بسم الله الرحمن الرحيم.. عبدالغني بريش اليمى ... الولاياتالمتحدةالأمريكية طالبت إحدى السيدات السودانيات وتدعى مريم الصادق المهدي في احدى لقاءتها الصحفية بتطبيق التجربة اليمنية في السودان للخروج من أزمته السياسية .. وقالت السيدة د. مريم الصادق المهدي ، في مقابلة لها على الهواء مباشرة يوم أحداث جمعة "شُذاذ الآفاق" مع مذيعة الأخبار في قناة الجزيرة أن المعارضة تبحث عن حل مماثل للحل اليمني !!؟ فهل يمكن تطبيق هذه التجربة على السودان والتي تنص على : تنص المبادرة الخليجية المعدلة لحل الأزمة اليمنية على تشكيل حكومة بقيادة المعارضة ومنح الحصانة للرئيس اليمني علي عبدالله صالح بعد استقالته ، بحسب نص الخطة على أن يؤدي الحل الذي سيفضي عن هذا الاتفاق إلى الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره . وأن يلبي الاتفاق طموحات الشعب اليمني في التغيير والإصلاح . وأن يتم انتقال السلطة بطريقة سلسة وآمنة تجنب اليمن الانزلاق للفوضى والعنف ضمن توافق وطني . وأن تلتزم كافة الأطراف بإزالة عناصر التوتر سياسيا وأمنيا وأن تلتزم كافة الأطراف بوقف كل أشكال الانتقام والمتابعة والملاحقة من خلال ضمانات وتعهدات تعطي لهذا الغرض . وتنص المبادرة على أن تنفيذ الأسس المذكورة يتم عن طريق الخطوات التنفيذية التالية : - 1/ منذ اليوم الأول للاتفاق تنتقل السلطة من رئيس الجمهورية الى نائبه وتشكل حكومة وحدة وطنية وادارة مرحلة انتقالية يتم خلالها الحوار من اجل حل المشاكل الرئيسية في اليمن - 2/ تبدأ الحكومة المشكلة العمل على توفير الأجواء المناسبة لتحقيق الوفاق الوطني وإزالة عناصر التوتر سياسيا وأمنيا . - 3/ في اليوم التاسع والعشرين من بداية الاتفاق يقر مجلس النواب، بمن فيهم المعارضة، القوانين التي تمنح الرئيس ومن عمل معه خلال فترة حكمه، الحصانة من الملاحقة القانونية والقضائية . - 4/ في اليوم الثلاثين من بداية الاتفاق وبعد إقرار مجلس النواب بما فيه المعارضة لقانون الضمانات يقدم الرئيس استقالته إلى مجلس النواب ويصبح نائب الرئيس هو الرئيس الشرعي بالإنابة بعد مصادقة مجلس النواب على استقالة الرئيس . / يدعو الرئيس بالإنابة إلى انتخابات رئاسية في غضون 90 يوما بموجب الدستور .5 6/ يشكل الرئيس الجديد (هنا المقصود المنتخب) لجنة دستورية للإشراف على إعداد دستور جديد . 7/ في أعقاب اكتمال الدستور الجديد يتم عرضه على استفتاء شعبي . - 8/ في حالة إجازة الدستور في الاستفتاء يتم وضع جدول زمني لانتخابات برلمانية جديدة بموجب أحكام الدستور الجديد . - 9/ في أعقاب الانتخابات يطلب الرئيس من رئيس الحزب الفائز بأكبر عدد من الأصوات تشكيل الحكومة - 10/ تكون دول مجلس التعاون والولاياتالمتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي شهودا على تنفيذ هذا الاتفاق . إن هذا المطلب كالحديث النبوي الشريف (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). اخرجه مسلم في الصحيح . فالواجب كان يقتضي على المعارضة السودانية أن توضح للناس وجه الغرابة في هذه التجربة التي ينادي بها البعض في السودان ، وأن تنكرها ، وأن تشرح للسودانيين -أنها -أي التجربة اليمنية ظالمة بكل المعايير لليمنيين انفسهم ، فلا تصلح تطبيقها في أي دولة أخرى .. أما المعارضة السودانية وقد سكتت حيالها فنعتبرها شريكة في هذا المطلب الغريب جدا جدا ، والذي لا يمكن تطبيقه في السودان الآن .. وذلك للأسباب التالية : أولاً/ في اليمن الحديث كان يدور عن جرائم فساد الرئيس علي عبدالله صالح وأسرته والمقربين إليه .. بينما في السودان الحديث يدور عن جرائم جنائية لعمر البشير وحزبه منذ 1989 حتى الآن . ثانياً/ علي عبدالله صالح غير متهم من قبل الجنائية الدولية .. بينمال عمر البشير وكبار مساعديه متهمون بإرتكاب جرائم خطيرة تدخل ضمن اختصاص محكمة الجنائية الدولية ، وهذه الجرائم لا تتقادم بمرور الزمن ( يعني مفيش حاجة اسمها عفا الله عما سلف ) . ثالثاً/ حدث تمرد عسكري محدود ضد علي عبدالله