رحل قيثارة الشمال ، امبراطور الطمبور ، رحل صاحب الطيف ، وتظل فينا سيرته العطرة ، وكلماته الخالدة ، وحسبنا ان لن يغيب طيفك "محمد كرم الله" ، " اخيرا لبى الطيف النداء وقف مرافقا لصاحب الصوت الشجي ، لبى نداء السنين ورحلة التناجي ، سافر مرتحلا كرم الله" ترجل عن صهوة الإبداع ، وامبراطورية الطمبور ، ترك عرش الاغنية حزينا ، تظل فينا "محمد كرم الله ، الطيف ، سر غرامك ، طعم الدروس ، تراب بلدي ، ستظل فينا ودعتك الله" . ولد محمد كرم الله في جزيرة بروس شمال السودان في العام 1951م ، نشأ وترعرع فيها وعاش كما وجميع اهلنا في الشمال تشرب من طيبتهم وحسن معشرهم ، بدأ مشواره الفني منذ المدرسة الابتدائية حينما كان يُلحن الاناشيد بصورة مختلفة عن اقرانه ما شد الانتباه إلى موهبته ، وأصبح يُغني في الحفلات داخل "جزيرة بروس" ، ومن ثم انتقل بصوته وفنه إلى المناطق المجاورة ما اتاح له جمهور وشهرة اوسع . في عمر 14 عام تم إجازة صوته في الإذاعة السودانية ، بتقييم جيد ، لما تمتع به من صوت متفرد وحضور مميز ، واتاحت له هذه الفرصة الإنتشار والتوسع لخارج اطار المحلية ، وعبره نقل كلمة الطمبور ، ولحن الشمال ، والتراث الشمالي إلى نطاق اوسع ، وقد لاقى خلال مشواره قبولا واستحسانا من شرائح مختلفة من المجتمع السوداني ، إذ نجد متابعي "محمد كرم الله " في كل مكان في السودان وبمختلف سحناتهم وثقافاتهم وأقاليمهم ، وهذا يدل على سمو الرسالة التي كان يقوم عليها الراحل . كان دمث الخلق ، قليل الحديث ، تتجلى الحكمة في صمته ، في نظرته عطف على إنسانية متأصلة ، تغنى للوطن ، وللمحبوبة ، تغنى للمجتمع وتقاليده .. ظلت اغنياته جزء لا يتجزء من الوجدان الثقافي للمنطقة ، ويظل "محمد كرم الله" بما حمله من رسالة أرث تأريخي وثقافي متفرد تميزت به منطقة تنقسي الجزيرة ، وقد كانت مسيرته ومفرداته مدرسة متفردة تُمثل إمتداد لعظماء النيل امثال النعام واسحق كرم الله ، وبتاريخ الخميس 14/6/2012م ، ترجل "كرم الله" مودعا الطيف ، وتراب بلدي ، وفي رحيله ردد محبوه "ودعتك الله" الا رحم الله "محمد كرم الله" . TEGANY A.BAGI [[email protected]]