بسم الله الرحمن الرحيم يعرف في علم السياسة أن تطور المجتمعات الانسانية مرهون بعدم زج الدولة الراغبة في النمو نفسها في الحروب الداخلية والصراعات الإقليمية والاعتماد ، قدر الامكان ، علي مواردها الذاتية لتحقيق النمو المنشود دون الانزلاق الي مستنقع القروض والمنح والهبات الدولية. ولقد برهنت هذه النظرية علي صحتها لما عوضت الامبراطورية اليابانية هزيمتها وإنهيارها بالتركيز علي النهضة الصناعية حتي أصبحت في مصاف الدول الخمسين الكبري في العالم. في حالتنا السودانية ، يثبت عكس النظرية أعلاه مدي إنهيار الدولة التي ترهن سيادتها للقروض والمنح لدرجة تصل بها الي الانصياع الكامل لارادة السيد" شايلوك". وحتي ، إن إستجدينا السيد " شايلوك" أن يتنازل عن ديونه كلها أو حتي بعضها فإنه لن يتنازل إلا وفقا لشروطه وفي مقابل ، ربما يساوي أكثر من قيمة الدين المراد إسقاطه وهذا تعلمه جيدا أجهزة الدولة المفاوضة ولكن عادة لا تصرح به ، حفظا علي ماء الوجه وحتي لا يغضب الشعب. في دول العالم الثالث ، يبدو أن شبح الهيمنة الاستعمارية لا زال يلقي بظلاله وبكثافة متناهية علي كثير منها ، حتي أنه في ظل إنتهاك السيادة الوطنية وأراضي الدول يصبح حينئذ مصطلح دولة " مستقلة وذات سيادة" بغير ذي معني. والمثال الذي يعنينا في هذا الصدد هو أختراق طائرات إسرائلية معادية لسموات أرضنا وضربها لإهداف محددة تري أنها كانت تهدد أمنها القومي !!. وماذا عن أمننا القومي نحن ؟!!. اين هذه الحكومة التي تملك صكا كاملا بالسيادة الوطنية ومن ذا الذي يدافع عن ترابنا إذا ما إنتهك حقا من قوي خارجية معلومة؟!. نحن نعلم أن الحكومة الحالية ليست معنية بالسودان الدولة بعدما أدخلته كله في جلباب الحزب واصبح ضحية ، تنهشها كلاب النظام المسعورة ولقد بينت الشواهد علي أن الوطن نفسه قابل للبيع ، مرافقه وبناه التحتية وأراضيه الخصبة وشواطئه وكل موارده المنقولة وغير المنقولة ، بل وتلك التي في باطن الأرض!!. رغم كل ذلك ، فإن الوطن يعنينا بشكل أو بآخر ، ليس من منطلق " شيفوني" وإنما لكونه الملاذ الآمن الوحيد الذي نعيش فيه حاضرنا ونرسم علي ترابه مستقبل أجيالنا القادمة وربما نموت فوق ترابه. لهذه الأسباب تحملنا مآسينا في الداخل ، من صعوبة متواصلة ومتصاعدة في تدبير متطلبات العيش الكريم (ليس غلوا ، وإنما بحده الأدني ) في مقابل إهمال تام ، بل ومتعمد ، من قبل الحزب الحاكم ، لمجرد أن يفهم فقط ولمدة ثلاثة وعشرون عاما أن رئيس الدولة ينبغي أن يكون رئيسا لكل الشعب وليس رئيسا لحزب " ضال" نعم ... حزب ضال ... أضاع الأمانة وعلي مرمي سمعه وبصره إنتشر الفساد في الأرض ولم يفعل شيئا وبددت ثروات البلاد في سفاهات وباركها ، بل وشجع عليها منتفعي " الغنائم" ، أموالا بددت سدي ، كان أولي أن تنقذ أروحا وتعالج مرضي وتشبع جوعي وتكسي عرايا وتربي أيتاما وتكلم جراح ارامل ومكلومين ، وتحدث تنمية حقيقية في مواقع النزاعات الحالية ، بل وتقفل أبواب الإقتراض الخارجي. الآن ، ماذا نحن فاعلون وقد وصل العدو الحقيقي إلي عقر دارنا؟. هل سنواجهه فرادي أم جماعات ، هل سيقودنا أشخاص يخافون ربهم ويعرفون حدودهم ، أم اشخاص جبناء ، ينتظرون الرد المناسب في المكان ووالوقت المناسبين!!. يافرحتنا بهذه العنجهية الفارغة التي لا ترهب نملة . حتي وقت قريب ، كنا نعتقد أن بلدنا هذا تشن عليه حروب داخلية وخارجية بالوكالة ، ولأن الحزب الحاكم ، كما عهدناه ، يختلق المشاكل ويحلها بنفسه بسلسلة من الأخطاء الفادحة، فقد تركنا الأمور لتنساق علي " هواهه" ، حتي بالأمس القريب ، حين تاكدنا تماما أن " الوكالة" قد إنتهت واصبح العدو معلوما ، يعرف طريقه جيدا ويمكن أن يعود في أي وقت ، ل" ينتهك" حرمتنا مرات ومرات وليس هناك من يدافع عنا إلا انفسنا بأنفسنا . لقد آن للحزب الحاكم أن يطرح آراؤه وافكاره الجهنمية جانبا ، بعدما ضيعتنا وضيعت البلاد معها وأن يصغي جيدا إلي رأي الشعب وليس إلي رأي الحزب ، فالقضية أصبحت قصة حياة وموت، تخص الشعب أكثر مما تخص الحزب الحاكم . ولأن الموت والحياة ، كما هو معروف هو محض إبتلاء لإي فرد منا ، تمتحن فيه النوايا ويختبر به عزائم الرجال ، فربما أن هناك بضع وثلاثون مليونا من الأنفس لهم رأي في هذا الموضوع ويمكن أن يرهبوا العدو بزأرة واحدة إذا ما تركوا يعبرون عن رأيهم بحرية. مشكلة الحزب الحاكم أنه يعتقد جازما ، بحكم صلفه وغروره وإعتماده المطلق علي قوة البطش لا غير ، أن الشعب السوداني مجرد " كراويش" يمكن اللعب بعقولهم ولكن !! إذا كان الامتحان إمتحانا وكان الاختبار إختبارا والقضية قضية أمة ، فدعونا نعبر عن رأينا ، برد حريتنا المستلبة وفك قيود القهر والاذلال ، فاذا كانت طائرات العدو قد إنتهكت حرمتنا وحلت عن سمانا فيجب أن تحل عن سمانا أيضا ، أشياء أخري فاشلة. الدمازين في:2012/10/26 محمد عبد المجيد أمين(عمر براق )