حوار: النائبة العامة السودانية تكشف أسباب المطالبة بإنهاء تفويض بعثة تقصّي الحقائق الدولية    حمّور زيادة يكتب: السودان والجهود الدولية المتكرّرة    الأهلي الفريع يكسب خدمات نجم الارسنال    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    «تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    رئيس مجلس السيادة القائد العام وأعضاء المجلس يحتسبون شهداء مسجد حي الدرجة بالفاشر    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    يرافقه وزير الصحة.. إبراهيم جابر يشهد احتفالات جامعة العلوم الصحية بعودة الدراسة واستقبال الطلاب الجدد    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    البرهان يصدر قراراً بتعيين مساعد أول للنائب العام لجمهورية السودان    راشفورد يهدي الفوز لبرشلونة    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    المريخ يواجه البوليس الرواندي وديا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة الى النميرى ورجاله ... بقلم: مصطفى عبد العزيز البطل
نشر في سودانيل يوم 20 - 07 - 2009


[email protected]
(1)
تلقيت فى معرض التعقيب والتعليق على مقال الاسبوع قبل الماضى (رجال حول الرئيس) والذى خصصته لسيرة الرئيس الراحل جعفر نميرى عدة إتصالات من بعض الشخصيات التى شغلت مناصب متقدمة فى العهد المايوى، بالاضافة الى عدد مقدر من خاصة أصدقائى والأفاضل من عامة القراء. تمنى البعض لو أننى توسعت قليلا فى الامثلة التى قدمتها عن وزراء جعفر نميرى واعوانه ممن كان لبعض مواقفهم التى اتسمت بالتميز فى الموقف والصدق فى المناصحة صيت واسع فى اطار الدوائر الداخلية للنظام فى غالب الاحيان، وعلى مستوى رجل الشارع العادى فى احيان اخرى وفق مقتضى الحال. والواقع ان الامثلة التى عرضت لها فى المقال الاصل كنت قد قصدت منها الاشارة الى نماذج بعينها حسبت ان العلم بها ظل محدودا بحدود القاعات المغلقة التى دارت فى داخلها الحادثات والمواقف، ولم اقصد الى التذكير بالمواقف المعلنة التى نالت فى حينها نصيبا من الاشهار.
من الصنف الأخير المعارضة الذائعة لاستاذ الاقتصاد الدكتور محمد هاشم عوض، وزير التجارة والتموين لقرار السلطة السياسية، ممثلة فى الرئيس جعفر نميرى، بزيادة أسعار السكر فى محاولة لتدارك الضائقة الاقتصادية التى كانت تحدق بالبلاد. وكان الوزير محمد هاشم عوض قد ابلغ الرئيس بأنه كوزير مختص لا يوافق على قرار رفع الاسعار وانه يشعر بأن مهمته كوزير هى توفير البدائل الممكنة لتدارك الازمة وليس التنفيذ التلقائى للقرارات السياسية. ولما لم يكن الرئيس مهيئاً للتراجع عن قراره فى مواجهة تصميم الوزير على عدم تنفيذه القرار السياسى الاعلى لم يكن امام الدكتور محمد هاشم عوض غير تقديم استقالته ومغادرة كرسيه.
(2)
غير أن هناك بالتأكيد نماذج اخرى كثيرة ذكرنى بها العارفون من معاصريها، لم تلق حظها من الاشهار. وقد تداولت حول هذه النماذج، وحول طبيعة العلاقة بين الرئيس الراحل ووزرائه اجمالا، تداولا مكثفا مع الصديق الصحافى المرموق السر سيد أحمد. وقد أبرز هذا التداول عدة نقاط تستقطب النظر المتأمل، أبرزها أن التقويم الموضوعى للأدوار التى نهض بها معاونو جعفر نميرى من المثقفين والتكنوقراط على أمتداد ستة عشر عاما من حكمه الشمولى، يقتضى بالضرورة النظر فى السيرة الكلية للمثقف او الكادر التكنوقراطى، بحيث لا تُؤسس الاحكام وتُعمم بشأن الشخصيات التى تناوبت مراكز القيادة التنفيذية على أرضيةٍ حصريةٍ من الاعجاب - أو ربما الانبهار - بوهج لحظات مضيئة عابرة، قد تبلغ فيها بعض النوازع الشخصية الموجبة ذروتها، وذلك فى غياب المدارسة المتفحصة للأدوار الشمولية لتلك القيادات وتأثيرها – إيجابا او سلبا- على المجرى العام للحقبة السياسية المعنية. ولا ريب فى ان مثل هذه السير الذاتية، فى صعودها وهبوطها، تعكس صورا متباينة ومتضادة للهيبات والخيبات والوثبات والانكفاءات، شأنها فى ذلك شأن البشر فى سننهم الماضية وكتبهم الباقية.
