تسكن الخاطر..يا ود بريمات... منذ ان رأيتك وعلى كتفيك عود... معلقة صفيحة بكل طرف منه , هو الجوز نسميه...تنقل به الماء من حفائر الحكومة لبعض البيوت. تتدحرج للنهر وتصعد منه بالماء ..خلال العطلات وصيانة الحفائر والماكينات...حينها تصير( الموية بحر ياود بريمات... الله ليك ....) ترددها لنفسك...تعزيك وتشيل معك عذاب الهبوط نحو النهر وضنك الصعود حاملا الماء منه تصر ان تسقى لكبيرات السن واللائى بهن ضعف...تحول بينهن وبين النهر خوفا عليهن من حدة الإنحدار ..تبقيهن أعلى الشاطى ..تملأ لهن أوانيهن وتعاود التدحرج...يتكرر الحال ويتمدد صبرك تحرص على أن تكون أزيار السبيل ممتلئة بالماء...أزيار المسجد...وتعين المعذور على سقيا دابته العرق غطاء لجبينك... تخرطه بسابتك قبل ان يصل الى عينيك.. يسيل عرقك على جانبى الوجه وعنقك. قدماك دائما فى خضاب طينى... وبقايا حذاء لا يحميهما الهجير او أذى الطريق ...وتواصل أنفاسك مسموعة ورائحتك عميقة مثل الكسرة البائتة تحت غطاء سميك لم تطالب أحدا بأجر ما سقيت له... البيدفع والما بيدفع كلو يشرب ....لا تنظر الى النقود حين تسلم لك قالوا خرج الأنجليز من السودان....جاء حاكم وطنى ثم آخر وجاء ..وجاء وجاء....وذهب ذاك وجاء بعده قوم آخرون... من أولاد البلد ....ولم يبرح عود الجوز كتفيك. هل رآك , نهارا, أحد وانت تمشى ولا تحمل الجوز..؟؟؟ .حين تقضى الكثير من عملك ولا يتبقى فيك حيل او مروة عند الظهيرة ... تنوم قليلا تحت شجرة بالجامع أحيانا و فى برندات سوق القرية أحيانا أخرى ثم تهب لتواصل متى تأكل ؟؟ متى تشرب؟؟ قالوا إنك مثل الطير ...لك القليل خلسة تخرج من راكوبتك قبل الشروق وتعود إاليها عند الغروب... طائر انت فى غدوك ورواحك تنظر إليك شريكتك فى إشفاق وشوق .. مثل أى مخلوق ليس له القدرة على الكلام او الحق فيه تنظران الى بعضكما ....تخضر المسافة بينكما وتنسيا كل أمركما العصيب لعلك قيلت طيب؟؟ الحمد لله وبارك الله فيك؟؟ حتى فى الحديث معا لكما القليل ود بريمات...بريمات هى أمك... وانت ما أسمك؟؟ لماذا لا يعيرون الأمر إهتماما؟؟ من أبيك؟؟ بعضنا يدرى ولا يقول..ولا أحد يهمه الأمر؟؟ جئت للدنيا وسيروك فى درب يبدأ من مصدر الماء الجاري فى قريتنا وينتهى عند أزيار الآخرين ... فصرت قاصيا عن القطيع يافعا حملت مع أمك بريمات الماء لبيوت الآخرين فى علب الصلصة ثم علب العسل الخضراء وأسدها الإنجليزى... ذاك كان نصيبك من لهو الطفولة . بلغت العلب الحلم فغدت صفائح ولم تكبر أمانيك كما تغنى الآخرون فى ذاك اليوم... إنتو وينو ود بريمات؟؟ ماجاب موية اليوم؟؟ إزداد وتكرر السؤال زادت شفقة زبائنك من العطش فزاد تقصيهم لك ...وينو..؟؟؟ إنتو وينو ود بريمات؟؟ أرسل بعضهم بنيهم لراكوبتك..وجاؤؤهم من الراكوبة بالخبر وجدوكما انت وزوجتك ميتين خف الكبار الى الراكوبة للوقوف على جلية الأمر أنت على عنقريب ....وزوجتك على آخر.... وكلاكما فى نوم أبدى...فتمدد دربك الفديم من النهر الى مقبرة القرية تحدثوا عن الثرى ولين التربة التى أخرجت اثناء حفر قبريكما تكرر الحديث عن النز ورطوبة قبريكما المستمرة . ثم خرجت نبتتان منهما... نمت شجيرتان ,,, كبرتا وصارتا شجرتين ... هما الوحيدتان بمقبرة القرية دائما ...جداتنا يندهن ويتوسلن ويتمنين باهل القبب وسط مقبرة القرية...يزرنهم ويضعن النذور عند المرض والختان والزواج ويباركن لهم الأعياد ثم أضفن لأهل القبب وبركة التحت الشدرتين