ورحل مربي جليل وشاعر مجيد آخر ليلحق برفيق الدرب صديق مدثر ، نعم رحل الشاعر والأديب والمعلم الباهر الأستاذ الجليل مهدي محمد سعيد فجر الجمعة 23 نوفمبر 2012م الماضية وهي جمعة مباركة إحتوت فيها ارض ام درمان ، التي احبها واحبته جثمانه الطاهر، عاش في ودالبنا ببيت المال لكن إسمه غطي كل الوطن ، فكان شعرهُ ( عجيبٌ في معانيه إذا أدركت معناه ) ، نعم رددها غناء جميلا صديقه العندليب الراحل زيدان ( جميل ما سألناه .... ولكنا هويناه ) . كان الشاعر مهدي يعطي كل وقته وجهده للثقافة بمفهومها الواسع ، شارك كثيرا في لجان ومجالس إدارات الأدباء السودانيين ، وقد تخرج علي يديه مئات بل آلاف الطلاب من أقسام اللغة العربية في وادي سيدنا الثانوية ثم مديرا لمدارس بيت الأمانة ، فأعطي لطلابه وما بخل ، وقد ظلت علاقة طلابه به حتي رحيله هي علاقة ذات خصوصية عالية المقام. ونحن إذ نودعه ، فإننا ندرك تماماً بأنه قد ترك فراغا عريضا من الصعوبة ملأه ذلك أن العظماء بين الأمم تظل أسماؤهم ساكنة في وجدان شعوبهم علي مر الدهور فكيف يكون الحال وفقيدنا كان مربيا للأجيال لستين عاما خلت . لقد كان الشاعر الأستاذ مهدي محمد سعيد يشكل دوما حضورا بهيا في معظم المنتديات الثقافية التي شهدتها عاصمة البلاد في العقدين الآخرين . وقد خلف وراءه ثلاث دواوين ويأتي أولها ديوان ( الطين والجوهر ) وقد صدر في سبعينات القرن الماضي ، وقد أعقب ذلك صدور ديوانين آخرين شهدها شاعرنا والناس تحتفي به . وكيف ننسي قصيدته عن النيل التي تغنت بها الفنانة ( أسرار بابكر ) في مهرجان الأغنية العربية بالمملكة المغربية قبل عدة سنوات وقد فاز النص بالمركز الأول كنص شعري ، ولكن فوز القصيدة كنص أتاح للفنانة أسرار أن تلج فن الغناء من أوسع أبوابه وهو كلية الموسيقي والمسرح . رحمك الله يا أستاذنا مهدي محمد سعيد بقدرما قدمت للأدب السوداني شعرا رصينا بلغة سلسلة جزلة تظل نبراسا للذين يرتادون هذا المجال . عشقناه ولكنا ..... تعبنا إذ عشقناه ُ سُكاري عند رؤيته ِ ... حياري عند ذكراه يعاتبنا بنظرته ... بلا ذنب ٍ جنيناه سوي أنا هويناه ُ ... ولكن ما سألناهُ [email protected]