باعوكم بأبخس الأسعار، إستهونوكم وصنفوكم وقسموكم ونوعوكم وإتوزعوكم من زمان ، لقد فصَلوكم على مقاسات بدأت بإثنين محصورة على طول ومدى التاريخ الحديث للسودان المنكوب ، واليوم بعد إنقاذكم المشؤوم صارت ثلاثة وذلك حسب ياقاتهم المناسبة لهم الخاصة المشهورة. في البداية ومع الترويج التاريخي المفذلك المبرمج المفبرك إنحصرت القرعة والتوصية على الكتلتين وساعدهم على ذلك جو التفويج الجهوي. فالإسلام دخل السودان كما هو معلوم بأهم ثلاثة طرق وإتجاهات رئيسية كما عٌرِف تاريخيا وهي: * طريق البحر الأحمر من مصر ودول الحجاز واليمن والصومال وإثيوبيا لشرق السودان . * وعن طريق المغرب العربي تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا ومالي والنيجر ونيجريا وتشاد وإفريقيا الوسطى لغرب السودان. وطريق الشمال بعد فتح مصر ومحاولات فتح السودان بقيادة عبدالله بن أبي السرح وإتفاقية البقط ثم دخوله مع التجار ووصوله للأواسط وسنار. وكانت قد تكونت بعض الممالك الإسلامية القبلية الهشة مثل مملكة سنار بعد الفونج والسلطنة الزرقاء وسلطنة الفور وممالك العبداللآب والشايقية والجعلية وعجوبة الخربت سوبا .. * لذلك فقد لعبت السياسات الإستعمارية للأتراك والمصريين والإنجليزفي الترتيب والتقسيم والتفصيل وطبعاً وهذا معلوم فقد يكون بالتواطؤ والتقدير البيئي للمسألة أوقليل من التمحيص والمشورة أو التآمر للمدى البعيد مع البعض لضمان المصالح من الداخل لحل المشكلة لذلك لعبت السياسات الإستعمارية المصلحية دوراً مهماً في التصنيف والتوزيع والتقسيم الجهوي والقبلي للأصناف السودانية الشمالية وأدت للثنائية الخطيرة ولقسمة الشعب نصفين مقاسين مناسبين لذلك الحين القديم للوضع المرتهن الهادي الرزين المستكين المختوم وجٌعل كأنه محتوم وتوزيع الأنصبة كوم كوم ومسلمي الأواسط وتلك الجهات وجر المتصوفة الزاهدة كمخزن ومنبع لرفد الطائفتين أو تقبع على الحياد كأنها دول عدم الإنحياز: 1 أنصارية مهدية 2 مراغنة ختمية وتشكلتا على المدى الإستعماري وأصبحتا بؤرتي جذب عاطفي للآخر وإندماج مجاميع مختلفة ومخالفة أحياناً كثيرة في الرؤى السياسية. هذا التشكيل التاريخي الغريب والتداخل القبلي والشاذ العجيب جعل من الحالة والوضع السوداني الحزبي الجهوي القبلي الفريد يشخصن السياسة ويسيس الأشخاص ويقدم المصالح الآنية والذاتية والحزبية الضيقة الدنيا على المصالح الوطنية العليا وإهتبال الفرص السانحة خاصة بعد الوطنيين التاريخيين والرعيل الأول ورحيل المستعمر الأجنبي. المهدي صوب الغرب والميرغني صوب الشرق. فالإمام محمد أحمد المهدي يتجه من شمال السودان إلى غربه ويكون جيشه ومعظم مناصريه من الفور والمساليت و..ويجعل نائبه عبدالله التعايشي ثم بعد ذلك يستقر آل المهدي وأنصارهم في الجزيرة أبا وهو أساساً من الجزيرة لبب. الضابط على الميرغني هو من الشمال أيضاً من الكرو لكن تتركز جل جهود آل الميرغني ناحية الشرق فنجد أن معظم أنصارهم كانوا من منطقتهم الشايقية ومن قبائل الشرق البجا كالهدندوة والبني عامر. وبما أن الإسلام كان في السودان فطري وسطحي في ذلك الوقت حتى على الرغم من وجود بعض المراكز القليلة لتدريس القرآن في الوسط وإنتشار بعض الخلاوي وقباب الأولياء و الصوفية الزاهدة والمذاهب والطٌرق والزرائب والحوليات وقلة التعليم المنتظم في المدارس لعدم وجودها أصلاً وغالباً بتعمد مقصود ولسنين طويلة ليسهل الإنقياد الديني للكهول والنساء والشباب والرعاع وإنتشار قصص التقديس وأولياء الله والبركات والحجبات والخرافة والتهويل الديني والزار والكجور والشيوخ والفكي والمحاية...، فقد إهتمت الطائفتين الختمية والأنصار بالذكر والأوراد وإهتمت المهدية والميرغنية بالأحباب والمريدين أكثر من التعليم وهذا ما حدث فعلاً ومازال فكلما زاد العلم والمتعلمين كلما إنحسر بريق الطائفيين وتشظي أحزابهما إن لم يقدموا للشعب ما يقنع. منذ الإستقلال بل وقبله حصروا الشعب وإختصروه في قسمين فلقتين بأنوية هزيلة لم تنبتا إزدهارا إنما وطناً بدأ يذبل وينحدر ويتلاشى. وبعد الإستقلال وظهور الحزب الشوعي وجماعة الإخوان والجمهوريون وأحزاب نهضوية أخرى كالبعث صار التنافس والتكالب على السٌلطة هو الهاجس وليس الوطن وكل حزب يحاول ضرب الآخر لينفرد بالقصعة حتى وصل وبعد ولادة قيصرية متعسرة حزب الجبهة بإنقلاب عسكري وبنفس التطرف الديني الشوفوني فزاد الدمار والتشظي بل وقطع وفصل وجزأ الوطن قسمين وواضح إنه سوف يزداد التشظي والتقسيم وهذه آخرة التكالب المستمرإن لم يظهر وطني رشيد يوقف الظٌلم ويرجع الحقوق ويعيد اللٌحمة. ولكن حتى اليوم يبدو أن الطوائف زادت مٌنقِذ واحد آخر وصارت ثلاثة : 1 طائفة الأمة الأنصارية. 2 طائفة الإتحادي الختمية. 3 طائفة الجبهة السيخية. وتِحت تحت إتفقت وتكالبت ووضعت يدها على القصعة وتوزيع الغنائم وتقسيم لحم الكرسي المٌنهري وباعوكم وفصلوكم وهجروكم وشردوكم وبإختصار شديد نقول : تلك الطوائف الثلاثة أو بالأحرى قياداتها إختصرونا ولعبونا على الثلاثة ورقات فهم يخشون السودان الجديد. abbaskhidir khidir [[email protected]]