[email protected] أنا ياني دي يا فندي. وهذه من مأثورات شيخنا الشاعر محمد المهدي مجذوب استفادها من عربية جوبا حين عمل في الجنوب في الخمسينات من القرن الماضي. وظل يرددها متى أراد رد الأمر إلى نهاية أصله. وأنا ياني دي. أنا عزيز الجانب من جهة القبيلة والطائفة ولكنني لم أستدعهما طوال شغلي السياسي والفكري لأنهما لايمتان لنوع السياسة التي شغفت بها ولا يخدمان المستقبل الذي أردته لبلادي. وكان لي حزب وكنت في نواة زعامته ولكنني استعفيت منه (لغة معاشات) حين ساءت ظنونه وفعله وبدأت من الصفر. وأن ياني دي يا خلَّة. أما عن المال. فأنا بحمد الله مستور. وتعريفي للسترة هو قول رفيقنا المرحوم عمر مصطفي المكي حين لقيته قبيل وفاته بقليل. سألته عن الحال فقال نقوم ونقع لكن مستور و"ما في ود مبلمة طالبني جنيه". ولكن الانتخابات مصرف آخر بالطبع. ما يزعجني في من يذكروني بعاهتي المالية أنهم عصروا على سيد الواحدة (أنا) وتركوا سيد الكثيرة (المؤتمر الوطني ومن لف لفه). وكان من رأي سيد الكثيرة في الأثر أن سيد الواحدة "بيتحمل" موت جمله. أمانة القول والكتابة كفعلين مسئولين في أن يضعا سيد الكثيرة (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) على نار المساءلة بخاصة وهو يصرف صرف لا يخشى الفقر من مال فيه شبهة أنه مال عام. ولو أردت لسياستي أن تبنى على مثل هذا المال السائب لما غلبني. فقد دنوت منه مرات وعافته نفسي. ولو صح "تعيير" المرشح بفقره لأصبحت فينا دولة من الأغنياء. ولأصبحت السياسة مثل الرهد أبو دكنة مسكين ما سكنه. ثم ما أسقط لو سقطت. فالانتخابات مباءة سقوط أيضاً. بل هي عن السقوط فيها ربما بأكثر من النجاح. فإرادة الناخبين (التي تشكلها عوامل شتى ليست كلها حسنة) هي الحكم. ولا شماتة. فقائمة الساقطين شملت من يرغب المرء أن يكون بينهم أيضاً. سقط قبلي تشرشل الإنجليزي أبو شنب الرقم (كما يقولون) في أول انتخابات بعد الحرب العالمية الثانية وهو الذي قاد بلاده للنصر على النازيين. وسقطت مسز كلينتون بجيبها الكبير وآل قور الذي اخترع الإنترنت كما يزعم وجون مكين الرمز العسكري الآسر. ومن الناجحين في الانتخابات مثل هتلر ممن لا يرغب المرء في الانضمام لناديهم. وسقطت قبلي راكوبة المرحوم مالك. ومالك رباطابي وعامل دريسة من ذوي البيوت محدودة الغرف شمالي محطة عطبرة عند الحفر والمستشفى. واتخذ أهله وغير أهله من الرباطاب منزله نزلاً متى جاءوا للاستشفاء أو العزاء أو التسوق. وكان مالك سخياً حمولاً بشوشاً. وكان بيته من البيوت المؤسسة في المدن التي ربت وعلمت وآوت. وقد كتب عن فضل هذه البيوت مؤخراً الأستاذان جعفر عباس وحمور. واستعان مالك براكوبة ليوسع على ضيوفه. وذات يوم عاصف تهاوت الراكوبة. وجاء الجيران من كل فج يسألون عن الحاصل ويحمدلون: -سلامة سلامة. الراكوبة وقعت كيف يا مالك؟ فيرد مالك: - والله لا أحرى لا أدري. ماها راكوبتن بيرميها متل هواء أمبارح دا. والله قبل أسبوع غرقت لمرقها وفتلت حبال كربت جريد السقف. أنا هسع من الصباح متحير في الحصل. إلا كان الهواء دا جاها من زاوية ما عرفتها. مقادير. -يا زول سلامة. الجاتك في مالك سامحتك. وظل مالك يستقبل سحابة يومه الجيران ومن سمع من معارفه بحلة السيمافور والحفر والتمرجية والداخلة. وما تحمدَّل له الزائر حتى طلب أن يسمع قصة السقوط الكبير لراكوبة مالك. ومالك يحكي ويحكي. ثم أخذ يتضايق من السؤال ويختصر في الرواية. ووصل به الضيق من السؤال حداً حركت فيه نازعة موهبته في الوصف والمساخة. سأله السائل: -الراكوبة وقعت كيف يامالك؟ قال مالك: -وقعت دز. فيامن تريدون معرفة كيف سأفوز في وجه الملأ السوداني المدجج بالقبيلة والطائفة والمال المشتبه والحزب اقول لكم: