الفاضل دكتور/ الواثق كمير، فى الجزء الأول من هذا المقال كتبت وجهة نظرى المختصرة جدا عن مفهوم (الدين والدوله) وعن استحالة قبول الأنقاذ بدولة سوادنيه ديمقراطيه متعددة دينيا وثقافيا تسع الجميع ويتعائش فيها الناس فى أمنين سالمين متمتعين بالعدل والمساواة وبكافة الحقوق والواجبات ، وعن استحالة تخلي الأنقاذ عن مشروعها الأحادى الأقصائى وعن شعاراتها (الجهاديه) التى تمثل ركيزة بقائها فى السلطه رغم ان السودان دولة فى القرن الحادى والعشرين لا فى القرون الوسطى موقعه على مواثيق قرارات الأممالمتحده التى تنبذ التفرقة العنصريه والدينيه وتدعو للمساواة التامه بين الناس جميعا خاصة بين الرجال والنساء !! وما تدعو له الأنقاذ فى خطبها (الجهاديه) الحماسيه اذا أتبعوا القول بالعمل وطبق فى واقع الحال يتناقض تماما مع مفهوم العداله والمساواة التى تقرها مواثيق الأممالمتحده والتى وقع عليها السودان راضيا مختارا. اما عن قبول الأنقاذ بالآخر أو قبولنا ببعضنا البعض كما طرحت وهذا الجانب يذهب بى مباشرة الى قضية مطروحه تلوكها الألسنه ويطالب بها معظم أهل السودان. وهى مسالة (تقاسم السلطه والثروه). دون شك اتفاقية (نيفاشا) منحت الجنوب أو الحركة الشعبيه قدرا مناسبا من السلطه لا يمكن انكاره وهيات للسودان فرصة أن يتحول لسودان جديد أو سودان (جميل)، لكن الأتفاقية قصرت فى جوانب أخرى مهمة ومنها عدم أستحداث آليه أو (مفوضيه قوميه) تشرف على حركة المال العام (منصرفات وايرادات)، ولذلك لا احد يعرف حتى الآن حجم الأموال العائده من البترول ولا أحد يعرف فيما تصرف تلك الأيرادات ، ولا أحد يعرف من أين مول (سد مرى) او المشاريع الضخمه المشابهه له، ومن الجوانب السالبه فى اتفاقية (نيفاشا) انها لم تراع باقى اجزاء السودان الأخرى ومن بينها اقاليم أكبر حجما من الجنوب مساحة واكثر تعدادا من الجانب السكانى، وبذلك اصبحت هذه الأتفاقيه التى خيرما فعلته هو أيقاف نزيف الدم، فى نفسها عائقا لحل أزمة السودان بصورة شامله، ولذلك لجأت الأنقاذ لترضية زعماء المعارضه من الغرب والشرق ومن اجل توقيعهم على الأتفاقات الثنائيه وضمهم الى صفوفها وشراء صمتهم، أن تمنحهم وظائف قياديه (شكلا) تتمثل فى مستشار للرئيس لا يستشار أو مساعد لا يساعد، واستنسخت من تلك الوظائف القياديه العديد من الصور مثل (الجكتات الصينيه) كلها تتشابه وكلها رخيصة الثمن، وبعض آخر تكرمت عليه بمناصب وزاريه (هلاميه) وللأسف بمجرد أن يصبح القيادى المعارض مستشارا أو مساعدا لرئيس الجمهوريه ينسى على الفور مطالب قواعده وتضحياتهم ويصبح خصما على تلك القواعد بل على باقى المعارضين السودانيين الذين كانوا معه فى خندق واحد !! وفى هذا الجانب تخصصت الأنقاذ فى انفراط عقد اى حزب أو حركه معارضه تصالحت معها، وبمجرد ما تم التوقيع يبدأ مسلسل اختلاق الخلافات بين القيادى ووزرائه ويتحول الوزراء الى كادر يعمل وينفذ مخططات واجندة المؤتمر الوطنى، بل يظهر البعض ولاء وطاعة وخضوعا يتفوق به على وزراء الأنقاذ (اهل الحاره )أنفسهم !! سؤال اعتراضى ( لا ادرى لماذا كل الذين ساندوا مايو أو كانوا من سدنتها، اصبحوا انقاذيين)؟ ما علينا الشاهد فى الأمر .. بأنه لا يمر شهر أو شهرين حتى يظهر حزب جديد انبثق من خلال الأتفاقية التصالحية التى وقعت، هذا الحزب الجديد انشق وأنسلخ من حزب منشق يحمل نفس اسم الحزب الأول مع تغير أو اضافة طفيفه للأسم، مثال لذلك الحزب الذى اسسه وزير الأعلام (الزهاوى ابراهيم مالك) ، والحزب الذى اسسه د.(لام اكول) وفرحت به الأنقاذ وهللت وكبرت له سرا وعلنا وفتحت له القنوات الفضائيه السودانيه على مصراعيها ، لما لا وهذا حزب الهدف الأساسى منه شق صف الحركه الشعبيه وتعويق مسيرتها واضعافها وهى اقوى كيان فى الوقت الحاضر يهدد الأنقاذ، فهل هذا حال جماعة ترضى بالآخر وأن يعيش الناس معها فى أمن وسلام ؟ وهل ما تكتبه اقلامهم (المتطرفه) أو المعتدله، عن قيادى سودانى وحدوى اصيل وعميق مثل (باقان أموم) وتشويه صورته يؤدى الى وحده والى سلام والى أن يتعائش الناس جميعا ويرضون ببعضهم البعض؟ لا أدرى ما هى المشكله فى الطرح الذى ادلى به (باقان أموم) بكل صدق، حينما قال (اننى لست عربيا ولست مسلما فكيف اعيش فى بلد واحد مع جهة تدعى بأنها مسلمه وبأنها عربيه) ؟ ما هى المشكله فى هذا الكلام الواضح، ولماذا لا تكون هوية السودانى وأنتماءه (للسودان) وحده ؟؟ او لماذا لا يكون تعريف السودان اذا اردنا ان نذهب أبعد من ذلك أنه بلد أفريقى عربى متعدد الثقافات تحترم فيه جميع الأديان على قدم المساواة ويؤسس نظام الحكم فيه على (المواطنه) وعلى التبادل السلمى للسلطه؟ ما هى المشكله اذا كانت هذه المفاهيم تعمق وحدة السودان وتجعلها جاذبه؟ لماذا لا يكون الرد على (باقان) هكذا ولماذا يوصف بالأنفصالى والعنصرى، ولماذا لا تحمل على محمل الجد وجهة نظره فى أن المؤتمر الوطنى اذا لم يعمل جادا من أجل الوحده واذا لم يعترف بعدم صحة التعداد السكانى فربما اعلن الجنوب انفصاله من داخل البرلمان؟ ولماذا يعتبر هذا التصرف تمردا ، ومن قبل اعلن استقلال السودان من داخل البرلمان وقبل تاريخه المحدد واصبح من اعلنوا ذلك الأستقلال ابطال يتغنى بأسمهم الشعب؟ عزيزى دكتور الواثق. للأسف القادة السياسيون ينظرون الى قضية المشاركه فى السلطه بأنها تعنى منحهم (كوتة) وظائق قياديه فى الدوله ويتجاهلون ما هو أهم من ذلك بكثير، وهو أن الأنقاذ تسيطرعلى المؤسسات العسكريه (جيش وشرطه) وتسيطرعلى وظائف الخدمه المدنيه التى تحتاج للضبط والربط مثل القطاعات العسكريه (الخطوط السودانيه والخطوط البحريه) وتهيمن على باقى الوظائف فى جميع المجالات حتى الرياضيه والفنيه والأعلاميه وتمنحها لأتباعها، ومن اسوا ما أستحدثته الأنقاذ من بدع وتفرقه، انك اذا ذهبت وزرت منزل (عامل) انقاذى بسيط فى اى قطاع فسوف تشعر بالفرق بينه وبين منزل (رئيسه) المباشر اذا ابقت عليه الأنقاذ لأى سبب من الأسباب ولم تحله الى الشارع عن طريق قانون الصالح العام! سوف تشعر بالفرق فى الرفاهية التى يعيش فيها ذلك (العامل) الأنقاذى وفى نوعية المدارس التى يدرسأ فيها اولاده وفى جوانب اخرى عديده مقارنة بحال رئيسه المباشر أو مديره. ومن اسوا ما استحدثته الأنقاذ ولا زالت تعمل به أن تجد مسوؤلا كبير فى احدى المؤسسات العسكريه كتفه مرصع بالنجوم والدبابير، لكنه يرتجف ويظهر ضعفه تجاه ضابط اقل منه رتبة بكثير، وحينما تسال عن السبب تعلم بأن الضابط الصغير (زول النظام)، اما الضابط الكبير فهو موجود وباق لأنه لا يخشى منه وحتى يقال أن الأنقاذ تبقى على من لا ينتمون لها! والأنقاذ اضافة الى ذلك تهيمن على العمل التجارى وتقبض عليه قبضة حديديه وتمنح المنتسبين لها التسهيلات البنكيه والجمركيه والضريبيه حتى اصبح المواطن السودانى الذى يريد ان يؤسس عملا ويتقى شر مضايقات الأنقاذ أن يبحث له عن (كفيل) سودانى من المنتمين للأنقاذ أو من الذين عرفوا كيف تؤكل الكتف، حتى يكفيه شر الأستهداف والأستقصاد و(التفليس). ما يقال عزيزى دكتور كمير كثير، ولكن هل يعقل ان تقبل الأنقاذ بالآخرين وأن يعيشوا معها فى مساواة تامه فى كل شئ وهى تنظر لأهل السودان الذين لا ينتمون لها مثل (قط) جائع يرمق صاحب منزل ثرى وهو يتناول عشاءه الفاخر منتظرا متى يرمى له بفتات وفضلات ما يأكل؟ هل هذا حال يمكن ان يجعل الناس جميعا يعيشون فى بلد واحد وفى وحدة وسلام ؟ تاج السر حسين [email protected] منبر الوحدة والسلام بالقاهرة