لم أجد مجالا في الحياة متسعاً من التعذر وسوق المبررات للكثيرين الذين عاتبوني ولاموني لتوقفي عن الكتابة زماناً وهوة الفساد تتسع كل ساعة ويمضي هذا الوطن الجريح رويدا رويداً نحو هاوية سحيقة والعصابة الحاكمة قد طاب لها المقام وإستكانت في مقاعدها بعد إسكات كل الأصوات الشريفة بالتهديد والإرهاب والقتل والتشريد تارة وبالوعد والوعيد تارة أخري بعد أن أصبحت مخافة الله هي أبعد هواجسهم وأصغر مخاوفهم وإنشغالهم عقوداً في اللهث وراء نهب ثروات البلاد وسلب أرواح العباد.وهتك أعراضهم بلا حياء .ولم يسعفني التعلل بأن اليأس قد تسرب إلي عقلي وجسدي بعد أن أدركت أن ما كنت أكتب من حروف لم يكن لها من مرد غير تناثر معانيها في الهواء بلا معني ومن نكتب عنهم ونسوق النصح إليهم قد صموا آذانهم عن إستبانة النصح ولم يكن حديث خير من وطأ الثري يتردد في آذانهم . غير أن تلاحق الأحداث التي تنتظم في عقد الفساد الذي لاتنقضي أيامه يحتم علينا أن نصدع بكلمة الحق تبرئة لأنفسنا ونأياً بها عن مقارفة الذنوب ولو كان حصاد ذلك قبض الريح وصدي لن يؤوب بالخير والهدي والرشاد ... ولكن .. عن ماذا نكتب ؟؟ وهذه الطغمة الحاكمة سادرة في غيها وضلالها وهي تمضي بالبلاد إلي هوة سحيقة لاقرار لها و الفشل ينسج خيوطه في كل منحي من مناحي الحياة العامة بدءاً بإنحطاط السلوك الأخلاقي وإنتهاءاً بتقطيع أوصال البلاد والزج بها في حروب لاتنتهي ومآسٍ لا تنزوي أو تزول . حقاً إن التاريخ لا تزيل الأيام والسنون سطوره والشعب يصبر ولا ينسي ويغض الطرف ولا يتجاوز .. ولن ينسي الشعب كيف سطت هذه الطغمة الفاسدة المفسدة علي حياته السياسية بحجة الحفاظ علي البلاد من التدهور وعدم التفريط ومن ينكر هذه الحقائق فليعد بذاكرته القهقري إلي البيان الأول ليعلم مبررات التغول علي الحق السياسي للشعب وإستلاب إرادته في التعبير بحجج لم يتحقق إلا نقيضها فالأسعار لم تجد من يردعها والبلاد لم تجد من يحافظ علي وحدتها والأخلاق لم تجد من يصونها وسمعنا ورأينا في هذه الحقبة الإنقاذية الكئيبة عن جرائم التردي الأخلاقي والديني ما لم نر أو نسمع في حياتنا في دولة تتدثر نفاقاً بجلباب الشريعة وافعالها تضيق عن لباس التقوي الذي هو خير لو كانوا يعلمون ..وفي زمانهم وجد ضالته الذي يغتصب الطفلة البريئة ويقتلها ويلقي جسدها الطاهر في بئر بلا حياء أو وجل .. وفي زمانهم تزوج الرجل الرجل فلما إختلفا رفض الطلاق مطالباً بخسارته المادية كشرط لإتمامه بعد تدخل الأجاويد ...فانظر أخي كيف يستدرج المولي عز وجل هؤلاء من حيث لا يعلمون ؟؟ وتدبر يا أخي كيف يعاقبنا الله علي سكوتنا عن الظلم والإفساد في الأرض واستفتي عقلك كيف هي نهايتنا المحتومة وفناء هذا الوطن في ظل هذه الحقبة الكئيبة من تاريخ البشرية وكيف إستباح الأعداء بيضتنا وفتح الله علينا الدفاع عن أنفسنا بالنظر !!؟. رئيس الجمهورية في أحد مؤتمرات حزبه دعا الأحزاب إلي التنافس في الإنتخابات القادمة مضيفاً أن حزبه علي إستعداد لخوض تلك الإنتخابات ؟!! فليت شعري عن أي أحزاب يتحدث وأبناءهم يجاورنه في القصر ويظاهرونه في إمتصاص ما تبقي من أموال الشعب ودمائه ؟؟ وماذا يرجوا رئيس الجمهورية من بقاء كيزانه في الحكم أكثر مما بقوا ؟؟ وأي فائدة يرتجيها هذا الشعب من هذه الحفنة الفاسدة التي تقر بالفساد وتمضي فيه وتعترف بالفشل ولا تزيله؟؟ ومتي يشبع هؤلاء؟؟ حدثني من أثق في حديثه أن احد البنوك الخليجية نشرت إعلاناً لكل عملائها من السودانيين تنذرهم بسحب أرصدتهم من فروعها في مدة محددة وإغلاق حسابتهم الشخصية بعد تعرضه لغرامة بلغت مليارات الدولارات بعد أن إتضح أن هذه الحسابات الشخصية يستعملها النظام للإلتفاف حول العقوبات الإقتصادية فإن صدق من أخبرني فقد خاب فألهم وأغلق في وجههم باب من أبواب الفساد وكسبوا عدواً وخسروا صديقاً . طلب مني أحدهم أن أكتب عن بيع مستشفي الخرطوم بواسطة حكومة الولاية وأن مهندس الصفقة هو الدكتور مأمون حميدة ..