تمر رابطة إعلامي وصحافيي دارفور حالياً بأزمة تنظيمية حادة، تهدد بقائها ككيان ليس مهماً علي مستوي قضية دارفور فحسب، بل علي مستوي الحفاظ على وحدة الوطن، وتماسك شعبه، من خلال نشر ثقافة السلام، وإعمال الحوار (الكلمة بدل الطلقة!)، كما يقول شعار الرابطة. ولكن ما هي الأسباب التي جعلت رابطة إعلامي وصحافيي دارفور تصل إلي هذه الدرجة من التدهور وعدم القدرة علي القيام بالواجبات سعياً لتحقيق الأهداف؟! هل حدث ذلك لأن الرابطة ولدت وهي تحمل أسباب فنائها. وهل من بين هذه الأسباب بعض قادتها، ممن ليس له دراية تؤهله لإدارة رابطة ناشئين، ناهيك عن رابطة تحمل اسم إقليم مساحته أكبر من مساحة بريطانيا ؟! أم هل هنالك أسباب أخري جوهرية ظلت عقبة أمام المكتب التنفيذي للرابطة خلال مسيرتها التي امتدت إلي نحو ست سنوات ؟! وهل بلغت أزمة رابطة إعلامي دارفور حالة اللاعودة أو(الموت الاكلينيكي!). أم أن قيادتها التنفيذية ستتجاوز الأزمة الراهنة وتبعث بها إلي الحياة من جديد. أم ستحرر شهادة وفاتها لتنضم عضويتها إلي أجسام أكثر صحة وعافية ونشاطاً؟! نحاول في هذا المقال الاجابة علي تلك التساؤلات انطلاقاً من ممارستنا للنقد الذاتي، بهدف إصلاح البيت من الداخل، ومن ثم الانطلاق للمساهمة في عملية إصلاح كبري، نأمل أن تشمل كافة منظمات المجتمع المدني الدارفورية، حتي تتمكن من القيام بدورها في قضية دارفور تحقيقاً للسلام والاستقرار بالاقليم. كما نود التذكير بأننا ومن خلال الإشارة إلي البعض لا نقصد أحداً في(شخصه) بقدرما نقصد (الأداء)، متمثلاً في النهج غير الرشيد أو (المشاتر) الذي ظل يمارسه بعض القيادات التنفيذية، مما ينطبق عليه المثل الدارفوري القائل (القندول الشنقل الريكة!!). وبالتالي فهي محاولة منا (لتشخيص) الأزمة، بحثاً عن الحلول لإنتشال الرابطة من أزمتها الكائنة، ذلك قبل أن يتشتت شمل إعلاميي دارفور الذين الاقليم في امس الحاجة لهم اليوم أكثر من أي وقت مضي. وبحسب المراقبين فان تاسيس رابطة إعلامي دارفور في العام 2006م ، صاحبه شيء من الاخفاق، مما دفع ببعض الأفراد غير المؤهلين إلي سدة المكتب التنفيذي، المكون من 17عضواً، بإستثناء عدد قليل من ذوي الخبرة. للأسف أمثال هؤلاء سرعان ما غادر المكتب التنفيذي وآثر التفرج. وهكذا شأءت الأقدار أن تدار رابطة إعلاميي دارفور الذي يضم أكثر من (500 إعلامياً وصحافياً)، بواسطة بعض ممن ليست لديه تجربة في مجال المجتمع المدني فحسب، بل يعاني مشكلة (عوز فكري!) تجعله غير قادر علي إدارة نفسه، دعك عن أي شيء اخر، وهي في إعتقادي اللعنة التي ظلت تلاحق الرابطة منذ تأسيسها وإلي يومنا هذا! نعتقد أن ذلك كان واحداً من الأسباب الرئيسة التي أوصلت رابطة إعلامي دارفور إلي ما هي عليها الآن من وضع خطير يهدد بقائها. وبسبب هذا الوضع برزت عدة أصوات تطالب بضرورة حل المكتب التنفيذي وعقد الجمعية العمومية فوراً لإنتخاب إدارة جديدة. بل الأخطر من هذا هناك من يفكر جدياً في تكوين جسم موازي لإعلامي دارفور، مما يعني أن الرابطة في طريقها إلي الانشطار والتشذي ! أما المكتب التنفيذي فقد انقسم علي نفسه ما بين تيار متقاعس متمترس خلف شرعية التأسيس، وآخر منادي بضرورة الإصلاح دون أن يملك آليات لذلك. بينما ظل الأول عاجزاً عن القيام بأية خطوات عملية تجاه تصحيح المسار، مما يعزز شكوك البعض واتهامه له (بانه مستفيد من بقاء الوضع الراهن، انطلاقاً من منافع شخصية!) أما بالنسبة للمشاكل التي ظلت تواجه الرابطة، نجدها ذات مشاكل منظمات المجتمع المدني في السودان، متمثلة في (التنظيم،التمويل،المقر). مع أنه بالامكان تجاوز تلك المشاكل إذا توفرت إرادة حقيقية وكادر قادر - رابطة محامو دارفور نموذجاً- حيث ظلت متماسكة وانجازاتها في قضية دارفور بائنة للعيان، بينما ظلت إنجازات رابطة إعلاميي دارفور متواضعة بالرغم من عمرها الذي يساوي ربع سنوات الإنقاذ! مشكلة الخلل التنظيمي تأتي علي رأس مشكلات الرابطة طوال مسيرتها في الفترة الماضية، فمنذ أن هاجر الاستاذ الغالي شقيفات رئيس الرابطة السابق (كان الأكثر نشاطاً)، بجانب غياب عدد كبير من