ولكننى وقد وثقت بعضا مما ناقشته مع صديقى السر سيد أحمد، أمضى قدما فأذكر نماذجاً اخرى لافتة للنظر ارتبطت بأسماء بعينها من رجال الرئيس الراحل جعفر نميرى، رأى من كاتبونى من معاصريها انها تستحق ان تذكر وأن تشهر طالما أننا وقفنا بين يدى دفتر النميرية ومُعاهديها وأركان حكمها. ومن ذلك موقف الوزير ومحافظ الخرطوم السابق مهدى مصطفى الهادى الذى عارض معارضةً صريحة وحازمة اتجاه الرئيس نميرى الى ارسال قوات سودانية الى سلطنة عمان للمشاركة فى حربها ضد ثوار ظفار بناء على طلب السلطان قابوس. وهو طلب علم الجميع انه مسنود بضغوط دولية من دول غربية مؤثرة كالولايات المتحدة وبريطانيا. وقد جاهر الوزير برئاسة الجمهورية آنذاك مهدى مصطفى الهادى بقناعته من أن الاستجابة لمثل هذا الطلب تعنى تلقائيا إضعاف مكانة السودان وهيبته، وتجعل من القوات المسلحة السودانية فصائل مرتزقة تخدم الانظمة وتظاهرها فى مواجهة شعوبها. والمعروف ان الرئيس السابق كان قد تراجع فيما بعد عن ذلك القرار وخيرا فعل. وقد عادت ذات القوى الدولية بعد فترة قليلة من ذلك التاريخ الى فكرة توظيف الدول الحليفة لدعم دول المدار الغربى الاخرى عند تعرضها للضائقات السياسية والعسكرية، فأقنعت عاهل المغرب الراحل الملك الحسن الثانى بارسال كتائب من جيشه للتصدى لثوار اقليم شابا فى دولة الكونغو (زائير سابقا)، الذين كانوا قد ثاروا ضد طاغية البلاد موبوتو سيسى سيكو ففعل. وقد كان منظر هبوط القوات المغربية من الطائرات الى أرض زائير بقيادة الكولونيل عبد القادر لوباريز فى نهاية السبعينات للدفاع عن نظام موبوتو الفاسد عاراً استخزى له كل أبناء المغرب ولطخ سيرة الملك وجيشه تلطيخا.
(3)
ومن ذلك نموذج وزير الاعلام بونا ملوال الذى واجه النميرى فى اجتماع مفتوح بدار الاتحاد الاشتراكى حين انهى الرئيس للمجتمعين نبأ ترقيته لنفسه لرتبة المشير فنهض بونا الى المايكروفون ليقول كلمته المشهورة ( ان السودان ليس فى حاجة الى بوكاسا جديد مرصع بالنياشين وشارات الرتب). وتلك واقعة وثق لها الدكتور منصور خالد فأحسن توثيقها. وكان بونا ملوال قد قدم استقالته من منصبه الوزارى فى وقت لاحق وبادر باخلاء منزله الحكومى، وذلك احتجاجا على تصرف النائب الاول لرئيس الجمهورية ابو القاسم محمد ابراهيم الذى أغلق سماعة الهاتف فى وجهه أثناء محادثة هاتفيه بينهما. وقد بذل ابوالقاسم جهدا جهيدا، بمعاونة عدد من كبار السياسيين الشماليين والجنوبيين، فى مسعى استرضائه واقناعه بالعودة عن قراره.