والحق يقال أنني لم أجد فائدة من الكتابة في الأمر لأن المقال لن يجعل ( مامون حميدة ) يغير رايه وفي ذهنه نموذج ( الزيتونة) كما يتصورها سواء تم إنقاذ الحاجة ( الزينة ) أو مضت للقاء ربها كما ان زيارتي لأحدهم بمستشفي أمدرمان التعليمي رسخت في ذهني أن هذا النظام لن يلقي بالاً لمستشفي حكومي وهم وابناءهم يتلقون العلاج بالخارج ومن ليس في أولوياته حياة الناس وارواحهم فلن يجعل أول إهتماماته صحتهم وفي هذا منطق وحجة فلا يحزن من في قلبه حب هذا الوطن لبيع مستشفي لايقدم لمواطن شيئاً فمن باع جزءاً من وطن لن يضيره بيع الوطن كله . والآن علي ماذا يراهن الشعب السوداني لزوال هذا النظام الكارثي ؟؟ فالعقوبات الأمريكية لن تزيل هذا النظام إلا بعد أمد طويل وستزيد أحوال البلاد سوءاً ..النظام الآن أصبح لا يراهن علي نوايا الإدارة الأمريكية بعد أن صرح الحزب الحاكم علي لسان أحد رموزه ( قطبي الهدي) أن الإدارة الأمريكية تسعي لعدم إكمال أي إتفاق مع دولة الجنوب وإنها تدعم بعض الأجنحة المناوئة للنظام في الخرطوم .. حقاً ..حقاً عن ماذا نكتب ؟؟ واليأس يتسرب إلي نفوسنا ونحن ننظر إلي هذه العصابة الحاكمة بإسم الدين والدين منهم براء وهم يبيعون في وطننا شيئاً فشيئاً .. وشبراً فشبراً ويعينهم فقهاء السلاطين في التضييق علي أمة الإسلام بفتاوي ما أنزل الله بها من سلطان وللسلطان إفعل ولا حرج ولم يفتح الله علي أحدهم ليقول (لا) كما قالها ( إبن حنبل) وسياط بني العباس تلهب جسده الناحل ويذكره ( أبا الهيثم) ( جلدت من أجل الشيطان فصبرت .. فاصبر أنت إنما تجلد من أجل الرحمن ) ولكن هيئات ... هيئات فلا هذه العصابة (بني العباس ) ولا هؤلاء الفقهاء فيهم من يتخلق بأخلاق إبن حنبل. ثم اين الخلاص ؟؟ وأيان النجاة وهذه العصابة الحاكمة لا ترعوي ولا تنظر منقصة في الدين الإ وأقامتها وتدك طائراتهم ارواح مئات الآلاف من المسلمين في كل بقاع هذا الوطن وتعجز عن ردع طائرة واحدة من طائرات العدو الصهيوني وهي تنتهك حدود الوطن وتعود سالمة غانمة . ومن ثم ما هي مؤشرات ودلائل إنهيار هذا النظام وهي قريبة من واقعنا وتنأي عن عقولنا لكثرة ما اصابها من التبلد ؟؟ واقع الأمر أن هذا النظام لا يخفي علي أحد أنه في طريقه إلي الإنهيار الكامل ويبدو ذلك جلياً من لهثهم وراء المعارضين لمشاركتهم في الحكم ولا مانع لديهم من إقتسام الغلول معهم إذا تحملوا قسماً من أوزارهم وقد جاء هذا التحول كما يدري الجميع بعد مقالة ( لحس الكوع) .. وما بيع المؤسسات العامة وخصصتها إلا محاولة يائسة للخروج من نفق الإقتصاد المتردي والمتهالك وفي الوقت الذي تذهب فيه جل موازنة الدولة للصرف علي الأجهزة الأمنية القمعية والتي يبدو أن واجبها الأساسي ينحصر في قهر الشعب للمحافظة علي مملكة ( الكيزان) ويبدو أن ماتبقي من موازنة يذهب إلي جيوب الرئيس ونوابه والجيش الجرار من شاغلي المناصب الدستورية ووزارات الترضيات الحزبية وسياسات المحاصصة .. وليس أبلغ من دليل علي هلاك هذا النظام من إحساسهم أنهم أكثر قادة المسلمين نجاحاً في إدارة دفة الحكم وأفعالهم تحكي أنهم أحالوا البلاد إلي أكثر دول العالم فشلاً وهم لا يدرون أو يدرون ولا يقرون فهو سيان ..وفي الوقت الذي تنتظر هذه الطغمة وتحلم يإستدامة وجودها في صولجان الحكم وإدارة دفة الفشل وقيادة سفينة الوطن إلي مرافيء الضياع ..إرتقبوا ذهاب ريح هذه الدولة وهدم بنيانها من القواعد فمن لا يتقي الله لا يجعل له مخرجاً...ويجعله في الأذلين. Omar musa [[email protected]]