من اعضاء المكتب التنفيذي، بما فيهم أمناء امانات، مما نتج عنه خلل إداري لم يتم تداركه إلا بعد فترة ليست بالقصيرة، حيث انتخب المكتب التنفيذي الاستاذ خالد تارس رئيساً بديلاً ، فيما أضيف اعضاء جدد للامانات الشاغرة. كما برزت مشكلة الامين العام الاستاذ عبد الله اسحق الذي ظل يسجل غياباً متكرراً، مما دفع المكتب التنفيذي إلي إقالته واختيار نائبه الاستاذ محمد خليل أمينا عاماً بدلاً عنه، إلا أن الامين المقال ظهر فجاة وأعلن رفضه الاقالة وظل يتصرف باعتباره الامين الشرعي! أما مشكلة التمويل فالرابطة كغيرها تعتمد في مداخليها علي اشتراكات الاعضاء وهي ليست بذات قيمة تذكر، بجانب الهبات والتبرعات غير المشروطة، علاوة علي دعم المانحين وهو أمر بعيد المنال ولا يحظي بها إلا الروابط ذات السمعة الجيدة والانجازات الضخمة التي تمشي بين الناس! فكيف لرابطة إعلامي دارفور أن تحظي بمثل هذا الدعم في ظل العقلية التي تدار بها! وهكذا ظلت مشكلة التمويل تمثل عقبة كبيرة امام المكتب التنفيذي، في ظل انعدام المؤسسية وغياب التخطيط والعمل بنهج (رزق اليوم باليوم) عبر مبادرات فردية (تحرير طلبات دعم) للأشخاص والجهات، مما يعيد إلي الاذهان قصة ذلك الإعرابي الذي قال له النبي صلي الله عليه وسلم (أليس هذا خيراً لك من أن تسأل الناسَ أعْطَوْكَ أو مَنَعُوكَ ؟)! وبالتالي ظل المكتب التنفيذي امام امتحان صعب في محاولة منه لحفظ وجه الرابطة من (مذلة السؤال). ويري الكثيرون إنه وفي حال إستمرار الوضع هكذا فإن لا احداً يتوقع غير نتيجة واحدة وهي فقدان الرابطة لهيبتها وسيادتها وجعلها منقادة بدلاً عن قائدة! أما مشكلة المقر فهي ذات صلة بالتمويل، ففي ظل غياب الموارد فشل المكتب التنفيذي عن دفع إيجار المقر مما وضعه أمام مطالبات وملاحقات قانونية عدة مرات، وهذه المشكلة بالذات قصمت ظهر المكتب التنفيذي ووضعته امام مأزق حقيقي لم يتمكن من تجاوزه حتي اللحظة. والخلاصة أن أصبح المكتب التنفيذي مشلولاً عاجزاً عن فعل أي شيء، بل حتي عقد الاجتماعات اضحي امراَ عصياً عليه. بل أصبحت السمة هي المبادرات الفردية في ظل وجود رئيس بديل لآخر مهاجر، وأمين عام بديل لآخر مقال رفض الاقالة. وفوق كل ذلك لا أحد من أعضاء المكتب التنفيذي يحضر الاجتماعات، ليس لأن الرابطة بلا مقر، ولكن لان ليس هنالك ما يقال أو يناقش! والنتيجة النهائية أن انصرف كل إلي حاله، عدا الأمين العام المقال الذي أنشأ صحيفة إلكترونية أصبح هو(رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير). والمفاجأة المذهلة أن أطلق علي صحيفته هذه أسم (صحيفة الرابطة الالكترونية)!! لما سبق من معطيات ونظراً لعجز المكتب التنفيذي لرابطة إعلامي دارفور طوال الفترة الماضية عن القيام بأية خطوات عملية لتصحيح المسار.عليه يمكن الاشارة إلي بعض المقترحات التي نأمل ان تساهم في الخروج من الازمة الحالية للرابطة، فيما يلي: اولاً: إيجاد مبادرة يقودها فريق عمل لتصحيح مسار الرابطة والخروج بها إلي بر الأمان، ونقترح أن يكون علي راس الفريق الاساتذة الاجلاء أمثال الدكتور النجيب آدم قمر الدين، الاستاذ عبد الله آدم خاطر، الاستاذة مريم تكس واخرون. ثانياً: أن تشمل مهام الفريق دراسة الوضع الحالي للرابطة بالجلوس مع أعضاء المكتب التنفيذي برئاسة الاستاذ خالد تارس للتعرف علي المشاكل الحالية بغية الخروج بتوصيات شاملة تساعد في عملية إحياء نشاط الرابطة. ثالثا: بعد الجلوس مع أعضاء المكتب التنفيذي تكون المهمة التالية للفريق هي التحرك وسط أعضاء الرابطة من العموميين بالداخل ودول المهجر، عبر لقاءات حوارية وجلسات عمل لبلورة الرأي تحقيقاً للحد الأدني من الاتفاق علي الحلول والبدائل. رابعاً: يجب أن تكون توصيات (فريق تصحيح المسار) ملزمة أخلاقياً لجميع الاطراف وذلك تغليباً للمصلحة العامة، في إطار تعزيز الجهود المبذولة لتحقيق التنمية والسلام والاستقرار في دارفور. خامساً: علي المكتب التنفيذي ابداء حسن النية والمرونة اللازمة والعمل علي تنفيذ التوصيات والدعوة لانعقاد الجمعية العمومية في اقرب فرصة ممكنة . [email protected]