بناء امة تؤمن بالله ربا و بمحمد قائدا و نبيا عندما تنزل بفرد منا مصيبة فوق طاقة تحمله، او عندما تغلق امامه كل الابواب، اي تنعدم البدائل ، يلجأ الانسان الي رب العالمين طالبا الرحمة و اللطف. و لا يستثني من هذا احد ، حتي اؤلئك الذين ظلوا يؤمنون انهم بتدبيرهم و بقوتهم قادرين علي كل شي، تأتيهم هذه اللحظة القاتمة فيلجئون الي الله. لكن اعدل الحاكمين جعل استجابته للدعاء مقرونا بالتقوي وتحري الحلال في الرزق وذكر الله في ساعات الرخاء. و كما ترون فان اهل الاسلام السياسي في السودان (في امر ضيق) هذه الايام، و يقطعون الوعود من جديد انهم سيحكمون بشرع الله، و انهم لم يعملوا لدنيا و ان هدفهم السامي هو بناء امة تؤمن بالله ربا و بمحمد قائدا و نبيا. لا ادري ان كانوا يخاطبون الشعب السوداني ام يخاطبون عالم الغيب و الشهادة لكي ينالوا فرصة اخري في حكم هذا الشعب؟! ذكرتني زنقتهم هذه حكاية من حكاوينا النوبية: كان احد المزارعين في قرية من القري النوبية سعيدا بحاله سعادة لا استطيع ان اصورها لكم، فقد كان يحمد الله في كل لحظة علي النعم التي حباه بها رب العباد، و السر في سعادته هذه بقرة حمراء فاقع لونها و يسميها "الحمرا". هذه البقرة كانت تمكنه من زراعة مساحة مقدرة من ارض الساقية، لانها تستخدم في دوران الساقية، و تزوده و اسرته باللبن الذي يكفي اسرته و يفيض فيستخدمونه في صناعة ما يسمي الآن بمستخرجات الالبان من زبدة و سمن بلدي و زبادي. كما ان هذه البقرة كانت تدر عليه مبلغا محترما كل سنتين او ثلاثة حيث كان يبيع العجل. فابتلاه رب العالمين بموت هذه البقرة. فجلس علي الارض و كلتا يديه فوق راسه، و الناس من حوله يواسونه، و لكن لم يكن يسمعهم. و فجأة تكلم: (الهي انحمرا ديكا نسركجي) و معني الجملة الهي اجعل لي موت الحمرا حلما. و لانه كان يؤمن بالله ربا و بمحمد فائدا و نبيا، فرج الله كربته فاشتري له اجد الموسرين في القرية بقرة اخري و تصادف انها كانت حمرا فسماها (حمرا كدود) اي الحمرا الصغيرة. و لا ندري ان كان في امكان اهل الانقاذ اللجوء لرب العالمين طالبين الفرج. أنا شخصيا لا استطيع ان احكم علي الافراد، فقائدنا و نبينا امرنا بان نشهد بالايمان لكل من يرتاد المساجد. لكنني و اثق بان لا أمل للاسلام السياسي بدعوة مستجابة، بل ربما يكون دعاؤهم فيه تجاوز للادب و قلة الحياء، ان تناسوا ما فعلوه بالشعب السوداني و طلبوا من الله العون. نعم في امكانهم طلب المغفرة و التوبة ، و هذه لها شروطها التي فصلها قائدنا و نبينا محمد عليه افضل الصلاة و السلام. في تصريح للسيد احمد ابراهيم الطاهر ورد ان من اولي اهدافهم السامية (بناء امة تؤمن بالله ربا و بمحمد قائدا و نبيا) و هذا الهدف عندما يذكر في هذه المرحلة من حكم الاسلام السياسي في السودان ، يحتمل اكثر من تفسير: 1. أن الامة الاسلامية لم تؤمن بالله ربا و بمحمد قائدا و نبيا من قبل. 2. أن الانقاذ منذ قدومها في عام 1989 ظلت تبني امة تؤمن بالله ربا و بمحمد قائدا و نبيا، و في هذه الحالة نتوقع ان يكونوا قطعوا شوطا في هذا البناء – يكونوا وصلوا للطابق العاشر مثلا. 