جامعة الملك فيصل ..المملكة العربية السعودية ان انشطار الحركة الشعبية الى فصيلين باعلان القيادي البارز بالحركة الدكتور / لام اكول انشقاقه عنها وتكوينه لفصيل اطلق عليه اسم ( الحركة الشعبية لتحرير السودان – التغيير الديمقراطي ) لا شك انه يمثل ضربة موجعة للحركة الشعبية – فصيل باقان اموم وياسر عرمان مهما حاول هؤلاء تحملها او تجاهلها وخصوصا في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد وبالاخص مع اقتراب موعد الانتخابات ومن بعدها الاستفتاء على مصير الجنوب ,, اما انفصالا ومفارقة ومفاصلة عن الشمال بالتي هي احسن او تغليب خيار الوحدة والاستمرار ضمن السودان بوضعه الجغرافي الحالي . وفي الحقيقة ان ما أصاب الحركة الشعبية من عدوى الانقسام والانشطاروما لحق بها من لعنة التجزؤ والتشرزم ما هو الا وباء سبق ان مس جنه وشيطانه كل الأحزاب السياسية السودانية الكبرى تقريبا بل تعداه ليطال ايضا المنظمات والكيانات الدينية مثل جماعة انصار السنة في السودان . غير ان انشقاق الحركة الشعبية يتعتبر صفعة مؤلمة في جبين هذه الحركة وضربة تحت الحزام لأن الحركة الشعبية ما فتأت تتحدث عن تماسكها ووحدة صفها وتتباهى بعددها وعتادها وتتحدى الآخرين بقوة عسكرها وسطوة جندها . وكانت تظن ان الجنوب كله في قبضتها وتحت ابطها وان الشمال تبع لها بل وصلت بها سكرة الغرور و العجب بالنفس ان اعلنت انها ستكتسح الانتخابات القادمة , جنوبا وشمالا وان رئيسها هو من سيفوز في انتخابات رئاسة الجمهورية القادمة , وان هذا في ( جيبها ) ولكن بعد هذا الانشقاق المدوي آمل ان يكون قد ( طارت ) سكرتها وعاد اليها شيء من وعيها حتى تتمكن من ستر عورتها . ان المتتبع للأحداث والتطورات في السودان وخصوصا في الجنوب ومسيرة الحركة الشعبية منذ ان تقاسمت السلطة والثروة والبلاد و ( العباد ) مع شريكها في السلطان والجاه والصولجان – المؤتمر الوطني – حسب اتفاقية نيفاشا والتي جعلت السودان ملكا عضوضا لهذين الحزبين , يدرك تماما ان ما أصاب الحركة من انشقاق لم يكن ليخطؤها . لقد اتصفت الحركة بالدكتاتورية والتسلط والقهر والكبت والعدوانية والعنصرية والقبلية والفساد والمحسوبية والكذب والنفاق والخيانة ..وحتى يكون الكلام منطقيا وذا مصداقية فسوف اذكر امثلة لذلك وعلى سبيل المثال لا الحصر . فبالنسبة للدكتاتورية والتسلط والقهر والكبت فمن المعروف ان الحركة الشعبية منذ نشاتها اتسمت بهذه الصفات حيث ما كانت تتقبل او تسمح لاي راي آخر ينتقد القيادة او يقدم النصح لتصحيح المسير مهما كان صاحب هذا الراي او مقدم ذلك النصح وكل من حاول ذلك كان مصيره القتل والتصفية الجسدية او الاعتقال والسجن والتعذيب في معسكرات الحركة في الجنوب او في اثيوبيا في فترة التمرد ومثال لذلك القائد والقيادي بالحركة جوزيف ادوهو والقائد كاربينو الذي يعتبر هو القائد الاول لحركة التمرد والذين تم تصفيتهما جسديا مع غيرهما من قيادات اخرى . وبعد توقيع اتفاقية نيفاشا اصبحت الحركة اكثر ديكتاتورية وتسلطا واشد عنفا في مواجهة الخصوم او المخالفين لرأيها او سلوكها ليس فقط من الاحزاب او الكيانات السياسية الجنوبية الاخرى بل حتى وسط اعضائها مما ادى الى التململ والعصيان ومن ثم الانشطار كما حدث من جانب فصيل الحركة الشعبية لتحرير السودان – التغيير الديمقراطي بقيادة الدكتور / لام اكول ,, او الى المواجهة والصدام العسكري من جانب الكيانات الاخرى كما حدث في الاستوائية واعالي النيل . والآن لا يسمح لأي حزب او حركة سياسية بممارسة اي نشاط سياسي الا الحركة الشعبية حتى ادى ذلك الى غضب من جانب شريكهم في الملك و ( العسل ) – المؤتمر الوطني - مما حدى بالرئيس البشير بالتهديد بالمعاملة بالمثل ومنع الحركة من ممارسة نشاطها في الشمال ومن الامثلة الاخرى لديكتاتورية الحركة الشعبية هو ما حدث ويحدث في قطاع الشمال حيث يقوم رئيس هذا القطاع – ياسر عرمان – بتعيين اشخاص موالين له ومن اتجاه سياسي معين دون انتخاب او اي اجراء ديمقراطي ودون الالتفات الى احتجاجات الاعضاء ورغبتهم في اختيار اعضاء آخرين .. وقد اشتكى الاعضاء في هذا القطاع الى قيادة الحركة وعلى راسها الفريق سلفاكير غير ان شكواهم