هوغو شافيز سليل التناقضات وخابزها، هو ابن أكثر أقطار أميركا اللاتينية ثراءً وفقراً. هو الضابط الإنقلابي الصاعد إلى قصر الرئاسة في كركاس عبر صناديق الاقتراع.هو الرئيس المصادم الأحادي النظرة والرؤى المتفوق على منافسيه وخصومه بالوسائط السلمية. هو العسكري المستبد بمنهجه ناشر الديمقراطية والعدالة وسط شعبه. هو الثائر الاشتراكي البازغ نجمه في عتمة تفكك الإمبراطورية الشيوعية وانهيار الأنظمة الاشتراكية. شافيز الرجل المريض المتعافي من السرطان المتمكن منه وباء البقاء في السلطة. هوغو شافيز ابن فنزويلا المنحدر من أصولها الإثنية وهي وطن التناقضات السياسية والاقتصادية. هناك تتسع الفجوة بين الأثرياء والفقراء في معادلة عرجاء. فنزويلا موبوءة بالتناقضات الاجتماعية الصارخة بين عناصر الأقلية البيضاء المستأثرة بخيرات الأرض ومزيج الأغلبية من أبنائها الملونين الخارجين من طينها. 3% من زبدة المجتمع الفنزويلي تحتكر 77% من الأراضي الزراعية. 80% من الفنزويليين يعيشون تحت خط الفقر بينما بلدهم يشغل المرتبة الخامسة على قائمة الدول المصدرة للنفط. هوغو شافيز يستثمر في هامش التناقضات داخل الفجوة الفاصلة بين الأثرياء والفقراء. هو يثير منذ العام 1998 غضب الكبار في فنزويلا وحلفائهم في الخارج لكنه ظل صامداً في قصر الرئاسة. المظلي المغامر يتحصن في قصره خلف جدار شعبي صلب قوامه المهمشون على ضفاف الأنهار وحواف الغابات نقلهم شافيز إلى مشارف الحداثة وآفاقها. هؤلاء هم قوام الطبقة الاجتماعية الجديدة الناشئة تحت رئاسة شافيز تحولوا من تروس في ماكينات الانتاج الزراعي والنفطي إلى مواطنين ينعمون بحقوق مشروعة. هؤلاء يشكلون جيش شافيز وسنده في مواجهة ملاك الأرض المجردين وكارتل صناعة النفط وأصحاب الرساميل وأساطيل النقل البحري والبري. هؤلاء من يمنح شافيز الغلبة في الانتخابات والاستفتاءات. هذه الجماهير الوفية تمكنت من إحباط انقلاب عسكري بالحناجر والتظاهر دبره ونفذه أعداء شافيز في الداخل والخارج في العام 2002. بعد 47 ساعة فقط عاد المظلي إلى قصر الرئاسة على شعبية عالية. عقب الاخفاق الانقلابي لجأ خصومه إلى إغراق فنزويلا في الارتباك والفوضى عبر موجات من الاضرابات دفعت نظام شافيز والنظام الاقتصادي برمته في فنزويلا إلى حافة الانهيار. بمناورة سياسية عسكرية خاطفة باغت الرجل خصومه بفرض هيمنة الجيش على قطاع النفط. تلك خطوة لم ترد في توقعات المخابرات الأميركية الداعمة لخصوم الرئيس. فنزويلا ظلت إحدى حدائق الفناء الجنوبي لأميركا. منها تتزود بالبن والفاكهة قبل ان يتدفق إليها النفط. فنزويلا تنتج 2.5 مليون برميل يومياً 60% منها يبحر إلى أميركا. تلك نسبة توازي 14% من احتياجاتها النفطية. لهذا ظلت واشنطن حريصة على علاقة حميمة مع كراكاس. المظلي المغامر عكر صفو العلاقة وتمرد على واشنطن. شافيز لم يتوسم فقط نهج سيمون بوليفار الاشتراكي بل ذهب إلى توأمة مع فيدل كاسترو في أول رحلة خارج كراكاس. في هذه الرحلة أبرم الرجلان صفقة على طراز التجارة الصامتة. النفط مقابل الخبراء. المظلي المغامر تجاوز حدوده الاقليمية للتصالح مع صدام حسين تحت الحصار الدولي ومعمر القذافي تحت الجفاء الأميركي. هوغو شافيز سليل التناقضات والتحديات منها ينحدر وعليها يعيش وبها يستمر نظامه وفيها تكون خاتمته حتماً. من يهتم بالشأن الفنزويلي منا نحن العرب من باب السياسة وبما يحفزه التاريخ حيث شارك الاندولسيون في الهجرة الاسبانية نحو فنزويلا. من لم يستهويه شغف كرة القدم بأسره حتماً جمال بنات فنزويلا اللاتي يتصدرن قائمة ملكات الجمال.