قرأت بمزيد الحزن والأسى قرار السيد رئيس الجمهورية بإلردة بالأكاديمية العسكرية العليا لاسمها القديم وهو "أكاديمية نميري العسكرية العليا" بتوصية من السيد وزير الدفاع. ويكفي من هول هذا النبأ على حساسية شعبنا السياسية أن أكثر صحف الإثنين (6 يوليو 2009) أضربت عن نشره. لقد صار المرحوم نميري بيد غفور رحيم وسألنا له ربه أن يجزيه إحساناً على إحسانه وأن يعفو عن ذنبه ما تقدم وما تأخر. وهذا شرع الآخرة والمعاد. اما شرع الدنيا والمعاش فمختلف. سبق لشعبنا مضطراً خلع نميري من سدة الحكم بإنتفاضة أبريل 1985 لأن المرحوم لم يترك له غير هذه السكة. وهذا حكم معاش تاريخي منتظر من أهل السلطان فينا النزول عنده حتى لو خالف قناعاتهم الشخصية. ومن المؤسف أن تتخذ قرارت إعادة تأهيل نميري (سواء بالتشييع الرسمي أو استرداد اسمه لمنشآت للدولة خصماً مال دافع الضرائب) الخلافية (بتقدير ملطف جداً) في وقت نتداعى لإنتخابات نأمل أن تحسم بصورة خاتمة مسألة التعاقب السلمي للحكم. فقد فشل المرحوم في علاج هذه المسألة المركزية في بناء الدولة الوطنية فجعلها ملكاً عضوداً فثرنا عليه وأزلنا باطله بأيدينا بشرعة الحق. إن في قرارت الدولة المتلاحقة لإعادة تأهيل المرحوم استفزاز كبير لجمهرة شعبنا التي تعد انتفاضة إبريل إرثاً للحرية في مقام الثورة المهدية مثلاً. فالحكومة التي تستصرخنا التمسك بعروة الوطنية الوثقى في هذا المنعطف الحرج من تاريخها إنما تدق إسفيناً في التعبئة للوطن التي تنشدها. إن القول بأن إعادة تأهيل المرحوم شيمة للعسكريين وديدن هو زمالة سلاح ضارة وجزئية. فطالما عرض العسكريون للشأن العام فالحكم على الواحد منهم في تأدية التبعة والتكليف هو حق للشعب بالوسائط الديمقراطية العادية وغير العادية. ناهيك أنه كان من بين من اساء إليهم االعسكري في الشأن العام ودق عنقهم عسكريين أشاوس في انقلابات تكررت لم ترد لشعبنا الهوان في ظل حكم رجل واحد منهم. ومما يطعن في الزمالة العسكرية المزعومة أن نهاية المرحوم السياسية القاتلة كانت علي يد قيادة قوات الشعب المسلحة التي امتثلت لرأي الشعب وقضت على المرحوم أن لا يعود لوطن شاك الديمقراطية والسلاح. الدكتور عبد الله علي إبراهيم