[email protected] لم أكن راغباً في العودة للموضوع الذي حظي باهتمام إعلامي مبالغ فيه في الفترة الأخيرة. لكن أعذروني فإن لم أكتب اليوم عن أمر يتصل بهذا الموضوع فربما يرتفع ضغطي وقد تعودت أن أفرغ مثل هذه الشحنات التي تقينا شرور الأمراض في هذه السطور التي تطالعونها، فليس للكاتب من وسيلة أخرى. اليوم من صباح الرحمن ولسوء حظي وقعت عيناي صدفة على خبرين بصحيفتي الكوتش والراكوبة من ذلك النوع الذي يرفع الضغط حقيقة. الأول كان عبارة عن موجز لتصريحات لسكرتير المريخ حول تسجيل ثنائي الهلال المشطوب. والثاني يتعلق بأمر إعادة قيد اللاعب عمر بخيت في الهلال. وقد حمدت الله على المصيبة الأخف من أخرى بأنني طالعت موجز تصريحات عصام الحاج ولم أقرأ النسخة الكاملة وبالتأكيد لن أفعل عند نشرها. أن يرغب عصام الحاج ومجلس المريخ في تسجيل الثنائي، ليس هناك مشكلة طالما أنهم يرون قدرة هذا الثنائي على تقديم ما يفيد المريخ في الملعب، إن كانوا فعلاً يريدون تحقيق فوائد في الملعب. لكن المؤسف والمحزن والمؤلم أن إدارياً مخضرماً مثل عصام الحاج قد بين لنا بما لا يترك مجالاً لأدنى شك إن إداريي الأندية عندنا لا يتعلمون من أخطائهم أو أخطاء الآخرين ولا يتعاملون مع أنديتهم وجماهيرها بأي نوع من الاحترام وتقدير العقول والمشاعر. أراد عصام أن يهيء جماهير المريخ لتسجيل الثنائي فقال كلاماً لا يليق بإداري في عمره وتجربته الطويلة. في مستهل تصريحه أكد عصام الحاج على أن الأمر عادي جداً لأننا نعيش عصر الاحتراف.. وهنا لابد أن نسأله هل لهذه الأساليب التي تديرون بها الأندية أي علاقة بمفاهيم الاحتراف أم أن الأمر مجرد مفردات وعبارات معسولة تطرب السامعين؟! قال عصام الحاج أن هيثم لاعب مؤثر وقائد وصاحب كاريزما وأكد بأنه سيكون أبو العائلة ( رحم الله الراحل رحمة واسعة وأنزله منزلة الصديقين والشهداء) الجديد في المريخ كاشفاً بأن أبي العائلة الذي يعتبر أحد أفضل رؤساء المريخ قد جاء للأخير من الهلال. طبعاً هو لم يكشف جديداً فالكل يعرفون هذه المعلومة. لكن السؤال طالما أنك مقتنع بأسلوب وشخصية أبي العائلة، فلماذا لا تقتدي به أنت يا عصام طالما أن الظروف قد ساعدتك مؤخراً بالعودة للعمل في مجلس المريخ! أليس من المعيب أن تنتظروا لاعباً حتى ينهي أيامه معكم وبعد ذلك يتحول لأبي عائلة جديد؟! تقول أن المريخ في حاجة لكاريزما قائد الهلال السابق، فهل نفهم من ذلك أنك لا تقدر وتحسب لقائد فريقكم الحالي الذي يشهد له الجميع بالسيرة الحسنة والأخلاق الحميدة؟! وهل كنتم طوال كل هذه السنوات في انتظار خطوة كهذه من أي من مجالس الهلال حتى تكون لديكم نسخة محدثة من أبي العائلة؟! ذكر عصام الحاج أن اتفاقية الجنتلمان لم تشر للاعبين الذين يشطبهم أي من الناديين ولذلك ليس هناك مشكلة في تسجيل الثنائي. لكن فات على عصام أو أنه تعمد أن يتجاهل حقيقة أن هيثم تحديداً ولو لا تصريحه الأخير ووصفه لرئيس النادي بأنه الأسوأ في تاريخ الهلال لربما واجه أي عقوبة أخرى غير إنهاء العقد. لا أريد أن أعود للجدل حول من أخطأ ومن أصاب، لكن كيف يكون مبرر التسجيل هو أن المريخ يحتاج لأبي عائلة جديداً وظروف الشطب هي ما تابعته أنت مثل ما تابعها كل المريخاب الذين تحاولون الآن الضحك على عقولهم. يخيل لي أن أحد أهم أسباب إصرار عصام ومجموعته في المجلس المريخي على تسجيل هيثم هي تلك القصة التي سمعت عصام يرويها عبر إحدى الفضائيات قبل فترة. فقد قال عصام الحاج آنذاك أنهم كانوا الأقرب لتسجيل هيثم من نادي الأمير وقد جاءه به شخص في مكتبه، وأتفق معه على التسجيل للمريخ لكن في ذات الوقت كانت هناك مجموعة أخرى في المجلس ترى أن تسجيل محمد موسى أفيد للمريخ حينها وفي النهاية كانت الغلبة لتلك المجموعة وتخلوا عن تسجيل هيثم. إذاً عصام الحاج بعد كل هذه