(4)
وقد كان وزير المالية والتخطيط الاقتصادى ابرهيم منعم منصور ممن جربوا السدانة لنظام النميرى مرتين، الاولى فى فترة السبعينات لعدة اعوام فقد بعدها منصبه بالاقالة عبر المذياع. ثم اعاد الرئيس تعيينه فى ذات المنصب – عبر المذياع أيضا – بعد انقضاء فترة من الزمان. ويحار المرء فى ما عساه أن يكون الدافع وراء قبول شخصيات ذات وزن وطنى مثل ابراهيم بالعودة الى مناصب سبق ان صُرفوا منها صرفا غير رفيق. لم اكن حاضرا عند صرف ابراهيم فى المرة الاولى، ولكننى كنت حاضرا عند صرفه من منصبه للمرة الثانية فى منتصف الثمانينات. وقد ذكر الرئيس نميرى سبباً لعزله فى جلسة مجلس الوزراء التى رحب فيها بالوزير الجديد الذى خلف ابراهيم على مقعد الوزارة. قال النميرى وهو يخاطب الوزير الجديد على ملأ من الوزراء: (يخيل الىّ ان المباحثات مع صندوق النقد الدولى تراوح مكانها ولا تحقق تقدما لأن رجال الصندوق اعتادوا على ان يشاهدوا نفس الوجوه كل مرة، وأظن انهم لو شاهدوا الآن وجوها جديدة فربما يتغيرون قليلا وتتغير مواقفهم المتشددة وتسير امورنا معهم للامام). ومقولة النميرى تعبر ولا شك عن منهج فى التفكير واسلوب فى الحديث يعوزه التماسك المنطقى ويفتقر فى ذات الوقت الى الكياسة واللباقة. وللمغفور له باذن الله جعفر نميرى سجل حافل فى مجال الادلاء بأحاديث تسبب حرجا واسعا لمن حوله دون ان يحس هو بذلك الحرج. ومن أمثلة ذلك انه كان يجلس والى جانبه الراحل السياسى الكبير الرشيد الطاهر بكر، حين ادلى بحديث امام مايكروفونات مشرعة قال فيه: ( اننى جربت السياسيين والعسكريين فوجدت ان العسكريين أكثر نزاهة من السياسيين)! ولا جدال فى أن سقطات لسان نميرى العديدة فى آخر خطاب توجه به للشعب من فوق منصة مجلس الشعب فى مارس 1985 كانت فى صدارة الاسباب والعوامل المباشرة التى هيأت الساحة للانتفاضة المدنية، عقب اسابيع معدودة من ذلك الخطاب الكارثى، التى تهاوى على اثرها حكمه.
ولكن القناعة الراكزة لدى الكثيرين من معاصرى تلك المرحلة هى أن السبب الحقيقى لازاحة الوزير ابراهيم منعم منصور انما يتمثل فى موقفه العدائى الصلب تجاه جماعة الدراويش التى كانت قد استولت على القصر الجمهورى واخذت تعبث بالتشريعات، حتى وقفت عند تلة القوانين الحاكمة للاقتصاد الوطنى. فقبل اسابيع من عزله كانت جماعة القصر (عوض الجيد محمد احمد، النيل ابوقرون، بدرية سليمان عباس) قد قامت من تلقاء نفسها بصياغة قانون جديد للزكاة والضرائب دون استشارة الوزارة الاساسية المخول لها تنفيذ القانون دستوريا، الا وهى وزارة المالية والتخطيط الاقتصادى، فغضب وزيرها غضبة مضرية وقام على عجل بكتابة مذكرة نارية من عشرة صفحات عنونها لرئيس الجمهوريه. وقد كتب ابراهيم مذكرته تلك بقلم حبر سائل ولم يطق صبرا حتى تتم طباعتها فحملها وأتى بها من فوره الى مكتب الرئيس الذى علق عليها بقلمه تعليقا سخيفا مستهترا. وما هى الا اسابيع وكان كاتب المذكرة خارج الوزارة للمرة الثانية والاخيرة. وقد اعجبتنى تلك المذكرة من حيث قوة سبكها ودقة تحليلها المستند الى احصائيات وارقام الخسائر المهولة التى يمكن ان يتسبب فيها القانون الجديد، الذى صاغته ثلة من الدراويش لا تعرف مثقال خردله عن الاقتصاد ومساراته ونظمه.
