عند التوغل داخل العمق الروحي لغالبية المؤسسات الطائفية الدينية نجد التواصل معدوماً فقد تكون البداية قوية وعميقة وتخلق ركيزة جيدة لقمة الهرم فتضمحل عند باقي السلسلة الوراثية وبالعكس، فبعضهم يحاول تدارك الفجوة بالتمدد والانصهار لباقي الكيانات الروحية الأخرى بالتزاوج والتصاهر، فيجعلهم ذلك الانصهار قادرين على التماسك والتطور أو محافظين على ديدنهم لوقت طويل... بالرغم من وصول الكثيرين من رواد العلم الباطني بفكرة العمق الروحي وانسيابه لتعميق المدى والتواصل الإلهي إلا أن البعض يحاول التسلق على هامش ترسيخ مناهج وسلوكيات الفهم العرفاني ومثال لذلك الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية لمحييها الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني المتوغل في الفهم والسلوك العرفاني ومتسارع للنتائج التي حدت بالبرهانية لأن تكون عالمية الشهرة والمكانة على حساب التأسيس والترسيخ والتعبد الخالص لله، ومكمن الخطورة في التحايل والتسابق للنزعات الإدراكية للتمويه المفرط في السحر الأشوري وصياغته ليتناسب مع العقل من خلف جدار التماسك الديني لأرواح قابليتها للتمرحل ضعيفة، ونزعاتها الطموحية الباحثة عن المجد السريع تركن لفكرة السحر الأشوري لاقترانه بالروح وممازجته بخلجاتها في الحياة والممات، ويلجأ دوماً بالأرواح البرذخية وتقسيم درجاتها ومزاوجتها بنوع من الطقوس والشعائر المقترنة بالتمثيل وأغراضها ويمكن الالتفاف عليها دون كشف مفعولها بسهولة، مما يجعل علاجها صعباً ... هذا التكوين الخفي لمنهجية السحر الأشوري تكونت منذ البداية في أصل الطريقة ورغم هذا التكوين المفارق إلا أنها أخذت مكانتها الروحية وبقوة في عهد الشيخ الثاني إبراهيم محمد عثمان عبده سر الطريقة ونورها، فاعتمد في منهجه على تخليص الطريقة من الشوائب، ولكن يبدو أن النواة المترسخة بخلاياها المتمددة فتكت بكثير من محاولاته الإصلاحية ولا زالت تفكك في النسيج المجتمعي للطريقة البرهانية. فكل محاولاته لم تجد سندها الكامل نحو التغيير للأفضل أو للأقرب للسلوك الصوفي الذي يعيد معين التصوف إلى صفائه ونقائه ويجعل منه عبادة خالصة لله وفق المنهاج النبوي ومراد الإسلام في مستواه العلمي فهل الصوفية عموماً هم قادرين على النزول عند حكم الوقت وإعادة تربية الناس تربية تستصحب معها روح الإسلام وروح العصر، هذه دعوة للنقاش حول الصوفية البرهانية نموذجاً لها. مدى: قرنت حماقتها بجرأة أُسدنا ** والحمق من خلق البعير الأهوج نأمل بانتهاء عهد التخفي والتبطن وجعل الحوارات والنقاشات المفتوحة باباً للتغيير الفكري العرفاني بجميع مسالكه فالدكتاتورية الروحية الفكرية الباطنية أقبح من الدكتاتوريات السياسية والثورية الفكرية الروحية الباطنية نتيجة حتمية للقمع والتسلط من جانب المؤسسات والطرق الصوفية.