مع الإعتذار للمطربة الرائعة، نادية القلعة، عن هذا التحريف المتعمّد لاسم أغنيتها المعروفة، لم أجد أنسب من هذه العبارة لأجعل منها عنواناً لهذا المقال، الذي أرجو ألا يسبب مزيداً من "الزعل" لدى المعنيين به. فمن الملاحظ أن مجالس العزاء، التي من المفترض أن تكون لحظات للمواساة، والعظة والعبرة، قد تحولت إلى منابر سياسية تناقش فيها حتى السياسة العليا للدولة! و الأدهى والأمر من ذلك، أن تتحول تلك المجالس إلى جلسات للنميمة وقول الزور والكسب السياسي الرخيص، على حساب الآخرين باستغلال بعض القرويين و دغدغة مشاعرهم بكلام لا يمت للواقع بصلة، اللهم إلا أنه قد جاء على لسان أحد حارقي البخور في بلاط صاحب السلطان. فقد تحدث من يدعي أنه من خاصة السيد الوالي، معتصم ميرغني زاكي الدين، بأن سيادته لم ينجز وعده لأهالي إدارية دميرة بإعادتهم إلى محلية بارا، لأنه " زعلان" من مقالات شخصي الضعيف، التي أنشرها في صحيفة الإنتباهة. و كما هو معلوم لدى السادة القراء، فإن طبيعة هذه المقالات قد ظلت مطلبية لحدٍ كبير، وتتناول قضايا تهم إنسان المنطقة، الذي حُرِم من كثير من الخدمات، و كان لازماً علينا كمراقبين أن نذكّر القائمين على الأمر بواجباتهم تجاه المواطن؛ ولذلك من الضروري أن تغضب تلك المقالات من يفشل في تقديم الخدمات الأساسية من أمن، و تعليم، وصحة، ومياه شرب، وغذاء، بموجب المسئولية المناطة به، لأن من طبيعة البشر، التذمر بمن يذكرهم بنقاط ضعفهم. لكن أن تتخذ مقالاتي ذريعة لتنفيذ عقوبة جماعية على أناس لا علاقة لهم بها، فهذا سلوك أقلّ ما يوصف به أنه تعسف وإحدى طبائع الإستبداد الذي ينهى عنه الدين والخلق. وإذا صح ما ذهب إليه هذا الذي يقول بإنه من خاصة الوالي، فإننا نطرح هنا جملة من الأسئلة التي نطالب بإجابة عليها حتى يكون مواطنو الولاية على بينة من الأمر. فهل يا ترى فشل الوالي في حل مشكلة مياه الأبيض حتى الآن لأنه أيضاً " زعلان" من المقالات المشارإليها؟ وهل لم ينفذ الوالي وعده لأهالي الولاية بقيام المستشفى المرجعي في مدينة الأبيض بسببي أيضاً؟ وهل التقصير المشهود من قبل لجنة الأمن التي يرأسها الأستاذ معتصم أيضاً يعود لما تنشره لي الإنتباهة؟ وأخشى أن يكون طريق أم درمان –جبرة- بارا قد تعذّر إنشاءه بسبب هذه المقالات. وهل كل ما نشاهده من غياب للتنمية في هذه الولاية الغنية بالموارد، سببه أيضاً مقالاتي يا ترى؟ وهل كنت السبب في ما ذهبت إليه حرم السيد الوالي من كلام جارح، طال المعتمدين في حضرة كبار المسئولين في الولاية؟وهل ما ذكرمن"سوق مواسير"في ولاية شمال كردفان، هو الآخر بسبب عمود " ومضات" الأسبوعي؟ أنا شخصياً أعتقد أن هنالك خللاً كبيراً في إدارة شأن الولاية، لا علاقة لي به اللهم إلا أنني قد شاركت بطريقة غير مباشرة في الإنتخابات الأخيرة، التي جاءت بالسيد الوالي إلى كرسي الحكم، وهو يعلم ذلك تمام العلم، ولكنه الآن يرد إلي الجميل بهذه الطريقة حيث جعل من محدودي الفكر والبصيرة،خاصة له يرجع إليهم ويشاروهم في أمر الرعية، وإدارة الولاية، ويفضي إليهم بما يعكر صفوه حتى يجد عندهم السلوى! وقد نجد لوالينا العذر، لأنه ربما لا يعلم بمقاصد هؤلاء الذين يسعون لتذكية أنفسهم، وتلميع صورهم بالزور، والنيل من الناس، في الجلسات المغلقة التي لا يحضرها إلا علية القوم، والمقربين من صاحب السلطة! وإذا كنت أنا "صفراً كبيراً على الشمال"، كما وصفني هذا المقرّب من الوالي ذات مرة، فكيف يمكن أن تكون مقالاتي على ذلك القدر من الأهمية، والخطر حتى تشغل بال الوالي، ويقرأها في مجالسه الخاصة، التي تضم مثل هؤلاء الأكابر، الذين نحسب أنهم قد اهتبلوا فرصة في زمن الإنقاذ التي لا تدقق كثيراً في المؤهلات العلمية، والمهنية، والأخلاقية، لتولي الوظائف العامة خاصة في المفوضيات التي تكونت بعد كارثة نيفاشا. يا حضرات السادة، إنّ مثل هذه التصرفات الصبيانية، التي يقصد بها الكسب السياسي الرخيص، وخداع الجمهور بالمكشوف، لن تثنينا عن القيام بجهد المقل تجاه أهالينا. كما نذكّر هذا السيد المقرب، بأن " السلطة ضل ضحى"، وأنّ هنالك أموراً أبقى وأطول عمراً تأتي المروءة على رأسها، فمن يفقد هذه فقد فاته خير عظيم. ونحن لسنا بعيدين عن الساحة التي يتحرك فيها هؤلاء، ولذلك فإنّ كل الأمور مكشوفة ومعلومة بالضرورة، ونعلم ما يحدث في أضيق الدوائر، وبما أننا لم نكن ننوي الكتابة عن الأمور الشخصية فقد صرفنا النظر عن هذه الترهات فترة من الزمن، ولولا الضرر الذي يقال إن مقالاتي قد سببته لأهالي إدارية دميرة، لما أقدمت على كتابة هذا المقال أبداً. أما المطالبة بعودة إدارية دميرة إلى بارا، فهذا أمر مشروع، سوف نسلك كل السبل المتاحة لتحقيقه، بما في ذلك القضاء، وغيره من الوسائل النظامية، لأننا لم نتعود على تحمّل الظلم، وليعلم كل من تحدثه نفسه بتنفيذ عقوبة جماعية على أهلينا، أن زمن مثل هذه العقوبات و التصرفات غير المحسوبة، قد ولى إلى غير رجعة، في ظل ما نشهده من تغيرات كبيرة في المنطقة برمتها، من المحيط إلى الخليج. وفي ذات الوقت نذّكر السيد الوالي -أطال الله عمره- بأننا نعلم المعدن الذي جاء منه، وأنني قد إلتقيت بعمنا المرحوم ميرغني حسين زاكي ذلك، الرجل العظيم، الذي كان يعرف قدر الرجال، ويحفظ لهم مكانتهم؛ فو الله لو أن شيخنا معتصم قد سار على نهج والده، الذي نعرفه جيداً، لما وصلت الأمور في الولاية، إلى هذه الدرجة من والتردي في كثير من النواحي. أخيراً، نستنتج بأن ما نراه من إخفاق واضح في تقديم الخدمات والتنمية، والتعمير و حفظ الأمن، في الولاية، إنما هو بسبب مخالطة الوالي لمثل هؤلاء المتسلقين، الذين لا يرجى منهم خير، ولا خدمة إلا لأنفسهم فقط وليس بسبب مقالاتي كما يزعم صاحبنا. وما عاش من يزعلك يا شيخ معتصم، ولا تركن إلى هؤلاء، فقد يفسدون عليك أمرك، ورأيك، وأنت كبير هذه الولاية؛ هذا ما لزم توضيحه حتى الآن، وإن عدتم عدنا، ...........ولدينا مزيد!