بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: ( هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية هذا بلاغ للناس بقلم: د. أبوبكر يوسف إبراهيم* [email protected] توطئة: - كتبت قبل عدة أيام في هذه المساحة في العمود الراتب مقالان تحت عنوان(مياه النيل والنَخْوَرَة الصهيونية وغيبوبة مصر والسودان) والصلة بين العنوان أعلاه والمقالان صلة عضوية يجب أن لا تُقرأ هذه المادة بمعزل عما سبق وكتبته في المقالين، ويتضح لنا تماماً أن بعض النخب الإنتهازية في بلادنا عاجزة عن إستقراء المستقبل الذي ينبغي أن يصل إليه الوطن من تنمية وتقدم وذلك لغياب الرؤية الاستراتتيجية وبالتالي فهذا أحد الدلائل الهامة على أنها لا تقدم مصلحة الوطن والمواطن على مصلحتها الشخصية، كما أنها لا تعير مستقبل الأجيال أي إهتمام ، بل إن شعارها والمبدأ الذي تتعامل به مبدأ شوفيني نفعي بحت ( أنا ومن بعدي الطوفان)!! - يبدو أننا شعب لا يعرف اين تكمن مصالحه القومية فيقع عامته ضحية للنخب التي تستعمل كل أساليب الدجل السياسي والمكايدات الحزبية القذرة في سبيل إفشال أي مشروع قومي وطني تنموي وفي سبيل مصلحتها الذاتية ولا مانع لديها من تهديد أمن الوطن والمجتمع بالتحريض ضد قيام المشروعات التي سيستفيد منها الجيل الحاضر والآتي من الأجيال، وذلك لأنها تعمل على أحباط أي نجاح للحزب الغريم المنافس ووالذي يعتبر شهادة فشل وعجز لتلك الأحزاب التي أتيح لها حكم السودان ثلاث مرات، بل وصل الأمر بها حد رفع شعارات شعبوية مضللة، طنانة ورنانة. والحقيقة أن أمر هذه النخب مكشوف من خلال صلاتها وإتصالاتها الخارجية، ونعلم أنها رهنت فكرها وباعت وطنيتها مقابل حفة من مال مدنس قذر، بل وبلغ بها الدجل السياسي حد التبرير الأخلاقي لتبرير التمويل الذي يتلقونه من جهات غربية واقليمية، عودنا هؤلاء التباكي على الوطن في العلن بدموع التماسيح وهم يقبضون في الخفاء ثمن عمالتهم وخيانتهم له ، ونعلم أنهم ينفذون أجندات خارجية مشبوهة وحينما يتلقون التوجيهات تصدر إليهم، ومن هؤلاء من يتفاخر بعلاقاته مع رجال الكونجرس والبعض الآخر بمراكز ومعاهد البحث المشبوهة والتي هي أصلاً أذرع ((CIA وما هي إلا إشارة واحدة من سادتهم حتى يعترضون على قيام أي خزان أو سد وكأنهم مصطفين مع إسرائيل ضد المصالح المائية للسودان ومصر حتى ولو كان ذلك من أهم المشروعات القومية كمشروع خزان كجبار!! المتن: - هل يعلم هؤلاء إن السودان يفقد حوالي(4) مليار مترمكعب من نصيبه في قسمة مياه النيل ويذهب منها ما يذهب ليصل مصر ، ويتبخر منها ما يتبخر، وكل ذلك مرجعه عدم القدرة التخزينية الاستيعابية الحالية. - منذ متى ونحن نسمع أن الحروب القادمة هي حروب المياه؟! إذن إن الموضوع ليس جديد بل كان يتم تداوله في المحافل الدولية والاقليمية منذ عقدالسبعينات من القرن الماضي فما هي الإجراءآت الإحترازية والمشروعات المستقبلية حتى نتقي مرحلة القحط المائي المخيف؟!. عندما جاءت الإنقاذأدركت الخطر الذي يهدد الأمن المائي للوطن وبدأت في تنفيذ خطة السدود والتي ستحل عدة مشكلات تصب في مصلحة البني التحتية لبناء إقتصاد حقيقي، فالسودان بلد زراعي أولاً وأخيراً ويحتاج لمياه لري التوسع الأفقي في مجال الزراعة وأيضاً توفير الطاقة المحركة لأنظمة الري والصناعة.!! - في يومٍ من الأيام قرأت لأخ إسمه أبوسليمان في سودانيزأونلاين مداخلة قيمة تشي بأن الرجل ينظر إلى مصلحة الوطن بشمولية ووطنية على عكس ما كان يمارسه دهاة الدجل الحزبي وكأني بهم ينفذون أجندات الصهيونية لتحريضها دول حوض النيل ضد مصر والسودان ومحاصرتهم مائياً. وسأنقل لكم ما كتب الأخ ابو سليمان كمواطن سوداني تهمه مصلحة ولايته والوطن بأكمله.. كتب أبو سليمان يومها متداخلاً : (اخواني ابناء المنطقة النوبية لتطوير منطقتنا و الخروج من حالة الفقر و الفاقة و التخلف ، لا بد من قيام السد و تزويد منطقتنا بالكهرباء حتي تدور عجلة التنمية ، لقيام المشاريع الزراعية العملاقة و الخروج من نفق المشاريع الفردية و التي لا تسمن و لا تغني من جوع .