د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    إبراهيم شقلاوي يكتب: يرفعون المصاحف على أسنّة الرماح    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    مناوي .. سلام على الفاشر وأهلها وعلى شهدائها الذين كتبوا بالدم معنى البطولة    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    شاهد بالفيديو.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (عندما كنت مع الدعامة لم ننسحب من أم درمان بل عردنا وأطلقنا ساقنا للريح مخلفين خلفنا الغبار وأكثر ما يرعب المليشيا هذه القوة المساندة للجيش "….")    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى لا تفقد السلطة الرابعة هيبتها وصدقيتها!! .. بقلم: إمام محمد إمام
نشر في سودانيل يوم 29 - 02 - 2012

مما لا ريب فيه أن الصحافة لم تحصل على تعريف السلطة الرابعة أو قنال التدليل بإطلاق مسمى صاحبة الجلالة عليها، إلاّ بعد جهد جهيد ونضال مرير طوال حقب من السنين تمكنت من ترسيخ هذا المفهوم عليها بين العالمين. والصحافة هي من الوسائل المهمة في تشكيل الرأي العام تجاه قضية معينة، حيث تعمل جاهدة على إرساء أسس وحيثيات وفقاً لضوابط ومواثيق مراعاة تجاه تلكم القضية، وتتكامل فيها المهنية والمسؤولية وفوق هذا وذاك الضمير الحي اليقظان. وفي تأثيراتها المفترضة في هذا الخصوص استبصار أصحاب القرار الحق عن طريقها في معالجة الأمر بقرارات أو توجيهات، نتيجة إذعان ومضاغطة أو موافقة وتأييد. فالأمثلة على ذلك كثيرة من أبرزها بإيجازٍ غير مخلٍّ: فضيحة "ووترغيت" الأمريكية التي أبلت فيها صحيفة ال "واشنطن بوست" الأمريكية بلاءً حسناً، مما أفضى إلى تشكيل رأي عام في الولايات المتحدة الأمريكية ضد الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، فاضطر نتيجة هذه المضاغطة الصحافية التي شكلت رأياً عاماً ضده إلى تقديم استقالته من الرئاسة، وغير ذلك في الأمثلة في الصحافة الغربية آخرها حملة صحيفة "الغارديان" البريطانية ضد "نيوز أوف ذا وورلد" إحدى صحف امبراطور الصحافة العالمية روبرت ميردوخ، فكانت النتيجة إغلاق الصحيفة الشهيرة، ومحلياً المضاغطة الصحافية التي شكلتها صحيفتا "التيار" و "السوداني" لتشكيل رأي عام تجاه قضايا الفساد، وتحديداً قضيتي "شركة الأقطان" والمستشار مدحت عبد القادر، ففي الأولى توالت القرارات والتوجيهات الرئاسية في التعامل بحزم وحسم تجاه المتورطين فيها، وفي الثانية تم تشكيل لجنة تحقيق داخلية من وزارة العدل، ولكن عندما تزايدت المضاغطات الصحافية تجاه هذه القضية، استجاب الأخ محمد بشارة دوسة وزير العدل، وذلك باللجوء إلى السلطة القضائية، باعتبارها جهة محايدة وقانونية لتشكيل لجنة تحقيق قضائية، وبالفعل تجاوب الأخ مولانا جلال الدين محمد عثمان رئيس القضاء مع هذه المناشدة بتشكيل اللجنة المعنية للتحقيق مع المستشار مدحت عبد القادر. فمثل هذه النماذج بلا أدنى ريب، تُضفي جلالاً ووقاراً وهيبةً على الصحافة السودانية، وتجعلها سلطة رابعة حقيقية لها هيبتها وصدقيتها بين قرائها، ومن ثم بين أصحاب القرار في البلاد. وتساهم بقدر ملحوظ في رفع قدر الصحافة السودانية والصحافيين السودانيين، إذ أن الصحافة السودانية الآن في مؤخرة القائمة التي أصدرتها أخيراً منظمة "مراسلون بلا حدود"، فقد وضعت ترتيبها بين صحف العالم ال 170 من بين 177، وهذا بلا شك موقع يؤلم أهل الصحافة السودانية والصحافيين السودانيين داخل السودان وخارجه.
