اطلعت على مقالة الأستاذ (ثروت قاسم) المنشورة هذا الأسبوع بعنوان "اوباما وأمير قطر والبشير والنائب الأول؟" المستند أساسا على كتاب "قطر- أسرار الخزانة" للكاتبين الفرنسيين كريستيان شسنوت وجورج مالبرونو الذي صدر هذا الشهر. وبما ان المقال احتوى على معلومات جديدة فلقد سارعت إلى شراء الكتاب للإطلاع على المقاطع التي أوردها الأستاذ (ثروت قاسم) المتعلقة بالسودان للتحقق خاصة وان الكاتب -وحسب متابعتي الطويلة- له باع طويل في سرد أحداث خيالية ونسبها لمجلات او كتب يثبت لاحقا أنها لا تحوي ما تحدث عنه أو أنها غير موجودة من الأساس. وللأسف الشديد لم يخيب الأستاذ (ثروت قاسم) ظني هذه المرة واتضح لي أن هذا المقال كسابقيه يحتوي قصصا من نسج الخيال وغير موجودة في الكتاب الذي يتحدث عنه. ذكر الأستاذ (ثروت قاسم) أن الكتاب تحدث عن مقابلة بين أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والرئيس الأمريكي باراك اوباما جاء فيها "حسب الكتاب أعلاه ، ذكر اوباما لأمير قطر أنه تحت ضغط شديد من أعضاء في الكونغرس ومنظمات المجتمع المدني لأجازة قانون محاسبة السودان بواسطة الكونغرس ، القانون الذي نجح اوباما في تجميده ، ليفتح الطريق لتفعيل قرار مجلس الأمن 2046 . قانون محاسبة السودان يطلب من اوباما ، ومن كل دول العالم ، المساعدة في القبض علي الرئيس البشير . أكد أوباما لأمير قطر بانه ( أوباما ) لا يستطيع تجاهل قرار الكونغرس ، وسوف يضطر للقبض علي الرئيس البشير ، اذا تمت أجازة القرار . ذكر اوباما لأمير قطر بأن استمرار الرئيس البشير في السلطة يضر بمصالح السودان الإستراتيجية ، وسوف لن يستطيع اوباما شطب أسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب ، ولا رفع العقوبات الأمريكية عن السودان والرئيس البشير علي كرسي السلطة . كما أن استمرار الرئيس البشير في السلطة يحرم السودان من أكثر من مليار دولار و200 مليون دولار من المساعدات الأوربية في أطار اتفاقية لومي ، من بين مساعدات مالية مهولة أخري يفقدها السودان بسبب أمر القبض . طلب اوباما من أمير قطر أن يقول للرئيس البشير كلاما لينا لعله يتذكر أو يخشي" الحقيقة التي يجب ان يدركها القراء ان الكتاب - الذي يزيد قليلا عن 200 صفحة- 1. ليس فيه في أي ذكر لهذه المقابلة المزعومة بين الرئيس الأمريكي وأمير قطر او ايا من التفاصيل الواردة في الاقتباس اعلاه 2. اسم اوباما لم يرد في الكتاب سوى مرة واحدة وكانت في اطار الشأن الليبي 3. اسم الرئيس البشير لم يرد سوى مرة واحدة وكانت في احد هوامش الكتاب بخصوص الوعد القطري في مارس 2012 باستثمار ملياري دولار في السودان 4. ليس هناك اي إشارة للمحكمة الجنائية الدولية او حتى أمر القبض الصادر ضد الرئيس البشير ومضى الأستاذ (ثروت قاسم) ليقول "يؤكد الكاتبان الفرنسيان ان البشير سوف يخلف البشير في رئاسة المؤتمر الوطني في عام 2014 ، وفي رئاسة الجمهورية في عام 2015 ، ببساطة لأن جناحي الدولة ( القوات المسلحة والمؤتمر الوطني ) يريدان ذلك حقا وفعلا ، وليس تزلفا وتملقا". وهذا الكلام أيضا مختلق من أساسه وغير موجود لا من قريب ولا من بعيد في الكتاب الذي لم يتناول موضوع السودان إلا بشكل هامشي جدا ومعظمها في إطار قضايا إقليمية ودولية اخرى ليست لها علاقة بالشأن الداخلي السوداني. ويبقى السؤال هو ما الذي يدفع الأستاذ (ثروت قاسم) للكذب على قراءه بهذا الأسلوب الصارخ والجريء خاصة في أمور يسهل التحقق منها حتى لو كانت مكتوبة باللغة الفرنسية. واعتقد انه ألان مدين لقرائه بتفسير لما سرده كحقائق ونسبها زورا للكتاب في مقاله.