متابعا لاحدى حلقات برنامج "ناس بوك" السياسي التفاعلي في احدى القنوات المصرية ، إتصلت مقدمة البرنامج ، الدكتورة هالة ناس ، هاتفيا وعلى الهواء مباشرة بالسيدة هناء الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية لجمهورية مصر "العربية" لتطمئن على احوالها بعد أن تعرضت شقة مولانا السيدة الجبالي لمحاولة الكسر والتعدي من قبل شخصين ملثمين . تقدمت السيدة الجبالي بالشكر للدكتورة هالة وشرحت ما حدث فذكرت انه عندما حاول هؤلاء الملثمين كسر باب الشقة اتصلت هي باحد الاصدقاء الي يسكن بالجوار و الذي هرع اليها برفقة حرسه الخاص وبوصول هذا الصديق الجار وشرطة النجدة تجمع أهل الحي وحراس العمارات المجاورة لنجدتها وقد تطوع حراس العمارات المجاورة بعمل دوريات حراسة لشقتها على مدار الساعة واسترسلت قائلة بخصوص حراس العمارات المجاورة وبالحرف الواحد : "... وطبعا كلهم نوبيين ..." . إستوقفتني هذه العبارة كثيرا . فبرغم من شهامة ابناء النوبة الذين هرعوا لنجدة السيدة الفضلى و تبرعوا بالعمل على حراستها على مدار الساعة ، حسب ما جاء على لسانها ، لم تتفضل مولانا الجبالي بنطق كلمة شكر واحدة لهؤلاء النوبيين الأشاوس الذين هرعوا وبشهامتهم الفطرية لنجدتها دون غيرهم . يبدو هنا إن في عقلية السيدة الفضلى كون أن حراس العمارات وحراسها الشخصيون من النوبيون هو شئ بديهي ومن المسلمات وأن أبناء النوبة في مصر ما زالوا رهن الحجز في خانتي عثمان "البواب" و عباس "السواق" وما دون ذلك ؛ في حين أن كل وسائل الاعلام المصرية وساستها يؤكدون إنه لا توجد تفرقة عرقية في مصر . أضف لهذا الحدث ذا الطابع العنصري الواضح حادثة إستقالة الناشطة الحقوقية النوبية الدكتورة هناء الطيبي من الجمعية التأسيسية والتي قبلت بترحاب شديد من قبل السيد رئيس الجمعية التأسيسية والذي وقع على قبولها دون أن يكلف نفسه عناء قرائتها أمام الجمعية النأسيسية بل وذهب الى أبعد من ذلك إذ صرح للإعلام بسروره الشديد لإستقاله الدكتورة هناء ؛ وهذا دليل اخر على معاناة الإخوة النوبيون في مصر من التفرقة العنصرية والدونية والإقصاء على كل المستويات الإجتماعية وهذا لعمري لمؤشر في غاية الخطورة خاصة في ظل الظروف السياسية التي تمر بها مصر هذه الايام . أقول للإخوة في مصر إن هذا الوضع لن يثمر سوى الخراب . فالنوبيون هم عرقية أصيلة ذات كيان مستقل تماما عن كل العرقيات الاخرى المكونة للمجتمع المصري والمستحوذة على جل مقدراته ؛ لهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات ايضا . لاينسى ابناء مصر أن أرض النوبة تحتوي على كل ثروات مصر التاريخية و أن كهرباء مصر التي هي عصب الصناعة والزراعة بل والحياة في مصر تأتي من أرض النوبة وقد ضحى النوبيون بأعز ما لديهم من أجل مصر ذلك عند إنشاء كل من سد أسوان والسد العالي . بل وإن شريان الحياة الذي وهبهم مصر أي النيل العظيم فهو يدخل أرض مصر عبر النوبة و إن ارض النوبة المهمشة هي بوابة مصر الجنوبية التي تطل على افريقيا وتهب مصر هويتها الافريقية ، وإن كنتم تتعمدون تجاهلها ، وإن ابناء ارض النوبة هم حراس تلك البوابة الجنوبية . برغم من ذلك الا أن أبناء النوبة ما زالوا يعانون من الفقر والجهل والمرض والتخلف والعطالة دون غيرهم من المصريون مما يجعل أرض لنوبة وابنائها وبناتها مرتعا خصبا للتطرف والتمرد والأعمال الإرهابية . لقد آن الأوان وفي ظل العدالة الثورية أن تحظى أرض النوبة وأبنائها بحصة الأسد من دخل السد العالي و السياحة في بلاد النوبة لتطوير المنطقة وعمل المستشفيات والمدارس والجامعات أسوة بغيرهم من المصريين وأن يتم التعامل معهم بندية ومساواة و أن تؤمن لهم الفرص المتساوية في كل المجالات وبدون تفرقة عرقية أو دونية متعمدة وأن يفك أسرهم من المهن الهامشية. لاينسى أهل مصر أن تاريخ مصر العريق هو تاريخ عرقيتيتين هما العرقية النوبية والعرقية القبطية (مسامون ومسيحيون) في الأساس وإن ما دون هولاء من بقايا المستعمر من روم وفاطميون وشركس وإغريق وفرنسيون وعرب و ....الخ ممن ولوا أنفسهم على سيادة وقيادة مصر وبعقلية المستعمر الإقصائية لن يقودوا مصر الثورة الا الى التفكك و الهلاك . م/ زهير أ يونس. نوبي سوداني Zuhair Younis [[email protected]]