(5)
من بين الرسائل التى تلقيتها رسالة من شخصية شغلت موقعا قياديا فى مجال الثقافة والاعلام خلال سنوات حكم نميرى الاولى. وقد وجدت من ضمن موضوعاتها مادة طريفة قدّرت ان اعيد فض طياتها أمامك. كان المرحوم محمد سعيد سيداحمد مديرا لادارة الاعلام الخارجى إبان تولى الراحل عمر الحاج موسى وزارة الاعلام. وكان بين محمد سعيد وعمر الحاج موسى ما صنع الحداد فما يطيق الرجلان بعضهما. ودرج النميرى- خلال شهر رمضان المعظم - على حضور افلام سينمائية فى قاعة العرض برئاسة وزارة الاعلام. وعند قدومه للوزارة ذات يوم ناداه محمد سعيد سيداحمد امام الجميع وبصوت عال، وكانت له معرفة شخصية سابقة بالرئيس. ذهب النميرى الى الرجل وانتحى به جانبا ليسمع منه وهنا قال له محمد سعيد: ( والله يا ريّس انا ما عندى حاجة معينة اقولها ليك، لكن بس عايز عمرالحاج موسى يشوفنى معاك على جنب ويفتكرك صاحبى ويقوم يخاف منى)!
السجالات والمناظرات
أشرت ضمن مقال الاسبوع الماضى ( منصور خالد لا يرقص الكمبلا) الى العديد من المساجلات والحوارات التى عرفتها المنابر العامة السياسية والثقافية فى السودان خلال نصف القرن الماضى. وقد تلقيت فى صدد التعليق على ذلك الجزء من المقال مكاتيبا من بعض المهتمين بالرصد والتوثيق، كان من ضمنها رسالة من كاتب كبير ذى اسهام متميز فى مضامير الثقافة طلب عدم ذكر اسمه (خوفا من أن يظن الدكتور عبدالله على ابراهيم ان الكاتب الكبير يظاهرنى عليه) حسبما جاءت كلماته. أورد الاستاذ سجالات رأى ان من الضرورة بمكان الاشارة اليها حيث انها برأيه لا تقل اهمية وأثرا عن بعض النماذج التى وردت فى المقال. وانقل هنا من الرسالة: ( من بينها السجال الذى دار بين الشاعر التجانى سعيد، فى مرحلته الانصارية السنية، والاستاذ المرحوم الموسيقار جمعة جابر، حول مشروعية الغناء والموسيقى. نشر التجانى سعيد سلسلة مقالات تحت عنوان: "تجهيز المحابر فى الرد على جمعة جابر". بينما نشر جمعة جابر سلسلة مضادة تحت عنوان: " القول السديد فى الرد على التجانى سعيد". وربما انكر استاذنا الدكتور عبدالله على ابراهيم هذا السجع وحسبه ظلما فى خانة ما أسماه بالهرج الذى نسبه جزافا الى اللغة العربية من حيث هى وهذا قطعا من قبيل آراء المستشرقين التنميطية. وهناك أيضا مساجلات البروفيسور حسن احمد ابراهيم، استاذ التاريخ بجامعة الخرطوم، والدكتور عبدالعظيم رمضان المؤرخ المصرى المعروف والتى دارت رحاها فوق صفحات مجلة " الوادى " السودانية المصرية التى كان يرأس تحريرها الاستاذ انيس منصور وينوب عنه الراحل الاستاذ محمود ابوالعزائم. وقد كان موضوع المساجلات هو دور محمد على باشا فى السودان).
