في الوقت الذي كان فيه الوفد الحكومي يجلس على طاولة التفاوض مع الرويبضة عرمان بأديس أبابا، كانت أذنابه، من مرتزقة إسرائيل، المدعومين من دولة الدينكا في جوبا، فيما يسمى بقوات الجبهة الثورية، تعد العدة لهجوم غادر على أم روابة وما جاورها من مدن وقرى. ونحن إذ نستنكر وندين هذا السلوك القبيح الذي يتنافى مع كل القيم والأخلاق بترويع النساء والأطفال، ونهب أموال الموطنين وإخراجهم من ديارهم بغير حق، ندعو لوقف التفاوض فوراً مع هذه الشرذمة. فهذه ليست المرة الأولى التي يغدر فيها هؤلاء الخونة بالحكومة التي ظلت تقدم لهم التنازل تلو الآخر حتى ذهبت هيبة الدولة واستهان بها أعداؤها وأريقت دماء الأبرياء العُزّل بسبب الفشل في توفير الأمن وحفظه. والغريب في الأمر أن السيد معتصم زاكي الدين والي ولاية شمال كردفان قد قال:(إن ولايته ظلت ترصد وتتابع تحركات ما يسمى بالجبهة الثورية والجيش الشعبي في مناطق أبو كرشولا وجبل الدائر مضيفاً أن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الأخرى مرابطة بكافة مناطق محلية الرهد أبو دكنة وأن الطابور الخامس قام بالتسلل لأم روابة لأنها خالية من الجيش). وهنا نطرح جملة من الأسئلة: ماذا فعلت حكومة الولاية ولجنة أمنها للحيلولة دون وقوع الهجوع مع علمها بتحركات هؤلاء المارقين الذين أبتهم أنفسهم الشريرة إلا ترويع الآمنين؟ ومدينة بأهمية أم روابة وموقعها الاستراتيجي على الطريق القومي الوحيد الذي يربط جميع ولايات الغرب بوسط البلاد، وهي تجاور منطقة مضطربة تدور فيها حرب سجال بين التمرد والجيش، هل يعقل أن تكون بلا وجود عسكري قوي ولا حتى حامية عسكرية من شأنها التصدي لأي تحرك مباغت مثلما حدث؟ وأين سلاح الهجانة الذي كان يدوخ التمرد في نمولي ومريدي وبقية مدن الجنوب وأحراشه، حتى شهد له الجميع بكفاءة قتالية عالية وجسارة على خوض المعارك وإلحاق الهزائم بالتمرد في عقر داره؟ وهل يجوز الاختفاء ولا نقول التولي يوم الزحف يا الشريف الفاضل معتمد أم روابة، سيما,أنت رجل مجاهد؟ ولماذا تدعي نصراً زائفاً يا الصوارمي، وقد كنت تعلم بتحرك هذه الشرذمة ولم تقم بأي إجراء احترازي؟ ويا خالد عبد الله معروف لماذا تجهد نفسك بهذا اللبس الخشن بعد فوات الأوان؟ ويتساءل الهندي عز الدين(وبعد أن وصلوا، ومكثوا هناك لأربع ساعات أو أكثر، كيف خرجوا سالمين غانمين دون أن يعترضهم أحد؟ودماء الأبرياء لم تجف بعد يا بروفيسور "غندور" فلماذا العجلة على مفاوضات (عبثية) جديدة؟) لقد آلمنا أن نرى أم روابة، هذه المدينة الآمنة التي لم تشهد حرباً على مر السنين، وهي تهاجم في وضح النهار، وعلى مسمع ومرأى من الحكومة وقواتها المسلحة، وأجهزة أمنها دون أن يدافع عنها أحد! وإذا كانت الجهات المعنية بالأمن والدفاع تقول إن كاودة عصية على الهجوم لكونها منطقة جبلية ليس من السهل الوصول إليها دون خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، فما بالها لا تتصدي لهؤلاء المتمردين وقد عبروا المسافة من أبو كرشولا وحتى أم روابة عبر سهل منبسط ومكشوف ترى فيه حتى النملة ؟ وكيف يتحدث الوالي عن تجهيز كتيبة للدفاع عن حدود السودان الجنوبية بينما ولايته تهاجم وتستباح دون أن تحرك حكومته ساكناً لصد هجمات التمرد، ليس على أطراف الولاية النائية، بل على واحدة من أهم وأكبر مدنها وهي لا تبعد عن حاضرة الولاية إلا كيلومترات معدودة! وقد أفاد أحد المتمردين بأنهم كانوا على استعداد لمهاجمة الأبيض نفسها، في وقت ينعدم فيه التنسيق الأمني والعسكري بين الولايات ذات الصلة. من المعلوم أن شمال كردفان قد تأثرت كثيراً بحالة الحرب في دارفور وجنوب كردفان، في غياب شبه تام للأجهزة المعنية بالحفاظ على سلامة الناس وأمنهم. كما أن الجهاز التنفيذي مشغول بالعمل السياسي الفاشل، وتدبير الدسائس والمؤامرات لبعض رموزه، وبالعمل الإعلامي دون طائل، أكثر من انشغاله بأمن المواطن، ولذلك استطاعت الحركات المتمردة في وقت سابق أن تعبر حدود الولاية الغربية، من وادي هور حتى دولة الجنوب، دون أن يعترض طريقها أحد. ولقد رأينا كيف فعل المتمردون في غبيش وود بندة وفوجه، وما الهجوم على أم روابة إلا استمرار لهذه المهزلة نظراً لهشاشة الوضع في ولاية شمال كردفان؛ ولذلك من الضروري التعامل مع المستجدات الأمنية، بشيء من الحزم، وعلى حكومة الولاية تحمّل مسئوليتها كاملة قبل فوات الأوان وخروج الوضع عن نطاق السيطرة مثلما نراه الآن في مناطق كثيرة! إلى متى يستمر هذا التقاعس والهوان والخذلان؟ أعيدوا للقوات المسلحة قدرتها القتالية، وأعينوها بمزيد من السلاح والعتاد ووسائل الحركة والاتصال، وأتيحوا لها أمكانية القيام بعمليات استباقية، للتعامل مع التمرد بعيداً عن الشعارات والمواقف السياسية التي لم تجلب لنا إلا الدمار والتخريب. أعيدوا النظر في أمر هذه الولاية المستهدفة وشكلوا جهازًا تنفيذياً فعّالاً ومنسجماً، يستطيع مواجهة كل مشكلات المنطقة أمنياً، واجتماعياً وتنموياً، وحينها سيعود لولاية شمال كردفان استقرارها وأمنها؛ لأن حكومة لا توفر الأمن لمواطنيها يجب أن تذهب.........! بعد هذه المهزلة لا يكفي توجيه اللوم والمحاسبة لمن قصّر في القيام بواجبه من وزير أو والي، بل يجب عزلهم فوراً، كما يجب وقف التفاوض مع هؤلاء الأوباش الذين لا يرغبون في سلام إلاً ولا ذمة! ويا أهل أم روابة إن قلوبنا وسيوفنا وأقلامنا معكم، ونسأل الله نصره الذي وعد عباده المؤمنين والله أكبر ولا نامت أعين الجبناء.