أحسب أن هذه التقدمة مدخل مهم للتأكيد على دور الصحافة الرصينة الملتزمة بأخلاقيات المهنة والمراعية لسلوكيات المسؤولية في تشكيل الرأي العام، فمن هنا من الضروري أن يعي العاملون في بلاط صاحبة الجلالة أن عليهم واجباً مهنياً وأخلاقياً، ودوراً متعاظماً، لذلك لا يجب التعامل مع الصحافة بأنها مدخل من مداخل الشهرة والكسب المادي، بل هي رسالة وقدر مقدور ينبغي الانفعال به والالتزام بمتطلباته، والاحتكام إلى الضمير المهني الحي المنفعل بالدين خلقاً وبالتدين سلوكاً وبالمعاملة حسناً في سبيل إحقاق الحق، واتخاذ الوسائل للوصول إليه بالصدق والأمانة والتجرد.
أخلص إلى أن صحيفة "الوطن" نشرت يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين (13- 14 فبراير 2012) خبراً صدرته بعنوان بارز "المانشيت الرئيسي" لعدد الاثنين الماضي "مأمون حميدة يسرق الكهرباء..!"، وجاء فى حيثيات الخبر أن الصحيفة حصلت "على وثيقة رسمية خطيرة، صادرة من إدارة الهيئة القومية للكهرباء موجهة إلى رئيس أكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا د. مأمون حميدة وزير الصحة ولاية الخرطوم كشفت عن تلاعب في عداد دفع الكهرباء بالأكاديمية المذكوره .. الخ .." والخبر يفتقر إلى المهنية ناهيك عن المسؤولية، إذ أنه في ذاك العدد لم يشر إلى تاريخ الواقعة، التي حدثت قبل سبع سنوات، وحاول الربط غير الزمني بين رئاسته للأكاديمية آنذاك، وتوزيره في الصحة الآن، ولم يتحرّ الدقة في إيراد المعلومات المتعلقة بالاتهام الرئيسي وهو السرقة، والمعلوم أن اتهاماً بهذه الخطورة لا ينبغي أن يكتفي الصحافي فيه بعبارة وردت في مكاتبة واحدة "..أنه حدث تلاعب في العداد.."، كان ينبغي بذل المزيد من الجهد الصحافي في تفسير عبارة "تلاعب"، هل تعني سرقة أم غير ذلك، لأن هذا الاتهام خطير شرعاً وقانوناً، لأنه حدّيّ إذا لم يثبت، وعدم ثبوته مؤكد، بالأدلة والوثائق التي في حوزتي، وبذلك تكون الصحيفة قد ارتكبت قذفاً حدياً، وله أحكامه في أبواب الفقه، وهذا ليس موضع شرحه وتبيانه، ولكن المهم هنا أنه لا ينبغي إطلاق مصطلحات وألفاظ دون معرفة معانيها، لأن الألفاظ أوعية المعاني.
وأحسب أن المعلومات التي أوردتها الصحيفة في هذا الخصوص، معلومات مضللة وليست مغلوطة أو خاطئة، أي أن سوء المقصد فيها واضح تماماً، لكل ذي عقل سليم، وافتقادها للمهنية والمسؤولية لا نحتاج فيه إلى كثير توضيح، لأنها لم تبذل جهداً صحافياً تطلبه المهنية في التدقيق حول وقائع القضية المثارة، بل اكتفت بإيراد ما تضمنته رسالة المهندس مكاوي محمد عوض مدير عام الهيئة القومية للكهرباء آنذاك رداً على رسالة البروفيسور مأمون محمد علي حميدة رئيس أكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا وقتذاك، والرسالتان مسروقتان حسب ما أورده بيان جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا في بعض الصحف الصادرة أمس، رداً على تلكم المعلومات المضللة التي وصفها بيان الجامعة.
