وكأن أهلي هناك لا ينقصهم إلا شق الخدود نواحا على ذويهم وتساقط البلايا كالنيازك والوداع الجماعي والفراق المحزن ، يقولون أن البلايا لا تأتى فرادى كالجواسيس بل هي تأتي جماعات جماعات ، تنفرط كالعقد ، محنة أخرى عصفت بأهلى كالصاعقة ، شدت أوتار القلب حد الإنقطاع وجعا عليهم ، حزن عميق جرفني إلى داخلي وأنا اطالع خبر وباء الحمى الصفراء وهي تحصد الأرواح كما تريد ، الحمد أولى بالمحن ، هكذا يقول أهلي هناك وقد اعتادوا على المصائب هذا البلد المبتور الاطراف ، الممزوج بالماء المملح بالعرق الكثيف والخوف ، الجالس على فوهة بارود يغلي المتقلب على المحن والإتفاق على الخلاف والقدر المؤلم ، وكأن الوباء جاء ليقضي على ما تبقى ، ويح قلبي الذي انفطر بأهلي وبلاياهم ، أعراض دامية ومآل خطير وحمى راعشة ونزيف ، أي وباء هذا وأي كارثة ، الوباء مؤكد وقوعه والمصل مازال حلم نتوقع مجيئه مطلع الاسبوع القادم ، حمى صفراء قاتلة وبلا علاج ومعدية ، رعاف وموت ، من يهب أهلنا بعض أمل وينفض عن أيامهم رماد المحن التي أحنت الكاهل والظهر ، طال الحداد ولا فرج قريب إلا بإذن الله ، أي بلاء وأي رسالة تلك ، إلى متى سنظل نسدد فواتير الخلافات والنزاعات والحماقات والجمل النارية والتصريحات الصاروخية والاتهامات المتبادلة ، متى نفيق لنفهم أن الوطن للجميع ، ها هو وباء الحمى تفشى ، حاصدا دون هوادة ، آتراها تكفي الكلمات ، المؤتمرات والتصريحات والمصل الذي لم يصل بعد ، وتناقل الأخبار أيكفي ذلك القلب الذي انفطر بدارفور ومازال عزاءً ، ما عاد بوسعنا البكاء ، كثرت المصائب وكادقلي تترنح من قصف يومي والقلب مخمور بوجعها وحبها وجمالها الذي تغطى بالرماد والفتن ، لقد اذل نفوسنا الهوان وزاد ملح الدمع كثافة وليت النواح كان حلا اذا لفاض عنا ومنا صبر جميل لإنفراط عقد الفواجع يا أهلي وصبر جميل من أجل من ذهبوا وليت القلوب تدّر عطفا علي ما تبقى من أرواح وأطفال ونساء وتضع دارالفور على عرش القلب والعين ، فالخير يكفي الجميع وكذلك الأرض [[email protected]]