(رؤية تحليلية للراهن السياسى الحالى) أستطاع المؤتمر الوطنى ان يفلت من الحصار الاقتصادى وأثاره بعد أن نجح فى أستخراج البترول ومن ثم وجه استثمارات الحركة الاسلامية لمصلحة برنامجه الاقتصادى الاستراتيجى ، كما تمكن من فك العزلة السياسية عنه خاصة بعد ما عرف بالمفاصلة مع المؤتمر الشعبى بقيادة زعيم الاصولية الاسلامية حسن الترابى وأنطلق فى تعاون تام مع المجتمع الدولى لمحاربة الارهاب وبذل جهدا كبيرا فى الخروج من دائرة الدولة الراعية للارهاب . نجح المؤتمر الوطنى فى ادارة الصراع على المستوى الداخلى للحركة الاسلامية واقنع المجتمع الدولى بامكانية التعامل معه بالرغم من ملاحقة رأسه (عمر البشير ) من قبل محكمة الجنايات الدولية وخاصة التعامل فى ملف محاربة الارهاب بعد ان حمل كل سلبيات المرحلة السابقة الى المؤتمر الشعبى بقيادة زعيم الاصولية الاسلامية حسن الترابى . كما نجح فى صراعه مع المعارضة السياسية السودانية التى اجبرها على حمل السلاح بعد أن تمكن من ابطال فعالية المقاومة السلمية عبر اليات المجتمع المدنى ويقودها بعد ذلك الى التفاوض الثنائى والجزئى ووقع معها سلسلة من الاتفاقيات الجزئية والامنية وكان المؤتمر الوطنى فيها القاسم المشترك الاعظم وجعل من هذه الاتفاقيات اليات لتفكيك المعارضة . مازالت سياسات المؤتمر الوطنى تقوم على قيادة الحركة الشعبية نحو بناء شراكة فعلية تضمن له الانفراد بالسلطة فى الشمال والمشاركة فى السلطة فى الجنوب لتبعد القوى السياسية الاخرى عن اى احتمال لتحقيق نجاح ولو نسبى ليتمكن من بناء الحزب المهيمن على الدولة . تقوم سياسات المؤتمر الوطنى الان على التمسك بسقوفات اتفاقية نيفاشا خاصة فى مسألة قسمة السلطة والسقوفات الزمنية التى تقسم الفترة الانتقالية الى قسمين بحيث يكون التمثيل فى الاربعة سنوات الاولى بالنسبة الواردة فى الاتفاقية والتى انتهت الفترة الاولى منها بعد التاسع من يوليو2009 والتى فقد فيها النظام شرعيته بينما تكون المشاركة فى السلطة التشريعية فى المرحلة الانتقالية الثانية مبنية على نتيجة الانتخابات بطبيعة الحال والتى لم يحسم امرها بعد. وبأعلان الحركة الشعبية لانضمام المجموعات العربية من الرزيقات والمسيرية لجيشها الشعبى اجبرت هذه المجموعات الى الانتقال جنوبا فى حدود 1956 فخرجت من مناطقها وحرمت من ان تلعب دورا ايجابيا فى استنهاض مجتمعاتها فى مواجهة المؤتمر الوطنى . وبذلك سهل مهمة المؤتمر الوطنى وأتاحت له الفرصة مجددا فى اعادة مليشيات تابعة له ومارس سياسة التحريض ليجعل من القبائل العربية خصما للحركة كما حدث فى أبيى والصراعات المفتعلة فيما بينها التى أججها المؤتمر الوطنى بين الرزيقات والمسيرية التى راح ضحيتها الاف الابرياء. أستطاع المؤتمر الوطنى وحلفائه من بناء حركة جماهيرية فاعلة فى الجنوب فى ظل غياب التنظيمات الجماهيرية الفاعلة للحركة الشعبية والهدف ان لا تحافظ الحركة على نسبتها فى السلطة التشريعية