[email protected] أسباب عدة بلا شك ادت بالكاتب الروائي العالمي القدير ماركيز قبريال الي قرار إعتذاله الكتابة. هو قال امرا واحدا:"لم اعد اشعر بالحماسة للقيام بذلك". اسباب عدة قد يتداولها نقاد ومحبون. يحللون ويسقطون اقولا علي قرار شخصي بحت اتخذه رجل علي مشارف الثمانين من عمره. فالتحليل لعبة يستسيغها البعض . يري هؤلاء فيها محاولة إضافية لإبتكار شكل اخر من الكتابة. فيقيني اننا لا نهو الكتابة إلا عندما تعصف بنا الذاكرة ,لما بداخلها من مجمل جميل لوجود تقلصت ملامحه الملموسة والمحسوسة فقط, والدليل علي هذا . اننا قد نسرد الوقائع والاحداث وملامح الاشخاص ووقعهم فينا بنهم شديد , وكأنهم ماكثون أمامنا أو كأننا في مجالهم في هذه الثناء المفصولة عن الواقع للحظات. حينها يستمد القلم انفاسه من كيانهم, وتتشكل ابعاد الكلمات من رائحتهم المصونة والمستترة في سراديب الذاكرة . والخفية عن اي شائبة والمترقية عن اي وجود حتي إن كان مجرد شئ عابر, اننا دائما مانضعهم في محصلتنا النهائية................... تحسبا اضياعهم في منعطفات الحياة . فهم في مأمن حين يكونون في ذاكرتنا . ماركيز قبريال إذا قرر إلانسحاب من المشهد : تعب الشيخوخة ام ثقل الروح العاجزة عن العثور علي المحرض لممارسة فعل الكتابة؟ تعب العمر , ام قسوة التحولات الحاصلة في العالم ؟ صخب.......إكتئاب.......ضجر.......إشمأزاز ؟ لااعرف. هل هو الشعور بقرب نهاية العمر ............ ام الخوف من السقوط ضحية مشاريع باهنة فقط من أجل التحايل علي الحياة؟ ربما . يمكن استرسال في التحليل . هو أيضا قال أشيء واضحة :"حياتي ككاتب وهبتني الكثير حب الناس, ودعمهم والتكامل العاطفي ,والراحة النفسية وأهم من كل ذلك حالة فريدة من الإسقرار الداخلي والتصالح مع الذات". مهنة الكتابة إذا منحته إكتفاءا ذاتيا في مجمل مستويات الحياة: روحيا وإجتماعيا وثقافيا . بل المهنة جعلته أحد أعمدة الادب الروائي علي مدي اكثر من نصف قرن . المهنة حصنته من غدر الذمن ايضا. لكنه إرتأي في هذه اللحظة بالذات الإنسحاب. علي حد علمي ان ماركيز قبريال في الثاني من اكتوبر من هذا العام سيحتفل بعيد ميلاده الثمانين من عمره. علي الرغم من بداياته الكتابة والعمل الروائي المبكرة, إلا ان ظهوره الاهم وكاديب عالمي تمثل في محطتين اثنتين : الاولي كانت تتمثل في روايته خريف البطريق . والثانية والاهم في تقدير الكثيرين عندما فاجأ العالم بمئة عام من العذلة انصف فيها بجائذة نوبل للاداب . محطتان اساسيتان , جائت بعد اعمال ابداعية متنوعة. محطتان اساسيتان جعلتاه يدرك اهمية الكتابة في عالم يعج بالتحدي, وأولوية الترويض المستمر لعوالمه التي تكمن بداخله في شكل اساطير من اجل غمتلاك قوة سردية تعينه علي تحويل شخوصه المتخيلة أم الحقيقية , الي كائنات مشبعة بالاحاسيس والافكار. فماركيز رغم معاصرته الادب الروسي وغبره الا ان اسلوبه تميز بالمختلف , إن لم يكن النقيض . لعل هذا ماجعل البداية لماركيز ككاتب روائي تتاسس علي ارضية صلبة. هنالك إستحالة في غختصار المسيرة المهنية لكاتب بقامة ماركيز . بل هنالك إنتقاص ايضا من سيرته هذه , إن اختذلت علي هذا النحو. فمئة عام من العزلة فقط دون إستفاضة بروائعه الاخري . في تقديري قد صنعت له مزيدا من الحب والشهرة إستفادة منها في بناء عالم مستقل,وفي حعل أدائه دائما اشبه بمدرسة روائية خاصة. ماءة عام من العزلة وخريف البطربق وذكريات عن عاهراتي الحذينات وعشت لاروي وغيرها من الاعمال هي دافع الي القول إن جرأة إتخاذ قرار بالاعتذال بدت صورة مختصرة عن علاقة المبدع بالحياة. فعلي كل شخص ان يقرر بنفسه متي يتوقف. لذا أودع ماركيز المهنة بامتنان كبير. خمسون عاما منذ عرف بابداعاته وسحره. ثمانون عاما منذ الولادة . عمرا جمع اعمارا وحكايات ومحكات وإختبارات. هذا يلق فقط بالكبار وماركيز بلامناع أحدهم.