صالح .. بينما التمرد على البشير ونظامه كبير وفي كل الوحدات العسكرية . رابعاً/ القضية اليمنية ليست معقدة ومتشائكة كالقضية السودانية من الناحية ( السياسية - الإجتماعية - الثقافية - اللغوية - الدينية ) . خامساً/ المملكة العربية السعودية كانت حليف علي عبدالله صالح القوي وكان لابد لها ان تقف معه حتى النهاية وتضمن له خروجا آمنا ، أو الضغط على الدول الغربية ودول مجلس الخليج لإعطاءه حصانة ضد محاكمته داخليا أو خارجيا .. أما عمر البشير فيقف لوحده اقليميا ودوليا وعالميا لجرائمه ضد مواطنيه التي يندي لها جبين البشرية . سادساً/ المعارضة اليمنية إلى حدٍ ما كانت منظمة وموحدة عكس المعارضة السودانية -خاصة الشمالية التي لم تتفق على وثيقة قوية لإسقاط النظام وتسلم السلطة . سابعاً/ الجبهة الثورية السودانية الموحدة ( أقوى التنظيمات السودانية المسلحة ) وضعت في أولوياتها اسقاط النظام وتقديم كل رموزه المتهمين بإرتكاب جرائم حرب/جرائم ضد الإنسانية/جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في كل من دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق للجنائية الدولية . ثامناً/ الحركة الشعبية لتحرير السودان - كأكبر تنظيم سياسي وعسكري في شمال السودان من أولوياته تطبيق مفهوم السودان الجديد وتقديم كل الجناة لمحاكمة عادلة للإقتصاص منهم ، وكون ان يفلت البشير وعصابته من العقاب كما حدث لعلي عبدالله صالح ليس وارداً . أن كلام مريم الصادق المهدي ليس مفاجئا ، لأن الحزب الذي تنتمي اليه هي ورثة الشمولية والديكتاتورية ، الأمر الذي أدى إلى تفتته وانشقاقه إلى اجنحة متنافسة تتشابك بالأيدي أحيانا . ويبدو أنه كتب علينا أن نستمع يوميا اما الى كلام فطير لا يخش الرأس ، أو إلى فتاوى من فقهاء وعلماء النظام تمنع الخروج إلى الشارع وتحرم مفاوضة الحركة الشعبية شمال ووووووو ... كما يبدو أنه كتب على السودان أن يعيش أوضاعا مزريا نتيجة لإدلاء كل من هب ودب في أمور لا يعنيه ، أو تدخله في شئون لا يفقه فيه شيئاً ، أو لأن البعض عنده اسهال في فمه . من يسمع هذا الكلام الهراء من سيدة تدعي السياسة يشعر بأنها مجرد مراهقة سياسية لا تفهم ولا تعي ما تقول ، لأن عمر البشير قاتل باعترافه هو ، فليس ممكنا ان نبرئ من قال ( والله احنا قتلنا تسع الف دارفوري بس ما 300 الف ) بإيجاد مخرج آمن له ، بل اعطاءه حصانة تحميه من الملاحقة الجنائية واعوانه امثال احمد هارون وعبدالرحيم محمد حسين ونافع والقائمة طويلة .. فإذا كانت هذه السيدة السودانية تبحث عن حل لا يؤدى الى تقسيم اكثر للبلاد فلتسحب هذا الكلام وتعتذر لأهالي ضحايا عمر البشير . على كل حال ، يدرك الجميع وخاصة أهل الهامش المفترى عليهم أن حزب الأمة ما كان له أن يحصل على أي صوت من الأصوات في الانتخابات التي جرت في السودان منذ خروج الانجليز لولا أهالي دارفور وكردفان والنيل الأبيض ، وتزاحمهم فى التصويت لسيدي المهدي ومن يختارهم من الممثلين . أما وقد انخرط هذا الحزب فى المؤامرة على قواعده القديمة ، فإن على هذه القواعد رد الصاع بصاعين ومحاسبة كل من يدلي بتصريح متهور غير مسئول . معيب والله هذا الحال الذي وصل إليه حزب الأمة الذي يجر الفضيحة تلو الأخرى منذ أن دخل زعيمه الصادق المهدي في مفاوضات استهبالية مع نظام الإبادة الجماعية الحاكم في السودان ، ومنذ أن رفض استخدام القوة والسلاح ضد نظام يقتل شعبه ، حيث بانت عورته ، ولا يملك ورقة يستر بها عوراته بين السودانيين . هل يعقل أن يعيش السودان تحت طلاطم نظام أرعن عنصري ، حيث الهزات والزلازل والحرائق تنشب في مناطق عظيمة من السودان ، وتأتي بنت الصادق المهدي وتقول المعارضة السودانية تبحث في تطبيق التجربة اليمنية لإيجاد مخرج محصن للبشير وزمرته !! . لا مكان لهذه التجربة الظالمة في السودان ، لتأخذ العدالة الجنائية مجراها ، ولتعتذر هذه السيدة لأهل ضحايا عمر البشير لمطالبتها بتطبيق هذه التجربة في السودان . والسلام .. ABDULEHANI NINMIR [[email protected]]