فهذا لا يعني مطلقا عدم المطالبة بحقنا في اعادة التوطين و تعويضنا عن كل املاكنا بمعيار عادل لا يستثني احد. اخواني انظروا لحال اهلنا البسطاء في المنطقة و الذين يكابدون تحت خط الفقر ، دعونا نترك اطماعنا الشخصية من اجل ان يستفيد جميع ابناء المنطقة و ننال نصيبنا من التنمية و التي حرمنا منها في ظل جميع الحكومات المتعاقبة . بالامس القريب تم التوقيع على اتفاقية لقيام ست سدود في جنوب السودان ، فكان الرضى واضحا و الترحيب من كل مواطني و مسئولي الجنوب لا يخفي على احد ، فما بالنا نحن نمانع قيام مثل هذه السدود ، بل انني اري ان هذه فرصتنا لدعوة الحكومة و تشجيعها لانشاء سد كجبار و دال و سدود اخرى و نستجدي المنظمات الدولية لمساعدتنا في انشائها ... ابو سليمان).. إنتهت المداخلة - إن أهم الفوائد التي ربما كانت ستجني من قيام سد كجبار لو تم تنفيذه تتلخص في الآتي: ü تستخدم كهرباء المشروع في تشغيل الطلمبات لري المشروعات الزراعية القائمة حالياً بالمنطقة بدلاً عن الوقود الأحفوري. ü إن قيام السد يضع حلاً جذرياً لمشكلة ارتفاع تكلفة الري (التي تفوق في بعض الأحيان العائد من الزراعة) والتي أدت إلي تقلص المساحات المزروعة وتدني الإنتاج. ü استغلال الطاقة الكهرومائية المنتجة من محطة توليد سد كجبار للاستفادة من المياه السطحية والجوفية التي تتوفر بكميات كبيرة للتوسع في الرقعة الزراعية المروية. ü التوسع في إنتاج المحاصيل الحقلية والبستانية المختلفة التي تتميز الولاية بإنتاجها مما يحقق الأمن الغذائي ويقود للتصدير للأسواق المحلية والإقليمية والعالمية الشيء الذي يوفر موارداً مالية مقدرة للولاية والبلاد. ü استخراج المعادن والاستفادة من مواد البناء التي تتوفر بالولاية. ü زيادة الثروة السمكية ببحيرة السد. ü توفير بيئة جاذبة للسياحة باستغلال بحيرة السد كإضافة للآثار التي تذخر بها الولاية. ü تشجيع وتنمية الصناعات المختلفة بالولاية (الأغذية – الأعلاف ..الخ(. ü الارتقاء بمستوى الحياة الاجتماعية والثقافية للمجتمعات المحلية وارتفاع مستوى الدخل الناتج عن انتشار النشاطات الاستثمارية المختلفة. ü التنمية العمرانية لمدن الولاية وتوفير الخدمات التي تنتج عن التدفقات الاستثمارية. ü توفير الكهرباء للمجتمعات المدنية والريفية بالولاية بصفة مستمرة وبتكلفة منخفضة للأغراض المختلفة. ü توفير المبالغ الكبيرة التي يدفعها المزارعون لتوفير الوقود ودعم قدراتهم على توفير مدخلات الإنتاج بصورة أفضل مما يؤدي إلي رفع الإنتاج. ü يدعم توفر الطاقة الكهرومائية الإنتاج الحيواني بكل أنواعه (دواجن – ألبان – لحوم) مما يجعل الولاية من المناطق الرائدة في هذا المجال. الهامش: - دعونا نتساءل ثم نتخيل ونتصور كيف سيكون حال الولاية الشمالية بل والسودان بأكمله إذا ما تم تنفيذ سد كجبار، الشريك، دال، مقرات، السبلوقة، وسد دقش؟! - وأيضاً دعونا نستعرض الحال بعد تنفيذ بعض المشروعات مثل سد مروي والعمل الذي شارف على الانتهاء في مشروع تعلية سد الروصيرص الذي من شأنه زيادة الطاقة المنتجة ومشروع مجمع سدى أعالي وعطبرة وستيت؟! ألم يلمس المواطن السوداني النفع العائد من هذه المشروعات؟! - متى نتفهم إن الغايات والمقاصد من هذه مثل المشروعات هي مصلحة قومية ووطنية عليا، وأن قرار إنشائها لا يخضع لمصلحة شخصية أو فردية