كانه كان على موعد مع الخريف والمطر, اطل علينا قبل ايام الاستاذ الفنان محمد مطر بعد غربه امتدت لاكثر من عشرين عاما .. لم نكن نحلم مجرد حلم بعودته ولكنه عاد الى الوطن ليزرع ارض كسلا من جديد بالاهازيج والاغانى وفى عودته معانى كثيره لنا نحن ابناء كسلا ... فقد كان فى زمن جميل هو من يعطر ساحاتنا بالغناء والتطريب .. وكانى بتولوس قد تزينت لقدوم محمد مطر فقد غسلت قمتها سحب بيضاء ورشت عليها شىء من اريج القرنفل وبرتقال السواقى ..وتوشوش النسيم وتمايلت الغصون فى نشوة .. فقد عاد الشادى المتفرد والمغرد بصوت السمندل .. عاد الينا محمد مطر بعد غيبه طويله فخرج ابناء كسلا ذو الاصاله لاستقباله استقبال الوفاء والحب والعشق لهذا المتفرد ابن كسلا الذى هجرها لسنوات عددا .. ولم اكن اعلم بقدومه الا عند الواحده صباحا فى احدى امسيات رمضان . فخرجت اسعى لمنزله بالشعبيه لعلنى استعيد شىء من الذكريات ووجدته قويا متماسكا يحن الى كسلا وتحن اليه . فقد كان محمد مطر احدى الجواهر الثمينه التى تزين جيد كسلا وكان مزمار داؤد لاهل كسلا واحسب بانه قد عاد يحمل الجديد والاصيل . ولكنه عاد وسط ازيز الباعوض وطنين الذباب الذى يعيث بكسلا فسادا ويوزع المرض من هنا و هناك ... وحكومه الولايه تقف مكتوفه الايدى ووزاره الصحه الولائيه لا تملك من الامر شيئا ..فقد نضبت مخازن كسلا من المبيدات واختفى الكثير من من اسطول الرشاشات الضباببيه التى كانت قد وصلت الى مدينه كسلا فى زمن مضى .. ولا ادرى هل تتبرع الحكومه باستئجار طاره لرش المدينه واريافها ام انها سوف تترك الباعوض والذباب يعمل على هدم صحه مواطن كسلا المهدومه اصلا . مسكين مواطن كسلا يتحسر على ماضى بعيد كانت صحه البيئه فيه مثالا يحتذى بمدينه كسلا . فقد كانت حملات (الجمكسين) تطوف الاحياء ولا تترك بيتا الا ورشته بهذا المبيد الذى اوقفته منظمه الصحه العالميه .. وبالرغم من اضراره البسيطه الا انه كان فعال جدا فانت ترى ( الضب ) قد سقط من عرش الغرفه وترى العقرب قد خرجت تتلوى وهى فى حاله موت عصبى حتى الثعابين تراها قد خرجت لتموت ... وباء الملاريا بمدينه كسلا اصبح من الامور المؤثره فى حياتنا ويبدو هذا واضحا وسط طلاب المدارس وموظفى الخدمه المدنيه فقد تجد غياب اكثر من سبعه اشخاص فى مصلحه حكوميه واحده نتيجه الاصابه بالملاريا .. وقد تجد نصف الفصل بالمدرسه مصاب بالملاريا . اما ادويه الملاريا فحدث ولا حرج فقد تنوعت منها ما هو اكثر ايلاما من الملاريا نفسها ومنها ما تعيد تكراره اكثر من مره وانت ما بين استفراغ وعدم الرغبه فى تناول اى طعام ولا حل لديك الا المحاليل المعوضه لفقدان السوائل .. ذلك ان المحاليل اقل تكلفه من فواكهه كسلا لانك وباختصار لا تستطيع شراء دسته برتقال بثلاثين جنيها اما التفاح فالله وحده وبعض المترفين هم الذين يعرفون سعره ( اقسم بالله لا اعرف سعره ولا اريد ان اعرف . وكذلك شقيقه العنب ) اما اذا اردت شوربه لحم فلا حول ولا قوه الا بالله فقد ارتفعت اسعار اللحم والحكومه تتفرج ...عليك ان تاكل دكوه بالشطه والليمون . اما المبيدات التجاريه الموجوده بسوق الله اكبر فليس كل مواطن قادر على شرائها فقد وصل بخاخ الفليت لما يقارب الخمسه عشر جنيه وقد لا يكفى لرش غرفه واحده .. ويقينى ينبغى على كل حى من احياء المدينه ان ينظم حمله من اجل اباده البعوض بالعون الذاتى لاننا لو انتظرنا حكومه الولايه فقد يطول انتظارنا ... معذ ره صديقى محمد مطر المطرب الانسان فقد عدت الينا وينقصنا الكثير حتى لاستقبالك وانت محاصر بحى الشعبيه بالوحل من كل جانب وجيوش البعوض تلهث خلفك ... معذ ره فقد تتحرك حكومه الولايه لتستاجر لنا طائره رش نأمل ان لا تكون من طرا ز الانتنوف القاتل . عبد الله احمد خير السيد المحامى/ كسلا عبد الله احمد خير السيد خير السيد [[email protected]]