بعد ان أخذ الصراع بين الحكومة السودانية والمواطن منحا جديدا من التكتيكات والاساليب .. الصراع يينهما ليس سياسيا بل صراعا إقتصاديا في المقام الاول .. الحكومة تحقق ماتريد دائما بفرض الامر الواقع على المواطن اعتمادا على قوتها المطلقة والمواطن ليس لديه الا خيار الامتثال لما تفرضه عليه الحكومة في صمت دون ان يكون له حق الاعتراض والاحتجاج .. من الواضح ان الحكومة لم تتحسب لمآلات انفصال جنوب السودان وذهاب ايرادات البترول .. بعد ان فشلت الحكومة في تحقيق الوحدة الجاذبة التي كانت تعول عليها كليا وصرفت من اجلها صرف من لايخشى الفقر اموالا طائلة ولكن لم يجد ذلك وانفصل الجنوب وذهب تبعا لذلك البترول الذي تقع معظم حقوله بالجنوب .. المشهد الثاني : على أيتها حال فقدت الحكومة ايرادات البترول !! .. هذا هو الامر الواقع .. ايرادات البترول التي كانت تعتمد عليها في تسيير الدولاب الحكومي والصرف على التنمية فيما عدا تنمية الزراعة والصناعة اللتان يملك السودان مقوماتهما .. الحكومة كانت قد اهملت هكذا تنمية .. بل كانت الحكومة سببا مباشرا في تدميرهما بعد ان ارهقتهما بالجبايات والمكوس المختلفة وبالامس القريب صدر تقرير من غرقة المستوردين يفيد ان 80% من المصانع في السودان متوقف تماما عن العمل !!وقبله كانت الصحف تشن هجوما على احد مسئولي الحكومة لتسببه في توقف الكثير من مصانع الباقير بسبب فرض جبايات ومكوس تفوق مقدرة هذه المصانع .. في المقابل هجرالكثير من المواطنين الزراعة لذات الاسباب .. هذا على سبيل الذكر .. نتيجة لذلك لم تجد الحكومة ماتعتمد عليه بعد ضياع ايرادات البترول بانفصال الجنوب .. ولم يكن النشاط الاهلي والحكومي الملحوظ في التنقيب عن الذهب وماحققه من عوائد بديلا للبترول و يجبر كسر فقدان ايرادات البترول .. الحالة هذه للاقتصاد السوداني يطلق عليها الاقتصاديون المرض الهولندي .. وهذا مرض لايشفى منه الا برفع معدلات الانتاج الزراعي والصناعي وليس بفرض مزيد من الضرائب .. على العكس الضرائب تساعد على تفاقم الحالة المرضيه هذه . المشهد الثالث: وجد المواطن نفسه مجبورا لتقديم التضحيات .. اصبح المواطن فوق صفيح ساخن .. حيث قامت الحكومة بزيادة اسعار المحروقات والضرائب والمكوس المختلفة غير آبهة بالمواطن .. في المقابل قطعت الحكومة على نفسها وعدا هلاميا بإعادة هيكلة الجسم الحكومي البدين المترهل ..لكنها لم تفعل.. بل مضت غير آبهة بالمواطن وبوعدها له .. ومضت قدما في ارضاء هذا وذاك من المتمردين عليها حتى اقعدتها بدانتها عن الحركة ومازالت سادرة في غيها ..كل يوم نشهد تعيين وزير او وزير دوله جديد .. او تقطيع ولاية الى ولايتين او ثلاثة بجيوش جرارة من الدستوريين .. وماادراك مالدستوريين ورواتبهم ومخصصاتهم .. ويبقى السؤال الملح من اين يتم الصرف على هؤلاء .. من اين؟ المشهد الرابع : - ترتفع اسعار اللحوم الى مستوى خرافي كأنما السودان دولة غير منتجة ومصدرة للحوم .. الصحف اليومية تكشف العجب للمواطن بان الحكومة وراء أزمة وغلاء اللحوم لانها تفرض 22 رسما حكوميا على الخراف .. كأنما هذه الرسوم هي صك الحرية لتأخذ الماشية بعده طريقها الى السوق بحرية ( السوق الحر) .. تأبى الحكومة رفع هذه الرسوم ولا حتى عن خراف الاضاحي في الوقت الذي يصرح فيه مسئولي الحكومة عبر اجهزة الاعلام بان الزيادة في اسعار اللحوم غير مبررة !! - السكر .. وماادراك مالسكر .. السكر سلعة حكومية بحتة بنسبة 100% .. السودان منتج لها .. ومعلوم ان الحكومة بعد الانتاج وقبل خروج جوال سكر واحد من المصنع تقوم بفرض رسوم تقارب تكلفة الانتاج كرسم حرية ايضا