تعود نفعاً على عمر البشير ولكن يحسب له الإرادة السياسية في إتخاذ القرار رغم المعارضة غير المؤسسة والتي تصر أن كل مشروع تنوي الحكومة تنفيذه وسيحقق نجاحاً للوطن ترى أنه يجب أن يتم على يدها العاجزة لا على يد عمرو، إن المشروعات الناجحة هي لبنات في بناء وطن عزيز نريد أن نتباهى به بين الأمم ونريد أن نورثه للأجيال القادمة ونحن واثقون أنه سيحافظ عليها ويفخر بها. - أقرأوا معي هذا المقتطف حتى تعلموا لأي منحدرٍ إنحدر البعض منا بل أصبح كل واحد من هؤلاء يشعر بالفخر وينتفش كالطاؤؤس خيلاءً وفخراً باللجؤ والاحتماء أو الإستقواء (بماما أمريكا) بل ووصل الحد المُسْتهجن بهذه السائمة أن يتعالى صوت وعيدها وتهديدها على أهل وطنها ومن تأدب يستقوى ويستعلي ويسمي هذا التحريض والإعتراض حراكاً شعبياً وإعلامياً!!. المقتطف: (الجديد ان الحراك الشعبي والاعلامي اوصل قضية السد الى "الكونجرس الاميركي" والى اجهزة الاعلام الدولية والى الجماعات القادره على ضغط الحكومة وتجيب اخرها في اوربا واميركا.)!!.. يا سبحان الله في أي زمن أعجفٍ نعيش أيها القاريء العزيز؟! هل هناك فجور وجحود وعقوق أكثر من هذا؟!! - سد كجبار لم ينفذ ودعونا نقول نزولاً عن رغبة أهالي المنطقة ونزولاً عن رغبة كل من حرض أو تواطأ ونفخ في النار، الآن وبعد النزول عن تنفيذ السد ، أسأل كل اهالي المنطقة والذين ورائهم ما هي الخطة التي قدمتها النخب المعترضة لتنمية المنطقة؟! الجواب: بالطبع لا شيء ، وبالتالي هناك بعض من منظمات العمل المدني الوافدة بفكرٍ تآمري تختبيْ تحت شعارات براقة والحقيقة أنهم همالذين حرضوا الناس على عدم تنفيذ المشروع فهؤلاء ينطبق عليهم المثل(لا يرحموا ولا يخلّوا رحمة الله تنزل)!!. الآن ماذا قدم هؤلاء غير الكلام والتحريض؟! .. هل يعلم هؤلاء أن أول من سيتأثر من قيام سدود البحيرات هما دولتي المصب، وأن المناطق الشمالية من السودان هي التي ستكون أكثر تأثراً من غيرها؟! لماذا حينما نعارض، نعارض (جهجهوني) دون معرفة سلبيات الرفض من وتأثيراتها على الأمن المائي، ولماذا لا نملك بعد نظر في إستقراء المستقبل وتعقيدات الحاضر!!؟ ربي ألهمنا الصبر فأنت المستعان على يفضل أن يعيش ضريراً من أن يكون أعوراً .. ربي نستعينك على من يفقأ عينينه بأصبعيه، فالجاهل عدو نفسه .. وليته فقأ واحدة فلربما كانت المصيبة أهون!! قصاصة لأولي الألباب: - دخل عمرو بن عبيد على الخليفة المنصور يوماً، فقال له المنصور عظني، فقرأ عمرو من أول سورة الفجر إلى قوله – عز وجل- (إنّ ربك لبالمرصاد)، فقال المنصور لمن:؟ قال عمرو: لمن عصاه، فاتقِ الله يا أمير المؤمنين، فإنّ أمامك نيراناً تتأجج لمن لا يعمل بكتاب الله ولا بسنة رسول الله، فقال له وزير المنصور: أسكت، فقد غممت أمير المؤمنين، فقال له عمرو: ويلك أما كفاك أنك خزنت نصيحتك عن أمير المؤمنين حتى أردت أن تحول بينه وبين من ينصحه، ثمّ قال: إتقِ الله يا أمير المؤمنين، فإن هؤلاء لن ينفعوك أبداً، وأنت مسئول عما فعلوا، وليسوا مسئولين عما فعلت، فلا تصلح دنياهم بفساد آخرتك، أما والله لو علم عمالك أنهم لا يرضيك منهم إلا العدل، ما بقي منهم على بابك أحد، ولقرب إليك بالعدل من لا تريده. - نحن أمة تجيد الندم ، ذات الشعب السوداني الذي ثار ضد نظام الفريق عبود في أكتوبر 1964 وبعد أن سقط وحكمت الأحزاب برئاسة السيد الصادق المهدي أصغر رئيس وزراء، تغير حال الشعب من رغد عيش إلى ندرة ثم شظف، وتصادف أن كان الفريق عبود يتسوق في سوق الخضار بالخرطوم فهتف الناس:( ضيعناك يا عبود.. ضيعناك با عبود!!) يقول المثل( ما حتعرف خيري إلا لما تعاشر غيري).. حقاً نحن شعب يجيد الندم ولطم الخدود ولكن بعد فوات الأوان!!