لدى إلفة خاصة مع أشيائى .. لذا .. لمدى خمس سنوات متتالية خلت .. كنت أسلم شعر رأسى لحلاق واحد فى مكان واحد .. و فى كل مرة كان يسألنى بعد أن ينتهى من عمله .. (نعمل ليك صنفرة وش يا أستاذ) .. و فى كل مرة كنت أعتذر له بلطف أننى على عجلة من أمرى .. (نخليها المرة الجاية). حسنا .. فى حقيقة الأمر لم أكن أدرى ماذا يعنى بصنفرة .. و لم تكن لدى كبير رغبة فى التجريب .. لكن اليوم و بعد أن أنتهى سألنى .. (نعمل ليك صنفرة يا أستاذ) .. قررت أن (أشق المقابر) .. سألته .. (بتعملها كيف) .. أجاب بسرعة .. نوعين .. واحدة بالبخار و الثانية باليد .. أتخذت قرارى .. قلت له .. نعمل باليد .. و أستفسرته عن الزمن .. فقال .. دقيقتيتين بس يا أستاذ. كان صاحبى مفتول العضلات .. كبير كفة اليدين .. يستحق عبارة بسطة فى الجسم بإمتياز .. أحضر شيئا وردى اللون و طلى به وجهى .. كان أشبه ما يكون ترابا مخلوطا بطين .. (جلبط) وجهى كله و لم تسلم العينين و لا الانف .. حتى أننى تذوقت طعمه فى فمى .. قبض على رأسى باليسرى و بدأ فى (حكحكة) وجهى باليمنى .. كنت أعلم معنى الصنفرة اصطلاحا لأننا نستعملها فى الهندسة كثيرا .. و لم أكن أعلم أنها بشحمها و لحمها للبشر أيضا. كنت مغمض العينين .. و كنت أشعر بأن هناك مخرطة تعمل فى وجهى .. شعرت بألم شديد .. لا تنفع مثل هذه الأفعال القاسية مع مثلى .. شعرت بها فى عظامى .. جفف ذلك الشئ ثم مسح على وجهى شيئا آخر أكثر نعومة .. ثم أزاله بذات القسوة .. ثم أتى بمنشفة ساخنة جدا و مررها على وجهى .. شعرت بإختناق .. إعترضت .. رد بحزم .. (وشك ده لازم نعمل ليه كده يا أستاذ)!. أخيرا .. قال لى (نعيما) .. حمدت الله أننى مازلت حيا رغم الألم الشديد بوجهى .. كانت تجربة قاسية .. لكننى الآن أستطيع أن أرد عليه بكل إطمئنان عندما يسألنى فى المرة القادمة (نعمل ليك صنفرة يا أستاذ) .. سأقول بإرتياح (لا). أكتب إليكم كتابى هذا بوجه خارج من الصنفرة للتو.