3. انهم يهدفون لبناء امة تؤمن بالله ربا و بمحمد قائدا و نبيا، ان اعطيناهم فرصة حكم السودان لربع قرن آخر. (انت جادي يا مولانا!!) لا اعتقد ان رجلا في علم و سن الاستاذ احمد ابراهيم الطاهر يقصد المعني الأول ، فهو في سني تقريبا و يكون حفظ جزء عمي و تبارك في الخلوة، و شهد اباءه و اجداده يسبحون بحمد ربهم ، و عقب كل صلاة بعد التسبيح يرددون جماعة: أشهد ان لا اله الا الله و اشهد ان محمدا رسول الله في كل لمحة و نفس عدد ما وسعه علم الله. وكانوا في مجلسهم ذاك يسألون عن الغائبين و عن احوال الفقراء و المساكين، فيزورونهم ليلا و يغنونهم عن السؤال، اي انهم كانوا مؤمنين بالله ربا و بمحمد قائدا و نبيا، قولا و صدقا. اعتقد ان السيد أحمد ابراهيم الطاهر يعني ان الاسلام السياسي ظل يبني امة تؤمن بالله ربا و بمحمد قائدا و نبيا منذ عام 1989. و لا نستطيع ان ننكر عليه و علي الاسلام السياسي هذا الادعاء "من الباب للطاق". لا بد من ايضاح، لذلك قبل ان نتحاسب دعونا نتعرف علي معني الايمان بالله ربا و بمحمد قائدا و نبيا و موجباته و المطلوب من قيادة تريد ان تبني امة، لكن بداية لابد لي ان اجزم بان الفرق كبير جدا بين بناء العمارات الشاهقة و الفلل الانيقة و الشركات الكبيرة و بناء الانسان. الايمان بالله ربا و بمحمد قائدا و نبيا المعني 1 . قال الله تعالى : {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [ سورة إبراهيم: 24 - 25 ] فمثل الله كلمة الإيمان - التي هي أطيب الكلمات - بشجرة هي أطيب الأشجار ، موصوفة بهذه الأوصاف الحميدة ؛ أصولها ثابتة مستقرة ، ونماؤها مستمر ، وثمراتها لا تزال ، كل وقت وكل حين ، تغل على أهلها وعلى غيرهم المنافع المتنوعة ، والثمرات النافعة . وهذه الشجرة متفاوتة في قلوب المؤمنين تفاوتا عظيما ، بحسب تفاوت هذه الأوصاف التي وصفها الله بها . فعلى العبد الموفق أن يسعى لمعرفتها ، ومعرفة أوصافها وأسبابها ، وأصولها وفروعها ؛ ويجتهد في التحقق بها علما وعملا . فإن نصيبه - من الخير والفلاح ، والسعادة العاجلة والآجلة - بحسب نصيبه من هذه الشجرة .(المصدر:التوضيح والبيان لشجرة الايمان – تأليف العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي). 2. في حديث من افراد مسلم (حدثنا محمد بن يحي بن ابي عمرالمكي و بشر بن الحكم قالا حدثنا عبد العزيز و هو ابن محمد الدراوردي عن يزيد بن الهادعن محمد بن ابراهيم عن عامر بن سعد عن العباس بن عبد المطلب انه سمع رسول الله صلي الله عليه و سلم يقول: ذاق طعم الايمان من رضي بالله ربا و بالاسلام دينا و بمحمد رسولا. و في الحاشية رقم 1 – قال صاحب التحرير – رحمه الله : معني رضيت بالشئ قنعت به و اكتفيت به، و لم اطلب معه غيره. فمعني الحديث لم يطلب غير الله تعالي ، و لم يسع في غير طريق الاسلام، و لم يسلك الا ما يوافق شريعة محمد صلي الله عليه و سلم. و لا شك ان من كانت هذه صفته فقد خلصت حلاوة الايمان الي قلبه، و ذاق طعمه.