الطيب مصطفى كتبنا بالأمس عن تأليب باقان أموم للسياسيين الأمريكيين واستعرضنا الحديث الساخر الذي أدلى به مالك عقار والذي تهكَّم فيه من وفد المؤتمر الوطني وقال (إنه جاء إلى أمريكا محمولاً على ظهر الحركة الشعبية ويريدون منا أن ندخلهم إلى البيت الأبيض) وإن الحركة لن تمكِّنه من ذلك بل إنها وهي التي جاءت به محمولاً تستطيع أن تُسقطه!! واستعرضنا كذلك تحريض باقان أموم للمسؤولين الأمريكيين بغرض إبقاء سيف العقوبات مسلطًا على الشمال والشماليين ممثلين في حكومتهم. ما نسيتُ أن أذكره هو أن مالك عقار تحدث في ندوة المعهد الأمريكي للسلام بواشنطون في حضور د. غازي والمبعوث الأمريكي قريشن وياسر عرمان وقدَّم عقار شرحًا وافيًا عن المبرِّرات التي تقتضي (استمرار) الإدارة الأمريكية في فرض العقوبات على الشمال والعجيب أن مواطنة أمريكية قامت بتقديم مرافعة قوية بضرورة رفع العقوبات بصورة عاجلة!! هذه قرائي الكرام الحركة الشعبية تفعل بالشمال الأفاعيل وتكيد لأهله المساكين وفي ذات الوقت تتحدث عن مهمَّشيه وعن أنها تسعى لحكمه حتى تملأه عدلاً بعد أن مُلئ جورًا تحت حكم الأنظمة المتعاقبة منذ الاستقلال ناسية أن فاقد الشيء لايعطيه وأن الحركة التي نكلت بأبناء الجنوب الذين زعمت أنها قد حررتهم من الجلابة وألبستهم لباس الجوع والخوف والجهل والمرض ليست مؤهلة أخلاقيًا ولا إداريًا لخدمة الشمال وأهله وإنما للفتك به واستعماره وتقتيل شعبه وتمريغ أنفه في التراب!! مالك عقار هذا الذي يؤلِّب أمريكا على الشمال يحكم ولاية شمالية لن تكون في يوم من الأيام جزءًا من الجنوب وبالتالي فإنه بتحريضه على الشمال يشنُّ الحرب حتى على ولايته الفقيرة التي ما أحسَّ في يوم من الأيام بفقرها ولا بمعاناة مواطنيها وهل من دليل أكبر من أن يشهد على ذلك شاهد من أهل الحركة الشعبية؟! هاكم إذًا ما كتبته (أجراس الحرية) التي هي صحيفة الحركة الشعبية بتاريخ 14/12/2008م تحت عمود (صدى الأجراس) وبعنوان (والي وسفر وهمر)!! تهكّمت الصحيفة من قيام مالك عقار بإنشاء مركز ثقافي في مدينة الدمازين بكلفة بلغت سبعمائة ألف دولار ومن إصراره على أن يسمِّي المركز باسمه (مركز مالك عقار الثقافي) وقالت »لسنا بحاجة كي نحدث (ملك المهمَّشين!!) هناك عن أولويات أهل النيل الأزرق فالولاية لا يوجد بها أي خدمات تُذكر حتى يتفرغ لصرف كل تلك الأموال الضخمة في تضخيم ذاته وإشباع هواياته في استعراض الفنون الإثيوبية وتعليق لوحاتهم السيريالية وماذا سيستفيد أهل الدمازين من ذلك؟!) وانتقدت الصحيفة ما سمّته بالتقليد الدكتاتوري الذي جعل الرجل يسمِّي المركز بكل علاّته باسمه بدلاً من تسمتيه برمز من رموز ثقافات فقراء ومهمَّشي النيل الأزرق ولم تنسَ الصحيفة بالطبع التهكُّم من العربة (الهامر) التي يمتطيها مالك عقار في بلد يتضور مواطنوه جوعًا. هذه قرائي الكرام نماذج من مناضلي (السودان الجديد) الذين لا يكتفون (بلقف) أموال السودان في ملذاتهم وهواياتهم وتمجيد ذواتهم الفانية تاركين شعبهم يطحنه الفقر والجوع والتخلف وإنما يصرون على إشعال الحرب وتضييق خناق العقوبات الأمريكية والغربية عليه بالرغم من أنهم يتمتعون بخيرات الحكم ويتقلبون في نعيمه!! إنه الحقد الدفين الذي رواه الأستاذ أحمد البلال الطيب منذ نيفاشا فقد دعا الوفد الحكومي المفاوض (مسلمي) الحركة الشعبية إلى إفطار رمضاني (تشريفي) فما كان من مالك عقار الذي أشك في أنه كان صائمًا حينها وكيف يصوم من ينتمي إلى حركة لم تقُم أصلاً إلا للحرب على الإسلام؟! أقول فما كان من مالك عقار إلا أن قال لهم (كيف نفطر معكم وبيننا بحور من الدماء؟!) لقد صدق الرجل والله ولو كنتُ مكان وفد الحكومة لما دعوتُ من يحادّون الله ورسوله ويقتلون ويدمِّرون ويخرِّبون أيام الحرب ويشنُّون الحرب الاقتصادية ويؤلِّبون العالم علينا بعد نيفاشا. إن مشكلة عقار أنه سيكون مثل عرمان وعبدالعزيز الحلو عند انفصال الجنوب فبالرغم من أنهم قيادات في الحركة الشعبية فإنه لا يحق لهم التصويت في استفتاء تقرير المصير كما أنهم لن يجدوا موطئ قدم في الجنوب إلا بالتجنيس أما الشمال الذي عادوه فإنه لن يرحِّب بهم مواطنين فيه بعد أن مارسوا ضده أبشع درجات العقوق!! موسفيني بين الثابت والمتغيِّر!! الرئيس الأوغندى يوري موسيفيني زامل جون قرنق أيام الدراسة في جامعة دار السلام بتنزانيا وشهد الرجلان مذابح ومشانق التطهير العرقي التي نُصبت للعرب في زنجبار عام 1964 على يد جون أوكيلو الذي لطالما احتفت به الصحف الجنوبية واعتبرته بطلاً إفريقيا عظيمًا وظل الرجلان (موسيفيني وجون قرنق) منذ ذلك الزمان يحملان مشاعر البغض والكراهية للعرب وللإسلام والمسلمين. العجيب في الأمر أن موسيفيني أدلى بتصريحاته هذه بالرغم من أنه كان قد التقى الرئيس البشير على هامش قمة السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) في زيمبابوي وقال كلامًا مختلفًا عما صرَّح به في ألمانيا!! كما ذكرتُ فقد تشكل عداء قرنق وموسيفيني للعرب منذ أيام الدراسة الجامعية في جامعة دار السلام وتأثُّر الرجلين بأفكار القس نايريري الذي حكم تنزانيا التي توحدت من تنجانيقا وزنجبار والمعروف بعدائه للإسلام والعروبة وسنظل نردِّد مقولة قرنق صديق موسيفيني التي كان يردِّدها خلال زياراته للدول الإفريقية خلال فترة الحرب ويؤلِّب بها الأفارقة ويحرِّضهم ضد العرب (إن العرب مكثوا في الأندلس أكثر مما مكثوا في السودان وكما أُخرجوا من الأندلس سيُخرجون من السودان) ولذلك قامت نظرية قرنق المسماة ب (السودان الجديد) التي كُلِّف بتبنيها من قِبل الأمريكان الذين ابتعثوه للدراسة العليا في جامعة ايوا.. أقول كانت تلك النظرية على أساس استئصال ماسمّاه (بالنموذج العربي الإسلامي) الذي قال إنه ظل يحكم السودان منذ الاستقلال!!