وفي رأيي الخاص، أن القضية التي ينبغي البحث فيها صحافياً، هي مدى مصداقية ما أوردته الصحيفة من معلومات مضللة، لم تتبع المهنية الصحافية في نشرها ولا المسؤولية في إيرادها، بل أوردت تلكم المعلومات المضللة بشكل خطير غير مهني في صدر صفحتها الأولى دون الإشارة إلى أن الحادث وقع قبل سبع سنوات مضت، وشخصنه القضية، فصار تناولها للقضية شخصياً وليس موضوعياً، كأنه ليس هناك قانون يردع مثل هذا الاعتساف، ولا ميثاق شرف يراعى في مثل هذه المواقف ولا ضمير مهني يحاسب على مثل هذا الزلل. ولمّا كان الأخ البروفيسور مأمون محمد علي حميدة وزير الصحة في ولاية الخرطوم أخاً عزيزاً وصديقاً حميماً منذ أمد بعيد، صداقة امتدت إلى الأهل والأسرة، وأشهد عنه ما أعرفه بالحق والصدق تنزيلاً لقول الله تعالى في خواتيم سورة البقرة: "وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ"، وأراجع في علاقتي معه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل هذا الموقف النصرة بالحق، المطلوبة ديناً، والمتوقعة تديناً للأخ، لقول المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم "انصر أخاك ظالماً ومظلوماً"، وأحسب أنه باتهام الصحيفة له، ظُلِم ظلْمَ ابن يعقوب من إخوانه، وظلم الحسن والحسين من أنصارهما. ففي الأولى، الشهادة بالحق، فأشهد له ويشهد له جمع من أصدقائه وزملائه وتلامذته بتمام الخلق وحسن التدين، الرادع للإتيان بمثل ما بهته به الغافلون، ولا نزكي أحداً على الله، ولكننا مأمورون ديناً وتديناً بالشهادة بالحق، عليه نقول إن إخلاصه لدينه ووطنه وعلمه يدفعه إلى قول الحق حتى ولو كانت كلماته المخلصات الصادقات فيها قدر من الغلظة وشدة القول، ولكنها تهدف إلى الإصلاح، مصداقاً لقوله تعالى: "قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ". أما الثانية، المتعلقة بنصرته على ظالميه وجاهلي فضله وقدره وعلمه، نبسط القول دفاعاً بالحقائق الدامغة والوثائق الثابتة، وهي أن الحادث المشار إليه وقع قبل سبع سنوات، وأنه اختلاف في تقديرات قراءة عداد إمداد الكهرباء الخاص بأكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا آنذاك، وبسؤال للفني عوض الطيب المسؤول عن الكهرباء في جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا عن حيثيات الحادث المشار إليه في تلكم الصحيفة، أفادني، بأن إدارة الأكاديمية آنذاك أرادت أن تغير موضع محول كهربائي كبير من مكان إلى آخر، فاتبعت الإجراءات المطلوبة في مثل هذا الإجراء مع الهيئة القومية للكهرباء للحصول على تصديق النقل وتنفيذه عن طريق فنيي الهيئة، وبالفعل تم ذلك حسب الإجراءات المتبعة في هذا الخصوص بالهيئة. وأحسب أن المشاحنات التي كانت بين الأخ البروفيسور مأمون حميدة والأخ الدكتور مكاوي محمد عوض حول قطوعات الكهرباء آنذاك، دفعت الأخ البروفيسور مأمون إلى كتابة تلكم الرسالة المشار إليها في الصحيفة في عدد الثلاثاء الماضي، وكانت رسالة غاضبه، أحسب أنها استفزت الأخ الدكتور مكاوي، فطلب من فنيي الهيئة إعداد معلومات حول استهلاك الأكاديمية من الكهرباء، وللتحقق مما أورده الأخ البروفيسور مأمون في رسالته التي يقول فيها: ".. ونحن الذين ندفع بالسعر الجزائي في مؤسسة تعليمية، إذ تصل فاتورة الكهرباء أكثر من 50 مليون جنيه سوداني شهرياً- نعاني الأمرين، عدم إمداد الكهرباء، مما يثير سؤالاً مهماً عن حق من يدفع الرسوم في أن ينعم بالكهرباء..". فظن الأخ الدكتور مكاوي- إن بعض الظن إثم " أنه وجد كعب أخيل في مأمون، فسارع إلى الرد عليه بالرسالة المشار إليها في العدد نفسه بالصحيفة، حيث قال: ".. وللتأكد من المعلومة التي ذكرتموها بأن استهلاككم يبلغ أكثر من خمسين مليون جنيه شهرياً تمت زيارة الموقع، واتضح لنا أنه قد حدث تلاعب في العداد في شهر يونيو هذا العام (2005) الذي أدى إلى تدني الاستهلاك إلى أقل من خمسة آلاف دينار فقط شهرياً، وهو أقل من استهلاك منزل في أطراف العاصمة، وتقومون بالسداد دون التبليغ للهيئة عن سبب هذا التدني طيلة الخمسة أشهر الماضية، وقد اتخذت الهيئة الإجراءات