و قال القاضي عياض – رحمه الله- : معني الحديث صح ايمانه و اطمأنت به نفسه و خامر باطنه، لان رضاه بالمذكورات دليل لثبوت معرفته و نفاذ بصيرته و مخالطة بشاشته قلبه، لان من رضي امرا سهل عليه. فكذا المؤمن اذا دخل قلبه الايمان سهلت عليه طاعات الله تعالي و لذت له. (المصدر صحيح مسلم) 3. (و من الناس من يقولون ءامنا بالله و باليوم الآخر و ما هم بمؤمنين * يخادعون الله و الذين ءامنوا و ما يخدعون الا انفسهم و ما يشعرون* في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا و لهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون* و اذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا انما نحن مصلحون * ألا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون) سورة البقرة: ألآيات 8 -12) هذه الفئة من الناس قد جبلت علي حب الخداع و المراوغة، و علي الفساد و الافساد في الارض، يتوهمون أن قدرتهم علي المداهنة و التدليس، و التلبس بالكذب و النفاق، و التذبذب بين الاهواء و المطامع .... من شأن ذلك ان يحقق مآربهم و غاياتهم الرخيصة!. و لكنهم ما دروا بأن الله خالقهم يزيد قلوبهم المريضة مرضا في هذه الدنيا ، و يدخر لهم العذاب الأليم في الآخرة. (المصدر: معجم الأمثال في القرآن الكريم – للشيخ سميح عاطف الزين ص لا472 – 473) بناء امة تؤمن بالله ربا و بمحمد قائدا و نبيا ساحاول ان اناقش هذا الجزء معكم دون الرجوع الي مراجع، و الأمر هنا خاص ببناء الانسان، لذا فانه في اعتقادي امر يتطلب وجود: 1. قدوة يحتذي بها 2. مؤسسات تربوية لها خطط و برامج لتحقيق اهداف الامة 3. مؤسسات مهنية و سياسية تعمل في خط مواز للمؤسسات التربوية 4. مؤسسات للفنون و الآداب تنمي في النشئ القيم النبيلة و تصقل مواهبها و مهاراتها 5. الاستقرار الاقتصادي الذي ييسر الاستقرار الاسري و من ثم تربية النشئ تربية تعينهم علي طاعة الله و رسوله و الآن سؤالي ايها السادة هل تحقق شئ من هذا منذ ان استولت الحركة الاسلامية الحكم في البلاد في عام 1989؟ اترك لكم الاجابة، و لكن الذي ارآه انا ، ان حكومة الانقاذ وجدت امة تؤمن بالله ربا و بمحمد رسولا و نبيا ، فاجبرتها و ربتها علي النفاق و الفسوق و الفساد و الفجور وحب الشهوات و ملذات الدنيا، و حطمت النظام التعليمي ،و بصفة خاصة التعليم الجامعي، و بذلك اختل ايمان معطم الناس الا من رحم ربي. و فيما يلي اسوق لكم الدليل علي ما اقول: 1. باسم التمكين ابتدعت حكومة الانقاذ ما يسمي "بالصالح العام" و مارست اقسي صنوف الظلم بحرمان غالبية الشعب السوداني من مصادر الرزق ، و حرمتهم من ممارسة اية مهنة اخري، فكنت تري في فترة من الفترات كبار موظفي الخدمة المدنية يبيعون ممتلكاتهم : التليفزيون، الثلاجة، غرفة الجلوس، عرفة النوم ، شبابيك و باب احدي الغرف التي يمكن الاستغناء عنها. وبعد ان بيع كل شئ خرجت كل الاسرة لتعمل ، و لما ضاقت و استحكمت حلقاتها، باعوا اعز ما يملكون. الظلم الذي يزل الناس و ينشر الفاحشة بين الاسر المؤمنة ، اين يقع هذا في خريطة بنائكم لامة تؤمن بالله ربا؟؟ حسبنا الله و نعم الوكيل. 