السنوات الطويلة يريد أن يحقق تلك الرغبة ضارباً بعرض الحائط تفاصيل كل ما مضى وما كان وما سيكون. إداريونا دائماً يسعون لتحقيق طموحات ورغبات شخصية على حساب الكيانات، لكن ( البزعل) في الموضوع أنهم يقدمون تبريرات فطيرة جداً لتصرفاتهم وخطواتهم غير المحسوبة. طبعاً هناك أسباب أخرى عديدة لهذه الخطوة التي يرغب فيها عصام وشلته في المجلس، لكن الشيء الأكيد ألا علاقة للجوانب الفنية بما يستهدفونه، فهيثم تحديداً لم تبق له سوى أشهر معدودات في ملاعب الكرة ولا يمكن أن تقنعوا الناس بأن الرأي الفني هو سبب تسجيله. أليس غريباً أن يُتوقع من جماهير المريخ أن تؤازر بعد كل هذه السنوات الطويلة "هيثم قارورة وعلاء شلاليت"! طبعاً ما تقدم ليس وصفي، بل هو وصف فئة كبيرة من جماهير المريخ للاعبين! لكن ماذا أنتم فاعلون يا جماهير المريخ طالما أنكم تعيشون عصر الاحتراف!!! عليكم أيضاً أن تكونوا احترافيين في التشجيع وأن ترفعوا لا فتات الترحيب منذ صبيحة الغد معبرين عن بالغ سروركم وفرحتكم الغامرة باستقبال الثنائي في الديار الحمراء! مفهوم بالنسبة لي ترحيب بعض الصحف الحمراء بتسجيل اللاعبين في المريخ لأنهما جماهيريين وسوف يحققان لهذه الصحف أرباحاً وفيرة من خلال المانشيتات الجاذبة على مدى أشهر قادمة، وعبر توظيفهما في أعمدة المكايدات والتريقة على الأهلة! لكن ما لا أستطيع فهمه هو أن يجاري إداريون كبار مثل عصام الحاج على آخر أيامهم مثل هذه التصرفات التي لا تضيف لكرة القدم السودانية شيئاً. ونسأل عصام الحاج: إذا قُدر لأبي العائلة نفسه أن يعيش ليومنا هذا هل كان سيسجل هيثم في المريخ وهو مشطوب وسط هذه الظروف؟! علاء كان ولدكم نعم.. لكنه أساء لكم كثيراً ولو كنتم كإداريين تعرفون شيئاً اسمه القيم والمبادئ لما فكرتم مجرد التفكير في إعادته لكشف المريخ، ناهيك عن محاولات تجميل وتزيين الوضع بهذه الصورة المشينة من جانبكم. كنت أتوقع أن يفكر اللاعبان بطريقة عملية وأن يواصلا ممارسة الكرة إن رغبا في أي مكان آخر باستثناء المريخ، لأنه شيء مخجل أن يرتدي هيثم تحديداً شعار المريخ بعد ال 17 سنة التي قضاها في الهلال وبعد كل هذا الحب الذي وجده من جماهير الهلال. أما فيما يتصل بالخبر الثاني الذي طالعته حول إعادة قيد عمر بخيت فقد استوقفتني عبارة تقول " أكمل هلالاب شرق النيل جاهزيتهم للمشاركة في تسجيل اللاعب من خلال تظاهرة تبدأ من منزل رئيس النادي..." وهذه هي المرة الثانية التي أطالع فيها إشارة لهلالاب شرق النيل، فما هي حكاية هلالاب شرق النيل! وهل نفهم من ذلك أن البرير وجد بينهم مجموعة من الهتيفة وعديمي الشغلة ليهللوا لأي خطوة يقوم بها مجلسه؟! إعادة قيد عمر بخيت ليس بالأمر الذي يحتاج للمسيرات، فعمر كان يفترض أن تتم إعادة قيده منذ فترة، وبدلاً من معاتبة المجلس على هذا التأخير دايرين تطلعوا مسيرة كمان يا هلالاب شرق النيل؟! أرجو أن يفهم البرير ومجلسه أن الهلال يحتاج للعمل الجاد وعليهم أن يستوعبوا أن الرد على منتقديهم ومعارضيهم لا يكون بحشد الهتيفة والمطبلاتية، بل بتقديم ما يرضي جماهير هذا النادي الكبير. تحججتم في الفترة الماضية ببعض المشاكل وها انتم تفرضون جزءاً من ارادتكم وتحققون ما اتفقتم عليه مع المدرب في الأشهر الأخيرة، فهل ستتفرغون لتجهيز فريق الكرة للموسم الجديد بالشكل المطلوب ومتابعة القضايا الأخرى ذات الأهمية، أم ستركزون أكثر مع محاولات الرد على المعارضين بالمزيد من الضجيج؟! أضحكني كثيراً كاتب هلالي يقول أن تفكير أهل المريخ في تسجيل الثنائي يؤكد أنهم أدركوا في الديار الحمراء أن اللاعبين الوطنيين فقط هم القادرون على تحقيق البطولات وألا فائدة من المحترفين الأجانب!! من يقرأ مثل هذا الكلام يقول أن الثنائي أسهم مع الهلال في تحقيق الكأس الأفريقية لأربع أو خمس مرات متتالية.