M. Sharafeldin [[email protected]] الفرق بيننا والدول المتقدمة في التعاطي مع الأشياء بشكل مطلق هو في التناول، فهم يتناولون أية قضية أو حالة تطرأ في مجتمعهم بالدراسة المتعمقة وفق أسس علمية باتباع أحسن المناهج للتوصل لحل شافٍ لها يستفاد منه على مدى عشرات السنين وربما المئات مستقبلاً، بل درجت هذه الدول خاصة الأوروبية إلى وضع معايير ومقاييس لكل شيء كوحدات تقاس عليها جودة الأشياء في كافة المجالات، فلا يسمح بإنتاج لعب الأطفال مثلاً إذا لم تقابل وتتطابق ما وضع من مواصفات في جوانب السلامة وسلامة المادة المصنوعة منها تلك اللعب، فإذا أخلت الشركات والجهات المصنعة حتى ولو بجزئية ضئيلة جداً في المواصفات المطلوبة لا يصدق لها بالإنتاج أو يسحب إنتاجها من السوق في حال كشفت مخالفته للمعايير وهو على أرفف المحال التجارية وقد سبق أن أنزلت لعباً صينية المنشأ دخلت إلى الأسواق الأوروبية تقدر بمليارات الدولارات فقط لأنها لم تلتزم بالمواصفات الأوروبية للجودة، هذا في مجال لعب الأطفال وتطبق الدول هذه المعايير في كافة المجالات التي يمكن أن تخطر على بالنا ...! أما نحن في السودان فنتناول المشاكل والظواهر الطارئة بالحماسة والعشوائية ولا مكان للمنهج العلمي ولا يستطيع النفاذ للمشاركة في حل المشكلة أو الظاهرة وسط زحمة فوضي المزاج والتناول (البروس)، وبالتالي تبقى المشاكل وتنفجر من وقت لآخر بل يزيد التدخل الهمجي في حلها من تعقيدها ويصبح من العسير إيجاد حل لها مستقبلاً. وسط هذا البون الشاسع في الفرق بيننا والعالم المتقدم برزت المواصفات والمقاييس السودانية وفي تقديري أنها كما يقال بارقة أمل تشيع التفاؤل في غد سوداني يكون خاضعاً للمواصات والمقاييس في كل المجالات فكل حياتنا في حاجة كبرى لإعادة النظر فيها من زوية المواصفات والمقاييس على نحو شامل دون استثناء، على سبيل المثال تفتقر محلات تقديم الأطعمة الكافتريات والمطاعم بأنواعها لأي معايير أو مقاييس كما لا توجد أي مقاييس صحية لهذه المرافق الصحية نعم قد يوجد بعض منها ولكنها على المستوى النظري فقط فالمواطن في حاجة إلى مقاييس ومواصفات تجوّد وتتطور حياته ومجال الخدمات التي يحتاجها يومياً. فأرجو من القائمين على أمر المواصفات والمقاييس تكثيف جهدهم الميداني لكل المرافق التي تتعامل مباشرة مع المواطن لضبطها وفقاً للمواصفات والمقاييس السودانية.