كل الأشياء في الساحة السياسية السودانية متحركة نحو نهايات قد لا تكون سعيدة، وفقاً لمعطيات الراهن السياسي الذي يتحرك نحو السالب.. بل على شفا جُرفٍ من نارٍ ما لم تتداركه العناية الربانية بأن تتفتح أذهان العقلاء إلى درجة تجعل مصلحة الشعب عنصراً أساسياً في دالة التغيير الذي يتطلَّع إليه الجميع باستثناء المستفدين من مأساوية الواقع، والذين يخشون تداعيات نهاياته على مستقبل وجودهم في الخارطة السياسية السودانية بعد أن مزقوا كل الكروت الرابحة في البورصة العالمية لإدارة الدولة.. ولم يتبقَّ إلا التباكي على ثروات أهدرت، وقيم سودانية ضاعت في زحمة المعاناة بسبب الخراب المجتمعي. الرّاهن السياسي والاقتصادي والاجتماعي يتطلب عقلاء يتبعون نهجاً سياسياً مبرأ من السعي نحو المكاسب الشخصية والحزبية التي وضعت المؤتمر الوطني في قائمة المتشبثين بالسلطة، وإن كان بقاؤه على دفة الحكم أس الأزمة.. ولا جدال مطلقاً في أن زلزالاً سياسياً عنيفاً يهز واقع البلاد الجريحة بقوة ويحرك أدوات المعركة القائمة بين المؤتمر الوطني والمعارضة المدنية والمسلحة التي لم تنتهِ سيناريوهاتها لأن أحد الطرفين (المؤتمر الوطني) لا يريد أن يرى في مرآة السودان إلا وجهه كأنّما أصبح الوطن ملكاً حراً للحزب الحاكم.. قطعاً سياسة الانفراد والعناد دفعت الأوضاع لأن تتدحرج ككرة الثلج ولا أحد يستطيع أن يوقف تدحرجها، ولا أحد يملك القدرة على معرفة منتهى التدحرج الذي يترقبه المجتمع السوداني بكل ألوان طيفه بحذرٍ وقلقٍ وخوفٍ في ظل احتقانات سياسية وغبن اجتماعي وهو جنين شرعي للقبضة الانقاذية على كل مقاليد الأمور. السودان بعد انفصال الجنوب مازال كالجنين الذي يتصارع والديه على حضانته كل منهما يجره إليه بطريقة هستيرية عنيفة.. ولا يشعران بألم (الوطن الجنين) الذي أعياه الصراع حول استرداد الحقوق أو الشرعية الديمقراطية، وأرهقته أنانية المؤتمر الوطني الذي طال بقاؤه بكثرة المبادرات والاتفاقيات التي كثيراً منها لم تنته إلى ما مُهِرَت من أجله (السلام المستدام)، وبعضها لم تكن مخرجاً من الأزمة السودانية كما كان ينظر لها المجتمع الدولي (نيفاشا) التي بترت الوطن دون أن تحقق السلام بين الشمال والجنوب ولا حتى في المناطق الثلاث في السودان الشمالي (جنوب كردفان- جنوب النيل الأزرق-أبيي) بالرغم من أن أحد عرابيها النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه وصف الجهد الذي بذلت فيه ب(الحفر بالأيادي) إلا أن الجهد لم يحقق طموحات وتطلعات الشعب في نيفاشا التي بدلاً من أن تكون أساساً للتماسك السوداني ووحدته جاءت تحمل الانفصال بين دفتيها.. أيّ لم ننعم بالسلام والوحدة الاستقرار وهذه الثلاثية بحاجة إلى دفع استحقاقات جادة من الحزب الحاكم وإلا الطوفان الذي سيدفع فاتورته الأبرياء والذين ارتكبوا الأخطاء في حق الوطن. الجريدة fatima gazali [[email protected]]