* لا ادرى لماذا أجهد أعضاء المجلس التشريعى لولاية الخرطوم أنفسهم وأضاعوا وقتهم الغالى وبددوا اموال الولاية فى عقد الكثير من الجلسات حتى وصلوا الى مرحلة القراءة الرابعة فى مناقشة قانون التبغ لولاية الخرطوم لعام 2012 الذى اقترحته وزارة الصحة الولائية، وهم واثقون انه لن يرى النور ابدا لأن اصحاب الكلمة النافذة فى المجلس سيقفون عقبة كأداء أمام صدوره، وهو ما حدث بالفعل حيث أفتى البعض بان التبغ حرام شرعا ولا يجوز ان تصدر الدولة قانونا لتنظيم تعاطيه والتعامل فيه، وإلا اُعتبر ذلك اعترافا من الدولة بعدم حرمته مما يعنى هزيمة افكارهم المتطرفة وإضعاف نفوذهم القوى داخل مؤسسات الدولة .. تخيلوا هذه المسخرة، التبغ حلال لأنه حرام ..!! * أما البعض الآخر، الذين لديهم مصالح وارتباطات (سابقة ولاحقة) بشركات التبغ تقتضى عدم الحد من انتشار التبغ فقد أفتوا بأن صدور قانون للتبغ لا يكفى وحده لمكافحة التبغ والحد من انتشاره فى المجتمع ولابد من صدور قوانين اخرى مصاحبة له تزيد من قيمة الضرائب عليه وتفرض غرامات باهظة على شركات التبغ حتى ترتفع اسعاره ويعجز عن شرائه الناس الأمر الذى يتطلب فى رأيهم إعادة القانون الى لجان المجلس الداخلية لدراسة امكانية صدور تلك القوانين جنبا الى جنب مع قانون التبغ او تضمين الزيادات الضريبية والغرامات فى القانون المقترح، يقصدون من ذلك تعطيل صدور القانون .. هل صادفكم مثل هذا المكر والدهاء من قبل؟! * المهم تكالب النقيضان ( المتطرفون وأصحاب المصلحة) على قانون التبغ فأصدر المجلس الموقر الذى استهلك عشرات الجلسات وصرف من الوقت والجهد والاموال ما صرف فى المناقشات حتى وصل الى مرحلة القراءة الرابعة التى يفترض ان يجرى بعدها التصويت على القانون، قرارين إستجابة لأصحاب النفوذ، الاول إحالة الأمر فيما يتعلق بحرمة التبغ الى هيئة الفتوى لتقرر ما إذا كان التبغ حراما أم حلالا حتى يتسنى للمجلس اتخاذ القرار المناسب بشأن إصدار قانون أم لا .. ومن المضحك ان معظم أعضاء الهيئة الموقرة هم أنفسهم أعضاء المجلس الذين يرون عدم اصدار قانون لأن التبغ حرام ..!! * القرار الثانى، إحالة الأمر فيما يتعلق بفرض ضرائب اضافية وغرامات على شركات التبغ إلى اللجنة الاقتصادية بالمجلس لدراسة الموضوع وإفادة المجلس بامكانية ذلك، وهو ما يحتاج الى وقت طويل جدا بحكم نوع الدراسة المطلوب القيام بها، وربما احتاجت اللجنة ( أكيد حتحتاج) الى لجان اخرى أكثر تخصصا لدراسة الموضوع كما هو متبع فى مثل هذه الحالات..!! * باختصار شديد .. فان قانون مكافحة التبغ فى الحالتين ( ضايع) ، وعلى كل حال، فحتى لو أجاز المجلس التشريعى القانون الولائى سيكون مصيره السجن فى دهاليز الولاية مثل أبيه القانون الاتحادى الذى اجازه المجلس الوطنى ودخل الى القصر الجمهورى للتوقيع قبل بضعة اعوام ولم يخرج حتى الآن ..!! الجريدة 14 فبراير 2012