بسم الله الرحمن الرحيم (2)الكرة الطائرة بفتح الستار علي ملعب للكرة الطائرة ، قائما علي منصة متحركة ، تشغل حيزا من منتصف الخشبة وتسمح بالمشاهدة من كل الزوايا . الملعب يبدو خاليا تماما من اللاعبين ، بل ويبدو مهملا ومتسخا بفعل الغبار والأتربة حيث تتقاذفها الرياح التي نسمع صفيرها من كل جنبات الخشبة ، فنري قصاصات الأوراق وأكياس النايلون والصفق الجاف تتطاير هنا وهناك ليبلغ علو بعضها سقف الخشبة . يزيد المشهد قتامة إضاءة باهتة ، منكسرة ومتقطعة ، تتابع حركة الأشياء بينما يبدأ المشهد في الاختفاء تدريجيا حتي يتحول إلي ظلام دامس. بعد قليل نسمع في الخلفية موسيقي ذات إيقاع مفعم بالحيوية والنشاط ، بينما نري الشاشة الضخمة وقد بدأت تعرض لقطات منوعة ، لبعض الرياضات الجماعية والفردية ، المقتبسة من ألومبياد لندن الأخير. يركز العرض بعدئذ علي إحتفاليات توزيع الجوائز علي العديد من الفرق الفردية والجماعية وقد بدت فرحة النصر علي وجوه الرياضيين ، وسط هتاف وتصفيق الجماهير. نتابع لقطات أخري منوعة تبين فرحة الجماهير بالألعاب وباللاعبين . (يتوقف العرض لبرهة ثم يعاود الظهور لنسمع في الخلفية معزوفة " عزه " تبدأ بإيقاع ضعيف وصوت أضعف لكورال لا نراه ). ( يسمع صوت ينهر من الخارج) الصوت : مالكم!! ... حتي اللحن داقسين فيهو؟ اللحن دا كان بهز الواطة هز وبترجف ليهو القلوب ... بلا هم ... كفاكم...كرهتونا الوطنية ذاتا. الشاشة تعرض نصا متحركا نقرأ منه : المؤمن القوي خير وأحب الي الله من المؤمن الضعيف. ثم بالانجليزية ........... A sound mind in a sound body ... لم تكتب مقولة " العقل السليم في الجسم السليم" في دستور ولم يسن لها أي قانون ولكن.... فهمها الناس ... كل الناس علي وجه الأرض ، إلا نحن!!. تري!!.... لماذا نحن دوما هكذا؟!! ... متخلفين في كل شئ ...وأين نحن من هذا العالم؟!!. (يسمع صوت تعليق من الخارج). المعلق : ( بسرد درامي متقن) هنا ... في هذا البلد ... لم تعرف الرياضة لها مكانا ولا إهتماما قط ..ولم ينل الرياضيون الرعاية والتقدير اللازمين كي يرفع من شأنهم وقدراتهم ويصطفوا مع باقي الأمم ليرفعوا علم بلدهم!!. ( بعد فترة صمت) رغم كل هذا... فنحن لازلنا نقنع أنفسنا ، أنه ليس هناك إلا "هلال ومريخ" فقط ، تماما كما نفعل في السياسة ... حكومة ومعارضة .. نضيع كل الوقت ولا نخرج بأي نتيجة ولا نقدم أي حلول .لماذا؟!!..ل... ( يقاطعه صوت تعليق من الخارج).... ناس الأرسنال والانتر ميلان دايرين لعيبة للبيع...عندكم لعيبة للبيع ... واللا " قرضمة" ساكت؟؟ ( بحزن واضح) للأسف ... مهما أدعينا من نجاح ... نحن أمة أدمنت الفشل وسنظل علي هذا الحال ، حتي يعترف بعضنا ببعض ويعم الحب والسلام والأمن والأمان بيننا. وكما قال حبيبنا ومعلمنا ، صلي الله عليه وسلم : لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوي. والتقوي هاهنا ... التقوي هاهنا. (يتوقف صوت المعلق ، إلا أن التعليق يستمر ولكن بصوت نسائي هذه المرة ، يصاحبه مجموعة من الممثلين يدخلون من جانبي الخشبة ليترجموا الكلمات إلي حركات إيمائية صامتة وتحت إضاءة تتابعية خافتة). المعلقة: ..يشدو الطير في أعلي الجبال ،وتعزف أبواق الوازا في الأحراش ، لتختلط بالطنبور الحنين وتتلاقي السيوف الشرقية وهي تعانق كبد السماء مع سوط البطانة ويأتي المحبوب من الغرب علي فرسه ، ليلقي التحية علي الجموع وعلي ثغره إبتسامة ، ويهل علينا الرطاني حاملا قوسه ... يقول فرحا : هاهم قوم بلادي ... هم أهلي وأحبابي ... سوداني أنت ... وسوداني أنا ... وكفي . ( فترة صمت) ...تهب الرياح من جهاتها الأربع ، ويهطل المطر غزيرا ، ليمحو من الذاكرة أنهار من الدم ، أهرقت عبثا ، خلال سنين من القتال والشقاق... كلها ...ضاعت سدي مع جهد وعرق بذلا بغير جدوي .... أما آن لها أن تتوقف الآن؟!. ( مجموعة الممثلين المجسدة للمشهد السابق تتوقف عن الأداء الصامت وتبدأ أداء آخر) ممثل1: ( لزميله) إليك ياهذا .... فلتضع كل الحروب أوزارها ممثلة1: وليتوقف سيل الدم ممثل2: إذا كنتم عطشي للحروب ... فحاربوا أعداء يستحقون ممثلة2: الفقر والجهل والمرض .... أليسوا لنا أعداء؟ ممثل3: ياويحنا .... هذا سرطان يسر!!. ممثل4: ستحل علينا اللعنة جميعا ....إن لم نفعل شيئا!!. ممثل1: فالنتحد أولا... ثم نوقفها معا ممثل3: نعم ... ولكن ...أني لنا أن نتحد وفي رؤوسنا " نعال"؟ ممثل3: أتري .... أهي حماقتنا المعهودة ؟!. ممثل4: ( يغير من لهجته) كلو إلا " الحقارة "!!. ( مجموعة الممثلين تنهي المشهد وتنسحب من الخشبة وهي تتنازع فيما بينها مرددة نفس الكلمة حتي يتطور الي صراع بالأيدي). ممثل1: ( يعود وقد أطل برأسه من وراء الكالوس الداخلي).... ناس عايشة ممثلة2: ( تفعل نفس الشئ) .... وناس دايشة!!. المعلق : (يعود مرة أخري) بالرغم من كل هذه المآسي والمحن ، التحية والتقدير لكل رياضيي بلادي ، الذين بذلوا جهدا فرديا وحاولوا ويحاولون دوما رفع علمنا وسط الأمم. ( تعود الإضاءة لتركز علي ملعب الكرة الطائرة حيث نري بعد قليل مجموعة من الشباب وقد دخلوا من يمين الخشبة ، ستة منهم بملابس اللعب الرياضية ، يتجهون مباشرة إلي العمق ، حيث النصف الآخر من الملعب ، فينتبهون الي إتساخه فيشرعون كلهم في نظافته ، ثم يبدأون في " التسخين" باجراء حركات رياضية رائعة ولكن بشكل أداء مسرحي مميز يظهر مهاراتهم الفردية ، أما الآخرين ، اللاعبين الاحتياط والمدرب والمعالج فيتجهون إلي الجانب الآخر من الملعب حيث يجلسون علي مقاعد طويلة ، بينما يتفقد المدرب الشبكة ثم يتخطي النصف الآخر من الملعب، جهة الجمهور ، ليصل إلي خط النهاية وقد بدت عليه الحيرة لبرهة، ثم يبدأ في قياس المساحة بقدميه حتي يصل إلي الشبكة وقد إزداد حيرة. يعود ويكرر القياس مرة أخري ولكن في النصف الآخر من الملعب،حيث لاعبيه ). لاعب 1: ( للمدرب وهو يسخن) مالك ياكوتش ؟ الكوتش: ( وهو يقيس الملعب ) سبعة تمانية تسعة ... ( يتوقف متحيرا )....الملعب دا ما قانوني !!. لاعب2: كيف الكلام دا ياكوتش .... حقنا طلع تسعة متر... صح لاعب3 : والجنبة ديك طلعت كم؟ الكوتش : ( بدهشة دون أن ينظر ) طلعت سبعة بس!! لاعب4: ( بغضب ) يعني دايرين يغشونا حتي في الملعب؟!. لاعب5 : ( محتجا) فريق " الغبش" تاني ما بتغشا. لاعب6: تراهم..! ركبو راسم وشرطو علينا الا يلعبو الشوطين بهناك لاعب2: يعني " سرفنا" طاشي ..طاشي. لاعب3: ( يذهب حيث الشبكة ويتفقدها) أوعك يكونو لعبو في الشبكة كمان ؟ لاعب2: والحل شنو يا كوتش؟ لاعب1: فريق " الحيكومة" دا خاشين معاهو في تحدي لاعب4: ( مكملا) والشرط...كان غلبناهو... بستقيل طوالي ويسلم الحكم لحكومة منتخبة ديموقراطيا. لاعب 5: ( محذرا ) ما قلت ليكم قبيل ....الناس ديل أصلو ما تصدقوهم!! .... من متين قالو وصدقو؟. لاعب3: ( للآخرين) والحل شنو يعني ؟ لاعب6: ننسحب ؟ ( باقي اللاعبين بصوت واحد ) : ... مستحيل لاعب4: نشتكي للجنة الأولمبية؟ لاعب5: ما في طريقة .... ديل وزعو عليهم " المظاريف" المدنكلة إياها. لاعب2: ( معلقا ) أولاد الأبالسة!!. لاعب3: والحكام ؟ لاعب1: برضو... " جيهوهم". لاعب2: ( شبه يائس) يعني غلبننا... غلبننا !!. لاعب6: ( بتمن ) مشتهي أدوق طعم النصر يوم!. الكوتش : ( مشجعا) قريب إن شاء الله .... نحنا نتحد كفريق واحد وندرب ونجهز والباقي علي الله. (يسمع صوت ضجيج وهتاف لجموع من الخارج تشجع الفريق الثاني ) الصوت : النصر النصر وما تنسو " العصر" .... لا لدنيا قد عملنا نحن للحزب فداء.... سير سير ونام " بكير" ... لن يحكمنا الا همير ). ( الكوتش يجمع لاعبيه بسرعة ويحنوا رؤوسهم في شكل حلقة تشاورية ثم يذهب بهم حيث المنصة الدائرية المنصوب عليها الملعب فيديرونها من الخارج الي عكس عقارب الساعة ثم ينتقلوا إليها ويعودون الي " التسخين" مرة أخري وكأن شيئا لم يكن بينما يغلق الستار). ( يتبع3 ) الدمازين في :2012/09/04 محمد عبد المجيد أمين(عمر براق ) [email protected] mailto:[email protected]