لتخرج بعدها سلعة السكر بحرية للسوق الحر .. وهذا ليس كل شئ بعد ذلك تتربص بهذه السلعة باشكال اخرى .. تارة يتم إعادة تعبئة السكر في عبوات اصغر.. في فترة إعادة التعبئة هذه يشح المعروض منه في الاسواق .. فتقل كمية العرض بالاسواف فترتفع الاسعار جراء ذلك.. هكذا ترتفع اسعار السكر .. كالعادة يخرج علينا من المسئولين في اجهزة الاعلام قائلا .. ارتفاع اسعار السكر غير مبررة وان هنالك متاجرين جشعين وراء ذلك .. كأن هذا المسئول الحكومي أتى بجديد او يعتقد .. المواطن يعلم بكل هذه التفاصيل منذ انتاج السكر وحتى تعبئته واعادة تعبئته حتى وصوله للاسواق. المشهد الخامس: بعد فشل الحكومة في توفير العملة الصعبة لاستيراد الدواء وترك الحبل على القارب لتجار الدواء لتمويل مشترواتهم من السوق الموازي ( السوق الاسود) .. في المقابل لم ترفع الحكومة جباياتهاومكوسها عن هذه السلعة الانسانية بل ابقت عليها ان لم تكن قد ضاعفتها بصورة او اخرى كعادتها.. هنا يكون المواطن قد وقع بين فكين .. الحكومة من جانب .. تجار الدواء من الجانب الاخر والذين لاهم لهم غير جني المزيد من الارباح من جيب المواطن المريض والمغلوب على امره .. ومعلوم ان الحكومة رفعت يدها عن العلاج الا بعض الحالات الطارئة الحرجة حتى لاترمي نفسها في مواجهة صريحة مع جهات انسانية تحت بند حقوق الانسان .. واقع الامر ليست هنالك مستشفيات حكومية مؤهلة اصلا لتقديم العلاج للمواطن .. الشاهد مستشفى ام درمان مثالا حيا للتردي البيئي والصحي و تكفي دليلا حيا لا يحتاج لإضاءة .. المشهد الاخير : السودان يملك اسوأ منظومة صحية وتعليمية على الاطلاق .. الحكومة لاتوفر للمواطن التعليم او العلاج المجاني .. وكل ماتتحصله الحكومة من جبايات ينفق في التسيير حيث الرواتب المليارية .. مثال ذلك مااوردته بالصحف اليومية بان السيد/ مدير الاسواق المالية راتبه يفوق 18 الف جنيه ( مليون بالقديم ) وهو اكبر من راتب السيد / اوباما رئيس امريكا .. اما المزايا والمخصصات.. بدل عيدين ( الفطر+الاضحى) 90 الف لكل عيد 45 الف فقط ..بدل لبس 72 الف جنيه بواقع 6 الف شهريا فقط.. التلفون والكهرباء مجانا ..اعفاء من الضرائب .. ياترى كم هو راتب وماهي مخصصات من هم اكبر منه وظيفة في الدولة وكم عددهم .. وهل لمثل هؤلاء الاحساس بمعاناة المواطن البسيط الذي يعاني ما يعاني من اجل الحصول على لقمة العيش والعلاج والتعليم ومتطلبات الحياة الاخرى التي نفضت الحكومة يدها منها قوة واقتدارا.. هل يحس اولئك بهكذا معاناة ؟.. من هنا تأتي ضرورة اعادة هيكلة الدولة تماما من الالف للياء .. واقع الامر ان (15 وزارة )و(6ولايات) و(150 عضو برلمان) هي الحاجة الفعلية للسودان .. يرضى من يرضى.. ويغضب من يغضب .. لاتوجد اموال للصرف على هذا الجيش العرمرم من الدستوريين و لا يستطيع المواطن الصرف عليهم وقد ضرب الفقر والجوع البلاد والعباد واستفحل الغلاء الفاحش غير المبرر... ولايدري المواطن المسكين من اين ستأتيه اللطمة القادمة .. ولم يتبق للحكومة غير ضريبة الهواء .. ولا يستبعد ان تكون هنالك دراسة جدوى لتحديد كمية الهواء الذي يستنشقه المواطن في ظل عدم وجود عداد(الجمرة الخبيثة) لضبط الامر اولا ثم رفع الدعم تدريجيا عنه كذلك ضريبة البقاء على قيد الحياة بما ان المواطن يشغل حيز مكاني هو ملك للحكومة مثله مثل العوائد السكنية.. وقد تمنع الحكومة دفن اي جثمان الا بعد ابراز شهادة خلو طرف بسداد كل الجبايات .. على كل حال سؤ الظن من حسن الفطن ومن حق المواطن الخوف من اين ستكون اللطمة القادمة .. بمنتهى الديمقرطية Yusri Manofali [[email protected]]