بقلم : مصعب مصطفي الجزولي –المحامي [email protected] في التاريخ القديم الإسلامي أ‘تهم بعض المؤلفين بالسطو على مصنفات الناس ونسبتها إليهم حتى بلغت مصنفاتهم المئات بل لم يكن بعضهم لها بأهل، ومن الطرائف ما هُجي به ابن دريد ابنُ دريدٍ بقرهْ وفيهِ عيٌّ وشرهْ قد ادّعى من جهلهِ وضعَ كتابِ الجمهرة وهو كتابُ العينِ إلا أنّه قد غيرهْ يُعرف بعض المختصين توارد الخواطر على أنه نوع من الاتصال الفكري والروحي بين شخصين -وربما أكثر- ونجده على نطاق واسع في الموسيقى والأدب والفكر السياسي والاجتماعي، بل أنه ينتشر في الحياة العامة على نطاق واسع، وفي بعض البحوث العلمية قبل عصر المعلومات وسرعة انتقال المعلومة، نجد كثيراً من العلماء توصلوا لنفس الاكتشافات بنفس الطريقة في نفس الوقت وهذا التوارد نجده في الفنون وخاصة الشعر منذ قديم الزمان، وقد يختلف الناس حول تسمية التشابه هذا، فالبعض يعرف التشابه في المنتوج الإبداعي على أنه توارد خواطر، وفي درجة أخرى يسمى اقتباساً، أما في آخر درجاته فيسمى سرقة أدبية، وربما يحدد نوع التسمية الزمن الذي تم فيه أنتاج العمل ذي الدلالات المشتركة، مايهمنا هنا السرقة أي مايمارسه اللص لسرقة جهد المنتج المبدع..يسرق جيبه داره خزانته..يسرق أمواله هذا جانب أراه اقل ذنب من سرقة الجهد الفكري الإبداعي..لأديب يسهر الليالي ..يأرق يتوهج يتقد من داخل حجيرات دماغه ..تنهمر دموعه تنساب حبات العرق لكي يكتب إبداع ..ينظر إليه وليدا جديدا يخرجه بعملية شاقه ربما قيصريه بعد أن يمر بمرحله المخاض والرعب الولادي لكي يخرج من عالم الظلمة إلي عالم النور ..فيأتي اللص الذي يغفو على وسادة هانئة..ويلتقط ذلك الإبداع الثقافي يزيل عنه شرعيته ..واسمه وقد يتلاعب ببعض المفردات .. وقد فطن الكتاب والمؤلفون العرب مبكرا لمسالة حماية ملكيتهم الفكرية ،وكتابتهم الأدبية والإبداعية، وهذا ابوالحسن المسعودي صحاب كتاب (مروج الذهب )المتوفي في 346 يقول في كتابه ((فمن حرف شيئا من معناه أو أزال ركنا من بناه أو طمس واضحة من معالمه أو بدله أو اختصره أو نسبه إلي غيرنا أو أضافه إلي سوانا فوافاه من غضب الله ووقوع نقمته وفوادح بلاياه مايعجز عنه صبره،ويحار له فكره،وجعله الله ‘مثله للعالمين،وعبرة للمعتبرين،وايه للمتوسمين وسلبه الله،وحال بينه وبين مانعم عليه من قوة ونعمة.....ولعدم وجود قوانين تحمي للملكية الفكرية ،أو حق المؤلف في ذلك الوقت (أواخر القرن الثالث الهجري وأوائل القرن الرابع الهجري)فقد فوض المؤلف أمره لله، ونحن ألان في زمن قوانين الملكية الفكرية نري حقوق مبدعينا الأدبية تسرق من قبل الآخرين بالخارج وينسبوها لأنفسهم ،وربما طربنا لذلك لان هناك من يردد ثقافتنا والكثير منا لايدرون بان من فعلوا ذلك أنما فعلوه وهم يحملون في أذهانهم أن ثقافة السودان لاتصل للخارج وربما يستكثروا علي المبدع السوداني هذا النص للاستعلاء الذي يمارسوه تجاه الإنسان السوداني لذا يسرحون ويمرحون فإذا كانت هناك مراقبة ومتابعة لما حدثت كل هذه