هذه مداخلة كتبتها لارسلها لصاحب بوست في سودانيزاونلاين طلب من امثالي الذين ليست لهم حسابات و باسورد ان يرسلوها لايميله. و بما ان الدسكتوب لكمبيوتري مفتوح لعدد من الناس في كندا و كمان اوفرسيز ( منو الفاتحه؟؟! – منو غير اولاد ماما ربنا يكفينا شرهم) فالخبر وصل لاولاد ماما بواسطة اولاد الحلال المتعاونين معاهم – فجرو عملو اللازم و اختفي البوست من المنبر العام – لذا ارسله لكم لكي لا يضيع مجهودي سدي هذا الموضوع ظل مثار نقاش و جدل منذ فترة، و اول من جسد القضية في لوحة ساحرة ساخرة هو الكاتب الرائع و الفنان الساخر تاج السر الملك يوم امتعنا بذاك المقال الذي تناول فيه لقائه و الاسرة لابنه العائد من رحلة مع زملائه و زميلاته و امتعنا بالصور الجميلة التي رسمها بالكلمات. ونحن هنا في تورنتو اهتممنا بالامر و عقدت ندوة لمناقشته. و رغم ان جميع السودانيين في المهاجر يعانون من آثاره، الا انني اعتقد ان المعاناة اكبر في شمال امريكا و دول اوربا، اكثر مما هو عليه في دول الخليج. لذا فانني ساحاول مناقشة الامر من وجهة النظر الكندية. في البداية اريد ان احكي لكم جكاية طريفة حدثت في قريتي "كوكا المحس" في شمال السودان في بداية سبعينيات القرن الماضي عندما قرر الأخ الشهيد كابتن محمد علي كدرمة الزواج من الاخت العظيمة سعيدة صيام – عليهما الرحمة – و سعيدة من حلفا، و المسافة بين قريتنا و حلفا في ذاك الزمن مشوار 24 ساعة باللوري. و قبل سفرنا لحلفا باسبوع كنت امر امام دكان جدنا الشيخ محمد سليمان كرامية، و عندما سلمت عليه ناداني بلهفة و كانه كان يبحث عني: يا حسين تعال هنا انا دايرك (طبعا هذه ترجمة لما قيل باللغة النوبية) فقلت انشاء الله خير و اليكم المحادثة التي دارت بيني و بينه: - صحيح الكلام اللي باسمعه دا يا ابني؟ - سمعت شنو يا حاج - انه ابن خالتك حيتزوج من حلفا - ايوة يا حاج ناس حلفا ديل ما نوبيين زينا و بيتكلموا لغتنا - لا لا يا ابني – غلط و اكبر غلط – الواحد لمن يتزوج برا البلد (و البلد في رأيه شياخة كوكا ) يمشي جنوبا لغاية كجبار (تبعد عن قريتنا 12 كلم) و شمالا لغاية شدة (تبعد عن قريتنا 7كلم) و لو بالغ يمشي لغاية سدلة (تبعد عن قريتنا 10 كلم) لكن حلفا ؟؟ نسايبكم ديل حتمشو تجاملوهم كبف؟؟ بالحمير و لا الجمال و لا باللواري!! لم يكن يدري جدنا العابد المتبتل اننا سنصل لآخر سطر في الدنيا و ان الصحفي الامريكي الشهبر توماس فريدمان سيثبت لنا ان الدنيا اصبحت بلا حواجز او حدود (The World is Flat) و اننا سنصاهر الصينيين و الهنود والرومانيين (التحية للاخ عبد الخالق عبد الرحيم). يوم عقدت الندوة في دار الجالية السودانية بتورنتو التقتني اول ما دخلت ابنة الأخ الفاضل عبد العظيم سرور و كانت تقوم باجراء استبيان و السؤال : الزواج الغير تقليدي (Are you for it or against it) فسألتها ماذا تقصد بالتقليدي؟ فقالت الزواج داخل المجتمع السوداني. فقلت لها انني لغرض هذا الاستبيان اقول (against) لكن لو سمحت لي باضافة تعليق اقول انني (against) لك و لجيلك، لكن لوامد الله في عمري و سؤلت نفس السؤال من ابنك او ابنتك اوافق و ابصم بالعشرة. وفي هذه الندوة استمعنا لبعض الاخوة و الاخوات ، ثم ادهشنا الشباب من الجنسين بارائهم الجريئة و المنطقية، و الخص اراؤهم في الآتي: 1- الهجرة لكندا كان قراركم ، و نتيجة لها ترعرعنا هنا و نعمنا بالتسهيلات التي تقدمها كندا، و بالتأكيد تاثرنا بثقافة المجتمع المتنوع (Diversified community) والتقينا بشباب في عمرنا. اذن ليس من حقكم ان ترفضوا واقعا من صنعكم . 2- انكم تضيقون لنا واسعا، امنحونا حرية الأختيار و احكمو علي خياراتنا بما جاء في السنة : أن جاءكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه – اها عندكم كلام تاني!! 3- علاقاتكم الاجتماعية في محيط الجالية السودانية لا تسمح لتعارف الشباب من الجنسين. هذا الواقع الذي نشتكي منه بشرنا به القرآن الكريم: (وجعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا ، ان أكرمكم عند الله اتقاكم) صدق الله العظيم. و طوال السنين التي عشتها حتي هذه اللحظة – و هي تزيد عن ال 60 بقليل- ظلت الأحداث تثبت صدق هذه الآية. عندما كان الناس يسافرون في انحاء السودان بحكم الوظيفة، كان بعضهم يأتي بزوجة من المكان الذي عمل فيه. و لما جاءت السودنة و معها البعثات الي انجلترا، عاد بعضهم متابطين شقروات اولاد جون – و في فترة لاحقة اتت الشقروات من فرنسا و المانيا و روسيا و المجر ( ما عايز اجيب سيرة رومانيا تاني عشان ما ازعل عبد الخالق ابن عمي) و اموت غيظا من الأب الذي يتزوج الحبشية كزوجة ثانية - ويقلب الدنيا لاختيار ابنه الحبشية زوجة اولي و اخيرة!! سادتي لو سرتم في طريق البحث عن سبيل لتغيير هذا الواقع سيقودكم الطريق لحائط زجاحي لن تستطيعوا تجاوزه. و ال (consequences) لتربية الأبناء في شمال امريكا -علي سبيل المثال- ليس محصورا في مسألة الزواج فقط بل يتعداه الي الانتماء للسودان. ماذا يعرف ابناؤنا عن تاريخ السودان، جغرافية السودان، الفنون و الآداب السودانية – التراث السوداني ؟؟ واجبنا ايها السادة هو ان نجعل السودان بتاريخه و جغرافيته وفنونه و اعراقه و حضارته (مش بتاعة الانقاذ – حضارات النوبة والشرق و الغرب و الجنوب) جاذبا و مبهرا لابنائنا لكي نطمئن انهم سيلبوا النداء بوم يحتاج لهم السودان، يعينهم في ذلك زوجاتهم و ازواجهم بصرف النظر عن جنسياتهم. انا عندي مشروع جاهز لتحقيق هذا الغرض و لاسباب لا داعي لشرحها لا استطيع تنفيذه الآن. اذا كانت هنالك جاليات عندها القدرة المادية و المساحة المخصصة للشباب في دور الجالية يتصلوا بي. اخواني و اخواتي و ابنائي و بناتي ليست هنالك مشكلة – لكنكم تحسدون هذا الجيل علي ال (range of choice) اللي اداه ليهم رب العالمين. Hussain Al Zubair [[email protected]]