فى الجنوب خلال الفترة الانتقالية الثانية . أما فى شرق السودان فقد بادر المؤتمر الوطنى فى تحديد وترتيب اوضاعة وتحالفاته منذ عودة مولانا محمد سر الختم وأنضمامه الى المؤتمر الوطنى ، فركز على قضايا التنمية وشكل لها لجنة عليا برئاسة وزير المالية ورصد لها ميزانية مقدرة . ومن ثم اتجه الى مفاوضة جبهة الشرق التى وقع معها اتفاقية سلام الشرق والتى لا تشكل اى عائق أمام استكمال مشروع المؤتمر الوطنى بما يمكنه من أن يكون القوى السياسية الرئيسية فى شرق السودان مقارنة بجبهة الشرق والحزب الاتحادى الديمقراطى حليفى المؤتمر الوطنى . أما بالنسبة للقوى السياسية الاخرى فهى مازالت فى وضع ضعيف سياسيا وتنظيميا وليس من بينها ما يعول عليه لتحقيق نجاح بحيث يصبح منافسا للمؤتمر الوطنى فى الانتخابات القادمة . ومن الواضح ان حزب المؤتمر الوطنى قد تمكن من ادارة الصراع بكافة الوسائل واخيرا والان يؤكد الاستعداد لحسم الصراع عبر الانتخابات القادمة لينال المشروعية الدستورية ويصبح الحزب الاكبر بدون منازع او منافس بأعتبار ان ذلك يعنى الحل الامثل لازمة نظام الحكم ضمن شروط نظام الحكم القائم . بعد نجاحه من خلال اتفاقية ابوجا من استيعاب جزء من الحركات المسلحة فى سلطته باستثناء رافضى ابوجا توجه بكل خبرته السابقة فى جولة اولى من المفاوضات بالدوحة فبراير 2009 بين المؤتمر الوطنى وحركة العدل والمساواة بشكل ثنائى يزيد من تعقيد الاذمة السودانية فى دارفور . وبعد كل هذه التجارب الفاشلة التى يمارسها الوطنى اتضح له من المحتمل ان تكون هنالك عقبات تتعلق بالحركات قد تحول دون الاتفاق قبل المواعيد المحددة للانتخابات لذلك اتبع المؤتمر الوطنى منهجا جديدا يتمثل فى الاتى :- - تنفيذ اتفاقية تكتيكية مع الحكومة التشادية ودفعها لتنفيذ اتفاقياتها مع المعارضة التشادية وذلك بغرض تضييق مساحة استفادة الحركات من الدولة التشادية . - القبول بنشر قوات اليوناميد فى دارفور والقوات الاوربية فى الحدود التشادية وحدود السودان مع افريقيا الوسطى بحيث يترتب على ذلك حصر قوات الحركات فى معسكرات اومناطق محدودة ويكون الهدف هو الوصول لاتفاق وقف اطلاق نار يخطط له النظام بأن يتم فى أول جولة تفاوض قادمة ومتوقع أن يكون فى الدوحة وبدعم من الولاياتالمتحدةالامريكية الصديق الجديد لنظام الخرطوم وقد فشلت الحكومة السودانية فى اقناع تشاد بالاتفاق الهزيل الذى تم بالدوحة فى يونيو2009 بين الحكومة السودانية وتشاد وقامت بتقديم الدعم للمعارضة التشادية التى قامت يتنفيذ عمليات الهجوم داخل الاراضى التشادية تمهيدا للدخول الى انجمينا كما فعلت العام الماضى بهدف اجبار نظام ادريس دبى بالقبول بمبدأ الاتفاقيات السابقة التى تتيح للمعارضة التشادية المشاركة فى السلطة ليكون نفوذ الحكومة السودانية هو المهيمن وفى حال فشل ذلك تستطيع الحكومة السودانية نقل المعارك الى داخل الاراضى التشادية مما يجبر بعض الحركات الدارفورية الحليفة للنظام التشادى وخاصة التى تنشط فى شرق تشاد ان تشن هجوما كبيرا على مواقع استراتيجية داخل الاراضى السودانية . - على مستوى دارفور :- 1- التمسك بالعملية السلمية والتى تقودها الوساطة الدولية والافريقية مع منح مساحة اكبر لدول الجوار الاقليمى لضمان استمرارية السلام وضمان تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه مستقبلا . 