2. ألاعتداء علي المال العام، و الذي في نهاية المطاف ادي الي تدهور الخدمات الرئيسية التي تقدمها اي دولة لمواطنيها، اي الصحة و التعليم و الماء و الكهرباء، هل كان تربية تعزز الايمان بالله ربا و بمحمد قائدا لمنسوبي حزبكم في المقام الاول و لجملة شباب السودان؟؟حسبنا الله و نعم الوكيل. 3. أن يغتني فقراء الامس فجأة، ة يتطاولون في البنيان ، و تتباهي نساؤهم بانهم لا يشترون شيئا من اسواق الخرطوم بل من سلفريدج و ماركس اند اسبنسر، هل هذه هي القدوة التي تعينكم علي بناء امة تؤمن بالله ربا و بمحمد قائدا و نبيا؟؟!!حسبنا الله و نعم الوكيل. 4. التلاعب بآيات الله و احاديث المصطفي عليه افضل الصلاة و السلام، لتبرير الفساد و التجاوزات ، و الكذب علي الله و الشعب بهتافاتكم المستفزة: لا للسلطة و لا للجاه، لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء ... ابمثل هذا تريدون ان تبنوا امة بؤمن بالله ربا؟ هل في هذا اتباع لسنة اشرف الخلق و المرسلين؟؟!حسبنا الله و نعم الوكيل. 5. تعذيب الناس و ترويعهم ، لانهم قالوا انكم ظالمون و فاسدون، هل في هذا اي نوع من بناء الخلق القويم ؟؟ حسبنا الله و نعم الوكيل. يا اهل الاسلام السياسي في السودان، و الحديث موجه للمخلصين لدين الله قبل المنافقين، ليرضي عنكم الله و عباده انتم مطالبون بتوبة نصوحة. و بالتأكيد اننا لا نطالب بتوبة الافراد ، فذاك شأن بينهم و بين ربهم، و لكننا نطالب بتوبة تنظبمكم السياسي باتباع كل شروطها: - الاعتراف بالذنب - الاقلاع عن المعصية - اطهار الندم - رد المظالم الي اهلها ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا و لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك و لا يرحمنا يا ارحم الراحمين يا الله وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين كسرة: (الميور) او العمدة لمدينة تورنتو، اعتقد تماثل وظيفة الوالي في السودان. و العمدة ينتخب بالتصويت المباشر . العمدة روب فورد فاز في آخر انتخابات ، اعتقد في نهاية 2010. قبل ذلك كان عضوا في مجلس المدينة. و هو مهووس بكرة اليد و عنده تيم يحمل اسمه. في عام 2009 استخدم الورق المروس لمجلس المدينة و جمع تبرعات قدرها 3150 دولار. فاعترض علي هذا مواطن من مواطني المدينة و لذلك طلب منه رئيس المجلس ان يدفع المبلغ للمتبرعين، ة قبل ان تحل هذه المشكلة تم انتخابه عمدة للمدينة . و اعيد فتح هذه القضية و تقرر مناقشتها في المجلس، و شارك هو في النقاش بصفته العمدة، فاشتكاه احد المواطنين للقضاء بتهمة استغلال النفوذ لان مشاركته في المناقشة استغلال لموقعه كعمدة. صباح اليوم اصدر القاضي قراره بانه مذنب و عليه حكم عليه بالاقالة من منصبه، و اعطي القاضي 14 يوم مهلة لحكومة المدينة لاخلاء طرفه و تعيين بديل ، لحين اجراء انتخابات لاختيار عمدة آخر. و قررت حكومة المدينة تكليف نائبه ليقوم بمهامه – و بما ان الانتخابات ستكلف دافع الضرائب (و احدهم العبد الفقير حسين الزبير) 7 مليون دولار، فان حكومة المدينة تفكر في تعيين (Care Taker) حتي 2014 موعد الانتخابات القادمة. الا يحق للاستاذ فتحي الضو ان يشتاق و يشوقنا للديمقراطية: (لا بد من الديمقراطية و ان طال السفر) Hussain El Zubair [[email protected]]