ذهبت ادراج الرياح مما اصاب الاعضاء بخيبة الامل ومن ثم ادى ذلك الى استقالات جماعية كما حدث في الجزيرة وخصوصا في منطقة الحصاحيصا . وبالنسبة للعدوانية والعنصرية فمن الناحية النظرية نجد ان ادبيات هذه الحركة مليئة بمفردات ومصطلحات الحقد والكراهية العرقية لكل من هو مسلم حتى لو كان جنوبيا او عربي او شمالي حتى لو كان مسيحيا ( على الرغم من وجود عدد من الترلات والمقطورات الشمالية في قطارهم ) ويؤكد ذلك ما تنشره الصحف الموالية للحركة وتبثه من سموم مثل ( خرطوم مونيتر وستيزن ) وصحفييهم مثل الفريد تعبان وغيره . اما من الناحية الواقعية فنجد ان ذلك قد طبق عمليا عدة مرات وفي اماكن واوقات مختلفة حتى بعد توقيع اتفاقية نيفاشا ويمكن ان نذكر بعض الامثلة على ذلك مثل احدات الاثنين الاسود التي اعقبت موت الراحل قرتق في حادث الطائرة اليوغندية والتي لم يكن للشماليين اي يد فيها ولكن الحقد والتخطيط المسبق والمنظم هو الذي أدى الى ذلك لأن امتلاك اسلحة ابيضاء ذات مقاييس ومواصفات موحدة وسرعة التنفيذ من جانب اعضاء الحركة في الخرطوم يدل دلالة واضحة على ان الحدث لم يكن انفعالا عفويا بل أمرا منظما ومرتبا كان ينتظر فقط ساعة الصفر ..ومن الامثلة الاخرى احداث جبل اولياء وسوبا وأحداث جوبا وملكال واغتيال التجار الشماليين وحرقهم أحياء ومصادرة متاجرهم وممتلكاتهم في الوقت الذي كان فيه اعضاء الحركة يملأون طرقات وممرات وفسحات السوقين الافرنجي والعربي في الخرطوم يعرضون ويبيعون ما كانت تمدهم به الكنائس والمنظمات الدولية من أرقى واشهر محلات الأحذية وبيوتات الملابس والازياء . اما من ناحية القبلية فيتضح تماما من خلال سيطرة قبيلة بعينها على مفاصل ومفاتيح الدولة والحكم في الجنوب ,, عسكريا ومدنيا ,, حتى ادى ذلك الى التذمر من جانب القبائل الأخرى بل والى الصدام المسلح . و فيما يتعلق الفساد والمحسوبية فحدث ولا حرج فلقد أزكمت رائحته الأنوف وأصبحت قصصها تتداولها المجتمعات , فان المليارات التي دفعت من عوائد البترول لحكومة الجنوب فبدلا من ان تصرف في مشاريع التنمية والتعمير في الجنوب من صحة وتعليم وطرق وكباري وجسور , ذهبت الى الجيوب والى تشييد الفلل والقصور الشخصية في جوبا ونيروبي والى دعم و ( وتضخيم ) الارصدة و الحسابات الشخصية في البنوك الاجنبية . أما بالنسبة للكذب والنفاق والخيانة فليس ادل على ذلك مما فعلوه بالتجمع الوطني الديمقراطي وقاموا بعض اليد التي امتدت اليهم , حيث كان التجمع الوطني قد قام باحتضانهم ودعمهم وتقديمهم الى العالمين العربي والاسلامي مما اوجد لهم موطئ قدم فيهما حيث كان هنالك تخوف قبل ذلك من توجهات وأطروحات هذه الحركة في اوساط العالمين العربي والاسلامي , ولكن ماذا حدث من هذه الحركة ؟؟؟؟ لقد قامت بخيانة التجمع وطعنه من الخلف وذلك من خلال التفاوض المنفرد من جانب الحركة مع المؤتمر الوطني – الحزب الحاكم – حيث بدأت المحادثات سرية ثم بعدها ظهرت للعلن بعد ان قارب الطبخ على الاستواء وكانوا يمارسون الخديعة والكذب مع أحزاب التجمع الوطني حيث كانت قيادة الحركة تدعي انها تفاوض نيابة عن التجمع وانها لن توقع اتفاقية منفردة او ثنائية مع الحكومة السودانية وانهم يفاوضون باسم المعارضة السودانية وبهدف الوصول الى حل واتفاق وطني شامل يستوعب الجميع .. ولكن ماذا حدث في نهاية المطاف ؟؟ لقد كان الأتفاق ثنائيا بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وكان بغرض اقتسام السلطة والثروة بينهما ليس الا .....ومن الامثلة الاخرى للكذب والنفاق من جانب هذه الحركة هو موضوع قانون الصحافة والمطبوعات وما ظلوا يدعون في الندوات العامة بأنهم يعارضونه الى ان كشفهم شريكهم في الملك – المؤتمر الوطني – واوضح وبين وفضحهم أمام الاشهاد ان هذا القانون ما هو الا وليد للحركة وان رئيسها هو الذي قدمه للحكومة وطلب اجازته وفعلا تمت اجازته في المجلس الوطني وبدعم من أعضاء الحركة الشعبية . ان الأمثلة كثيرة وكثيرة وان ما ذكرته ما هو الا غيض من فيض ,, فهل يا ترى بعد كل هذا لو تجزأت او تشظأت الحركة أو اندثرت سيأسف عليها أحد ؟؟؟؟؟؟ هاشم علي السنجك المملكة العربية السعودية ....جامعة الملك فيصل