2- تمكينا لما يتم الاتفاق عليه يجب اتاحة الفرصة الكافية لاطراف العملية السلمية لاحداث اجماع وتفعيل شعبى لتنفيذها ولا يمكن ذلك الا من خلال مشاركة فعلية لكل مكونات المجتمع الدارفورى وذلك عبر الية مؤتمر حوار دارفورى دارفورى الامر الذى يتطلب الارتفاع لمستوى المسؤلية بمراجعة السقوفات الزمنية لاتفاقية نيفاشا بموافقة طرفى الاتفاق وذلك ضمن الاتى :- أ- اعادة اجراء عملية التعداد السكانى لتكون ضمن متطلبات معيار قسمة الثروة والسلطة فى دارفور وبقية الاقاليم . ب- عقد مؤتمر حوار دارفورى دارفورى باعتباره هدف ووسيلة لاعادة بناء الثقة بين مكونات المجتمع الدارفورى ووضع أرضية صلبة لعملية السلام الاجتماعى ونشر ثقافة التسامح والسلام ت- تأجيل الانتخابات القومية الى نهاية الفترة الانتقالية فى عام 2011 وذلك على مبدأ أنه لايصح استمرار فترة انتقالية عقب انتخابات قومية بجانب انه لابد من الوصول الى المبادئ والاسس الدستورية ونظام الحكم الذى يحكم الدولة مستقبلا عن طريق الاجماع والتوافق وان لايخضع لمعيار الاغلبية أو الاقلية ليكون ضمانا للوصول الى حل سلمى دائم لمشاكل البلاد المزمنة وفى مقدمتها المشكل السودانى فى دارفور . 3- التأكيد على ضرورة الوصول الى موقف تفاوضى موحد للحركات المسلحة بحيث يستجيب لمطالب كافة اهل دارفور ويرتكزعلى القضايا التى تهم اهل دارفور وتعود عليهم جميعا بتوفير الحياة الكريمة ويحقق السلم والطمأنينة . 4- يجب ان يبنى الموقف التفاوضى على مراجعة نسبة قسمة السلطة الواردة فى اتفاقية نيفاشا فيما يتعلق باقليم دارفور الكبرى ، كما يجب العمل على انهاء تعدد نظام الحكم فى الدولة السودانية وذلك بالتمسك بالاقليم الواحد فى دارفور وتكوين السلطة الانتقالية لاقليم دارفور بصلاحيات تسمح لها بان تكون هى الوسيط بين ولايات دارفور والحكومة المركزية وان يكون تمثيل الحركات راجحا ، كما يجب التركيز على المشاركة الفاعلة فى مجالس المحليات باعتبارها المفتاح الحقيقى لتنفيذ الاتفاقية على الارض ، وفى نفس الوقت تعتبر انسب الية لبناء السلام الاجتماعى على المستويات الشعبية . 5- السعى الجاد للتنسيق مع القوى السياسية السودانية الحية حول الموقف التفاوضى واستيعاب مقترحاتها وجعلها جزءا من عملية سلام دارفور لضمان الزخم والدفع الشعبى لاى اتفاق يتم التوقيع عليه ،خاصة فيما يتعلق بمستويات الحكم ( المحلى – الولائى – الاقليمى – الاتحادى ) حافظ ابراهيم عبدالنبى طرابلس تلفون :00218913981687 00218928498168 hafiz abdelnabi [[email protected]]