لحين إشعار آخر ، تبقي السياسة السودانية تتبع طريقة العمل بمنهج رزق اليوم باليوم ، فقد تلاحظ ذلك من فرط التصريحات والتصريحات المضادة ، وهنا نقصد الهجوم الحكومي الكاسح عبر الصحف وبقية الأجهزة من حين لآخر ضد تحالف المعارضة الجديد الحالي ، والذي لم تتمكن جهوده في مسألة تعريض السلطة القائمة لأية هزة جراء عدم تنفيذها مسألة الإنتخابات في ميقاتها المحدد داخل إتفاقية نايفاشا للسلام الموقعة في 5 يناير 2005م ، علما بأن مفوضية الإنتخابات هي التي أفتت بعدم جاهزية قيام الإنتخابات بسبب تأخير التعداد ، وتأخير فتح سجل الناخبين والذي حدد له بداية سبتمبر القادم بسبب الخريف ، ومن ثم ، تبدأ الإنتخابات في أبريل 2010م . كل ذلك كوم ، ومايجري حول المناقشات الدولية والعربية مع حركات دارفور المسلحة كوم آخر ، وهي الأخري تتمنع من الجلوس لحل إشكالية الإقليم بسبب أن حركة العدل والمساواة ذات القوة الضاربة ، لا ترغب في الجلوس بالدوحة أو بالقاهرة ومعها حركات دارفورية أخري ، فربما تريد أن تلتهم كيكة السلطة الدارفورية القادمة لوحدها ، خاصة وأن حركة تحرير السودان ( مناوي ) لديها إتفاقية أبوجا الموقعة من قبل وتتسنم مقعد كبير مساعدي رئيس الجمهورية . وبالتالي وفقت في إلتهام كيكة سلطة دارفور لحين إشعار آخر ، فضلا علي عدم التوافق الأيديولوجي بين حركة عبدالواحد محمد النور والبقية . فلكل أجندته ، غير ان المواطن الدارفوري النازح لمدة ست سنوات متواصلة هو الذي يدفع الثمن الآن بالمعسكرات البائسة . من جانب آخر ، فإن الحركة الشعبية ترغب في تحقيق شيء ما فور حلول نهاية الفترة الإنتقالية لإتفاقية نايفاشا المحدد في الخامس من يوليو 2011م ( تاريخ الإستفتاء لتقرير مصير الجنوب ) إلا أن يتفق الشريكان لتمديد فترة الإنتقال حسب مانصت عليه الإتفاقية بالتراضي في أي بند من بنودها . والملاحظ هنا ، ان كل القوي السياسية لاوزن أو سهم لها في تعديل بنود نايفاشا بالخصم أو الإضافة أو التعديل . وهذا هو مربط الفرس الذي وضعته القوي الدولية مسبقا ، ويجب أن تواجهه المعارضة في تحالفها الجديد هذا كواقع سياسي لا يمكن تفاديه ، خاصة وأن قواها واهنة بسبب الضعف اللوجستي الذي يعتريها ، لكن من جانب آخر فإن ذات القوي تتمتع بمقدرات حية من حيث الفعل الحركي السياسي برغم ضيق منافذ الإعلام المحلي ، وإتساعه الدولي ، وبالتالي لن تتمكن من تنفيذ ضغط شعبي أو ميداني أو عسكري أو حتي دولي علي الحكومة . ومن جانب ثالث فإن التجمع لن يتمكن من الحصول علي مكتسباته التي تم الإتفاق عليها في إتفاقية القاهرة ، بسبب أنه لاتوجد ضمانات ضاغطة للتنفيذ ، وأن الضامن الأول قد رحل ، وهو النائب الأول لرئيس الجمهورية السابق( د. جون قرنق). لكل ذلك نقول ، أن السياسة السودانية لا تستطيع أدواتها من تشغيل خطوط المستقبل القريب لتوليد طاقات هائلة تهز بها أركان البلاد ، فالسلطة الحالية لم يتمكن المجتمع الدولي كله من إخضاعها لأية مقررات أو قرارات ، سواء كانت الجنائية أو الأممية ، وبالتالي فإن السلطة تدرك تماماً بأنه ليس من الضرورة أن يسافر رئيسها المطلوب في لاهاي للمشاركة في أي فعالية إقليمية أو دولية ، بسبب أنها ليست من أولويات السياسة السودانية ، فمن الممكن لأي سفير سوداني بالخارج أن يمثل الدولة في أي محفل ، حتي ليس بالضرورة أن يذهب وزير الخارجية او وزير الدولة للتمثيل . كما أنه ومن جانب رابع ، لا أحد من القيادات السياسية السودانية يستطيع تعديل رأي السلطة الحاكمة في أي شيء هي غير مقتنعة به ، بسبب أن السلطة لا يمكن أن ترمي بأياديها إلي تهلكة نظامها بعد أن ظلت تسيطر علي الأمور تماما مدنيا وعسكريا ، وهي تظل تصرخ ألا بديل إلا عبر صناديق الإنتخابات ، سواء خاضتها الأحزاب أو خاضها الشريكان لوحدهما ، بسبب الوهن الذي أصاب الشعب السوداني كله ، مثلما أصاب العديد من شعوب الدول بالمنطقة العربية والأفريقية ، وذلك نتاجا لعدة أسباب متراكمة تحتاج جهد آخر لتحليل مسببات هذا الوهن .. وإلي اللقاء ،،،،،،