السرقات في مجالات الأدب والغناء من قبل البعض ، وهنا لا أبرئ الدولة من بعض التهاون في الدفاع عن الإبداع السوداني أيضا لغياب الدور الإعلامي تشجيعا للآخرين على السطو علي منتوجنا الإبداعي الذي لا يكاد ‘يذكر دوره المنوط في بث الوعي بهذا الإبداع والتسويق الإعلامي الخارجي للثقافة السودانية ،مع أن هناك دورا إعلاميا خارجيا يهتم بالإبداع السوداني المتنوع الاتجاهات لمن نجح من المبدعين السودانيين في أثبات الوجود خارج تضاريس الوطن، وليس من دليل على ذلك اكبر من تعدي بعض الفنانين العرب علي مجموعة من الأعمال الغنائية لمجموعة من الفنانين السودانيين مثل وردي وشرحبيل والسقيد وغيرهم من قبل فنانين مصرين وخليجين مما يفتح الباب على مصراعيه أمام عدد من التساؤلات عن ماهي الأسباب وراء تكرار هذا السطو؟؟؟ فيجب علي الدولة والمبدع السوداني تفعيل ثقافة المطالبة بالحقوق وخاصة وان السودان واحد من الدول الموقعة علي اتفاقية بيرن للمصنفات الأدبية منذ عام 2000م وهذا يعني أن الإعمال السودانية مكفولة بالحماية خارجيا بالاتفاقيات ،كما أن الأمر لم يقتصر علي الأعمال الغنائية السودانية فحسب بل تعدي الأمر إلي الأعمال الأدبية ،فالكاتب السعودي يوسف المحيميد في روايته(فخاخ الرائحة)فقد اجتراء علي نص سوداني قديم كتب قبل سنوات وهي رواية(سالم ود السما) للروائي السوداني الطيب الزبير،وقد تطرق لهذه السرقة الأديب الأردني خالد السلماوي في مقاله الموسوم ب(فخاخ الرائحة)رواية تناص أم تلاص ؟؟وهو يعقد مقارنة بين النص الأصلي والتقليد فيوصل القارئ بأسلوب سلس الي اكتشاف حالة التلاص بنفسه،مع العلم بالرغم من شبهة التلاص هذه فان رواية "فخاخ الرائحة" للروائي السعودي يوسف المحيميد قد فازت بجائزة ألزياتور الإيطالية للآداب، وقد تسلم مؤلفها الجائزة في حفل كبير أقيم على مسرح المتحف الكبير وسط مدينة كالياري الإيطالية . يذكر أن جائزة ألزياتور الإيطالية تعد من أشهر الجوائز الأدبية في إيطاليا، تمنح للأدب المكتوب بالإيطالية أو المترجم إليها، وجاءت تخليداً للكاتب الإيطالي فرانشسكو ألزياتور. لذلك على الدولة حماية حقوق المبدعين في مجالات الفكر والثقافة والفنون داخليا وخارجيا وتهيئة المناخ الثقافي لهم لمزيد من الإبداع والعطاء لأنهم هم وجه السودان المشرق والتصدي لظاهرة قرصنة الفكر والإبداع خارجيا ولاغرو فالسودان من أول الدول التي اهتمت بسن التشريعات والقوانين لحماية المبدعين فقد صدر قانون خاص بحماية المؤلف ويحمل الرقم 49 بتاريخ 16/05/1974 وكان هذا القانون يمتاز بنصوص محكمة تماثل في كثير منها(اتفاقية بيرن) ، كما أن المبدع السوداني مطالب أيضا بمتابعة حقوقه والمطالب بها وحمايتها من التعدي ،أذن فالمسؤولية مشتركة بين الدولة التي قامت بإبرام الاتفاقيات وخصصت محكمة ونيابة خاصة بالملكية الفكرية،ويعتبر السودان من الدول القليلة التي تفردت بهذه المحكمة.وبين المبدع الذي ينبغي منه المتابعة والمدافعة وحماية حقوقه خارجيا بنفس الهمة والنشاط في مدافعته الداخلية.