى آلية كونتها وأسندت إدارتها للسيد أسامة عبد الله بسلطات لا يعلى عليها. ومنذ ذلك الحين صارت ادارة السد حكومة قائمة بذاتها لا تخضع لمساءلة ولا مراقبة ولا تخضع لسلطة وزارة المالية بل لا يستطيع المراجع العام أن يجرؤ على مراجعة ميزانيتها. ومثل كل سلطة مطلقة كانت إدارة السد مفسدة مطلقة .ويذكر الناس أمثلة عديدة على ذلك الفساد والصرف البذخي دون مبررات مثل ما ذكره محمد عبدالله سيد احمد في مقال عنوانه :( رحلات سد مروى .. من يوقف هذا العبث )؟ حيث ذكر أن الزيارات السياحية المجانية والمنتظمة يوميا بالطائرات والبصات من كافة مدن السودان الى سد مروى مع خدمات الضيافة والوجبات الفاخرة منذ زمان طويل ولا تزال متواصلة بتكلفة مالية باهظة وأكثر التقديرات تواضعا تقدر تكلفتها المالية بما لا يقل عن الثلاثمائة مليون جنيه ( بالقديم ) فى اليوم الواحد .
خامسا:لم يعترض سكان المنطقة والذين قدر عددهم بحوالي 50.000 نسمة - حامداب،أمري ومناصير) على مبدأ بناء السد أو على ترحيلهم لمناطق أخرى والتضحية بأوطانهم من أجل التنمية لكل الوطن ولكنهم طالبوا بتعويضات تناسب ما فقدوه وأراض تمكنهم من ممارسة أساليب كسب عيشهم وهي الزراعة لغالبيتهم و تتلخص مشكلتهم في أن سد مروى غمر أراضيهم الزراعية ومساكنهم دون ان تفى الحكومة ممثلة فى إدارة السدود بالتزاماتها التي قطعتها تجاهم حسب اتفاق معلن ومفصل ..
حيث تم التراجع عن الاتفاق الأول بواسطة لجنة تنفيذية عينتها وزارة السدود والكهرباء بضبط قيمة التعويضات، معتمدة في ذلك على تقويم للمزروعات تعود إلى سنة 1999 دون الأخذ بعين الاعتبار قيمة الأراضي غير المزروعة. وفي آخر الأمر لم يتسن التمتع حتى بهذه التعويضات البخسة، فقد قسم المبلغ الاجمالي على خمسة أقساط تدفع على مدى خمس سنوات بين 2007 و 2011( إلا أننا لم نتمتع إلا بقسطين ونصف منها، أي بنسبة 55% من المبلغ الكلي).بحسب إفادة المعنيين.
سادسا :حين بدأ التنفيذ تم ترحيل الدفعة الأولى البالغ عددها 10.000 نسمة وغالبيتهم من المزارعين و تم توطينهم في أبنية حديثة وسلموا تعويضات مالية لكن الأرض التي تم توطينهم فيها عديمة الخصوبة وقد قدر قادة محليون أن نسبة الفقر ارتفعت من 10% الى 65% خلال سنتين.
ووصف أحد شيوخ المنطقة ما آلت اليه الأوضاع قائلاً :.. كنا بنغذى مروى كريمة ونورى كانوا حياتهم مننا بهائم لبن بصل ملاح النهارده انحنا الكنا بنغذى الناس نفقد القوت الضرورى.
كما شهد جعفر باعو في الانتباهة بتاريخ 11/10/2011 بما رآه من حال مزري في المنطقة :(جوع، عطش، استنجاد بالزكاة، لدغات عقارب، عطالة، هجرات عكسية، تشرد».. ما سبق ليس إلا ملخصًا مختصرًا جدًا لحال مهجّري سد مروي في كل من الحامدابالجديدة والقديمة وفي أمري الجديدة والقديمة وفي مناطق المناصير أو ما يعرف بالخيار المحلي).
سابعا:على خلفية ما حدث لمواطنيهم الذين تم تهجيرهم (حامداب وأمري) رفض المناصير ترحيلهم الى الصحراء في البيوت المعدة وطرحوا خيار توطينهم حول بحيرة السد، فيما تطرح إدارة السدود خياراً آخر وهو خيار (مدينة المناصير الجديدة) التى قامت إدارة السد بتشييدها. وظل الخلاف يراوح مكانه لفترةٍ طويلة، حتى حسمه رئيس الجمهورية، عمر البشير، عند زيارته للمناصير، ووعده لهم بتنفيذ الخيار المحلى.
