العودة إلى نانسى هناك قلة قليلة إعترضت على ماكتبت من كلمات فى حق فنانة أعجبت بفنها الراقى وعذوبة صوتها. إلى أولئك الذين يتشككون فى قدراتها نقول ان الفنانة نانسى عجاج لم تقلد أحدا . نعم أنها تغنى للآخرين . لقد غنت لفنانين منهم من رحل عن دنيانا مثل الراحل إبراهيم عوض ، سيد خليفة ، عبد الدافع عثمان ، كما غنت للفنان محمد وردى . وإذا تساءلنا : هل أن تغنى لفنان آخر تصبح من المقلدين ؟! نانسى لم تقلد أحدا ، نعم غنت لآخرين وهذا لايعيبها بأية حال من الأحوال . كم من الفنانين من تغنى للشاعر خليل فرح !؟ ومن منهم لم يتخذ من عازة شاهدا على الضنى والبعاد؟! فهل كل من تغنى بعازة أصبح مقلدا ؟! أم أن الوضع قد إختلف عند نانسى ؟! بالرغم من أن الفنانه القديرة نانسى عجاج لم تقلد ، إلا أننى أتساءل ان كان التقليد قد أصبح عيباً أم قصورا يحتسب على الفنان ؟! إذا تتبعنا تاريخ الغناء فى السودان سنجد أن كل من تقدم للإذاعة السودانية " هنا أم درمان " من الفنانين كان يمر بإختبارات منها أن يطلب منه تقديم أغنية لفنان من الفنانين ، وبها يتقرر إجازته من عدمه . إلا القلة القليلة التى إخترقت المجال بمقومات شخصية . ثم إذا تلفتنا إلى مايحدث فى دول الجوار سنجد أن هناك من الفنانين والفنانات من تبنتهم الدولة كما فى مصر لخلق جيل جديد يواصل ما أسسه السابقون مثل كوكب الشرق السيدة/ أم كلثوم ، والعندليب الأسمر/ عبد الحليم حافظ ، والفنانه / نجاة الصغيرة . كل أولئك قد تكفلت بهم الدولة لمواصلة المشوار وفتحت لهم " دار الأوبرا " لعرض ماحباهم به الله من قدرات تمكنوا معها من التقليد . وهناك فى الطرف الآخر الفنان الكبير / هانى شاكر الذى جاء إلى حقل الغناء مقلدا للفنان عبد الحليم حافظ ، إلى أن إستقر به المقام ليصبح من الفنانين الذين يشار إليهم بالبنان ، ليس فى إطار القطر المصرى ، بل تعدت شهرته حدود العالم العربى ! ثم إذا إبتعدنا عن محيطنا السودانى والعربى ، فكم من المغنيين من إتخذ من أغانى البيتلز مثالا شق من خلاله طريقه إلى عالم الغناء ؟! وفى القارة الأمريكية ، كيف بدأ الفنان الراحل مايكل جاكسون ؟! ألم يتكئ على أغانى " جيم براون " إلى أن تربع على قمة الغناء ليس فى أمريكا وحدها بل فى العالم كله ليصبح " ملك البوب " بدون منازع ؟! وكذلك إذا تمعنا لما يحدث فى البرنامج الأميركى الشهير " أميريكان آيدل " الذى يفتح المجال أمام المتقدمين للغناء من الباحثين عن الشهرة والأضواء والثراء ، تقوم الإختبارات فيه على مقدرة المغنى على آداء أغنية لمغنى من المشاهير ، وإذا ماتمكن من كسب أصوات المستمعين ولجنة التحكيم يترقى إلى مرحلة أعلى إلى أن يصل إلى المرحلة النهائية الفاصلة ! فهل التقليد هنا يعتبر من القصور المحتسب على الفنان ؟! من يجد خامة صوتية مثل ماتمتلكه الفنانة نانسى عجاج عليه أن يبذل المستحيل لتعبيد الطريق أمامها كى تجد طريقها إلى العالمية . خاصة وبرغم السنوات الطوال التى هى عمر مسيرة الغناء فى السودان لازلنا نبحث عن فنان نخترق به الحيز المكانى الضيق الذى ظللنا لانبارحه لقصور ما صاحب تلك المسيرة ! هناك قلة من الفنانين السودانيين إستطاعوا أن يقرنوا الفن بالثقافة الشئ الذى ميزهم عن سواهم . ومن أولئك الفنان الكبيرالقدير/ عبد الكريم الكابلى ، الذى مزج الفن بالثقافة فأصبح " أطال الله عمره ومتعه بالصحة والعافية " أحد الرموز التى يشار إليها فى محيطنا العربى .