الاختلاق والانتحال
يزعجنى الى حد كبير تفاحش ظاهرة السير الذاتية المختلقة والالقاب العلمية المنتحلة والصفات الوهمية المدعاة فى السودان. وقد زاد انزعاجى حين وقعت بمحض الصدفة مؤخرا على سيرة ذاتية لشخصية سودانية فاعلة فى حقل العمل العام، سبق ان وزعتها ذات الشخصية على نطاق واسع فى وارد التعريف بالذات والخبرات والكسب العملى. تشير السيرة الذاتية الى ان صاحبها يحمل درجة الدكتوراه وعددا من درجات الماجستير من جامعة ذات اسم معين بولاية مينيسوتا. وقد استغربت لاننى لم اسمع قط باسم هذه الجامعة فى الولاية التى اقيم بها اقامة امتدت لخمسة عشر عاما. وقد نشط فى تحرى أمر هذه الجامعة بعض الاكاديميين فانتهوا، بعد ان أعياهم البحث، الى ان الولاية التى تضم عددا محدودا من الجامعات تعد على اصابع اليدين، ليست بها جامعة بذلك المسمى الوارد فى السيرة الذاتية للشخصية السودانية البارزة!
د. سلمان م أ سلمان
أعلنت بارنز آند نوبل، كبرى دور بيع الكتب واشهرها فى الولايات المتحدة وفى العالم بأسره، الاسبوع الماضى عن طرح الكتاب العاشر فى مجال سياسات وقوانين المياه للدكتور سلمان محمد أحمد سلمان، كبير الخبراء والمستشارين لشئون قوانين المياه بالبنك الدولى بواشنطن، والذى عمل فى الماضى استاذا للقانون بجامعة الخرطوم، ومستشارا قانونيا بالصندوق الدولى للتنمية الزراعية بروما. يحمل الكتاب عنوان: (سياسة البنك الدولى لمشاريع الممرات المائية الدولية: تحليل تاريخى وقانونى). يقدم الكتاب عصارة تجربة البنك الدولى فى مجال مشروعات المياه من خلال عرض تاريخى دقيق وتحليل قانونى متعمق لتطور ومحتوى سياسات البنك الدولى فى مجال ممرات المياه الدولية ومنظومة التشريعات الحاكمة فى هذا الشأن. كما يتطرق الكتاب الى الضوابط القانونية والآليات المعتمدة لمعالجة الاعتراضات والنزاعات التى تثيرها المجموعات المختلفة بشأن عمليات تخطيط وتنفيذ مشروعات المياه الممولة من قبل البنك الدولى، وطرق تقويم التأثيرات المحتملة لمشروعات المياه على البيئة. يستحق الدكتور سلمان تهنئة خاصة بصدور كتابه العاشر من سلسلة مؤلفاته التخصصية الرفيعة، ونستحق نحن معشرالسودانيين بالولايات المتحدة أن نفخر بعلمائنا من ذوى المراكز الدولية المتميزة والعطاء العلمى والمهنى الباذخ.
يوسف الخليفة ابوبكر
ضمن مقالى المعنون ( رجال حول الرئيس) ورد اسم الدكتور يوسف الخليفة ابوبكر وزير الشئون الدينية والاوقاف خلال العهد المايوى مسبوقا بصفة ( الراحل ). وكنت قد اضفت تلك الكلمة بناء على معلومات تبين لى مجافاتها للحقيقة. من فضل الله السابغ علينا ان الدكتور يوسف الخليفة ابوبكر حى يرزق يعيش بيننا مستبقا الى الخيرات ناهضا الى المكرمات، يرفد الناس بحكمته وعلمه وفضله، كما كان وسيظل دأبه طوال حياته الهادفة النافعة الخصيبة. أمد الله فى عمره وبارك فيه ونفعنا به. وافر اعتذارنا لفضيلة الشيخ الجليل ولاسرته الكريمة وللنخبة الطيبة من اصدقائه وعارفى فضله ممن بعثوا الى بمكاتيب التصحيح والتوضيح.
عن صحيفة ( الأحداث )
مقالات سابقة:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.