ثامنا:ارتبط إنشاء سد مروي منذ 2003 بانتهاكات حقوق الانسان كما جاء في سودان تربيون الصادرة في(22/4/ 2006) عندما أطلقت قوات تابعة لسلطة السد أعيرة نارية على المواطنين دون انذار في حوش مدرسي فقتلت ثلاثة أشخاص وجرحت أكثر من 50 واعتقلت عدد من الناس لم يمكن حصره .
تاسعا:اعتصم أهالي الحامداب عدة مرات أمام المباني الإدارية للمشروع في أوقات عديدة في الأعوام الماضية، بدون أي مردود أو اهتمام من المسؤولين الحكوميين.
عاشرا:وجاء في سودان تربيون 25/4/2007 أن متأثري سد مروي شكوا سلطات الأمن للمحكمة الدستورية لسجن 6 من أعضائها دون تهم محددة أو ادانة .
حادي عشر:وجاء في 2اكتوبر في سودان تربيون أن ادارة السد فتحت أبواب السد عمدا مما عرض حياة المواطنيين للخطر وأغرق مساكنهم ومزارعهم ومنعت سلطات الأمن منذ يوليو 2008 الصحافة والمنظمات الانسانية من الدخول للمنطقة.
ثاني عشر: وما فاقم الأمر وفجرَّ القضية مؤخراً هو أن إدارة السدود، تجاهلت تنفيذ أوامر وتوجيهات رئيس الجمهورية بخصوص تنفيذ الخيار المحلى لتوطين المناصير حول بحيرة السد بحسب تصريح الناطق الرسمى باسم لجنة متأثرى سد مروى (المناصير)، الرشيد الأفندى، فى حواره مع ( دويتشه فيله)، إن بداية الأزمة تعود إلى الإعتصام، فى ميدان العدالة، أمام مقر حكومة ولاية نهر النيل، في العشرين من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر هذا العام، عندما قامت لجنة تُمثل المناصير بتسليم الحكومة مذكرة تتضمن عشرة مطالب، على رأسها تكوين مفوضية قومية لتنفيذ مطالبهم.ونفى الأفندى رفع سقف المطالب تحت أىِّ ضغوط سياسية. وبرر مطالبتهم بتكوين مفوضية قومية عوضاً عن محلية، كما اقترحت حكومة ولاية نهر النيل، بقدرة القومية على تأمين المال اللازم وتقديم العون القانونى للمتضررين. ورفض الأفندى الاتهامات بتسييس القضية المطلبية، على خلفية اجتماعهم بالقوى المعارضة، وأكد أن الاجتماع كان بغرض التضامن مع القضية وليس لأغراض سياسية.
ثالث عشر: أدى التعامل بإهمال مع المشكلة المحلية وسوء إدارتها بالصورة المذكورة ككل كارثة يصعب حلها في مكان حدوثها الى رفعها الى جهات أكثر قدرة على المساهمة في حلها مما حولها الى قضية قومية تبنتها جهات عديدة مثالها الورشة التي أقامتها أمانة المجتمع المدني في دائرة الاتصال بحزب الأمة مع لجنة متضرري السدود تحت عنوان:البعد الإنساني والقانوني لمتضرري السدود (سد مروي نموذجا)في 19 أكتوبر 2011- دار الأمة
رابع عشر:تتحدث بعض الأصوات أن التعامل المتجاهل للمعتصمين في العراء للشهر الثاني والتعامل العنيف مع المحتجين ربما أوجب التظلم للمنظمات الحقوقية العالمية.
لكن إدارة السد ومن خلفها الحكومة وبرغم ما بدا من أخطاء كتبنا عن بعضها وغاب عنا بعضها الآخر، تتجاهل كل ما يثار من انتقادات وتظلمات و تحرص على اصدار الاصدارات مثل الاصدارة رقم 15 والتي عنوانها :الحامداب الجديدة :تجربة الانتقال والتي يؤكد معدوها أنها تجربة سودانية أصيلة وناجحة :أبدلتهم حياة قاسية بأخرى ذات عماد !
وبينما نتطلع لصمود أهلنا المناصير كملهم لكل أصحاب المطالب في عصر الثورات العربية، ندعو للمناصير بالنصر وأن تتم الاستجابة لمطالبهم على يسرها الذي عقده من يديرون دفة الأمور ،مع التأكيد على أن التطلع الأسمى لا يجب أن يحد بسقوف الحلول بالقطاعي لأن المشكلة التي يواجهها المناصير هي ذات مشكلة كل الجهات: دارفور وغيرهاوكل الفئات مزارعي الجزيرة وغيرهم وهي ذات مشكلة كل الناس في السودان :غابت الحريات ،فغاب النهج السوي لإدارة الأزمات وغرق الناس (في شبر موية) لذلك نقول أن مبدأ الحرية أول .
وسلمتم
umsalama alsadig [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.