اللازمة لإرجاع حقها". فمن هنا تتضح المرارات والمشاحنات التي كانت بينهما، إذ لا يستقيم فعلاً أن يصل استهلاك منزل عادي في أطراف العاصمة إلى خمسة آلاف دينار شهرياً أي خمسة ملايين جنيه "بالقديم" شهرياً. والأمر الثاني الذي يستوقف قارئ هذه الرسالة المكاوية أنه لا يعقل أن يطلب من رئيس مؤسسة أكاديمية له مشاغله العلمية والإدارية أن يتابع قراءات عداد الكهرباء لمؤسسته التعليمية حتى يبلغ الهيئة بتدني الاستهلاك، لا سيما إذا علمنا أن العدادات مملوكة للهيئة وقراءتها المفترض أن تكون دورية من قبل الهيئة نفسها، ولكن لأن الخلاف بينهما كان حاداً ومحتدماً، وحاول بعض المغرضين الاصطياد في المياه العكرة، بدفع الأخ مكاوي إلى اللجوء لمثل هذا الرد الاعتسافي، تم الذهاب إلى المحكمة بحجة أن الأكاديمية نقلت المحول الكهربائي الكبير من مكان إلى آخر دون تصريح من الهيئة، فتسبب هذا النقل في خلل فني في العداد، فجاءت قراءاته خاطئة، وتمت تبرئة الأكاديمية والفني الذي كان يمثلها بواسطة المحكمة. وذلك لعدم وجود قضية، بعد أن تأكد للمحكمة أن الأكاديمية اتبعت كافة الإجراءات الإدارية والفنية في عملية النقل، وتم تنفيذه عن طريق الهيئة القومية للكهرباء، كما حكمت المحكمة بتبرئة الفنيين التابعين للهيئة وإعادتهم إلى مواقع عملهم وصرف استحقاقاتهم المالية وايقاف أي إجراءات محاسبة إدارية في هذا الشأن. واتفق الطرفان الأكاديمية والهيئة على إغلاق هذا الملف، بعد تصحيح الأوضاع تراضياً بين الطرفين. وأقر الأخ مكاوي والأخ مأمون بأن الصلح خير، وتصالحا امتثالاً لقول الله تعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"، ولما كان كلاهما من مدرسة فكرية واحدة لم يكن الصلح عسيراً عليهما.
وثمة ملاحظات مهنية وفقهية ينبغي بسطها بقدر من الإيجاز غير المخل هنا، وهي أن ما نشر عن الأخ البروفيسور مأمون حميدة في عدد الاثنين الماضي بالصفحة الأولى من تلك الصحيفة خلا من الإشارة إلى تاريخ الواقعة، وهذا خطأ مهني لا يجب أن تقع فيه صحيفة حائطية ناهيك عن صحيفة يومية! كما أن العنوان الرفيع يشير إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها". هذا استشهاد في غير محله لأن الحديث عن السرقات الحدية كالتي ارتكبتها فاطمة المخزومية بالسرقة من حرز خاص، أما سرقات الحرز العام فعقوبتها تعذيرية.. يا هداك الله! وللفقهاء القدامى والمحدثين رأي في هذا الصدد لا أحسب أن هذا موضعه للشرح والتبيان، ولكن سأفرد إن شاء الله تعالى له حيزاً في خطبة الجمعة (اليوم) التي سأصلي فيها إماماً في مجمع الحاج حسن متولي الإسلامي لغياب إمام جمعتهم الراتب الأخ الصديق السموأل خلف الله القريش وزير الثقافة، إثر وعكةٍ ألمت به أخيراً، نسأل الله تعالى له عاجل الشفاء وتمام الصحة وكمال العافية.
وينبغي القول في المنتهى، أن ظاهرة استفادة الصحف السيارة من المكاتبات والوثائق أصبحت رائجة، ولكنها تحتاج إلى حذر مهني وتقدير مسؤول، وذلك لا يتم إلاّ بجهد صحافي مهني مخلص ومسؤولية عالية يراعى الله في معالجتها الأمور، حتى لا يظلم أحدٌ بسوء التقدير وعجز الأداء المهني وسوء المقصد. فنحن يهمنا، باعتبارنا صحافيين سودانيين في الخارج أن ترتقي صحافتنا المحلية مرتقىً عالياً بالمهنية والمسؤولية، لأن ذلك ما نفاخر به رسلاءنا في وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية.
ولنستذكر في هذا الصدد، قول الله تعالى: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ".
ولنتذاكر مع الأخ الصديق البروفيسور مأمون محمد علي حميدة قول الشاعر العربي أبي الطيب أحمد بن الحسين المعروف بالمتنبي:
لك يا منازل في القلوب منازل أقفرت أنت وهن منك أواهل
ولنقف جميعاً عند قوله:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل
من لي بفهم أهيل عصر يدعي أن يحسب الهندي فيهم باقل
وأما وحقك وهو غاية مقسم للحق أنت وما سواك الباطل
وقول الشاعر العربي عمر بن أبي ربيعة:
حسداً حملنها من أجلها وقديماً كان في الناس الحسد
Imam Imam [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.